أحمد إبراهيم أبوشوك

(1)
يقول الدُّكتور التِّجاني الماحي (1911-1970)، الطِّيب اللَّه ثراه، أنَّه قد سمع عبارة جامعة-مانعةً من أحد المحاضرين بالإنجليزيَّة، مفادها أنَّ "الببليوغرافيَّة نصف المعرفة أو البحث" (Bibliography is half scholarship)، ولفرط إعجابه ببلاغة هذه الكلمات الثَّلاث عن أهمِّيَّة الببليوغرافيَّة لم يع أبو الطِّبِّ النَّفسيِّ في السُّودان وأفريقيا بعدها مفردات المحاضرة الَّتي كان جالسًا بين حضورها (المصدر: أحمد الصافي، كتاب الحكيم).

ولو شهد التِّجاني الماحي ما أنجزه البروفيسور قاسم عثمان نور في مجال العمل الببليوغرافيِّ عن السُّودان لرشحه لوسام ابن السُّودان البار؛ ولكنَّ شركة زين للهاتف السَّيَّار قد أوفت الكيل عندما اختارت قاسم عثمان نور شخصيَّة العام 2019 لجائزة الطَّيِّب صالح العالميَّة للإبداع الكتابيِّ.
وتدفعنا هذه التَّوطئة للسُّؤال عن خلفيَّة هذا "الورَّاق" الأكاديميَّة، ونوعيَّة المؤلَّفات الَّتي أصدرها عن الأدبيَّات الَّتي كُتبت عن السُّودان، أو الَّتي أصدرها كُتَّاب وأدباء سودانيُّون في مجالات تخصُّصاتهم المتنوِّعة.

(2)
قاسم عثمان نور: الوظيفة والكسب المعرفيُّ
وُلِدَ قاسم عثمان أحمد محمَّد نور بمدينة الكوَّة في ولاية النِّيل الأبيض عام 1938 في أسرة متوسطة الحال، ترجع جذورها إلى قرية حسينارتي عند منحنى النيل بالولاية الشَّماليَّة. وبعد أن أكمل تعليمه الثَّانوي، التحق في وظيفة مساعد مكتبة بمكتبة جامعة الخرطوم، وتدرَّج في سلَّم الوظيفة إلى أنَّ رُقِّي إلى درجة مساعد أمين مكتبة جامعة الخرطوم (1962-1982)، وخلال هذه المدَّة عمل بالعديد من المكتبات الفرعيَّة بالجامعة. وفي العام 1982 انتُدب للعمل بالمنظَّمة العربيَّة للتَّربية والثَّقافة والعلوم (الألكسو)، حيث شغل منصب رئيس قسم المكتبة والتَّوثيق والنَّشر بمعهد الخرطوم الدَّوليِّ للُّغة العربيَّة (1982-1997). وأثناء مدَّة عمله بمعهد الخرطوم الدَّوليِّ، حصل قاسم عثمان نور على درجة البكالوريوس في الوثائق والمكتبات في جامعة أمِّ درمان الإسلاميَّة (1982-1986)، ثمَّ درجة ماجستير الآداب في التَّاريخ بجامعة الخرطوم (1987-1988)، وأخيرًا، توَّج هذه المسيرة التَّعليميَّة بدكتوراه الفلسفة في التَّاريخ بجامعة الخرطوم (1989-1994)؛ بهذا التَّراكم المعرفيِّ والخبرات المكتبيَّة المكتسبة تمكَّن قاسم من تدريس مادَّة الوثائق والمكتبات في بعض الجامعات السُّودانيَّة، كما عمل عميدًا للمكتبات بجامعة جوبا (1998-2001)، الجامعة الَّتي منحته رتبة الأستاذيَّة في الوثائق والمكتبات عام 1998. وإلى جانب ذلك، كان عضوًا نشطًا في العديد الجمعيَّات والمؤسَّسات الأكاديميَّة والمهنيَّة في مجال الوثائق والمكتبات داخل السُّودان وخارجه.

