الاتحاد الأوروبي وسوريا.. ما الخطوة التالية؟
تاريخ النشر: 20th, November 2024 GMT
عززت التصريحات الأخيرة لزعيم حزب الحرية اليميني المتطرف في هولندا خيرت فيلدرز التي دعا فيها حكومة بلاده لتعزيز العلاقات مع النظام السوري من جدية المعلومات التي تتناقلها مصادر غربية عن تحركات دبلوماسية أوروبية لإحياء العلاقات مع سوريا، بعد أن قطع الاتحاد الأوروبي تعاونه الثنائي في مايو/أيار 2011.
ومع أن النظام السوري لم يمتثل للشروط التي حددها مجلس الاتحاد الأوروبي في وقت سابق لعودة العلاقات، فإن فيلدرز حث الحكومة الهولندية على تعزيز حراكها الدبلوماسي مع دمشق، بهدف تسهيل عودة اللاجئين السوريين إلى مناطق آمنة في بلادهم يجري تقييمها من جديد، طالما أن الرجل -يقصد الأسد- لن يختفي.
ولكن من جهة أخرى، تشكل عودة الارتباط -التي جرى الإعداد لها كما يبدو خلف الكواليس منذ سنوات- حراكا مزعجا، وفق الكاتب البريطاني تشارلز ليستر، كشف عن تذبذب الموقف الغربي وشقوق في الاتحاد الأوروبي من الدولة السورية والرئيس بشار الأسد.
تميزت علاقة الاتحاد الأوروبي بسوريا بداية من فترة حكم الأسد الأب بمحطات كان من أبرزها:
في عام 1977، وقع الاتحاد الأوروبي وسوريا اتفاقية تعاون شكلت أساس الشراكة بين الطرفين. في عام 1995، انضمت سوريا إلى عملية برشلونة وسياسة الجوار الأوروبي وكان الاتحاد يهدف من ورائها نقل دمشق إلى موقع متقدم على مستوى السياسة والاقتصاد. بين عامي 2004 و2008، وقع الطرفان مزيدا من الاتفاقيات الثنائية، وانضمت سوريا من خلالها إلى "الاتحاد من أجل المتوسط". وفي عام 2009 وقع الطرفان مشروع اتفاقية الشراكة بشكل رسمي لتبدأ مرحلة جديدة منذ ذلك التاريخ.ظل استقرار سوريا يحمل أهمية إستراتيجية بالنسبة للاتحاد الأوروبي سنوات طويلة، وأرجع الباحث في مركز "كارينغي أوروبا" مارك بيريني هذا الاهتمام إلى عام 1995، وهو العام الذي أدرجت فيه دمشق بالشراكة "الأورومتوسطية" المعروفة باسم عملية برشلونة، نسبة إلى مكان إطلاقها.
واستندت الشراكة على سياسة غربية تخص الحافة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط، ترى فيها أن الاستقرار والازدهار في جنوب أوروبا هما ركنان أساسيان لرفاه الاتحاد، ولتحقيقهما لا بد لدول الجنوب -أغلب الدول العربية- من تعزيز الديمقراطية، واحترام حقوق الإنسان، وتسهيل التجارة، والبدء بتبني سياسات اقتصادية واجتماعية ليبرالية، وتشجيع المجتمع المدني والتبادل الثقافي بشكل مشترك.
لكن، عندما تولى بشار الأسد رئاسة سوريا في يونيو/حزيران 2000 بشر العديد من المعلقين المتفائلين ببداية "ربيع في دمشق"، واستمرت الآمال في التغيير قائمة حتى حلول مارس/آذار 2011 الذي اندلعت فيه احتجاجات مدنية في جنوب سوريا ضمن حراك الربيع العربي.
ومنذ ذلك التاريخ، انطوت -بحسب بيريني- وعود الإصلاح ودخلت كلها طي النسيان، حين جاء رد فعل الأسد على المتظاهرين عنيفا جدا، وكان واضحا أن النظام -بحكم طبيعته- لن يفكر بأي إصلاح اقتصادي أو اجتماعي أو سياسي ذي شأن، على حد قوله.
