بعد عامين من استيلاء طالبان على الحكم في أفغانستان، بدأت الولايات المتحدة تسهيل القوانين التي تسمح للطائرات التجارية بالتحليق فوق الدولة في مسارات جوية من شأنها تقليص مدة الرحلات وتخفيف الوقود المستهلك للسفر بين الشرق والغرب. 

لكن تلك المسارات الجوية الأقصر للهند وجنوب شرقي آسيا أثارت تساؤلات لم تلق إجابات خلال الحكم السابق لطالبان، والذي امتد منذ التسعينيات وحتى الأشهر التي تلت هجمات الحادي عشر من سبتمبر عام 2011.

 

وبحسب وكالة أسوشيتد برس تتضمن بعض التساؤلات التالي: كيف يمكن التعامل مع طالبان التي حظرت تعليم النساء ومشاركتهن في قطاع العمل، وهي منخرطة في سلوكيات وصفتها الأمم المتحدة وخبراء بـ "الفصل الجنسي"، أي يشبه ما كان يطبق في بعض الدول في ما يخص التمييز العنصري؟ وهل يمكن للخطوط الجوية أن تدير مخاطر التحليق في أجواء غير خاضعة للإدارة تتبع دولة تحوي قرابة 4500 مدفعية محمولة مضادة للطائرات؟ وماذا يحصل في حال وقوع أي طارئ يستدعي الهبوط الاضطراري؟ 

ومن قد يرغب بالتحليق فوق دولة كتلك؟ منظمة تابعة للسفر الجوي "OPSGrooup" أجابت مؤخرا عن هذا السؤال قائلا: "لا أحد!". 

وقالت المنظمة في في تقرير استشاري: "لا توجد ATC (أي خدمة لمراقبة الحركة الجوية) في جميع أنحاء البلاد، هناك على ما يبدو قائمة لا حصر لها من أسلحة سطح - جو التي قد يبدأون في إطلاق النار عليك منها، إذا حلقت على ارتفاع منخفض جدا، وإذا كان عليك تغيير مسار الطريق، بالتالي نتمنى لك حظا سعيدا مع طالبان".

ومع ذلك، فإن إمكانية مواصلة الرحلات الجوية من شأنه أن يؤثر بشكل كبير على القطاع الجوي، عبر الوكالة. 

ورغم أنها لا تطل على أي سواحل، إلا أن موقع أفغانستان في وسط آسيا يعني أنها تتمركز في أكثر الخطوط المباشرة للراغبين بالسفر من الهند إلى أوروبا وأميركا. 

وبعد عودة طالبان للحكم في 15 أغسطس عام 2021، توقفت حركة الطيران المدني مع توقف خدمات الإدارة الجوية. وازدادت مخاوف بشأن استخدام الأسلحة المضادة للطائرات بعد إسقاط الرحلة 17 التابعة للخطوط الجوية الماليزية فوق الأجواء الأوكرانية عام 2014. 

طالبان منعت النساء من العمل والتعلم

ومنذ ذلك الحين، تعمد خطوط الطيران بشكل واسع إلى تجنب التحليق فوق الأجواء الأفغانية، وتسارع الرحلات الجوية في التحليق عبر ممر واخان بالأجواء الأفغانية لبضع دقائق، وهو ممر ضيق يفصل شرقي البلاد عن طاجكستان وباكستان، قبل أن تكمل مسارها.  

إلا أن الوكالة أشارت إلى أن تلك التحويلات تضيف مزيدا من الوقت إلى مسار الرحلات الجوية، ما يعني استهلاك الطائرات مزيدا من الوقود، والذي قد يضيف أسعارا باهظة لشركات الطيران. لذلك لفت قرار أخير أصدرته إدارة الطيران الفيدرالية الأميركية يخص تحليق الرحلات على ارتفاع 9750 مترا، إذ ذكرت أنه يمكن "السماح لمواصلة التحليق بالنظر إلى المخاطر الضئيلة المترتبة على عمليات الطيران المدني الأميركية في تلك الارتفاعات".  

وأحالت الإدارة الفيدرالية، المتخصصة بضبط القوانين المتعلقة بالخطوط الأميركية، أي أسئلة تخص الأسباب وراء القرار إلى وزارة الخارجية الأميركية. 

