وفي جديد هذه التأكيدات نشر موقع "بيزنس إنسايدر" الأمريكي، السبت، تقريرًا أكّـد فيه أن "معركة الجيش الأمريكي مع الحوثيين وصلت إلى طريق مسدود خطير" بحسب تعبيره، مُشيرًا إلى أن "عامًا من القتال المكثّـف" لم يقرِّب الولايات المتحدة من إنهاء "التهديد" الذي يشكِّلُه اليمن.

ونقل الموقع عن المبعوث الأمريكي إلى اليمنِ، تيموثي ليندركينغ قوله: "نحن لا نبحثُ عن حَـلٍّ عسكري في اليمن في هذا الوقت بالذات" في اعتراف واضح بانسداد أفق العدوان العسكري ضد اليمن، وإدراك استحالة تحقيق أية أهداف من خلاله، وهو ما عزَّزه التقريرُ من خلال التذكير بتصريحات أدلى بها قائد القوات البحرية الأمريكية في الشرق الأوسط وقائد الأسطول الخامس، جورج ويكوف في أغسطُس الماضي، وقال فيها: إن "العملَ العسكري وحده لن يكون كافيًا لوقف الحوثيين" وإن "الحل لن يأتيَ عن طريق الأسلحة".

وفي ظل هذا الوضع، أكّـد التقرير أن "الجيش الأمريكي يقاتِلُ دون طريق واضح إلى النصر".

وأضاف: "برغم أن وزارة الدفاع الأمريكية قالت إن جهودها تهدفُ إلى إضعاف قدرات الحوثيين، لكنهم ما زالوا يحتفظون بالقدرة على استهداف السفن، وفي هذا الشهر وحدَه، على سبيل المثال، شنوا هجمات على سفينة تجارية وعدة مدمّـرات أمريكية".

 ونقل الموقع عن الجنرال المتقاعد جوزيف فوتيل، الذي كان يشغلُ منصبَ قائد القيادة المركزية الأمريكية سابقًا، قوله إن: "التهديد لا يزال قائمًا، ولا يبدو أن هناك ما يخفِّفُه".

وَأَضَـافَ فوتيل أن "العمليات العسكرية الأمريكية ركَّزت على مهاجمة مواقع الإطلاق والإنتاج والتخزين، وربما بعض مواقع القيادة والسيطرة، لكن لا يبدو أن أيًّا من ذلك يردعُ الحوثيين على الإطلاق".

ويرد هذا التصريح بوضوح على المغالطات التي تذهبُ إليها بعضُ مراكز الدراسات الأمريكية حول حاجة الولايات المتحدة إلى تبنِّي نهجٍ هجوميٍّ ضد اليمن؛ باعتبَار أن الحملة الحالية "دفاعية فقط"، فالاقتراحات التي تقدمها هذه المراكز بشأن النهج الهجومي لا تختلف عن طبيعة العلميات التي ذكر "فوتيل" أنه يتم تنفيذها الآن، وهو أَيْـضًا ما تؤكّـده تصريحات "ليندركينغ" و"ويكوف" حول استعصاء الحل العسكري؛ الأمر الذي يعني بوضوح أن المشكلة ليست في شدة ووتيرة العمليات العسكرية بل في انسداد أفق هذا المسار بالكامل وعدم قدرة الأدوات والتكتيكات المتاحة على تحقيق أي إنجاز.

وعلى ضوء ذلك، قال تقرير (بيزنس إنسايدر) إنه "في غياب أية نهاية واضحة في الأفق، فَــإنَّ الصراع يثير مخاوفَ حقيقية بشأن الاستدامة، فعلى مدار العام الماضي، أطلقت البحرية مئات الذخائرِ في عملياتها في الشرق الأوسط، بتكلفة تجاوزت 1.8 مليار دولار، واستنزفت وزارة الدفاع الكثير من الصواريخ الرئيسية التي كلفت الكثير من المال".

