أنقرة (زمان التركية) – تأتي المواجهات في شمال غرب سوريا، في الفترة التي توجه فيها تركيا دعوات إلى كل من روسيا وإيران والنظام السوري لتغيير الوضع القائم بالبلاد.

وتواصل تركيا، التي أعلنت أنها ليست متورطة في الصراعات، اتصالاتها الدبلوماسية مع شركائها في عملية أستانا روسيا وإيران.

ومن بين أهم القضايا التي تؤرق تركيا، إمكانية دخول وحدات حماية الشعب (YPG) إلى النقاط الاستراتيجية التي خلفتها الحكومة السورية وبدء حركة هجرة جماعية جديدة نحو حدودها بسبب النزاعات.

وحتى الآن، صدر عن الجانب التركي بيانان رسميان فيما يتعلق بالاشتباكات المتصاعدة بين هيئة تحرير الشام التابعة للجماعة الجهادية المعارضة والقوات الحكومية في سوريا.

ركز البيان المكتوب الأول الذي أدلى به المتحدث باسم وزارة الخارجية، أونجو كيجيلي، ليلة 29 نوفمبر/ تشرين الثاني على التطورات في منطقة إدلب بدلاً من النزاعات الممتدة إلى حلب، وأعطى رسالة مفادها أن الأحداث كانت بسبب تزايد الهجمات في هذه المنطقة مؤخرًا.

وأشار المتحدث إلى أن الاتفاق الحالي تم خرقه في منطقة خفض التوتر في إدلب التي تم تطويرها مع شركاء أستانا، وأنه لم يتم الاستماع إلى التحذير التركي بضرورة وقف هذه الهجمات.

ووفقًا لتقارير إعلامية تركية، شاركت مصادر أمنية معلومات تفيد بأن هذه الهجمات نفذتها روسيا عبر القوات الجوية والحكومة السورية عبر القوات البرية، كما زعمت المصادر أن تركيا منعت الجماعات التي كانت تفكر في الرد على هذه الهجمات لفترة طويلة.

هاكان فيدان: نحن لا نتدخل في الصراع

وأدلى وزير الخارجية هاكان فيدان في 30 نوفمبر/ تشرين الثاني، ببيان ذكر فيه أن تركيا لم تشارك في المواجهات التي امتدت حتى حلب. وأكد فيدان أن تركيا تتابع التطورات في سوريا عن كثب قائلا: “تركيا ليست متورطة في النزاعات في حلب. ويتم اتخاذ تدابير. لن نتخذ أي إجراء من شأنه أن يؤدي إلى موجة جديدة من الهجرة “.

وتتخوف تركيا، التي تستضيف ما يقرب من 3 ملايين سوري فروا من الحرب الأهلية السورية التي بدأت في عام 2011، من أن تؤدي عملية كبيرة في منطقة إدلب، التي يبلغ عدد سكانها حوالي مليوني نسمة، إلى حركة هجرة جماعية جديدة إلى حدودها.

انزعاج تركيا من نهج شركاء أستانة في سوريا

عملية أستانا، التي تأسست في عام 2017، لم تكن فعالة بما فيه الكفاية في الفترة الأخيرة وفقدت التطورات في شمال سوريا أهميتها، مع بدء الحرب بين إسرائيل وحماس، مما جعل أنقرة غير مرتاحة.

وعُقد الاجتماع الأخير لعملية أستانا في كازاخستان يومي 11و12 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، لكن البيان المشترك لم يتضمن مقاربة جديدة من شأنها تغيير الوضع في سوريا.

في تصريح للصحافة التركية في 23 نوفمبر/ تشرين الثاني ، أعرب وزير الخارجية فيدان عن تحفظاته بشأن موقف شركاء أستانا إيران وسوريا، قائلا: “التطبيع بين تركيا وسوريا ليس من أولويات إيران في سوريا. بالنسبة لروسيا، مثل هذه القضية ليست على جدول الأعمال حيث يوجد بالفعل وقف لإطلاق النار في المنطقة ولم يتجلى كثيرا تهديد خطير بالمنطقة”.

