يسابق المصدرون من الصين وكندا والمكسيك الزمن لتحميل شحنات ببضائعهم مقدما إلى الولايات المتحدة بعد أن تعهد الرئيس المنتخب دونالد ترامب بفرض رسوم جديدة على السلع من الدول الثلاث في أول يوم له في منصبه.

وقال ممثلو شركات الخدمات اللوجستية، خلال معرض سلسلة التوريد في بكين الأسبوع الماضي، إن عدد العملاء الذين يسألون عن تقديم الشحنات زاد في أعقاب تهديد ترامب بفرض تعريفة إضافية بنسبة 10% على السلع الصينية.

التعجيل بالشحن

ونقلت صحيفة فايننشال تايمز عن ماو بينغ مدير العمليات في شركة الخدمات اللوجستية هاوتونغ غروب ومقرها هونان جنوبي الصين، قوله: "تلقينا الكثير من الاستفسارات"، مشيرا على وجه الخصوص إلى اليومين التاليين لنشر ترامب لبيانات التعريفات الجمركية على حسابه على تروث سوشيال في 25 نوفمبر/تشرين الثاني.

وقال ممثل شركة نيسان سينوترانس إنترناشيونال لوجيستيكس تشانغ جونكاي إنه كان ثمة زيادة في استشارات العملاء، مضيفا أن العملاء يأملون في أن يتم شحن بضائعهم "قبل نهاية العام وقبل تولي ترامب منصبه".

وقال نائب رئيس شركة سي إتش روبنسون، للأميركيتين إنه في غضون 24 ساعة بعد أن أعلن ترامب أنه سيفرض تعريفات جمركية بنسبة 25% على جميع السلع من المكسيك وكندا، أجرت مجموعة الخدمات اللوجستية اجتماعات "لا حصر لها" مع العملاء.

إعلان

وقال لاكشمانا: "كان بعض الشاحنين يقومون بالفعل بتحميل البضائع مقدما قبل إضراب محتمل في الموانئ الأميركية وزيادة محتملة في التعريفات الجمركية على السلع المستوردة من الصين، والآن، يمكننا إضافة زيادة محتملة في السلع المستوردة من المكسيك وكندا إلى قائمة الأسباب التي يستكشفها الشاحنون لتقديم مواعيد الشحن الخاصة بهم"، وفق ما نقلت عنه الصحيفة البريطانية.

ووفق الصحيفة، فإن علامات التحميل المسبق بدأت في الظهور بالفعل بعد أيام قليلة من فوز ترامب بالانتخابات الرئاسية الأميركية الشهر الماضي، وخلال الحملة، هدد ترامب بفرض تعريفات جمركية بنسبة 60% على السلع من الصين، والتي يلقي باللوم عليها في العجز التجاري الأميركي، وما يصل إلى 20% من جميع البلدان الأخرى.

وجاء تهديد ترامب بفرض تعريفات جمركية إضافية على أهم 3 شركاء تجاريين للولايات المتحدة في الوقت الذي انتقد فيه عجزهم عن منع المخدرات غير المشروعة والمهاجرين من دخول الولايات المتحدة.

وقال بنك غولدمان ساكس في مذكرة تحليلية: "إن الإعلان يذكرنا أكثر بإدارة ترامب الأولى، عندما تم الإعلان عن مثل هذه التعريفات الجمركية كتكتيك تفاوضي".

وفي معرض الصين الدولي لسلسلة التوريد في بكين، قال ممثلون من خطين شحن كبيرين إن العملاء بدؤوا في تحميل صادراتهم مقدما حتى قبل تهديدات ترامب الأخيرة.

وقال أحد ممثلي خط الشحن الصيني إن تعهد الرئيس المنتخب بفرض تعريفات جمركية إضافية بنسبة 10% قد عزز حالة عدم اليقين، مضيفا: "يقول العملاء جميعا إننا بحاجة إلى الإسراع في شحن أكبر قدر ممكن من البضائع إلى الولايات المتحدة قبل دخول ترامب البيت الأبيض في 20 يناير (كانون الثاني)".

صادرات الصين

وقال ممثل آخر إن اتجاه التحميل المسبق لم ينعكس في ارتفاع أسعار الشحن، ويرجع ذلك جزئيا إلى زيادة سعة السفن الجديدة في جميع أنحاء الصناعة.

إعلان

وارتفعت صادرات الصين 12.7% على أساس سنوي في أكتوبر/تشرين الأول، وهي أسرع وتيرة في أكثر من عامين، لكن بعض خبراء الاقتصاد تساءلوا عن مقدار التحميل المسبق في ذلك الشهر في الشحنات إلى الولايات المتحدة، التي شهدت انكماش عجزها التجاري بسبب انخفاض الواردات.

وعندما سُئل العديد من المسؤولين التنفيذيين في مجال الخدمات اللوجستية عن نوايا عملائهم حتى قبل وعد ترامب بالتصرف في "اليوم الأول"، قال إنهم كانوا يضعون خططا للتغلب على أي رسوم جديدة.

