تحليلات معهد واشنطن: قراءة متحيزة تتجاهل تعقيدات الساحة العراقية
تاريخ النشر: 28th, November 2024 GMT
28 نوفمبر، 2024
بغداد/المسلة: أفاد معهد “واشنطن” لسياسة الشرق الأدنى أن الفصائل العراقية قد قلصت بشكل ملحوظ، وربما أوقفت تماماً، هجماتها ضد إسرائيل منذ التهديد العلني الذي وجهته الأخيرة في 18 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري. التقرير أشار إلى أن هذا التراجع يعود إلى التهديدات الإسرائيلية بالقصف، غير أن وجهات نظر عراقية ترى أن هذا التحول يعكس سياسة التوازن التي يعتمدها العراق بعيداً عن الانجرار إلى المواجهة المباشرة.
ما أثار الانتباه في تحليل التقرير هو تفسير لاسباب انخفاض واضح في البيانات التي تتبنى العمليات ضد إسرائيل، مع تراجع عرض الصور المتعلقة بالطائرات المسيّرة، التي غالباً ما كانت تُستخدم للتأكيد على قدرة هذه الفصائل، حيث فسرها التقرير بانها ناجمة عن “خشية”.
لكن قادة في فصائل بارزة، مثل كتائب سيد الشهداء ومنظمة بدر وحركة النجباء، خرجوا بتصريحات تقلل من شأن التهديد الإسرائيلي، معتبرين أن إسرائيل “أصغر من أن تهدد العراق”.
وفي مقابلة نادرة، أشار أحمد محسن فرج الحميداوي، المعروف بـ”أبو حسين”، إلى أن “القرار النهائي يعود لإخواننا في حزب الله”. تصريح الحميداوي يعكس بعداً استراتيجياً يعتمده قادة الفصائل العراقية، حيث تُظهر هذه التصريحات أنها تتبع رؤية دقيقة ولا تتخذ خطوات عشوائية كما يصوّرها تقرير المعهد.
على الرغم من ذلك، خلص التقرير إلى أن ردود الفصائل كانت “لينة” وقد تكون مدفوعة بالخوف من التصعيد. ولكن مصادر عراقية أكدت لـ”المسلة” أن مواقف الفصائل تأتي ضمن إطار سياسات الدولة العراقية، التي لا تنجرف إلى الحرب بالطريقة التي قد تسعى إسرائيل لفرضها، بل تتبع أسلوباً يحدد فيه العراق قواعد اللعبة بما يخدم مصالحه الوطنية.
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
About Post Author زينSee author's posts
المصدر: المسلة
إقرأ أيضاً:
واشنطن تقود الإرهاب في الشرق
محمد بن سالم التوبي
الرئيس الأمريكي أو الرئيس رقم واحد في العالم وهي الحقيقة التي لا مناص من الاعتراف، بها لأنه الواقع المُرّ الذي يعيشه العالم وتعيشه البشرية سواءً، كان ترامب أو سابقوه ممّن جعلوا سيوفهم في رقاب الملايين من البشر الذين سفكت دمائهم منذ الحرب العالمية الأولى إلى يومنا هذا. وما زالت الآلة الأمريكية تفتك بالبشرية شرقًا وغربًا، ولنا في اليابان عبرةً وعظه؛ فقد قُتِل من جرّاء القنابل الذريّة ما يزيد عن (٣٠٠) ألف شخص إمّا بالموت المُباشر أو من خلال الأمراض الفتّاكة التي سبّبتها الإشعاعات
إن المُتتبّع للحروب الأمريكية منذ حرب الاستقلال إلى يومنا هذا يجد أنّها حروب عبثية مُقيته لم يكن الإنسان فيها ذا قيمة؛ سواء كان الإنسان جُندي أمريكي أم شعوب يُمَارَسْ ضِدَّها الاستعمار أو القتل من أجل القتل والتصفية. لقد خاضت الولايات المتحدة الأمريكية حروبها في الشرق والغرب من غير أسباب مُقنعة، وحتى حربهم على السُّكّان الأصليين من الهنود الحُمر الذين ما زالوا يعانون من التمييز في القرن الواحد والعشرين هي حرب تطهير عرقي .
