عاد العالم خطوات إلى الخلف بعد إعلان فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأمريكية. كثيرون عادوا لاستذكار مواقفه خلال رئاسته الأولى (2016-2020)، والتي كانت مستغربة من زعماء دول ومؤسسات دولية وشعوب عدة، وكثيرون عادوا لمراجعة ما أعلنه من نوايا خلال تجمعاته الانتخابية التي جال فيها معظم الولايات الأمريكية.
قد تكون لدى ترامب رغبة حقيقية في وقف الحروب المشتعلة حالياً، من منطلق أنه يريد أن يكون متفرداً ومختلفاً عمن سبقوه بما في ذلك عن ترامب الأول، ولكن هل سيكون ذلك بإعادة الحق لأصحابه ونصرة المظلوم أم بفرض إرادة الظالم وسلب المزيد من الحقوق؟ الأيام هي التي ستجيب، ولكن المؤكد أن فوز ترامب قلب معادلات وأربك حسابات وأسعد طامعين وسيغير تحالفات، ولذا فقد سارعت دول ورؤساء للتصريح بما تطمح إليه استغلالاً للمرحلة القادمة أو خوفاً منها.
أول من بدلوا المواقف الرئيس بايدن نفسه، والذي يريد أن يشعل العالم قبل أن يغادر البيت الأبيض حتى يغلق أمام سلفه تحقيق وعده، فكان قراره بالموافقة على ضرب أوكرانيا للعمق الروسي بصواريخ أمريكية بعيدة المدى، وهو القرار الذي أبهج الدول الغربية التي تخشى تخلي أمريكا عنها وتركها وحيدة في مواجهة روسيا. القرار تم تنفيذه فعلياً، واعتبرته روسيا تصعيداً كبيراً، وهو ما دفع الرئيس الروسي بوتين لتعديل العقيدة النووية بعد ألف يوم على بداية الحرب الروسية الأوكرانية بما يقضي باعتبار أي هجوم تقليدي على روسيا من قبل أية دولة، بمشاركة دولة نووية، يعتبر هجوماً مشتركاً على بلاده، في خطوة قد تحول «عملية روسيا الخاصة» في أوكرانيا إلى حرب عالمية نووية. وتحسباً للعواقب بدأت روسيا فعلياً بناء ملاجئ متنقلة تحمي الناس من الانفجارات النووية والكوارث الكبرى. الغريب أن قرار بايدن المفاجئ جاء بعد أن انقلب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على ثوابته منذ اندلاع الحرب وأعلن أن عام 2025 سيكون عام إنهائها بالطرق الدبلوماسية، وقال: «الحرب ستنتهي بشكل أسرع مع تولي ترامب منصب الرئيس». الأكثر سعادة بفوز ترامب هي الحكومة الإسرائيلية المتطرفة والتي تنتظر أن يحقق لها ترامب ما عجز بايدن عن تحقيقه، فهي تعلم أن ترامب أعلن نواياه لوقف الحرب ولكن من دون المساس بطموحات إسرائيل التوسعية، خصوصاً وأنه هو الذي قال في إحدى جولاته الانتخابية في أغسطس(آب) الماضي «مساحة إسرائيل تبدو صغيرة على الخريطة ولطالما فكّرت كيف يمكن توسيعها»، وهو الذي اعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل وأقر بسيادتها على هضبة الجولان المحتلة، ولذا فمن الطبيعي أن يخرج الوزير الإسرائيلي المتطرف سموتريتش ليعلن أن عام 2025 سيكون عام ضم الضفة لإسرائيل، فيما ظهرت مؤشرات جديدة داخل حكومة الاحتلال على وجود خطط لإقامة حكم عسكري طويل في قطاع غزة، وهو ما يعارضه الجيش ويصر عليه نتنياهو حسب تأكيدات إسرائيلية، ولعل هذا هو ما يفسر إصراره على إطالة أمد الحرب حتى يقضي على أمل حل الدولتين.
كثير من زعماء أوروبا هنأ ترامب ويده على قلبه خشية المستقبل خصوصاً أن الرئيس المنتخب لم يدخر جهداً للتقليل من شأن أوروبا وزعمائها وحلف الناتو واتفاقية باريس للمناخ واتفاقية التجارة الحرة خلال رئاسته الأولى، وأكثر ما يخشاه الأوروبيون هو انكشاف هشاشتهم الأمنية والعسكرية حال تخلي الولايات المتحدة عنهم.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: عودة ترامب عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله الانتخابات الأمريكية غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية عودة ترامب
إقرأ أيضاً:
السيسي يناشد الرئيس الأمريكي ترامب لوقف الحرب في غزة
أكد رئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي، اليوم الاثنين، في خطاب متلفز وصفه بـ"الرسالة إلى الداخل والخارج"، أن القاهرة تتحرك منذ اندلاع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، بالتنسيق الكامل مع الشريكين القطري والأمريكي، لتحقيق ثلاثة أهداف مركزية: وقف الحرب، وتأمين دخول المساعدات الإنسانية، والإفراج عن الأسرى.