(3)
قاسم عثمان نور الرَّجل الورَّاق (الببليوغرافيَّ)
أعدَّ الدُّكتور سامر إبراهيم باخت يس، الأستاذ المساعد بقسم المكتبات والمعلوم بجامعة الإمام المهدي، دراسةً متفرِّدةً عن "الإنتاج الفكريِّ للبروفيسور قاسم عثمان (1970-2014): دراسة ببليومتريَّة"، ناقش فيها إنتاجه العلميِّ، الَّذي بلغ آنذاك تسعة وثلاثين كتابًا وكرَّاسة في مساقات معرفيَّة مختلفة. وخلص يس إلى نتيجة مفادها أنَّ 39% من إنتاج قاسم العلمي قد خُصصت لمجال الأعمال الببليوغرافيَّة، الَّتي وفرت المادة المصدرية والمرجعية للباحثين السودانيين ورصفائهم من خارج السودان. ونعرض في هذا المبحث أهمَّ الأعمال الَّتي أصدرها قاسم عثمان في مجال العمل الببليوغرافيِّ.

1. الأرشيف والوثائق الإدارية والحكومية، (الخرطوم: مركز قاسم لخدمات المكتبات 2005).
2. الأصول العربية لمصادر ومراجع الحركة الوطنية السودانية، (الخرطوم: معهد الدراسات الأفريقية والآسيوية، 1995).
3. الأصول العربية والإفرنجية للدراسات السودانية، (الخرطوم: مجلس الأبحاث الاقتصادية والاجتماعية، 1982).
4. أوراق سودانية، 10 كتيبات عن مؤلفات ومخطوطات وإنتاج أدبي لشخصيات سودانية.
5. ببليوغرافيا الإسلام في السودان: الجزء الأول، (الخرطوم: وزارة الثقافة بالتعاون مع مركز قاسم لخدمات المكتبات 2005).
6. "ببليوغرافيا الإسلام في السودان، بحث قدم للمؤتمر الذكر والذاكرين، الخرطوم: وزارة الشئون الاجتماعية، (1995).
7. "ببليوغرافيا الإمام عبد الرحمن المهدي"، المؤتمر العلمي للذكري المئوية لميلاد الإمام عبد الرحمن المهدي. أمدرمان: جامعة الأحفاد للبنات (1997).
8. "ببليوغرافيا التصوف في السودان"، مؤتمر التصوف في السودان المنعقد بجامعة الخرطوم بالاشتراك مع جامعة بيرجن (النرويج) وشعبة الاجتماع بجامعة الخرطوم (1996).
9. ببليوغرافيا التعريب في الوطن العربي بمكتبة معهد الخرطوم الدولي للغة العربية، (الخرطوم – معهد الخرطوم الدولي للغة العربية 1984م).
10. ببليوغرافيا التعليم في السودان 1900–1985م (الجزء الأول)، (الخرطوم: وزارة الثقافة بالتعاون مع مركز قاسم لخدمات المكتبات 2005).
11. ببليوغرافيا الدراسات العليا (لدرجة الدبلوم العالي والماجستير بمعهد الخرطوم الدولي للغة العربية، المجلة العربية للدراسات اللغوية، (أغسطس 1988).
12. الببليوغرافيا السودانية في قرن (1885-1985)، (الخرطوم: مركز قاسم بالتعاون مع وزارة الثقافة، 2005.
13. الببليوغرافيا السودانية في قرن 1885–1985م، (بحث قدم لمؤتمر الدراسات الأفريقية والآسيوية، 1988).
14. "ببليوغرافيا الطيب صالح: الروائي السوداني"، في: الطيب صالح: دراسات نقدية ـ تحرير حسن أبشر الطيب، (بيروت: مؤسسة الريس، 2001).
15. ببليوغرافيا اللغة العربية في السودان: الجزء الأول، (الخرطوم: وزارة الثقافة بالتعاون مع مركز قاسم لخدمات المكتبات 2005).
16. ببليوغرافيا اللغة العربية في السودان، (الخرطوم: معهد الخرطوم الدولي للغة العربية 1984).
17. ببليوغرافيا المرأة السودانية (1900–1985م)، (الخرطوم: وزارة الرعاية الاجتماعية، 1988).
18. ببليوغرافيا المرأة السودانية، (الخرطوم: وزارة الثقافة بالتعاون مع مركز قاسم لخدمات المكتبات 2005).
19. ببليوغرافيا المهدية وأمدرمان، (الخرطوم: دار الوثائق القومية، وجامعة أمدرمان الإسلامية، 1986).
20. ببليوغرافيا تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها (ج1– 2)، المجلة العربية للدراسات اللغوية، عدد 13، (1987).
21. ببليوغرافيا رسائل الدراسات العليا (الدبلوم والماجستير) في تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها 1976– 1984م، (الخرطوم: معهد الخرطوم الدولي للغة العربية، 1985).
22. التكشيف والاستخلاص: كتاب منهجي لأقسام المكتبات والمعلومات بالجامعات السودانية، (الخرطوم: جامعة جوبا، 2001م).
23. دليل الدوريات السودانية 1900–1998م (الخرطوم: المجلس القومي للصحافة والمطبوعات 1999).
24. دليل القصة السودانية، 1930–1973، (الخرطوم: المجلس القومي لرعاية الآداب والفنون، 1975).
25. الفهرس المصنف لمجموعة السودان بجامعة الخرطوم (بالاشتراك)، (الخرطوم: جامعة الخرطوم ـ 1980).
26. قل هذا سبيلي: مجموعة مقالات لعرفات محمد عبد الله، (جمع وتقديم)، (القاهرة: مركز الدراسات السودانية 1999).
27. محمد المهدي المجذوب: دراسة ببليومترية، (الخرطوم: وزارة الثقافة بالتعاون مع مركز قاسم لخدمات المكتبات 2005.
28. مصادر الدراسات السودانية (الكتاب الرابع)، (الخرطوم: وزارة الثقافة بالتعاون مع مركز قاسم لخدمات المكتبات 2005).
29. مصادر الدراسات السودانية بالمجلات والدوريات السودانية 1931–1967، (الخرطوم: قسم التأليف والنشر جامعة الخرطوم، 1972).
30. مصادر الدراسات السودانية بالمجلات والدوريات السودانية: الكتاب الثالث، (1975 –1979، (الخرطوم: مجلس الأبحاث الاقتصادية والاجتماعية، المجلس القومي للبحوث، 1982).
31. مصادر الدراسات السودانية بالمجلات والدوريات السودانية، الكتاب الثاني، 1968-1974، (الخرطوم: مصلحة الثقافة، 1977).
32. المؤتمرات العلمية في السودان: ثبت ببليوغرافي، (الخرطوم: مركز التوثيق القومي، المجلس القومي للبحوث، 1984).