وقال أحد المسؤولين التنفيذيين في مجال الخدمات اللوجستية في شركة شحن عالمية: "سنرى طلبا مسبقا شديدا. سيحصل (التجار) على أكبر قدر ممكن من احتياجاتهم من الصين.. بالتأكيد سيصبح الأمر فوضويا للغاية".

ونقلت الصحيفة عن مدير شركة الشحن سيتوس ماريتيم، مارك يونغ قوله إن فوز ترامب جعل الناس يعيدون التفكير في خطط الشحن الأطول أجلا.

وقال رئيس الشحن العالمي في سي إتش روبنسون، مايك شورت إن بعض المصدرين كانوا يحاولون ببساطة معرفة التوقيت، مضيفا: "سأل أحد العملاء عن آخر يوم يمكن لشحناتهم مغادرة آسيا والوصول إلى الولايات المتحدة قبل أن تدخل التعريفات الجديدة حيز التنفيذ".

وتبدو علامات التحميل المسبق واضحة في الموانئ الأميركية، ويقول المدير التنفيذي لميناء لوس أنجلوس، جين سيروكا، إنه تم نقل 905 آلاف حاوية شحن في أكتوبر/تشرين الأول، بزيادة 25% عن العام الماضي.

وقال: "بعض الشاحنين يقومون بتحميل البضائع مقدما كإجراء احترازي ضد التعريفات الجديدة المحتملة"، لكنه أضاف أن عوامل أخرى، بما في ذلك المسائل العمالية في الموانئ في خليج المكسيك وعلى الساحل الشرقي للولايات المتحدة، ساهمت كذلك في هذا الأمر.

وتوقع المدير الأول لبحوث الحاويات في شركة الاستشارات البحرية درويري، سيمون هيني أن ترتفع أسعار الشحن عبر المحيط الهادي بشكل حاد بسبب زيادة الطلب على الشحنات المسبقة مع ظهور المزيد من التفاصيل حول جدول التعريفات الجمركية لترامب.

إعلان

كما بدأ المصنعون الصينيون في استكشاف أسواق ومراكز جديدة للإنتاج.

قاعدة بديلة

وقالت مجموعة إلكترونيات مقرها قوانغدونغ جنوبي الصين والتي تزود مصنعي الأجهزة المنزلية الأميركية بمكونات إنها تفكر في المغرب كقاعدة إنتاج خارجية بديلة، وقال أحد المسؤولين التنفيذيين إن الشركة أرجأت خطتها لتوسيع خطوط الإنتاج في المكسيك، متوقعة أن ترامب "سيغلق ثغرة القرب التي تستغلها الشركات الصينية هناك".

وقال كبير خبراء الاقتصاد في آسيا في بنك إتش إس بي سي، فريد نيومان إن المصدرين سيكون لديهم بعض الوقت للنظر في خياراتهم حيث إن معظم الزيادات الجمركية التي فرضها ترامب لن تدخل حيز التنفيذ إلا في النصف الثاني من العام المقبل بسبب الإجراءات القانونية.

وقال نيومان: "النهج الأكثر ترجيحا هو عملية متدرجة".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات إلى الولایات المتحدة التعریفات الجمرکیة الخدمات اللوجستیة تعریفات جمرکیة ترامب بفرض على السلع من الصین

إقرأ أيضاً:

محنة التعريفات الجزئية الملتبسة..