ونقل التقرير عن "فوتيل" الذي أصبح محلِّلًا في مجال الأمن القومي بمعهد الشرق الأوسط للأبحاث، قوله: "إن الولايات المتحدة تستطيعُ الاستمرارَ في إرسال السفن الحربية إلى القتال، لكن الصراع يؤثر على أولويات أُخرى ضمن استراتيجية الأمن القومي للبنتاغون، مثل القدرات العسكرية المتنامية للصين".

وفي مقابل التأكيدات الأمريكية على ضرورة الاستمرار بالعمل لوقف العمليات اليمنية، اختتم التقرير بالقول إنه "في الوقت الراهن، ليس من الواضح ما الذي سيجعلُ ذلك يتوقف".

وتجدر الإشارة إلى أن الجنرال المتقاعد جوزيف فوتيل، هو ثاني قائد سابقٍ للقيادة المركزية الأمريكية يصرِّحُ بفشل الولايات المتحدة في وقف العمليات اليمنية المساندة لغزة، وانسداد أفق العمل العسكري ضد اليمن، ففي وقت سابق نقل موقع "ميدل إيست آي" البريطاني عن القائد السابق فرانك ماكنزي قوله: إن اليمنيين انتصروا وأصبحوا يسيطرون على باب المندب "وعاجلًا أم آجلًا سيحالفهم الحظ بقتلِ الجنود الأمريكيين" حسب تعبيره؛ وهو ما يعني أن الهزيمة الأمريكية أصبحت واقعًا واضحًا في نظر كُـلّ القيادات السابقة والحالية وفقًا للمعايير والوقائع العسكرية والميدانية التي لا يمكن الالتفافُ عليها، وأن محاولة التغطية على ذلك من خلال العناوين الأُخرى ليس لها أية قيمة.

المسيرة

المصدر: ٢٦ سبتمبر نت

كلمات دلالية: الولایات المتحدة

إقرأ أيضاً:

الاتفاق الذي انقلب على صاحبه، كيف تحولت مبادرة الجيش لأداة ضده

بعد أحداث الخامس والعشرين من أكتوبر، وبعد استقالة حمدوك من رئاسة الوزراء، سعى الجيش السوداني لإزالة الاحتقان السياسي وفتح قنوات تواصل مع قوى الحرية والتغيير. تمخضت هذه الاجتماعات عن تكوين لجنة للتفاوض بين الجيش وقوى الحرية والتغيير..
كان الغرض الأساسي من تلك اللجنة هو التمهيد للوصول إلى اتفاق شامل بأفق وظروف جديدة متجاوزة لفترة حكم اتفاق كورنثيا، فضلاً عن توسيع دائرة المشاركة والاتفاق على صيغة جديدة تعالج الإخفاقات التي وقعت في الفترة الانتقالية وتمهد لفترة انتقالية جديدة تقود إلى الانتخابات. كان من وجهة نظر الجيش أن الوصول لتسوية شاملة يزيل مخاوف القوى السياسية التي رأت في أحداث أكتوبر انقلاب سيفرض مسار شمولي تكون فيه السيطرة للجيش..

ومن ناحية أخرى أراد الجيش أن يرسل رسالة للخارج بأنه ملتزم بعملية سياسية تقود لحكومة مدنية، بعيداً عن مخاوف عودة الإسلاميين. ومن هنا بدأ التواصل مع قحت وبدأ ما يسمى بالاتفاق الإطاري. وحتى لا تتفاجأ، فالجيش هو من مهد له، بعيداً عن الدعم الصريع، ولكن ليس بصيغته النهائية المعروفة..
إذا ماذا حدث، ولماذا الجيش الذي نادى باتفاق مع قحت رفضه في النهاية؟

ببساطة لأن ما حدث هو أن قوى الحرية والتغيير استفادت من دعوة الجيش لها، وقامت بتطوير الاتفاق والاتفاق مع الدعم الصريع على توظيف دعوة الاتفاق لتكون خصما على الجيش، وكل ذلك برعاية من دول إقليمية أرادت أن تضع الجيش في زاوية ضيقة، خصوصاً وهو من دعا للاتفاق. فقام الدعم الصريع بسرقة المبادرة وتطويعها لإقصاء الطرف المبادر وهو الجيش. بمعنى أن قوى الحرية والتغيير استحوذت على مبادرة الجيش وبنت تحالفاً انقلابياً على الطرف المبادر، وقدمت له اتفاقاً خصماً عليه..