ولم تستجب الخارجية الأميركية لطلب أسوشيتد برس بالتعليق، إلا أن بعثة من الوزارة التقت مرات عدة بمسؤولين من طالبان منذ انسحاب القوات الأميركية وحلف شمال الأطلسي من أفغانستان. 

كما لم يستجب المسؤولون من طالبان على طلبات الوكالة المتكررة للتعليق على القرار الأميركي.  

ونوهت الوكالة إلى أنه لا يبدو أن هناك أي خطوط، عدا الأفغانية والإيرانية، مستعدة للتحليق فوق أفغانستان، وذكرت أن جزءا من ذلك عود إلى المخاطر من استخدام المليشيات أسلحتها، إذ قامت وكالة الاستخبارات المركزية بتزويد المقاتلين بالأسلحة لمواجهة الاتحاد السوفيتي في الثمانينيات، ومن الأرجح أن أفغانستان لا تزال تحوي أسلحة "KS-19" السوفيتية المضادة للطائرات، بحسب ما ذكره، ديلان ليرك، المحلل في شركة الاستخبارات "Janes"، في حديثة مع الوكالة.

من جهتها، تقول إدارة الطيران الفيدرالية إنها تقدر أن الطائرات التي تحلق على ارتفاع  9750 مترا ستظل آمنة من تلك الأسلحة، حتى ولو أطلقت من على قمم الجبال. 

وتسيّر خطوط "يونايتد" رحلات مباشرة إلى نيودلهي من مدينة نيوارك في ولاية نيوجيرسي، وتستعين بممر واخان، وهي من ضمن الرحلات التي يمكن اختصار مدتها بالقرار الجديد. 

وقال متحدث باسم خطوط "يونايتد". جوش فريد، لأسوشيتد برس: "توافقا مع القواعد الحالية لإدارة الطيران الفيدرالية تسيّر يونايتد رحلات من نيوارك لنيودلهي فوق جزء صغير من أفغانستان حيث توفر دول أخرى خدمات إدارة النقل الجوي". 

كما تسّير "فيرجين أتلانتيك" رحلات عبر الممر ذاته لنيودلهي، أما المملكة المتحدة فلم تغير أيا من إرشاداتها التي تؤكد فيها للرحلات الجوية ضرورة الابتعاد عن قرابة كافة الأجواء الأفغانية، وقالت "فيرجين أتلانتيك إنها تجري "تقييمات تجارية وديناميكية لمسارات الرحلات بناء على التقارير الخاصة بالمعطيات الحديثة وتتبع الإرشادات الصارمة التي ترسمها المملكة المتحدة". 

انتشار الأسلحة في البلاد يثير مخاوف لدى شركات الطيران بالتحليق في الأجواء الأفغانية

وتلجأ كل من خطوط "أميركان" و"إنديا" لممر واخان، ولم تستجب أي منهما لطلب أسوشيتد برس التعليق. 

ورغم أنه يبدو أن خطوط الطيران لا تكترث للتحليق في الأجواء الأفغانية حاليا، إلا أنها كانت تستخدمها بكثافة في السابق، وأشار تقرير من منظمة الطيران المدني الدولية إلى أن نسبة الطيران كانت شبه معدومة في الأجواء الأفغانية، سنة 2002، لتزداد بشكل ملحوظ وتصل إلى 100 ألف رحلة جوية سنوية خلال 12 عاما بعدها.

وقبل عودة الحركة للحكم، كانت الحكومة الأفغانية تطالب بـ 700 دولار للرحلة الواحدة مقابل التحليق في أجوائها، وهو مبلغ يمكن أن يدعم البلاد الغارقة في أزمة اقتصادية عميقة. 

وهناك سوابق تخص تجميد المبالغ المحصلة من التحليق الجوي، إذ أعلنت السلطات الأفغانية تخليص 20 مليون دولار من الأموال المجمدة والتي تم تحصيلها من النقل الجوي عقب السيطرة الأميركية على البلاد، عام 2001. 

ووفقا لرواية طالبان الحالية، فإن الحركة بدأت أصلا بالاستفادة من الملاحة الجوية، إذ نقلت قناة "تولو" الأفغانية الخاصة، عن المتحدث باسم وزارة النقل والملاحة الجوية، عمادالدين أحمدي، أن أفغانستان حصّلت أكثر من 8.4 ملايين دولار من المرور الجوي خلال الأشهر الأربعة الأخيرة. 