وإثر ذلك جمد الاتحاد الأوربي اتفاقية الشراكة التي كان يطمح من خلالها إلى تحسين الحياة السياسية والاقتصادية في سوريا وعلق تعاونه الثنائي مع الحكومة السورية.
كما فرض الاتحاد عقوبات محددة تطال كيانات لها صلة مباشرة بأعمال القمع أو بتمويلها، علاوة على قطاعات في الاقتصاد تقع في صلب الشبكات الممولة للأسد، من قبيل التسليح والسلع والتكنولوجيات المستخدمة في أعمال القمع، واستيراد النفط الخام.
وفي فبراير/ شباط 2020 اعتمد عقوبات جديدة ثم مددها مجددا في مايو/أيار من العام الحالي. وربط -في بيان له- سبب تمديدها، بمواصلة نظام دمشق سياسته القمعية تجاه شعبه، وانتهاكه حقوق الإنسان والأعراف الدولية.
الاتحاد أمام تدفق اللاجئينخلال تلك الأعوام، استقبل الاتحاد الأوروبي -على غرار دول الجوار السوري- موجات لجوء تدفقت مع تعثر ربيع سوريا على وقع الرصاص الحي والقصف الجوي والبري الذي استخدمه النظام لسنوات من أجل الحفاظ على سلطته.
وتقدر منظمات أممية وإغاثية عدد السوريين الفارين إلى خارج البلاد بنحو 6 ملايين لاجئ سوري، استضافت أوروبا أكثر من مليون منهم، وبلغت حصة ألمانيا 35%، في حين استقبلت النمسا أكبر نسبة مقارنة بعدد سكانها. ولا تزال قوارب اللجوء تبحر إلى شواطئ أوروبا الجنوبية المطلة على البحر المتوسط حتى الآن.
وتسبب تدفق اللاجئين خلال العقد الأخير-برأي الخبير في قضايا الهجرة واللجوء غالب مارديني- بمشكلات طارئة منها ما هو اقتصادي ومنها ما هو سياسي، كما تحول بالنسبة إلى اليمين المتطرف الصاعد في انتخابات البرلمان الأوروبي والانتخابات التشريعية المحلية لمصدر قلق بسبب احتمال استمرار الصراع وحالة الاضطراب التي تشهدها سوريا لموعد غير معروف، لا سيما أنه ينظر لقضية اللجوء والهجرة بشكل عام نظرة استهجان وعداء.
ولفت مارديني -في حديثه للجزيرة نت- إلى وجود عوامل أفسحت المجال أمام اليمين -الذي سجلت أحزابه حضورا مؤثرا في البرلمان الأوروبي- ليتحدث عن أوضاع متغيرة في سوريا وما حولها، ويشدد على ضرورة إجراء مراجعة لإستراتيجية الاتحاد تجاه الوضع في سوريا، وتبني سياسة مرنة نحوها، ومن بين هذه العوامل:
تعثر الحل السوري وفشل نهج خطوة مقابل خطوة الذي تم تبنيه عربيا وأمميا. عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية، وعودة العلاقات العربية السورية. نجاح تجربة الاتحاد في خفض أعداد المهاجرين لدول الجنوب مقابل دعم مالي واقتصادي تتلقاه دول المنشأ والعبور أو الوسيطة لوقف اللجوء غير الشرعي، مثل نموذج لبنان وتونس وليبيا ومصر.وتتزعم إيطاليا -الدولة الأوروبية السابعة التي أصبحت لها علاقات دبلوماسية مع النظام السوري إلى جانب رومانيا وبلغاريا واليونان وقبرص والتشيك والمجر- هذا الاتجاه، مما يعكس -بحسب مارديني- وجود تحول واضح وصريح ينشط وفق تقييم "ما دام النظام باقيا، فمن الأفضل المضي قدما في العلاقة معه، بطريقة منسقة، بدلا من تركه لسيطرة روسيا وإيران".