فالجيش الذي نادى بالاتفاق وجد نفسه في اتفاق ينتقص منه ويجرده من صلاحياته لصالح قوى مدنية متحالفة مع الدعم الصريع. ذهب الجيش للاتفاق الإطاري البديل، ووجد نفسه مجددا مضطرا للمضي فيه بضغط خارجي، وتكشفت له أجندة جديدة وألغام مزروعة، كلما تخطى واحدة وجد نفسه أمام مشكلات كثيرة..

تورط الجيش بدخوله في اتفاق دعا له هو، وتحول إلى عبء عليه. بعد مدة اكتشفت استخبارات الجيش أن هنالك لجنة تنسيق سرية بين قوى الحرية والتغيير والدعم الصريع برعاية دول عربية، هدفها الأساسي توحيد الرؤى والأهداف قبل بداية اللجان المشكلة..
فما كان يظنه الجيش موقف خاص للدعم، ما كان إلا جزءا من تبادل أدوار بينه وبين وقوى الحرية والتغيير..

وبعدما تم كشف تلك اللجان السرية واتخاذ الجيش موقف رافض لبعض بنود الاتفاق، ودعا لمعالجة بعض القضايا قبل الذهاب لاتفاق مع قوى متحالفة ضده، لم يعد أمام قوى الحرية والتغيير والدعم الصريع إلا الانقلاب..

فبالمعطيات التي حصل عليها الجيش من تلك اللجان، لم يكن أمامهم سوى التحرك لحماية مستقبلهم، لكونهم تورطوا في مؤامرة استهدفت الدولة وجيشها. قام الانقلاب وفشل، وتبخرت أحلام الدعم وحلفائه.

الآن تحاول نفس القوى الإقليمية إعادة نفس مشاريعها لجر الجيش لتبني مبادرة للحل، ليعاد توظيف هذه المبادرة لتكون خصماً على الجيش كما حدث من قبل وتوجيه دعوات الحل لمصلحة أطراف أخرى..

لسنا محتاجين لتذكير الجيش بأخطائه، ولكن ما نطلبه منه هو بناء رؤية واضحة للحل، بعيداً عن سياسة اللا رؤية والفوضى التي انتهجها في السنين السابقة. وأول خطوات هذه الرؤية هي محاسبة الذين تآمروا عليه، واتخاذ موقف واضح منهم واجتثاثهم، حتى لا يأتي يوم ونرى الجيش يستجدي خصومه ليشركوه في الحل ويشركوه في التشاور.
حسبو البيلي
#السودان

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • عاجل. الجيش الإسرائيلي يُعلن تفاصيل أنشطته العسكرية في لبنان.. ومصادر رويترز: حزب الله يرفض تسليم سلاحه
  • الجيش الإسرائيلي: اعتراض صاروخ أطلق من اليمن (فيديو)
  • قافلة المساعدات الرابعة في طريقها إلى السويداء عن طريق معبر بصرى الشام الإنساني بريف درعا
  • الاتفاق الذي انقلب على صاحبه، كيف تحولت مبادرة الجيش لأداة ضده
  • القوات اليمنية: قررنا تصعيد العمليات العسكرية في ظل استمرار الإبادة بغزة
  • جنرال أمريكي: هجمات الحوثيين في البحر الأحمر ساهمت في تطوير التكتيكات العسكرية الأمريكية
  • تعليق العمليات العسكرية في مدينة غزة ودير البلح ومنطقة المواصي
  • الجيش الليبي يفتح باب القبول للدراسة العسكرية في الخارج
  • الجيش الإسرائيلي يعلق العمليات العسكرية في 3 مناطق بقطاع غزة
  • الجيش الإسرائيلي يعلن تعليق الأعمال العسكرية بمناطق محددة في غزة