لقد قتل الجيش الأمريكي من جنوده ما يزيد عن المليون جندي في حروب عبثية لا يمكن وصفها بالحروب التي تنادي بها أمريكا من أجل حُرّية الشعوب، أو من أجل الديموقراطية أو مكافحة الإرهاب؛ بل جُلّها حروب تتمحور حول الإمبريالية والسلطة والتوسع والنفوذ؛ فالعقيدة الأمريكية من أجل النفوذ يجب أن تشعل حروبا هنا وهناك حتى يتأتّى لها أن تمسك بقيادة العالم ليأتوا إليها صاغرين تتسابق إليهم الرقاب حتى إذا ما وجدت الفرصة للتخلص منها أقاموا عليها الحدّ وأتوا بقيادة جديدة تكون خاضعة منقادة مسلوبة الحرية والكرامة .
لقد عانى العالم من الحروب الأمريكية سواء في أمريكا اللاتينية أم في الشرق القريب أو البعيد كما هي الحرب في كوريا (١٩٥٠–١٩٥٧) التي أودت بحياة ما يزيد عن ٣٦ ألفًا من الجنود الأمريكان، وما يزيد عن مليوني إنسان من الكوريتين ومن الصينيين الذين دخلوا الحرب عندما وجدوا الأمريكان على حدودهم وهذه الحرب جرّت لاحقًا إلى الحرب في فيتنام (١٩٥٠-١٩٧٥) التي راح ضحيتها ما يقارب ٦٠ ألفًا من الجنود الأمريكان وأكثر من مليونين من الأبرياء الفيتناميين إلى أن تحررت وخسرت الولايات المتحدة الأمريكية الحرب وعادت منكسة الرأس، وما هو الداعي لهذه الحرب التي شنّتها واشنطن من أجل دحر الشيوعية وكانت النتيجة أن توحّد المعسكر الشمالي والجنوبي تحت حكم شيوعي .
الحرب في العراق كلّفت العراق أمنه واستقراره وتفكيكه؛ فبعد أن كان بلدًا ينعم بالاستقرار والوحدة تحوّل إلى وطن تحكمه الطائفية والقبلية والمذهبية التي مزّقته شر ممزق وكلّفت اقتصاده رقمًا فلكيًا لا يمكن أن يحصره مركز بحثي ولا حجم الدمار الذي تعاني منه العراق في الوقت الحالي أو مستقبلاً. لقد شردت الحرب ملايين من أبناء العراق وقتلت الجيوش ما يزيد عن مائتي ألف مدني وتسببت الحرب في فشل منظومة الخدمات وزيادة مستوى الفساد وانهيار البنى التحتية لكل العراق. كما أن ما زاد وعمّق المشاكل الاقتصادية هو ظهور ميليشيات مسلّحة وتفشّي الطائفية وانقسام المجتمع إلى سنّي وشيعي.
حصيلة الحرب في أفغانستان ونتائجها على مدى عشرون عامًا كانت وخيمة على الشعب الأفغاني؛ حيث قتل ما يزيد عن ٤٧ ألف مدني و٦٦ ألف قتيل من الجيش الأفغاني وما يقارب من ٦٥ ألف من حركة طالبان، والملايين من البشر الذين نزحوا داخل أفغانستان وخارجها، وفي نهاية المطاف حكم طالبان افغانستان وخرج الأمريكان من الحرب بخسائر تقدر بما يزيد من ٢ ترليون دولار ضاعفت من حجم الديون في الخزانة الأمريكية التي تعاني من أثر هذه الديون، وقد صُنّفت تلك الحرب كأطول الحروب على البشرية وقد استنزفت الكثير من الموارد المالية؛ مما أدّى إلى فقدان الثقة في قيادة الولايات المتحدة الأمريكية للتحالفات في الحروب
إن التدخلات التي قامت بها الولايات المتحدة الأمريكية في ليبيا وسوريا والسودان واليمن ومؤخرًا ضرباتها الأخيرة لإيران على إثر رد إيران المستحق على ما قامت به إسرائيل من هجوم مباغت عليها، وكذلك قيام واشنطن بوقوفها مع إسرائيل في حرب الإبادة في غزة ومدّها بالسّلاح والجنود والتكنولوجيا المتقدمة؛ كل ذلك يثبت جليًا إصرار الولايات المتحدة الأمريكية على جعل الشرق الأوسط منطقة غير مستقرة من أجل هيمنتها وحماية إسرائيل الدولة اللقيطة التي صنعها الغرب على حساب الفلسطينيين.