من بين كل القوى السياسية لم يذكر مالك عقار قوى بعينها إلا الإسلاميين؛ قال لهم لا أحد يزايد على سودانيتكم وكأنه يتفضل عليهم بذلك! ثم مضى ليهاجم حزب المؤتمر الوطني ليؤكد إقصاءه من المشهد.

هذه نفس البضاعة القديمة. بضاعة ثورة ديسمبر بأفقها الطفولي الذي أوصلنا إلى هذه النقطة. ويبدو أن السيد المتمرد السابق عقار لم يتحرر بعد من هذا الأفق.

أنت كنت متمرد وحاربت الدولة السودانية لأكثر من 40 سنة، وساهمت في تخريب السودان وتدميره طوال هذه المدة،

ولذلك فأنت غير مؤهل لمحاكمة نظام الإنقاذ وإعطاء الدروس لحزب المؤتمر الوطني. أنت عبارة عن متمرد سابق جاء باتفاقية سلام وُقعت في ظل حكومة ديسمبر تحت قيادة حميدتي، وهي ما تزال مكتوبة بقلم الرصاص مثل منصبك الحالي.

مالك عقار حيا القوات النظامية وهي تحية مستحقة، ثم حيا شباب ديسمبر ولجان المقاومة وحيا النساء ولكنه تجاهل المجاهدين والمستنفرين وابطال الدفاع الشعبي وهيئة العمليات الذين يضحون بدماءهم في هذه الحرب. تجاهل مقصود، يهدف إلى إعادة السودان إلى زمن ثورة ديسمبر مرة أخرى.

ما يجب أن يعلمه عقار أن خطأ ديسمبر لن يتكرر مرة أخرى. فإما أن نمضي نحو حوار حقيقي يتجاوز أفق ديسمبر ثورة الفاشل المازوم نحو أفق وطني يشمل الجميع بما في ذلك حزب المؤتمر الوطني والذي يُعتبر وحوده بمثابة مقياس للجدية والانفتاح نحو جميع السودانيين دون من أو أذى، وإلا فإذا كنا سنواصل الإقصاء فإن أول من سيتم إقصاءه هو مالك عقار ثم تأتي البقية بعده.

حليم عباس

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: مالک عقار

إقرأ أيضاً:

المليشيات وتحدي الدولة الطبيعية

هل يسير السودان على طريق التجربة العراقية؟
نحن الآن أمام مشهد رهيب، الآلة العسكرية غير الرسمية في ذروة توحّشها وتفوقِها، وهي بلا شك نتاج السياسات قصيرة النَّظر،التي تفضّل ترك الأزمات في عهدة الوقت و الانتصار الآني ، على رغم تكاليفه، على الحلول الدائمة وعائداتها.

القيادة الحالية هي مرجع مهم لهذه السياسات التي أدمت بلادنا، وستترك ندوباً غائرة في الوجدان الوطني.

مشاهدُ غير مسبوقة في الولاية الشمالية ، كلما هزمت مليشيا “اولاد دقلو” على مسرحِ القتال الساخن، خرج “حميدتي” أو اخيه “عبدالرحيم” يتوعدوا اهلها بالويل والثبور، وأنهم سيحيلونها الى بقعة دم وبحيرات ركام.
ولكن كلما استيقظ أهل المنطقة زاد يقينهم بأن مليشيات “اولاد قمري” و”اولاد الشاذلي” ليسوا أفضل حالاً من “اولاد دقلو”، فقد انقضَّوا على أمن اهلها وكرامتهم في مشهد لم يعاينوا مثلَه منذ قيام الدَّولة السودانية الحديثة في 1956.