تذبذب الموقف الغربيينظر محللون إلى المشهد السوري بعد مرور 13 عاما على بداية الصراع على أنه أشبه برقعة شطرنج مفككة تتحرك أحجارها وفق مسارات متغيرة تهيمن عليها سياسات عربية وإقليمية ودولية.
ففي الوقت الذي تعد فيه سوريا دولة هشة غير آمنة يُمارس العنف الرسمي فيها بأشكال تتنافى مع حقوق الإنسان -وفقا لتقارير البنك الدولي ومنظمات الأمم المتحدة- شهد عام 2023 استئناف العلاقات العربية-السورية، وعودة دمشق لشغل مقعدها في جامعة الدول العربية، على أمل أن يعزز الوضع الجديد مناخ الاستقرار في المنطقة.
وبالتزامن، انتقل الحديث عن وجود ارتباط أوروبي سوري جديد، تسعى فيه دول أوروبية عديدة، إلى خطوات عملية جرى الإعداد لها خلف الكواليس لتكشف عن تذبذب الموقف الغربي تجاه الدولة السورية والرئيس شخصيا، وفق ليستر الذي نقل عن مصادر متعددة رفيعة المستوى عزم حكومات اليونان وقبرص وإيطاليا والمجر والنمسا وبولندا منذ عامين استخدام ثقلها داخل الاتحاد للضغط عليه ومطالبته بتغيير سياسته تجاه دمشق.
ورغم تشدد الاتحاد الأوروبي إزاء عودة العلاقات الشاملة، ما لم يمتثل النظام لشروط مجلس الاتحاد وفي مقدمتها التوصل لحل سياسي وفق قرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة بهذا الخصوص، فإن ليستر أشار في مقال نشرته مجلة فورين بوليسي إلى وجود شقوق بدأت في الظهور بين الدول الأعضاء، أدت إلى خلافات خطيرة وجوهرية، وفقا لـ4 من كبار المسؤولين الغربيين الذين التقاهم.
فبخلاف الدول التي عززت حراكها الدبلوماسي مع دمشق بهدف تسهيل عودة اللاجئين السوريين الموجودين على أراضيها إلى مناطق آمنة في بلادهم، أعلن 18 وزير خارجية تحمل دولهم مسؤولية مكافحة إفلات مرتكبي جرائم الحرب في سوريا من العقاب والمطالبة بمحاكمتهم بصرف النظر عن هوياتهم.
واعتبروا في بيان مشترك، مكافحة الإفلات من العقاب شرطا من شروط إحلال السلام الدائم في سوريا، إذ "لن يتمكن الشعب السوري من التفاؤل بمستقبل أفضل ما لم تتوقف انتهاكات حقوق الإنسان على نحو تام ومؤكد، ولن تتمكن سورية من التصالح مع ماضيها ما لم يحاسب المجرمون على الجرائم التي ارتكبتها أيديهم".
سوريا: الاتحاد الأوروبي يكرر الأكاذيبمن جهة أخرى، وصف النظام السوري الموقف الغربي والعقوبات التي تم تمديدها بالإجراءات القسرية أحادية الجانب غير المشروعة، وقالت وزارة الخارجية في بيان لها "مرة جديدة يصر الاتحاد الأوروبي على تكرار الأكاذيب حول الأوضاع في سوريا، في انفصال تام عن الواقع، وتجاهل تام للتطورات الإيجابية التي شهدتها البلاد ولا تزال، وفي مقدمتها الإنجازات الكبيرة في مكافحة الإرهاب، وتوطيد الاستقرار، وتوسيع المصالحات الوطنية، وتسوية أوضاع الكثير من المواطنين من خلال مراسيم العفو".
وحمل البيان، الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة مسؤولية معاناة السوريين جراء إجراءاتهما القسرية أحادية الجانب.