وأوضح السيسي أن حديثه يأتي في "توقيت دقيق"، على ضوء ما يتم تداوله مؤخرًا من "كلام كثير"، في إشارة إلى حملات الانتقاد التي طالت الدور المصري في إدارة الملف الإنساني والحدودي مع القطاع.
وأكد أن الموقف المصري لا يزال ثابتًا، ويرتكز على "التمسك بحل الدولتين كمسار وحيد لتسوية القضية الفلسطينية"، محذرًا من أن "أي محاولة للتهجير ستؤدي إلى تفريغ هذا الحل من مضمونه".
السيسي: المساعدات جاهزة
وفيما يتعلق بالأزمة الإنسانية المتفاقمة، أشار السيسي إلى أن قطاع غزة يحتاج، في الظروف الطبيعية، ما بين 600 إلى 700 شاحنة مساعدات يوميًا، مؤكدًا أن مصر عملت خلال الأشهر الـ21 الماضية على إدخال أكبر كمية ممكنة من المساعدات، رغم التحديات الميدانية والقيود المفروضة.
وأضاف أن معبر رفح ليس خاضعًا فقط للسيطرة المصرية، بل يتأثر كذلك بالوضع الأمني على الجانب الفلسطيني، ما يستدعي التنسيق مع الجهات المسيطرة في غزة. وكشف السيسي عن أن "لدينا حجمًا ضخمًا جدًا من المساعدات جاهز للدخول"، مشددًا في الوقت ذاته على أن "أخلاقنا وقيمنا لا تسمح بمنعها"، لكن دخولها "يتطلب تنسيقًا من الطرف الآخر داخل القطاع".
وفي معرض حديثه عن المعابر، أوضح السيسي أن هناك خمسة معابر رئيسية تربط غزة بالأراضي الفلسطينية والمصرية، من بينها معبر رفح وكرم أبو سالم من الجانب المصري، في تأكيد على أن المسؤولية لا تقع فقط على عاتق القاهرة، بل تشمل أيضًا الاحتلال الإسرائيلي والطرف المسيطر على غزة.
كما وجّه السيسي في خطابه رسائل سياسية إلى الداخل والخارج، فقال مخاطبًا الشعب المصري: "أوعوا تتصوروا أننا ممكن نكون سلبيين تجاه الأشقاء في فلسطين، رغم صعوبة الموقف"، مضيفًا: "مصر لها دور محترم وشريف ومخلص وأمين لا يتغير ولن يتغير"، في محاولة لطمأنة الرأي العام المصري الذي أبدى انتقادات متزايدة للدور الرسمي المصري في الأزمة، خصوصًا فيما يتعلق بإغلاق معبر رفح أو تأخر المساعدات.
كما وجه السيسي نداءً عامًا إلى المجتمع الدولي، قائلاً: "أدعو كل دول العالم، والاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، وأشقائنا في المنطقة، إلى بذل أقصى جهد لإنهاء الحرب وإدخال المساعدات".
وخصّ السيسي الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بنداء مباشر قال فيه: "من فضلك أبذل كل جهد لإنهاء الحرب وإدخال المساعدات... أتصور أن الوقت قد حان لإنهاء هذه الحرب".
الخارجية المصرية ترد على الانتقادات
بالتوازي مع خطاب السيسي، أصدرت وزارة الخارجية المصرية بيانًا رسميًا أعربت فيه عن "الاستياء الشديد من محاولات متكررة لتشويه الدور المصري تجاه غزة"، معتبرة أن "القاهرة تقوم بواجبها الإنساني والقومي دون مزايدات"، وأن تحركاتها تهدف إلى "تخفيف معاناة الشعب الفلسطيني رغم العقبات المتزايدة".
وشدد البيان على أن مصر لن تلتفت إلى "الحملات المغرضة التي تستهدف زعزعة الثقة في دورها"، واصفًا إياها بأنها "تتجاهل الوقائع على الأرض وتضر بالقضية الفلسطينية ذاتها، لا سيما في ظل الظروف الكارثية التي تمر بها غزة".