مهدي رابح

حسبو محمد عبد الرحمن، القيادي في المؤتمر الوطني، نائب رئيس الحركة الإسلامية ونائب رئيس الجمهورية واللواء في جهاز الأمن.. كل ذلك سابقاً طبعاً، وحاليا احد قيادات الدعم السريع وعقولها المدبرة.
هذه الشخصية المفصلية في الأزمة الحالية لن تجد لسيرتها أثرا تقريبا في الخطاب السائد من كلا طرفي الحرب، بل لن تجد لها أثرا حتي في الخطاب الذي يناهض استمرارها ويسعى لإيقافها..
والسؤال الذي يفرض نفسه هو لماذا؟
في تقديري لأن ذلك يتناقض مع السرديات التبسيطية السائدة حاليا، ويكشف حجم التعقيد الذي تتسم به ازمتنا وصعوبة تعريفها تعريفا صحيحا، بكافة مستوياتها..
وبذلك أعني، وفي المستوى الأول، أن الحرب الحالية هي دون شك صناعة إسلاموية بامتياز بدأت منذ استيلاء الاسلامويين على الحكم بانقلاب عسكري عام 1989م، وبناءهم لنظام سياسي قائم على الاستبداد والقمع والفساد والافلات من العقاب، ثم نهبهم لثروات السودان وتدمير وتسييس مؤسساته وعلي راسها القطاع الامني والعسكري والعمل علي زرع الفتنة بين مكونات المجتمع المختلفة بتزكية الدوافع الاثنية والجهوية، وانشائهم لقوي مسلحة موازية أبرزها الدعم السريع نفسه.
وهو ما يفسر الوجود القوى للاسلامويين في صفوف الأخير وان كان أقل تأثيرا من وجودهم في الجانب الآخر، اي اصطفافا مع الجيش.
أي أن هذه الحرب هي صناعة إسلاموية لم تبدأ باطلاقهم الرصاصة الأولي في 15 ابريل 2023 ولن تنتهي غدا صباحا.
المستوي الثاني هو أن أحد عناصر هذه الحرب الاساسية هي تقاطع المصالح المادية و الصراع على الثروات بين مجموعات محدودة من النافذين. فهي نتاج لانفجار التناقضات والتنافس المتصاعد داخل الكارتيل الاحتكاري اللصوصي، الذي انقلب على ثورة ديسمبر بانقلاب أكتوبر 2021… والذي ضم بجانب بعض الانتهازيين من المدنيين، قيادات الجيش والدعم السريع والاسلامويين وبعض الحركات المسلحة، التي انضمت لهذا لكارتيل بعد الثورة..
اما المستوى الثالث فهو التدخل الخارجي، وبالاخص لدول الجوار الإقليمي، والذي اتخذ طابعا سافرا ظهرت ملامحه منذ عام 2019م، وما نتج عنه من مجزرة بشعة ضد المعتصمين أمام القيادة العامة وما تلي ذلك من انقلاب ثم تمويل ودعم طرفي الحرب حتى اليوم.. فهو صراع غير معلن بين قوى إقليمية تسعى استراتيجيا للسيطرة على السودان عبر وكلائها – ابرزها بالطبع قيادات الجيش والدعم السريع – من أجل تأمين نصيبها من تدفق مياه النيل وتعظيمه أو وضع يدها على منافذ تطل على البحر الأحمر أو على الثروات الطبيعية الهائلة التي تعج بها هذه البلاد المكلومة، او بالمقابل، وفي حال بع الدول الجارة، منع الدول المنافسة لبلوغ الأهداف المذكورة أعلاه.
إن التعريف الصحيح للأزمة يساهم في إيجاد الحلول الصائبة والمستدامة، أي تلك التي تتجاوز الوقف المؤقت والهش للقتال إلى آفاق بناء الدولة.. تلك الدولة التي لم تحظى بها الشعوب السودانية اصلا منذ الاستقلال، اي الدولة التي توفر الأمن والاستقرار والحرية والكرامة لكافة أفرادها بالتساوي.
وذلك يتطلب أن نحدد كل العناصر التي تقف حجر عثرة أمام تحقيق ذلك – أي الوصول إلى سلام مستدام يمهد لبناء الدولة المنشودة – علي رأسهم الاسلامويين كعنصر مشترك ثابت، لكن أيضا قيادات الجيش والدعم السريع والحركات المسلحة وتجار الحرب من جهة ومن الجهة الأخرى القوي الاقليمية التي تتحمل وزر هذه المأساة بنفس القدر.
ان اي مقاربة للحل لا تتضمن كيفية التعامل مع العناصر الأخرى لمعادلة الدمار التي تحدث في السودان يعني تطاول أمد الحرب وتعمّق آثارها الإنسانية المروِّعة .
بإستعارة مقولة غرامشي الشهيرة يمكننا أن نختم بالقول إن
“السودان القديم انتهى والسودان الجديد تأخّر في الظهور … وما بين العتمة والضوء تولد الوحوش.”
وهي في حقيقة الأمر وجوه أو رؤوس متعددة لوحش واحد، ظل يتغذى علي الجهل والفقر والعنف والفساد والظلم الاجتماعي لمدى ستة عقود. ولن يقضي عليه قطع رأس واحدة لأنه سينمو في مكانه رأس جديد كما التنين في الأسطورة السومرية القديمة.

الوسوممهدي رابح

مقالات مشابهة

  • أول تعليق لترامب بعد هجوم مميت استهدف قوات أمريكية في سوريا
  • ترامب يعلن عن تحالف «باكس سيليكا» لمواجهة الصين!
  • بسبب تعريفات ترامب.. الصين غيرت استراتيجياتها وحققت صادرات مذهلة
  • محنة التعريفات الجزئية الملتبسة..
  • ترامب: غزو أوكرانيا يشبه فوز أمريكا في مباراة الهوكي معجزة على الجليد
  • فرصة مقيدة: هل تستفيد الصين من تراجع القوة الناعمة الأمريكية؟
  • فورين بوليسي: 3 دروس تعلمتها الصين من الولايات المتحدة
  • أمريكا تصادر ناقلة نفط فنزويلية.. وكاراكاس تتهمها بالسرقة
  • وثيقة سرية أميركية: الصين قد تدمر القوات الأميركية في أي حرب على تايوان
  • في العصر الرقمي تتغير التعريفات