ومن جانبها، نفت المبعوثة الفرنسية إلى سوريا بريجيت كورمي ما ذهبت إليه الخارجية السورية، من أن يكون السكان المدنيون هم أول ضحايا العقوبات الدولية، وقالت في مقابلة مع الكاتب الفرنسي المتخصص بشؤون الشرق الأوسط ألان غريش إن هذا ليس صحيحا، بل هو "خطاب النظام وداعميه المسؤولين عن الحالة الكارثية التي أوصلوا إليها سوريا وسكانها".
وأكدت المبعوثة أن العقوبات الأوروبية والأميركية لا تستهدف بأي حالة من الأحوال السلع والخدمات الضرورية لتلبية الحاجات اليومية للسكان ودعمهم، مشيرة إلى أن "قرار رفعها يكون بين يديه وأيدي إيران وروسيا اللتين أعربتا لنظام دمشق عن دعمهما الكامل عندما كان أكثر عرضة للخطر".
وأشارت كورمي إلى أن إيران حاضرة في سوريا منذ أكثر من 30 عاما، وقد اختارت معسكرها منذ بداية النزاع، دافعة النظام السوري إلى عدم التنازل، وإلى اختيار القوة العسكرية ضد الشعب الذي طالب بحقوق أساسية.
وأضافت أن "روسيا جعلت من سوريا حقل تجارب لها، يمكننا رصد تبعاته اليوم في أوكرانيا، وذلك من خلال مواكبتها القمع الذي يمارسه النظام، ومن خلال قصف الشعب السوري بلا هوادة ولا تمييز، وكذلك عبر إنقاذ الأسد من أجل الحصول على رافعة جغرافية وإستراتيجية في المتوسط".
لطالما أكد الممثل الاعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية جوزيب بوريل عدم مشاركة الاتحاد الأوروبي في جهود التعافي المبكر -ترسيخ الاستقرار- إلا في حالة سريان انتقال سياسي شامل وحقيقي وموسع، تتفاوض عليه الأطراف السورية في الصراع، على أساس قرار مجلس الأمن رقم 2254 وبيان جنيف لعام 2012.
كما أكد عدم دعمه عودة اللاجئين -المقيمين في أوروبا- إلى سوريا، ما لم تكن هناك ضمانات ملموسة، بأنها تتم بشكل طوعي وآمن وكريم، تحت رقابة دولية.
غير أن مصادر إعلامية غربية، تشير إلى أن ما يطالب به بوريل، لا يجد اليوم صداه المرجو في دول ترى أن الظروف المتغيرة تتطلب زيادة في الاتصالات مع سوريا، وإجراء مفاوضات فنية على الأرض مع شخصيات غير مدرجة على قوائم العقوبات لتهيئة الظروف التي تسمح بعودة السوريين إلى بلادهم.
ويظهر التقدم الأكثر وضوحا عبر الجهود التي تبذلها في هذا الاتجاه إيطاليا والنمسا، إذ تنقل المصادر ذاتها إصرار رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلوني على إقناع قادة دول الاتحاد بتطبيع علاقتهم مع النظام السوري من أجل وقف الهجرة غير النظامية إلى أوروبا.
واللافت، وفق صحيفة لوموند الفرنسية، أن يشيد رئيس وزراء المملكة المتحدة كير ستارمر بسياسة ميلوني المتشددة في حين يعتزم وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو تشكيل جبهة موحدة مع إيطاليا وألمانيا لتبني قوانين أوروبية أكثر صرامة، مع أن فرنسا انتقدت سياسات ميلوني، وشهدت العلاقات بين البلدين أزمة دبلوماسية إثر منع روما سفينة أوشن فايكنغ التي أنقذت لاجئين من الغرق من دخول الموانئ الإيطالية في عام 2022 واضطرت فرنسا لاستقبالها.
وبهذا الصدد، يؤكد عضو حزب النهضة الفرنسي المحامي زيد العظم أن الموقف الرسمي لفرنسا بشأن التطبيع مع النظام السوري لا يزال ثابتا، إذ ترفض فرنسا أي خطوة على هذا الصعيد قبل أن تلتزم السلطات السورية بشكل كامل بقرار مجلس الأمن رقم 2254.
