شكلت العلاقات بين دولة الإمارات وجمهورية الصين الشعبية، نموذجا متفردا للتعاون الإيجابي المثمر والبناء الداعم، لرؤى البلدين التنموية وجهودهما لتحقيق التنمية الشاملة والازدهار الاقتصادي المستدام.ويحتفي البلدان العام الجاري بمرور 40 عاما على إقامة العلاقات الدبلوماسية، إذ نجحا منذ تأسيس العلاقات الدبلوماسية في العام 1984 في خلق مسارات واعدة ومبتكرة للتعاون في المجالات كافة أثمرت الارتقاء بعلاقات التعاون إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الخاصة، وكذلك تمتين أواصر التعاون عبر شراكة اقتصادية شاملة.



وتعد دولة الإمارات شريكاً فاعلاً في مبادرة الحزام والطريق منذ إطلاقها في عام 2013، وذلك من خلال إمكاناتها التنموية وموقعها الاستراتيجي ودورها الاقتصادي الريادي في المنطقة، وضخت الدولة نحو 10 مليارات دولار في صندوق استثمار صيني - إماراتي مشترك لدعم مشروعات المبادرة في شرق أفريقيا، كما وقعت 13 مذكرة تفاهم مع الصين عام 2018 للاستثمار في مجالات متعددة داخل الإمارات.

و«الحزام والطريق» مبادرة دولية أطلقتها جمهورية الصين الشعبية، بهدف تطوير ممرات نقل تجارية تربط قارات العالم وتعمل على تطوير البنية الأساسية والتجارية والتمويل والخدمات اللوجستية وتقوية الروابط الشعبية لتعزيز التنمية التجارية وتحقيق التنمية والازدهار للدول المشاركة، وتقوم دولة الإمارات بدور محوري ورئيس في المبادرة بفضل ما تمتلكه من بيئة أعمال تنافسية وبنية تحتية وموقع جغرافي متميز.

كما تحرص دولة الإمارات بشكل دوري على المشاركة في منتدى التعاون العربي الصيني الذي عقد دورته العاشرة العام الجاري، بهدف تعزيز علاقات الشراكة الإستراتيجية العربية - الصينية القائمة على أساس التعاون الشامل والتنمية المشتركة لمستقبل أفضل ودفعها إلى آفاق أرحب، وتحقيق المزيد من الإنجازات على جميع الأصعدة.

وأسهم منتدى الأعمال الإماراتي الصيني، في تأسيس علاقات التعاون والشراكة بين البلدين، حيث عقدت دورته الأخيرة في بكين خلال مايو الماضي، بهدف استكشاف سبل الارتقاء بالعلاقات التجارية والاستثمارية بين البلدين إلى مستويات أرحب، وتم خلاله توقيع وتبادل 12 اتفاقية ومذكرة تفاهم بين الشركات والجهات الإماراتية والصينية في مجموعة واسعة من المجالات ذات الأولوية مثل الألمونيوم، والاتصالات، والحديد والصلب، والخدمات المالية، والطيران، والمناطق الحرة، والصناعة، وغيرها.

ويشهد التعاون الاقتصادي بين البلدين نمواً متزايداً، حيث بلغ عدد الرخص الاقتصادية الصينية في دولة الإمارات نحو أكثر من 14.5 ألف رخصة، كما تعد الصين ثالث أكبر مصدر لتدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الإمارات بقيمة 6.3 مليار دولار، مع ارتفاع الاستثمار الثنائي بين البلدين خلال السنوات الأخيرة، ليصل إلى مستوى قياسي قدره 15 مليار دولار في عام 2022.

وتعد دولة الإمارات الشريك الأكبر للصين على مستوى العالم العربي في مجال التجارة غير النفطية، في حين تعد الصين الشريك التجاري الأول للدولة، وتجاوز حجم التجارة غير النفطية بين البلدين في النصف الأول من العام الجاري 50 مليار دولار، فيما من المتوقع أن يتجاوز إجمالي التبادل التجاري مع نهاية العام 100 مليار دولار.

