في ظل تعقيد المشهد السياسي الليبي، تعاني المؤسسات القانونية والإدارية من شلل مستمر نتيجة للتجاذبات السياسية التي بدأت منذ عام 2014، ما أدى إلى تعطل تنفيذ العديد من القوانين والقرارات المهمة. هذه الأزمة السياسية أثرت بشكل كبير على مصالح المواطنين وأربكت العمل القانوني والتجاري في البلاد.

تنص المادة (62) من الاتفاق السياسي الليبي على أن مجلس رئاسة الوزراء يتولى تشكيل لجنة من المختصين للنظر في القوانين والقرارات الصادرة بين 4 أغسطس 2014 وحتى إقرار الاتفاق، وذلك لإيجاد حلول مناسبة للالتزامات القانونية والمالية والإدارية التي ترتبت على الدولة الليبية خلال هذه الفترة.

للأسف، لم يتم تفعيل هذه المادة بسبب الانقسامات السياسية التي عمّقت الخلافات بين الأطراف الليبية. فانتقال مجلس النواب إلى أقصى الشرق الليبي، وتمترس المؤتمر الوطني العام في طرابلس ورفضه تسليم السلطة، أدى إلى تأجيج الصراع. وصار كل طرف يصف الآخر بأوصاف تُغذّي الانقسام: حيث وصف مناصرو مجلس النواب المنطقة الغربية بالإخوان، بينما وصف مناصرو المؤتمر الوطني الطرف الآخر بالانقلابيين.

عدم تنفيذ المادة (62) أثّر بشكل مباشر على أداء المجلس الأعلى للقضاء، وخاصة المحكمة العليا، التي امتنعت عن الفصل في القضايا المتعلقة بالتشريعات الصادرة من الجهتين كحل وسط لتجنب الانحياز لأي طرف سياسي. ونتيجة لذلك، ظلت القضايا العالقة حبيسة الأدراج، مما أضر بمصداقية القضاء وزاد من تعقيد الأزمة القانونية.

لقد تفاقمت الأزمة القانونية اكتر بعد نقل اختصاص نشر التشريعات في الجريدة الرسمية من وزير العدل إلى رئيس مجلس النواب.

هذه الخطوة أثارت مخاوف جديدة بشأن شرعية التشريعات، خاصة في ظل انقسام السلطات التنفيذية بين الشرق والغرب. ومع كون وزارة العدل التابعة لحكومة الوحدة الوطنية في طرابلس مسؤولة عن النشر، وكون حكومة الوحدة قد سُحبت منها الثقة من قبل مجلس النواب، أصبحت قرارات لجنة قيد محرري العقود وغيرها من القرارات القانونية في حالة من الجمود. فلا وزير العدل يمكنه نشرها، ولا رئيس مجلس النواب يقبل القيام بذلك.

هذه التحديات السياسية والقانونية أدت إلى تعطيل مصالح المواطنين، وتعليق العمل القانوني والتجاري في البلاد. إضافة إلى ذلك، ظل المواطن الليبي، الذي يعاني من آثار الصراع السياسي والاقتصادي، يدفع ثمن هذه الانقسامات دون أي أفق واضح للحل.

ولحل هذه المشكلة يتطلب ما يلي:

ضرورة تشكيل لجنة وطنية مستقلة من الخبراء القانونيين والقضائيين للنظر في التشريعات المتنازع عليها وفق المادة (62) من الاتفاق السياسي. إعادة تفعيل دور المحكمة العليا بشكل حيادي بعيداً عن الضغوط السياسية، للفصل في القضايا العالقة. توحيد آلية نشر التشريعات في الجريدة الرسمية تحت مظلة مؤسسة محايدة، لضمان عدم استخدام النشر كأداة سياسية. الدفع نحو توافق سياسي عاجل يضمن إعادة تنظيم العلاقة بين مجلس النواب والحكومة، وتجنب الإضرار بمصالح المواطنين.