وأكد في حديثه للجزيرة نت، أن جدية الموقف الفرنسي ظهرت بوضوح عندما حاول النظام السوري استغلال كارثة الزلزال الذي ضرب مناطق في شمال سوريا وجنوب تركيا في فبراير/ شباط 2023 لإعادة تأهيل نفسه عبر دبلوماسية الزلازل، ووقفت فرنسا موقفا صارما تجاهه.
وأقر العظم بوجود إجماع أوروبي على أهمية التنسيق التقني مع جميع الدول المصدرة للاجئين، بما فيها سوريا، خاصة بعد أن تدهور الوضع الأمني في لبنان جراء الاعتداءات الإسرائيلية على أراضيه، ونزوح آلاف الأشخاص، لكنه يرى أن التعاون مع النظام السوري سيكون تقنيا بحتا ولن يرتقي إلى مستوى التطبيع السياسي.
والسؤال الذي يفرض نفسه إذا ما أخذنا تطورات المشهد الأوروبي الأخيرة بعين الاعتبار هو: ما خطوة الاتحاد المتوقعة تجاه سوريا ونظام الأسد في المرحلة القادمة؟
تشير مواقف الدول الأوروبية إلى وجود تباين واضح على هذا الصعيد، فبين تصريحات جوزيب بوريل، وخطط جورجيا ميلوني، ثمة مسافة تبدو بعيدة، لكن المبعوثة الفرنسية إلى سوريا بريجيت كورمي اختصرتها في مقابلة مع الجزيرة نت في فترة سابقة، بقولها "نواجه الآن خيارا مستحيلا، فإما المضي قدما نحو التطبيع دون القيام بأي تنازلات أولية أو القبول بالوضع الراهن، ولا يشكل أي من هذين الخيارين حلا مقبولا".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الاتحاد الأوروبی مع النظام السوری الموقف الغربی حقوق الإنسان فی سوریا من خلال من أجل فی عام
إقرأ أيضاً:
علام اتفق ترامب مع الاتحاد الأوروبي؟ وهل خرج رابحا؟
أعلن الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة عن اتفاق من شأنه إعادة ضبط التجارة بين الطرفين البالغة قيمتها 1.7 تريليون يورو (تريليوني دولار).
وافق الاتحاد الأوروبي على قبول رسوم جمركية بنسبة 15% على معظم صادراته إلى الولايات المتحدة، في حين من المتوقع أن تنخفض رسوم الاتحاد الجمركية على السلع الأميركية إلى ما دون المتوسط الحالي البالغ حوالي 1% بمجرد دخول الاتفاق حيز التنفيذ، وأقر المفوض التجاري للاتحاد الأوروبي، ماروس سيفكوفيتش بأنه "أفضل اتفاق يمكننا الحصول عليه في ظل ظروف بالغة الصعوبة".
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2ارتفاع أسعار الذهب يكبح طلب البنوك المركزية في الربع الثانيlist 2 of 2تعرف على أكثر 10 سيارات مبيعا في العالمend of listقوبل الاتفاق بمزيج من الاستسلام والغضب في العواصم الأوروبية، وطالب بعض القادة الأوروبيين المفوضية الأوروبية بأن تكون صارمة مثل دونالد ترامب في المحادثات، بينما أقر آخرون بأن استفزاز الرئيس الأميركي سيكون محفوفا بالمخاطر، وجاء استسلام التكتل الأوروبي بعد جهد من أعضاء الناتو في الاتحاد لإبقاء ترامب ملتزما بالتحالف العسكري الذي يضمن أمنهم.