وقد بلغ حجم التجارة الخارجية غير النفطية لدولة الإمارات مع الصين خلال العام الماضي 296 مليار درهم، «نحو 81 مليار دولار» بنمو نسبته 4.2% مقارنة بالعام 2022، حيث حافظت الصين على موقعها كالشريك التجاري الأول لدولة الإمارات في تجارتها غير النفطية للعام 2023 مع استحواذها على ما نسبته 12% من تلك التجارة.ويشكل القطاع السياحي أحد المحاور الرئيسية في مجالات التعاون الاقتصادي بين البلدين، والذي يشهد نمواً مستمراً في مختلف الأنشطة المتعلقة بهذا القطاع الحيوي، حيث وصل إجمالي عدد السياح الصينيين في دولة الإمارات إلى قرابة 1.2 مليون سائح في العام 2023، كما وصل عدد الصينيين المتواجدين في دولة الإمارات نحو 350 ألفا، ويتم تنظيم أكثر من 210 رحلات طيران شهرياً بين البلدين عبر شركات الطيران الوطنية الإماراتية.

أخبار ذات صلة الجزيرة يضم 6 لاعبين من «مدارس السيتي» "الكونغرس العالمي".. "إعلام الإمارات" منصة تستعرض تطور الإعلام الوطني

وانضمت دولة الإمارات رسميًا إلى مجموعة «بريكس» بعد أن صادقت الدول الخمس المؤسسة على طلبها بالانضمام للمجموعة وهي، جمهورية البرازيل الاتحادية، وروسيا الاتحادية، وجمهورية الهند، وجمهورية الصين الشعبية، وجمهورية جنوب أفريقيا.

وجاء هذا الإعلان خلال اجتماع زعماء الدول الخمس خلال الفترة من 22 إلى 24 أغسطس 2023 في جوهانسبرغ لحضور القمة الـ 15 لـ«بريكس». وتلتزم دولة الإمارات بالعمل متعدد الأطراف والحوار البناء الذي يتم تعزيزه من خلال المنصات الفاعلة التي تمثل الاقتصادات النامية والناشئة على المستوى الدولي.. وفي هذا الصدد، فإن الانضمام إلى مجموعة «بريكس» يعكس حرص دولة الإمارات على التعددية في دعم السلام والتنمية لتحقيق رفاهية وازدهار الشعوب والأمم في جميع أنحاء العالم.

وتمضي العلاقات التاريخية والشراكة الإستراتيجية الشاملة والشراكة الاقتصادية الشاملة بين دولة الإمارات وجمهورية الصين الشعبية قدماً نحو المزيد من التطور والنماء في القطاعات كافة، دعماً للرؤى الاستراتيجية التنموية للبلدين الصديقين.

المصدر: وام

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: البنية التحتية الصين الإمارات دولة الإمارات الصین الشعبیة بین البلدین ملیار دولار غیر النفطیة

إقرأ أيضاً:

مصر والصين ترسمان مستقبل الاقتصاد.. شراكة صناعية استراتيجية تقود التنمية وتفتح أسواق التصدير

في ظل تحولات المشهد الاقتصادي العالمي، تواصل مصر ترسيخ موقعها كلاعب إقليمي فاعل من خلال شراكات استراتيجية مع قوى اقتصادية كبرى، وعلى رأسها الصين. وخلال مشاركتها في المنتدى الاقتصادي العالمي بمدينة تيانجين الصينية، أوضحت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي، أن العلاقات المصرية الصينية تجاوزت حدود التعاون التقليدي، لتتحول إلى نموذج متكامل من الشراكة المبنية على المصالح المشتركة والتنمية المستدامة.

استثمارات صينية تدعم الاقتصاد المصري

أكدت الوزيرة أن المنطقة الصناعية الصينية في مصر باتت تمثل نموذجًا حيًا لهذا التعاون، حيث تحتضن أكثر من 150 شركة صينية تعمل في مجالات متعددة، وتوفر أكثر من 10 آلاف فرصة عمل للمصريين. وهو ما يعكس ثقة الشركات الصينية في السوق المصري، ويُشير إلى مناخ استثماري جاذب تدعمه الحكومة المصرية بإصلاحات اقتصادية وتشريعية واسعة.