“سنبحث الخطوات الأخرى الممكن اتخاذها”

وأوضح فيدان أن روسيا وإيران تعتقدان أن استمرار عملية أستانة سيكون كافيا غير أنه يتم تجاهل استدامة الأمر قائلا: “إنه تهديد متطور داخل سوريا لأنه لم يتم اتخاذ الخطوات اللازمة في مكافحة الإرهاب واللاجئين. وبعبارة أخرى، قد يتطور الأمر إلى تهديد بأن تزداد التكلفة اللاحقة للتدمير يومًا بعد يوم. لذا نبحث عن سبل لحل الأمر. وفي حال عدم تحقيق مساعي الحل هذه مردودا بالدبلوماسية والنهج البناء سنبحث الخطوات الأخرى الممكن اتخاذها”.

تجدر الإشارة إلى توجيه الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، دعوات متعددة لنظيره السوري لبدء حقبة جديدة بين البلدين، لكنه لم يتلق استجابة إيجابية من دمشق. وتتهم أنقرة موسكو وطهران بالفشل في الضغط على الأسد بشكل كافٍ في هذه العملية.

الحوار مع روسيا وإيران

لوحظ أن الاتصالات الدبلوماسية قد زادت على خطوط الاتصال التركية الروسية والإيرانية بالتزامن مع زيادة النزاعات في سوريا، حيث تحدث فيدان عبر الهاتف مع وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، في 30 نوفمبر/تشرين الثاني. وعقد لافروف اجتماعا مع وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، في اليوم نفسه.

وبالأمس توجه عراقجي إلى دمشق من ثم انطلق منها إلى أنقرة. وكان محور هذه الاتصالات وقف النزاعات المتصاعدة وتنفيذ الاتفاقيات القائمة.

بالإضافة إلى هذه الدول، اتصل فيدان أيضًا بوزراء خارجية قطر ولبنان والعراق.

على الرغم من تصريح فيدان بأن “تركيا ليست متورطة”، فإن تورط الجيش الوطني السوري، الذي تم إنشاؤه ودعمه من قبل تركيا، في النزاعات وخاصة معركته ضد وحدات حماية الشعب هو مؤشر مهم لأولويات أنقرة في هذه العملية.

تصف تركيا وحدات حماية الشعب بأنها “منظمة إرهابية” وتتهمها باستخدام شراكتها المناهضة لداعش مع الولايات المتحدة منذ عام 2015 لإقامة حكمها الخاص في شمال سوريا.

وبحسب مصادر أمنية تركية، بدأت وحدات حماية الشعب بالاستقرار في النقاط الاستراتيجية التي انسحبت منها قوات النظام السوري بسبب الاشتباكات الأخيرة. وزعمت المصادر أن وحدات حماية الشعب تهدف إلى إنشاء ممر في شمال شرق سوريا مع تل رفعت، مستفيدة من الاضطرابات الحالية، لكن هذه المبادرة تم منعها من خلال عملية أطلقها الجيش الوطني السوري.

وقال رئيس الحكومة السورية المؤقتة البديلة، عبد الرحمن مصطفى، الذي أنشأته مجموعة المعارضة السورية الائتلاف الوطني السوري للمعارضة والقوى الثورية، في تصريحات صحيفة يوم 30 نوفمبر/تشرين الثاني إن الجيش الوطني السوري سيمنع وحدات حماية الشعب من الاستيلاء على المناطق التي تركها النظام، وأن هدفها التالي سيكون تل رفعت، التي لا تزال في أيدي وحدات حماية الشعب.

وفي الأول من ديسمبر/ كانون الأول، أعلنت وكالة الأناضول استيلاء الجيش الوطني السوري على مطار الكويت العسكري وبالتالي قطعه خط إمداد وحدات حماية الشعب بين تل رفعت ومنبج.

هذا ولطالما قالت تركيا، التي نفذت آخر عملية عسكرية شاملة عبر الحدود في شمال سوريا في عام 2019، إنها ستلجأ إلى الوسائل العسكرية إذا استمرت وحدات حماية الشعب في تشكيل تهديد. وعلى الجانب الآخر، تعارض الولايات المتحدة وروسيا قيام تركيا بعملية عسكرية جديدة.

