شمس حارقة تدمر أقمارًا صناعية وتهدد الإنترنت
تاريخ النشر: 27th, November 2024 GMT
في حادثة غير متوقعة، تسببت ظاهرة شمسية نادرة في إطلاق ما وصفه العلماء بـ "لهب النار"، مما أسفر عن تدمير ثلاثة أقمار صناعية في الفضاء، وقد حذرت وكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" من أن هذه الظاهرة قد تؤثر على أشعة الراديو والإنترنت في المستقبل القريب، مما يثير القلق بين العلماء حول تداعياتها على الأنظمة التقنية العالمية.
دمار الأقمار الصناعية
الأسبوع الماضي، شهد الفضاء حادثة غير مسبوقة عندما دُمّرت ثلاثة أقمار صناعية تابعة لبرنامج "بينار" الفضائي، الذي تديره جامعة كيرتن الأسترالية. كانت هذه الأقمار، التي تحمل الأسماء "بينار 2"، "بينار 3"، و"بينار 4"، جزءًا من مشروع تجريبي يهدف إلى اختبار تقنيات فضائية جديدة. ومع ذلك، بدلاً من إتمام مهمتها المخطط لها، دُمرت هذه الأقمار بعد مرور شهرين فقط من إطلاقها، أي قبل اكتمال ثلث المدة المتوقعة لبقائها في المدار.
ما هو "لهب النار"؟
الظاهرة التي أُطلق عليها اسم "لهب النار" لم تكن مجرد حالة تحلل مداري طبيعي. عادةً، تتعرض الأقمار الصناعية العاملة في مدارات منخفضة (حوالي 2000 كيلومتر أو أقل) للتحلل التدريجي مع مرور الوقت، مما يؤدي إلى احتراقها تدريجيًا عند اقترابها من سطح الأرض، ولكن في هذه المرة، كان النشاط الشمسي أكثر قوة من المعتاد، مما أدى إلى تسريع عملية تحلل الأقمار الصناعية بشكل مفاجئ وغير متوقع.
تأثير النشاط الشمسي على الأقمار الصناعية
النشاط الشمسي عادةً ما يتضمن طفرات شمسية تؤثر على المجال المغناطيسي للأرض، ولكن في هذه الحالة كان تأثير الطفرات الشمسية أكبر من أي وقت مضى، و أدى هذا النشاط الشمسي المكثف إلى انبعاث "لهب النار"، وهي ظاهرة ناتجة عن تفاعلات شمسية غير مسبوقة. هذه التفاعلات أدت إلى زيادة الضغط على الأقمار الصناعية، مما تسبب في احتراقها بسرعة أكبر مما كان متوقعًا.
تحذيرات من تأثيرات على الإنترنت وأشعة الراديو
وكالة "ناسا" حذرت في تقاريرها الأخيرة من أن تأثيرات هذه الظاهرة الشمسية قد تمتد لتشمل الشبكات الإلكترونية وأشعة الراديو، ما قد يؤدي إلى انقطاع الخدمة في بعض المناطق، والعلماء يتوقعون أن تتأثر بعض خدمات الإنترنت في الأسابيع المقبلة، إضافة إلى احتمالية تعرض إشارات الراديو لتشويش أو توقف مؤقت نتيجة لهذا النشاط الشمسي المتزايد.
تأثيرات غير متوقعة على الأقمار الصناعية
شهدت الأسابيع الأخيرة زيادة ملحوظة في النشاط الشمسي، وهو ما أدى إلى مشكلات غير متوقعة لمشغلي الأقمار الصناعية في جميع أنحاء العالم. النشاط الشمسي المتزايد له تأثير بالغ على الأقمار الصناعية، خاصة تلك التي تدور في مدارات منخفضة، حيث يمكن أن تتسبب الأشعة الشمسية المشحونة في تسخين الأجزاء الخارجية للأقمار، مما يؤدي إلى تغيرات في شكلها ومدارها، وقد يصل الأمر إلى فقدان السيطرة عليها بشكل كامل.
لماذا أصبح النشاط الشمسي مرتفعًا؟
يشير الخبراء إلى أن النشاط الشمسي يشمل عدة ظواهر مثل البقع الشمسية والانفجارات الشمسية والرياح الشمسية، وهي تيارات من الجسيمات المشحونة التي تتدفق نحو الأرض. يرجع هذا النشاط إلى التغيرات المستمرة في المجال المغناطيسي للشمس، الذي يمر بدورة تمتد 11 عامًا.
في منتصف هذه الدورة، يصل النشاط الشمسي إلى أعلى مستوياته، وهو ما يحدث حاليًا. ورغم أن هذه الدورة معروفة، إلا أن التنبؤ بتفاصيل النشاط الشمسي ما زال صعبًا. في الأشهر الأخيرة، كانت المؤشرات على زيادة النشاط الشمسي أعلى بنسبة 50% من التوقعات السابقة.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: ظاهرة شمسية أقمار صناعية الأقمار الصناعية النشاط الشمسي على الأقمار الصناعیة النشاط الشمسی
إقرأ أيضاً:
الأقصر التي لا تعرفها.. مدن صناعية وحرفيون مجهولون بنوا المجد من الطوب والنار| صور
رغم أن مدينة الأقصر معروفة عالميًا بأنها موطن المعابد والملوك إلا أن الاكتشافات الأثرية الأخيرة كشفت عن جانب آخر بالغ الأهمية يتعلق بحياة الطبقة العاملة من المصريين القدماء حيث ظهرت دلائل واضحة على وجود مستوطنات عمالية ومراكز إنتاج وصناعات حرفية كانت تشكل القلب النابض لحضارة طيبة القديمة
تشير هذه الاكتشافات إلى أن المدن الصناعية لم تكن مجرد مفهوم حديث بل كانت موجودة بالفعل في العصور القديمة ولكن بطبيعة مختلفة حيث كانت تدار داخل المدن الكبرى أو بالقرب من مراكز السلطة الدينية وتضم جميع العناصر اللازمة للإنتاج من ورش ومساكن ومخازن وأفران وهو ما يعكس تنظيمًا دقيقًا للحياة العملية والمهنية في مصر الفرعونية.