تكاثرت المشاهد غير المسبوقة على الشعب السوداني في الآونة الأخيرة. مليشيات عائلية، تنشط في جرائم نهب، اختطاف، اعتقال، ترويع للمواطنين بمناطق “الدبة”، “الغابة” و”دنقلا” .
شخص يدعى “الشاذلي” يقود مجموعة مسلحة تقلق مضاجع أهل “الغابة” تحت غطاء معركة الكرامة وبسلاح الدولة ومواردها ، كما تنشط تلك المجموعات في جرائم “التهريب” و “تجارة الممنوعات”، أمام مرأى الاجهزة الاستخبارية و الوالي اللواء ركن” عبدالرحمن عبدالحميد”وتعمل على زعزعة أمن الولاية واستقرارها وسلامة الشرايين التي تربطها بالدولة ونظمها.

تلك صفحات تدخُل التاريخ، على غير ما أراده السودانيون عندما انخرطوا في معركة دحر المليشيات والتخلص من سيطرتها على منافذ الدولة ، وعلى غير ما طمحوا لتحقيقه من بناء دولة مدنية عاقلة عادلة تحترم الإنسان، وتصون كرامته، وتضمن حرّيته.

تبرز المشكلة أمامنا اليوم بأوضح صورها، بعدما تضخّم دور المليشيات في الحياة السياسية والاجتماعية، على نحو بات يشكل خطراً ليس على الدولة وعلى سلطتها وهيبتها فحسب، وإنما أيضا على حياة كل مواطن ومصيره، خاصة وقد أصبحت لها القدرة على القيام بأدوار مشبوهة، فهي تخطف وتعتقل وتحكم وتقتل، وتنشئ سجوناً، وتفتح مكاتب ومواقع وصحفاً وقنوات تتحدّث باسمها.

لا حلّ، إذن، سوى فتح القبول بالكلية الحربية السودانية ، ومعهد التدريب العسكري ، لاستيعاب كل الشباب نظيف السيرة والسريرة، الحادب على الوطن وأمنه واستقراره، ضباطاً وجنوداً في القوات المسلحة السودانية، يأتمرون بقانونها وعقيدتها، للدفاع عن الصحارى والوديان والحدود؛ حتى لا تضطر الدولة إلى غض الطرف عن الجماعات الاجرامية المسلحة التي تسعى لتقنين اجرامها تحت غطاء الدفاع عن الوطن .

ومن ثم تفكيك تلك المليشيات وتجفيف المنابع التي تتموّل منها،وإنهاء هيمنتها المباشرة على السلطة والقرار. والتحقيق في الجرائم التي ارتكبتها على مدى السنوات الماضية، والعمل الجادّ على حصر السلاح بيد الدولة، ولا نشك أن مهمّة كهذه صعبة وشاقة، لكنها ليست مستحيلة، خاصة وهي تحظى بدعم شعبي.

وفي ظل المناخ السياسي السائد في السودان اليوم، والغارق في التوترات والمفارقات وردود الفعل نجد في تذكّر صفحة مليشيا “اولاد دقلو” واستخلاص دروسها ضرورة لا مناص منها. وإذا لم نستطع أن نتذكّر الماضي القريب ، ونعتبر من الحاضر سنكون محكومين بتكراره.
وبغير ذلك، لن نكون قد وصلنا إلى طريق بناء الدولة التي نريد.
محبتي واحترامي
رشان اوشي

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • المؤتمر يثمن توجيهات الرئيس السيسي بإغلاق مناطق التطوير على الطريق الدائري الإقليمي
  • د. أحمد ماهر أبو رحيل يكتب: ثورة 30 يونيو وعوامل "الدولة الأمة"
  • تفاهمات جديدة بين مناوي وحزب الأمة القومي
  • المليشيات وتحدي الدولة الطبيعية
  • في ندوة "حكاية شعب".. مصطفى بكري ومحافظ قنا: ثورة 30 يونيو أنقذت الدولة من الانهيار
  • في ندوة «حكاية شعب» بقنا.. مصطفى بكري: ثورة 30 يونيو أنقذت الدولة من الانهيار
  • الخارجية تستنكر مساعي نظام أبوظبي راعي المليشيا الإرهابية ضد السودان
  • الوطني للأرصاد يكشف عن أعلى درجة حرارة سجلت على الإمارات
  • خطاب الإنقاذ والنهضة
  • سفارة رواندا لدى الدولة تحتفل بيومها الوطني