(4)
خاتمة
رحم اللَّه قاسم عثمان نور، فقد كان شخصيَّةً غزيرة الإنتاج في مجال الدِّراسات الببليوغرافيَّة والتَّأريخيَّة وسير الأعلام، عمل في صمت دون جلبةٍ ولا ضوضاءٍ، وخلَّف أثرًا أكاديميًا جديرًا بالاعتناء والتَّدبُّر؛ ولذلك اختارته شركة زين للهاتف السَّيَّار الشَّخصيَّة الثَّقافيَّة للدَّورة التَّاسعة (2019) لجائزة الطَّيِّب صالح العالميَّة في الإبداع الكتابيِّ، وكذلك كرَّمته الأمانة العامَّة لجامعة الدُّول العربيَّة والفرع الإقليميِّ العربيِّ للمجلس الدَّوليِّ للأرشيف في الاحتفال بيوم الوثيقة العربيَّة للعام 2019، الَّذي أقيم بمقرِّ جامعة الدُّول العربيَّة بالقاهرة في يوم 11 نوفمبر 2019، وبعد عام وأيَّام معدودات من تاريخ ذلك التَّكريم توفِّي الوراقي قاسم عثمان نور في 26 نوفمبر 2020. والآن مرَّت إلى تاريخ رحيله الأبديِّ أربع سنوات عجاف، والسُّودان يعيش في حالة أزمة كارثيَّة، أفرزتها حرب الخامس عشر من أبريل 2023، الَّتي استهدفت قطاعًا واسعًا من المواطنين السُّودانيِّين العزل في أموالهم وأعراضهم وأنفسهم، كما دمَّرت طرفًا من تراث أهل السُّودان المكتوب وإرثهم الثَّقافيِّ. وثالثة التحديات أنَّه يصعب أن نجد أمثال البروفيسور قاسم عثمان نور، والبروفيسور محمَّد إبراهيم أبو سليم، والبروفيسور عون الشَّريف قاسم، البروفيسور محمد سعيد القدَّال، والبروفيسور عبد الرحمن النصري، والأستاذ الطَّيِّب محمَّد الطَّيِّب، الَّذين خدموا تراث أهل السُّودان بتفانٍ ونكران ذات في مجال العلوم الإنسانيَّة والاجتماعيَّة؛ لكن لا يمنعنا هذا الواقع المحبط بأن نتطلَّع إلى جهود الفضلاء والفاضلات لإيقاف هذه الحرب اللَّعينة، والنظر في كيفية إعادة إعمار السُّودان، وبناء سودان جديد، ترفرف في ربوعه رايات الدِّيمقراطيَّة والحرِّيَّة، ويحلم أبناؤه وبناته الشُّرفاء بغدٍ مشرقٍ ويلامس أطراف أحلامها النَّبيلة.