وقال أحمدي: "أي رحلة تعبر المجال الجوي الأفغاني عليها أن تدفع 700 دولار.. ومع تزايد الرحلات تستفيد أفغانستان". 

كما ذكرت الوزارة إنها تلقت مالا من الهيئة الدولية للنقل الجوي، وهي اتحاد تجاري للخطوط الجوية حول العالم، إلا أن الهيئة قالت لأسوشيتد برس في بيان إن عقدها مع أفغانستان لتحصيل مبالغ مقابل المرور الجوي "قد تم تعليقه منذ سبتمبر عام 2001" تواكبا مع العقوبات الدولية على طالبان. 

وأكدت الهيئة أنه "لم تكن هناك أي مدفوعات منذ ذلك التاريخ". 

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: التحلیق فوق إلا أن

إقرأ أيضاً:

تركيا تطلق أول محطة رياح في أفغانستان باستثمار 65 مليون دولار

تركيا ـ وضعت شركة “77 للإنشاءات” İnşaat 77  التركية حجر الأساس لمحطة طاقة رياح بقدرة 200 ميغاواط في مدينة هرات الأفغانية، باستثمار أولي يبلغ 65 مليون دولار. وتُعد هذه المحطة الأولى من نوعها التي تستخدم تكنولوجيا توربينات الرياح بهندسة تركية في أفغانستان.

اقرأ أيضا

تركيا تكسر حاجز 3 تريليونات ليرة في محفظة الأسهم.. وإسطنبول…

السبت 07 يونيو 2025

إطلاق المرحلة الأولى بقدرة 43.2 ميغاواط

أُعلن خلال الحفل أن المشروع سيُنفّذ على مراحل، تبدأ بطاقة إنتاجية قدرها 43.2 ميغاواط ضمن المرحلة الأولى. وستسهم هذه المحطة في دعم شبكة الكهرباء في غرب أفغانستان، في وقت يعاني فيه البلد من فجوات كبيرة في البنية التحتية للطاقة.

حضور رسمي أفغاني وتركي

شهد حفل وضع حجر الأساس نائب رئيس الوزراء في الحكومة الأفغانية المؤقتة الملا عبد الغني برادر، وعدد من وزراء الحكومة، إضافة إلى القنصل العام التركي في هرات سنان إلهان، ورئيس مجلس إدارة شركة 77 سليمان سيليف، والمستشار التجاري في السفارة التركية بكابل إمري أونال، إلى جانب عدد من الضيوف المحليين والدوليين.

توربينات تركية على أرض أفغانية لأول مرة

قال المستشار التجاري إمري أونال في تصريح له إن هذا المشروع يمثل أول مرة يتم فيها جلب تكنولوجيا توربينات الرياح التركية إلى أفغانستان، مؤكدًا أن الشركات التركية استثمرت حتى الآن قرابة 7 مليارات دولار في البلاد.

مقالات مشابهة

  • أفغانستان تعلن عفوا شاملا عن المتعاونين مع أميركا والغرب
  • تساؤلات حول قواعد التبرع بالحيوانات المنوية في أوروبا وقلق من انتشار الأمراض الوراثية
  • رئيس الوزراء الأفغاني: طالبان تعلن عفوًا عامًا يشمل المتعاونين مع الولايات المتحدة
  • شركة تركية تتولى مشروع طاقة الرياح في أفغانستان
  • قفزة لافتة في أحد أبرز قطاعات تركيا.. مايو 2025 كان مختلفًا
  • تركيا تطلق أول محطة رياح في أفغانستان باستثمار 65 مليون دولار
  • أوروبا تتجه إلى تقليص التعويضات للمسافرين في حال تأخر الرحلات الجوية
  • تساؤلات حول الدعم المالي المفاجئ لغلطة سراي في صفقة أوسيمين: من يزايد على اللاعب؟
  • إطلاق الرحلات البحرية الأسبوعية بين الجزائر وبجاية ومدينة سيت الفرنسية
  • بعد 12 عاما .. استئناف الرحلات الجوية التجارية المنتظمة السورية إلى السعودية