ترامب، الذي اتهم الاتحاد الأوروبي بمعاملة الولايات المتحدة بشكل أسوأ من الصين، هدد بفرض رسوم تصل إلى 200% على بعض المنتجات الأوروبية، قائلا إنه يريد إنعاش التصنيع المحلي، والمساعدة في تمويل تخفيضات ضريبية ضخمة، ومعالجة الاختلالات الاقتصادية التي قال إنها تضر بالعمال الأميركيين.
وهذه تفاصيل الاتفاق التجاري الأميركي الأوروبي في سؤال وجواب، وفق ما أوردتها بلومبيرغ:
1- هل أنجز الاتحاد الأوروبي وأميركا اتفاقية التجارة؟ليس بعد؛ فالاتفاقية التي أعلنها ترامب ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين في 27 يوليو/تموز 2025 مستمدة من بيان غير ملزم لا يتمتع بأي قوة قانونية.
في الخطوة التالية من العملية، سيصدر الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بيانا مشتركا كاملا بحلول الأول من أغسطس/آب المقبل. سيتوسع هذا البيان في العناصر التي تم التفاوض عليها بالفعل، لكنه لن يكون له أي وزن قانوني، عندها فقط سيبدأ الجانبان التفاوض على اتفاقية تجارية ملزمة قانونا.
إعلانوليس من الواضح شكل الاتفاقية النهائية، لكن قد يستغرق التفاوض عليها شهورا.
2- ماذا سيحدث الآن؟ في أول أغسطس/آب، ستعدل الولايات المتحدة معدل تعريفاتها الجمركية على جميع صادرات الاتحاد الأوروبي تقريبا إلى 15%، بما في ذلك السيارات وقطع غيارها، وسيطبق هذا المعدل على حوالي 70%، أو 380 مليار يورو (435 مليار دولار)، من صادرات الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة، وفقا لمسؤول كبير في التكتل. لن تضاف أي رسوم جمركية أخرى إلى هذا المعدل، وستطبق نسبة الـ15% على المنتجات القطاعية، مثل الأدوية وأشباه الموصلات، حتى لو فرضت الولايات المتحدة رسوما إضافية على هذه القطاعات في المستقبل. سيُستثنى من ضريبة الـ15% عدد قليل من المنتجات، بينما ستظل السلع الخاضعة بالفعل لتعريفات جمركية تزيد عن 15% بموجب ما يسمى بترتيبات "الدولة الأكثر رعاية" خاضعة للضرائب عند هذه المستويات، كما سيسعى الجانبان إلى التفاوض على حصص محددة لواردات الولايات المتحدة من الصلب من الاتحاد الأوروبي، كجزء من جهد أوسع لحماية سلاسل التوريد من مصادر الطاقة الفائضة. لن يبدأ الاتحاد الأوروبي بتطبيق الشروط التي وافق عليها، مثل خفض الرسوم الجمركية على المنتجات الأميركية، إلا بعد الموافقة على النص النهائي الملزم قانونا، وفقا للمسؤول. 3- لماذا قبل الاتحاد الأوروبي هذه الصفقة؟صرح مسؤولو الاتحاد الأوروبي بأن المفاوضات لم تقتصر على التجارة فحسب، بل كانت لها آثار على أمن التكتل المكون من 27 دولة، والحرب في أوكرانيا، وحتى إمدادات الطاقة.
ولا تزال أوروبا تعتمد بشكل حاسم على الولايات المتحدة في دفاعها بعد سنوات من نقص الاستثمار في الجيوش الوطنية، كما أن تحرك المنطقة نحو التخلص التدريجي من مشتريات الغاز الروسي جعلها أكثر اعتمادا على الولايات المتحدة كمصدر بديل للطاقة.
4- هل ترامب هو الرابح في الاتفاقية؟توقع مفاوضو التجارة في الاتحاد الأوروبي صفقة غير متكافئة من شأنها أن تصب في مصلحة واشنطن، والسؤال الوحيد هو: إلى أي مدى؟
لا شك أن شروط الاتفاقية، كما أُعلن عنها، ستعزز المكانة التنافسية للصناعات الأميركية، ومع ذلك، يقول العديد من الاقتصاديين إن تكاليف الرسوم الجمركية عادة ما يتحملها المستهلك النهائي، على الأقل في البداية، أي الأميركيون في هذه الحالة.