[email protected]

   

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: بجامعة الخرطوم المجلس القومی اللغة العربیة جامعة الخرطوم فی السودان فی مجال ب صالح فی الس

إقرأ أيضاً:

إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية

إلى فضل الله بُرمة ناصر أنصاري الطريقة المهدية، إلى محمد حمدان دقلو حوار الطريقة التيجانية، وإلى ابراهيم الميرغني تلميذ الطريقة الختمية وعبر هذه الطرق الموسومة بالاسلام فقد وجدتم بها طريقا إلى قلوب العامة، وكراسي الخواص، وأموال الفقراء التابعين.

وبما أنكم بصمتم بالعشرة في دستوركم العقيم تلك العلمانية التي تفصل الدين عن الدولة وتستبعد الشريعة وتقصي تعاليم التوحيد وسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، فإني أدعوكم أن تراسلوا هيئة علماء الطريقة التيجانية بالمغرب وغرب افريقيا وأن تراسلوا الأزهر الشريف وهيئة علماء المسلمين، وعلماء النجف الشريف، وعلماء المملكة العربية السعودية الرابضين بالكعبة والمرابطين بالمدينة المنورة، وهيئة علماء السودان وهيئة علماء الشام والقدس الشريف، وهيئة علماء الهند وباكستان، وهيئة علماء تركيا، والصادقين من علماء الجاليات الاسلامية في كل القارات. فإن شهدت لكم أي هيئة من هذه أو عالم أو مجتهد أو فقيه بأن العلمانية أفضل من الدين وأقدس من الإسلام وأطهر من الشريعة، فإننا ندعو أهل السودان قاطبة أن يؤيدوا حكومة نيالا الحبيسة التي يفتي في أمرها نصر الدين مريسة، وعلاء الدين كديسة وفارس كنيسة.

وإن أنكرت عليكم كل هذه الهيئات والعلماء من الظاهرين والأتقياء الأخفياء فإننا ندعوكم أن تغتسلوا سبع مرات وثامنها بالتراب، وإلا فإن حد الردة يطاردكم، إلا اذا أعلنتم الكفر البواح أو وجد لكم نبي الرسالة الثالثة النور حمد فتوى تقيكم مذبلة الخيانة وهزيمة الدنيا وجحيم جهنم والعياذ بالله.

قال تعالى (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ)
وقال تعالى (ثُمَّ أَنتُمْ هَٰؤُلَاءِ تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقًا مِّنكُم مِّن دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِم بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَإِن يَأْتُوكُمْ أُسَارَىٰ تُفَادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْرَاجُهُمْ ۚ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ ۚ فَمَا جَزَاءُ مَن يَفْعَلُ ذَٰلِكَ مِنكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ إِلَىٰ أَشَدِّ الْعَذَابِ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ)
وقال تعالى ( فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) صدق الله العظيم

حسين خوجلي

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • علماء يكشفون حقيقة مرض بطانة الرحم المهاجرة
  • الشرطة السودانية.. آليات جديدة لتعزيز العمل الأمني وبسط هيبة الدولة
  • سلسة قوافل محو الأمية لجامعة دمنهور: امتحانات فورية وأجواء حماسية بقرى مركز بدر
  • النصر يوقع اتفاقية شراكة مع جامعة الملك سعود لإنشاء مركز تدريبي
  • عرقاب يستقبل البروفيسور ليلى شنتوف
  • زيادة المعاشات والإعانات أبرزها.. عمومية المهن الطبية تناقش 14بندا
  • جامعة أسيوط تشهد اجتماع مجلس إدارة مركز التعليم الإلكتروني بوحدته ذات الطابع الخاص
  • رشا عبد العال تعلن آخر موعد لتقديم التسويات المعدلة لضريبة المرتبات من 2020 حتى 2024
  • إلى بُرمة المهدية ودقلو التيجانية وابراهيم الختمية
  • إبراهيم عثمان يكتب: اللدغات القاتلة!