الحزام والطريق.. منصة مرنة للتنمية

جاءت تصريحات المشاط خلال مشاركتها في جلسة رفيعة المستوى بعنوان: "أين وصلت مبادرة الحزام والطريق في 2025؟"، ضمن فعاليات المنتدى الاقتصادي العالمي تحت شعار: "سياسات اقتصادية مرنة لمواكبة التغييرات العالمية"، بمشاركة أكثر من 90 دولة.

وأوضحت الوزيرة أن مبادرة الحزام والطريق التي أطلقتها الصين قبل أكثر من عشر سنوات، تمثل إطارًا تنمويًا مرنًا لا يفرض توجهات أو مشروعات بعينها على الدول، بل يتكامل مع الأولويات الوطنية لكل دولة على حدة. وفي حالة مصر، جاءت المشاريع المنفذة تحت مظلة المبادرة متسقة مع رؤية مصر 2030، خصوصًا في قطاعات النقل والطاقة المتجددة والموانئ.

دعم صيني للتمويل التنموي

لفتت الوزيرة إلى الدور المحوري الذي تلعبه وكالة التعاون الدولي الصينية (CIDCA) في دعم أجندة التنمية المصرية، كما أشارت إلى اتفاقيات التعاون بين الجانبين مثل اتفاقية تبادل الديون. كما شددت على أن التمويل التنموي منخفض التكلفة لعب دورًا رئيسيًا في دعم المشاريع الكبرى في مصر، لا سيما في مجالات النقل المستدام والطاقة النظيفة، حيث تم حشد موارد كبيرة من القطاع الخاص.

شراكة مبنية على المصالح المشتركة

أبرزت المشاط أهمية العلاقات المصرية الصينية، مشيرة إلى أن الزيارة التاريخية التي قام بها الرئيس الصيني إلى القاهرة عام 2014 كانت نقطة تحول مهمة، تبعها توقيع مذكرة تفاهم بشأن مبادرة الحزام والطريق، ما أرسى قواعد شراكة استراتيجية بين البلدين تشمل الاستثمارات المباشرة والتعاون الحكومي في التنمية.

وأكدت أن الصين لا تسعى إلى فرض نموذج واحد للتنمية، بل تتيح للدول حرية تصميم مشروعاتها بما يتماشى مع رؤاها الوطنية، ثم يتم إدماج هذه المشروعات ضمن الإطار الأوسع للمبادرة، وهو ما يمنح الدول النامية فرصة حقيقية للانطلاق دون قيود.

نحو تمويل تنموي أكثر استدامة

في سياق الحديث عن تحديات التمويل، أشارت المشاط إلى انعقاد مؤتمر تمويل التنمية في إشبيلية نهاية يونيو، الذي سيناقش مستقبل التمويل في الدول النامية، خصوصًا تقليل الاعتماد على الديون، وزيادة مشاركة القطاع الخاص في تمويل مشاريع التنمية. وشددت على أن تكاليف تنفيذ المشاريع الكبرى تظل من أكبر التحديات، ما يتطلب حلولًا تمويلية مبتكرة، مثل آليات "مبادلة الديون بالاستثمار أو التنمية".
رؤية اقتصادية متوازنة ومتكاملة

من جانبه، أوضح الدكتور هاني الشامي، عميد كلية إدارة الأعمال بجامعة المستقبل، أن الشراكة المصرية الصينية تمثل أحد أبرز تحولات السياسة الاقتصادية المصرية خلال السنوات الأخيرة. وأشار إلى أن هذه العلاقة تأتي في سياق توجه مصر نحو تنويع شركائها الدوليين وتعزيز قدرتها على جذب الاستثمارات المباشرة، خاصة تلك التي ترفع من الكفاءة الصناعية والإنتاجية.