Tags: التطورات في سورياالعدوان الرادعحلبوحدات حماية الشعب الكردية

المصدر: جريدة زمان التركية

كلمات دلالية: التطورات في سوريا حلب وحدات حماية الشعب الكردية الجیش الوطنی السوری وحدات حمایة الشعب وزیر الخارجیة تشرین الثانی روسیا وإیران التطورات فی فی سوریا فی شمال

إقرأ أيضاً:

عماد الدين حسين: مصر تنظر إلى الصومال كجزء من أمنها القومي

كشف الكاتب الصحفي عماد الدين حسين، تفاصيل العلاقات المصرية الإثيوبية، مشيرا إلى أن مصر تنظر إلى أمن الصومال كجزء من أمنها القومي، والقرن الإفريقي كامتداد استراتيجي مباشر لها.

بسبب الأدخنة .. الأمن يخلي موظفي مبنى سنترال رمسيسبوتين يوقع قانونا يسمح لمن لا يحمل الجنسية بالخدمة في الجيش الروسي

وفي مداخلة ضمن برنامج «منتصف النهار»، المذاع على قناة «القاهرة الإخبارية»، وتقدمه الإعلامية هاجر جلال، أكد الكاتب الصحفي عماد الدين حسين، أن العلاقات بين مصر والصومال تعود إلى جذور حضارية وتاريخية عميقة، تعززت على مرّ العقود بروابط ثقافية ودينية وسياسية، مشيرًا إلى أن القاهرة تدعم جهود مقديشو في استعادة الأمن ومكافحة الإرهاب.

وتابع الكاتب الصحفي عماد الدين حسين، أن الملف الأمني يمثل محورًا رئيسيًا في العلاقات الثنائية، خاصة مع ما شهده الصومال من انهيار مؤسسات الدولة بعد سقوط نظام محمد سياد بري، وما تبعه من فوضى أمنية وانفصال بعض الأقاليم، مثل «صوماليلاند» و«بونتلاند»، وسط تنامي نفوذ حركة «الشباب» الإرهابية.

وأشار إلى أن هذه التنظيمات المتطرفة «تنفذ أجندات تخدم قوى معادية للصومال، تمامًا كغيرها من الجماعات المسلحة في المنطقة»، مما تسبب في شلل اقتصادي وتراجع في السياحة والاستثمار، وأثّر سلبًا على الأمن القومي للبلاد.

وأكد أن وجود قوة إفريقية تدخّلت عام 2007 لدعم الحكومة الصومالية في مواجهة الإرهاب، لكن بعض الدول المشاركة كانت تسعى إلى إطالة أمد الأزمة لتحقيق أهداف توسعية خاصة بها.

ولفت إلى أن زيارة الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود للقاهرة في أغسطس الماضي شكّلت نقطة تحوّل، حيث جرى توقيع بروتوكولات تعاون أمني وعسكري واقتصادي، لترفيع العلاقات إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الكاملة.

وختم الكاتب الصحفي عماد الدين حسين، بأن مصر تواصل التنسيق مع الحكومة الصومالية لدعم جهودها في فرض الأمن والاستقرار، ومواجهة أي تهديدات تمس وحدة أراضيها أو تهدف إلى زعزعة استقرارها من خلال التنظيمات الإرهابية أو التدخلات الخارجية.

طباعة شارك عماد الدين حسين لعلاقات المصرية الإثيوبية الصومال أمن الصومال

مقالات مشابهة

  • عماد الدين حسين: مصر تنظر إلى الصومال كجزء من أمنها القومي
  • فضائح فساد تهز بلديات كبرى واعتقال رؤساء بلديات.. ماذا يحدث في تركيا؟
  • كيف صُمّم شعار سوريا الجديد وما هي دلالاته؟
  • اعتقال 3 عمد بلديات جنوب تركيا
  • اعتقال رئيسا بلدتين في تركيا على خلفية وقائع فساد
  • اعتقالات جديدة تطال 3 رؤساء بلديات في تركيا
  • اعتقال رئيسي بلدتين في تركيا على خلفية وقائع فساد
  • تركيا: السلطات تنفّذ جولة جديدة من الاعتقالات بحق رؤساء بلديات معارضين
  • حملة توقيفات في تركيا تطال مسؤولين من حزب الشعب الجمهوري.. إليك التفاصيل
  • أيام صعبة تنتظر حزب الشعب الجمهوري في تركيا