ختاما إن أزمة النشر في الجريدة الرسمية ليست سوى جزء من مشهد سياسي معقد. ولحل هذه الأزمة يتطلب تعاوناً بين الأطراف السياسية كافة، ووضع المصلحة العامة فوق الاعتبارات السياسية الضيقة. إن معالجة القضايا القانونية العالقة، بما فيها قضية التشريعات والنشر، ستسهم في استعادة الثقة بين المؤسسات، وضمان استمرارية العمل القانوني والتجاري في ليبيا.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: فی الجریدة الرسمیة مجلس النواب

إقرأ أيضاً:

نقيب المحامين يترأس جلسة استثنائية لحلف اليمين القانونية بمحافظات الدلتا

 ترأس  عبدالحليم علام، نقيب المحامين ورئيس اتحاد المحامين العرب، في سابقة تُعد الأولى من نوعها،اليوم الإثنين، جلسة حلف اليمين القانونية للمحامين الجدد بنقابات طنطا، والمحلة، وكفر الشيخ، وذلك بمقر نادي محامي طنطا، في خطوة تهدف إلى تخفيف مشقة السفر عن شباب المحامين.

وخلال كلمته، عبّر النقيب عن سعادته بلقاء المحامين الجدد، مؤكدًا أن لحظة حلف اليمين تُعد محطة فارقة في حياة كل محامٍ، تظل محفورة في الذاكرة، مشددًا على أن هذه الجلسة استثنائية وغير مسبوقة في تاريخ النقابة، التي اعتادت على عقد جلسات الحلف بمقرها الرئيسي في القاهرة.

وأكد نقيب المحامين أن هذه المبادرة تأتي في إطار دعم شباب المحامين والاقتراب منهم، مضيفًا: «أنتم مستقبل النقابة، وعليكم تقع مسؤولية الارتقاء بالمهنة، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية التي تلقي بظلالها على العمل القانوني».

وفي سياق حديثه عن أزمة الرسوم القضائية، حذر النقيب من تداعياتها، واصفًا إياها بأنها "خطر على السلم والأمن القومي"، نظرًا لأنها تُقصي المواطن عن قاضيه الطبيعي، داعيًا إلى سرعة إيجاد حل يعيد الأمور إلى نصابها الطبيعي.

كما أشار الأستاذ عبدالحليم علام إلى أن الجمعية العمومية للنقابة ستُعقد في 21 يونيو الجاري، مشددًا على أن المحامين لا يعارضون الدولة، بل يطالبون بحقوق مشروعة، وأن احترام القانون يبدأ من أهله.

واختتم كلمته بالإشارة إلى مشاركة النقابة الفعالة في مناقشات مشروع القانون داخل مجلس النواب، واصفًا استماع النواب لرؤى النقابة وطلباتها بأنه موقف تاريخي سيظل محفورًا في ذاكرة العمل النقابي.

وشهدت الجلسة حضور عدد من قيادات النقابة، منهم الأستاذ محسن لطفي، أمين الصندوق المساعد، والأساتذة حسام سعيد ومحمود تفاحة، أعضاء مجلس النقابة العامة، إلى جانب نقباء شرق وغرب طنطا، ونقيب كفر الشيخ، وأعضاء مجالسهم الفرعية.

 

1000424909 1000424908 1000424907 1000424904 1000424905 1000424906

مقالات مشابهة

  • رسميًا.. صدور قانون العقوبات المعدل 2025 في الجريدة الرسمية
  • نقيب المحامين يترأس جلسة استثنائية لحلف اليمين القانونية بمحافظات الدلتا
  • استقالة مصيلحى نهائية بعد انتهاء فترة القانونية
  • الاتحاد السكندري يعلن استقالة محمد مصيلحي بعد انتهاء المهلة القانونية
  • خلال الجلسة العامة.. جبالي ينتقد الحكومة ويرفض منح الكلمة لوزير الشئون القانونية
  • "النواب" يقر إعفاء أبو ظبي التنموية القابضة وصندوق مصر السيادي من الضرائب
  • مجلس النواب يقر إعفاء صندوق مصر السيادي من الضرائب
  • «النواب» يقر اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي بين مصر والإمارات
  • مجلس النواب يوافق على اتفاقية تجنب الازدواج الضريبي بين مصر والإمارات
  • تعطل خدمات إنترنت وتسريب أرقام هواتف المواطنين.. ماذا يحدث في جوجل؟