استثمارات مباشرة ونقل للتكنولوجيا

يرى الشامي أن وجود هذا العدد من الشركات الصينية في مصر يعني تدفقات مالية بمليارات الدولارات، وهو ما يُخفف الضغط على الموازنة العامة للدولة.
كما شدد على أن التواجد الصناعي الصيني يشكل فرصة حقيقية لنقل التكنولوجيا والمعرفة إلى السوق المصري، في مجالات استراتيجية مثل، الإلكترونيات، صناعة السيارات، البتروكيماويات، وهي قطاعات تسعى مصر لتطويرها لتقليل الاعتماد على الاستيراد.

دعم استراتيجية "صنع في مصر"

أوضح الشامي أن التعاون مع الصين يدعم استراتيجية الدولة المصرية لتوطين الصناعة، خاصة من خلال مشروعات إنتاجية مشتركة داخل المناطق الصناعية، بما يعزز من نسبة المكون المحلي في المنتجات ويزيد فرص التصدير للأسواق الإقليمية والدولية.

نحو توازن عالمي وتنمية شاملة

اعتبر الشامي أن الشراكة مع الصين تمثل فرصة لمصر لتعيد التوازن في علاقاتها الدولية، خاصة على الصعيد الاقتصادي. فهي تمنح القاهرة بدائل تنموية وتمويلية بعيدًا عن الحلول التقليدية، وتفتح الباب أمام تحول مصر من مجرد سوق استهلاكي إلى مركز صناعي إقليمي قادر على المنافسة.

مشاريع كبرى تعزز البنية التحتية

كما أشار إلى أن الصين شاركت في تنفيذ مشاريع كبرى داخل مصر مثل العاصمة الإدارية الجديدة، برج الأيقونة، شبكة القطارات الكهربائية، وخطوط الطاقة والاتصالات.
وساهم هذا التعاون في تحديث البنية التحتية المصرية ورفع معدلات النمو، بما يتماشى مع رؤية مصر 2030 وأهداف التنمية المستدامة.
 

شراكة تتجاوز الأرقام

العلاقة بين مصر والصين لم تعد مجرد تبادل تجاري أو تعاون استثماري تقليدي، بل تحولت إلى شراكة استراتيجية شاملة تصب في مصلحة التنمية المستدامة للبلدين. في الوقت الذي تسعى فيه القاهرة إلى بناء اقتصاد قوي ومتنوع، تبدو بكين شريكًا مستعدًا لتقاسم الرؤية والمخاطر معًا.
وبينما تتسارع وتيرة التغيرات في الاقتصاد العالمي، يبدو أن مصر والصين تسيران معًا على طريق طويل نحو مستقبل أكثر استقرارًا وتكاملًا ونموًا.

طباعة شارك مصر الصين القاهرة البنية التحتية الاقتصاد المصري

مقالات مشابهة

  • الإمارات تشارك في اجتماع مجلس محافظي البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية
  • رئيس الدولة والرئيس العراقي يبحثان هاتفياً علاقات البلدين والتطورات الإقليمية
  • ولي عهد أبوظبي والرئيس البيلاروسي يبحثان سبل تعزيز العلاقات الثنائية
  • وزير الري: علاقات مصر وجيبوتي ترسخت عبر عقود طويلة من التعاون الأخوي
  • تعميق التعاون بين مصر والصين لدعم قطاع المشروعات المتوسطة والصغيرة
  • مصر والصين ترسمان مستقبل الاقتصاد.. شراكة صناعية استراتيجية تقود التنمية وتفتح أسواق التصدير
  • العراق وقطر تبحثان هاتفيًا تعزيز علاقات التعاون في المجالات ذات الاهتمام المشترك
  • علي وانغ ديغون: الطوابع جسر تاريخي بين الإمارات والصين (فيديو)
  • «الداخلية»: ضبط 12 ألف كيلوجرام من المخدرات العام الماضي
  • الإمارات والصين تبحثان التعاون في مجالات الصناعة والطاقة والبنية التحتية