ويسود القلق في أوروبا من أن هذا الحاجز الجديد أمام أكبر علاقة تجارية في العالم سيُضعف الطلب على السلع الأوروبية، ويشجع الشركات على تحويل استثماراتها إلى الولايات المتحدة، فبناء مصانع جديدة هناك سيكون إحدى الطرق لتجنب الرسوم الجمركية الجديدة.
وتعليقا على اتفاقية التجارة، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون "لكي تكون حرا، عليك أن تهاب. لم نخش بما فيه الكفاية"، وكان رئيس الوزراء الفرنسي، فرانسوا بايرو، أكثر صراحة، إذ قال "إنه يوم أسود عندما يقرر تحالف من الشعوب الحرة، المتحدة لتأكيد قيمها والدفاع عن مصالحها، الخضوع".
5- كيف يؤثّر اتفاق التجارة على شركات صناعة السيارات؟ستُفرض رسوم جمركية بنسبة 15% على صادرات السيارات وقطع غيارها إلى الولايات المتحدة، وهي أقل من نسبة 27.5% التي فرضها ترامب سابقا على هذا القطاع، وعند إتمام الاتفاق، ستعفى السيارات الأميركية من الرسوم الجمركية عند دخولها الاتحاد الأوروبي.
إعلانوجاء هذا التخفيض بمثابة ارتياح للدول الأعضاء المعتمدة على صادرات السيارات، وخاصة ألمانيا، التي صدّرت ما قيمته 34.9 مليار دولار من السيارات الجديدة وقطع غيار السيارات إلى الولايات المتحدة في عام 2024.
ووصف عضو المجلس التنفيذي لاتحاد صناعة السيارات الألماني، فولفغانغ نيدرمارك، الاتفاق بأنه "تسوية غير كافية" ترسل إشارة كارثية، وأضاف "الاتحاد الأوروبي يقبل برسوم جمركية مؤلمة. حتى رسوم جمركية بنسبة 15% ستكون لها عواقب سلبية هائلة على الصناعة الألمانية الموجهة نحو التصدير".
6- ماذا عن تعهد الاتحاد الأوروبي بالاستثمار في الولايات المتحدة؟هذه نقطة حساسة في إعلان ترامب وفون دير لاين، إذ أعلن الاتحاد الأوروبي عزمه على شراء منتجات أميركية من الغاز الطبيعي المسال والنفط والطاقة النووية بقيمة 750 مليار دولار خلال السنوات الثلاث المقبلة، كما أشار إلى أن شركات الاتحاد أبدت اهتمامها باستثمار 600 مليار دولار على الأقل في قطاعات أميركية مختلفة.
لكنْ من الصعب تصور كيف يمكن للاتحاد الأوروبي تحقيق هذه المشتريات الطموحة من الطاقة خلال هذه الفترة الزمنية، فقد بلغ إجمالي واردات الطاقة من الولايات المتحدة أقل من 80 مليار دولار العام الماضي، وهو مبلغ أقل بكثير من الوعد الذي قطعته فون دير لاين لترامب، وبلغ إجمالي صادرات الطاقة الأميركية ما يزيد قليلا عن 330 مليار دولار في عام 2024.
علاوة على ذلك، لا يشتري الاتحاد الأوروبي الطاقة لدوله الأعضاء، ولا يمكنه تحديد أماكن شراء الشركات الأوروبية للطاقة.
ويمثل تعهد الاتحاد الأوروبي باستثمار 600 مليار دولار إضافية في الولايات المتحدة إشكالية مماثلة، وقال مسؤول الاتحاد الأوروبي إن هذا الاستثمار هو مجرد مجموع تعهدات من الشركات وليس هدفا ملزما، إذ لا يستطيع الاتحاد الأوروبي الالتزام بهذا الهدف.