أوضح الأثري طيب غريب مدير معابد الكرنك سابقًا أن هذه المناطق لم تكن مناطق إنتاج عشوائية وإنما مستوطنات متكاملة قائمة بذاتها لها نظامها الداخلي وخدماتها وتخطيطها كما أن استمرار العمل بها عبر العصور المختلفة يؤكد أهميتها ووظيفتها الحيوية في دعم الدولة والمعابد والمجتمع على حد سواء.
وأضاف أن أولى هذه المستوطنات تم الكشف عنها جنوب شرق معابد الكرنك بجوار البحيرة المقدسة وهي تعود إلى عصر الدولة الوسطى وتعد من أقدم المناطق العمالية في قلب معابد الكرنك مشيرًا إلى أن هذه المستوطنة استخدمت لفترة طويلة تجاوزت الألف عام واحتوت على مساكن ومخازن وأفران ومبان من الطوب اللبن ما يدل على وجود مجتمع إنتاجي قائم ومستقر.
وتابع أن الحفائر أظهرت تغيرات في استخدام المكان حيث مر بفترات توقف وتحول إلى مكب نفايات ثم أعيد استخدامه في عهد الأسرة الثامنة عشرة لبناء أماكن تخزين جديدة فوق هذا المكب وهو ما يعكس مرونة في التكيف مع احتياجات العصر واستمرارية النشاط في الموقع ذاته.
وانتقلت الأعمال لاحقًا إلى طريق الكباش في اتجاه معبد موت حيث نجحت بعثة أثرية مصرية تابعة للمجلس الأعلى للآثار في الكشف عن سور ضخم من الطوب اللبن يحمل ختم الملك من خبر رع وزوجته إيست مخب موضحًا أن الموقع ضم بوابة حجرية ومجموعة من الورش منها ورش لصناعة التماثيل البرونزية وأفران للجعة ومصانع لإنتاج التمائم والتماثيل الصغيرة.
أردف أن وجود قوالب الطوب مختومة بأسماء الملوك داخل هذه المنطقة يدل على أن هذه الصناعات كانت تخضع لإشراف الدولة مباشرة ما يجعلها واحدة من أهم المناطق الحرفية المنظمة التي تم الكشف عنها في الأقصر حتى الآن.
وفي مارس 2024 أسفرت أعمال بعثة أثرية مصرية فرنسية مشتركة عن الكشف عن مستوطنة عمالية قرب المتحف المفتوح داخل معابد الكرنك بمساحة 2400 متر مربع واحتوت على ورش وأفران ومعدات إنتاج وأدوات فخارية تعود للعصور البطلمية والبيزنطية وتمتد حتى العصر المتأخر.
وأوضح غريب، أن أبرز ما تم العثور عليه في هذا الموقع كان إناءً فخاريًا يضم مجموعة من الحلي والجعارين والتمائم المصنوعة من الذهب ما يعكس الطابع الديني والرمزي المرتبط بالصناعات اليدوية في تلك الفترات كما يؤكد استمرار النشاط الحرفي في الأقصر لعدة قرون بعد نهاية العصر الفرعوني.
أما الكشف الأضخم فجاء في يناير 2021 عندما نجحت بعثة أثرية مصرية برئاسة الدكتور زاهي حواس في الكشف عن المدينة المفقودة بالبر الغربي والتي سميت صعود آتون وتعود إلى عهد الملك أمنحتب الثالث وقد استُخدمت أيضًا في عهد الملك توت عنخ آمون.
وأشار إلى أن هذه المدينة تعتبر من أكبر المستوطنات الإدارية والصناعية التي تم الكشف عنها في الأقصر حيث احتوت على شوارع ومنازل وورش ومبانٍ إدارية ويصل ارتفاع بعض جدرانها إلى نحو ثلاثة أمتار وهي توضح حجم النشاط الإنتاجي والتنظيم الإداري في ذلك العصر.
ولفت إلى أن هذه المستوطنات لا تخدم المعابد والقصور فقط بل تقدم خدماتها أيضًا للناس العاديين حيث تم الكشف عن أفران خبز وورش فخار وأدوات منزلية ومصانع جعة مما يبرهن على أن هذه الصناعات كانت تلبي احتياجات المجتمع ككل وليس النخبة وحدها.
كما أشار إلى أن تحليل الأدوات والبقايا المكتشفة يساعد بشكل كبير في فهم طبيعة الحياة اليومية للعمال والحرفيين بدءًا من نوعية الطعام مرورًا بطريقة السكن وصولًا إلى الأدوات التي يستخدمونها سواء في العمل أو في الحياة الخاصة.
واختتم طيب غريب حديثه بأن الأقصر لم تكن فقط عاصمة دينية بل كانت أيضًا مركزًا صناعيًا نابضًا بالحياة حيث كانت تجمع بين السلطة والإنتاج بين المعابد والحرف بين الملوك والناس العاديين مؤكدا أن ما يتم الكشف عنه اليوم يعيد الاعتبار لطبقة كبيرة من المصريين القدماء الذين ساهموا في بناء واحدة من أعظم الحضارات في التاريخ.