أكد الدكتور محمد عبدالدايم الجندي، الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية خلال كلمته في الأسبوع الدعوي الرابع المنعقد بجامعة الزقازيق، الذي تنظمه اللجنة العليا للدعوة الإسلامية بالأزهر، بعنوان «الإنسان والقيم في التصور الإسلامي»، أن الإنسان يحيى بمنهج رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، وجميع الأنبياء، في حفظ كرامة الإنسان، حيث تقتضي قضية الاستخلاف في الأرض تكريم الإنسان، وحفظه من الإهانة.

ولفت إلى أن الشباب هم أمل المستقبل وأساس الحضارة والاستخلاف في الأرض، موصيًا إياهم بضرورة اغتنام وقتهم وعدم التغافل والبعد عن اتباع الهوى، وهو ما يمكنهم من تحقيق الاستخلاف في الأرض كما أمرنا الله تعالى به.

قضية الاستخلاف في الأرض تقتضي تكريم الإنسان 

وأوضح أمين عام مجمع البحوث الإسلامية، أن تكريم الإنسان له معايير وضوابط، من أهمها اتصال القلب برسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، ولن يأتي ذلك إلا بمعرفته معرفة تامة بالقراءة في سيرته صلى الله عليه وسلم لكي تتحقق في القلب المحبة الصادقة له، وبما يسهم في توفير الحماية والتحصين لقلوبنا من كل ما يحيط بها من فتن الحياة ومغرياتها، وبذلك تتحقق للإنسان الكرامة التي هي من مقتضيات الاستخلاف.

وأكد أن السيرة النبوية مليئة بالكثير من قصص الحب الصادق لنبينا صلى الله عليه وسلم، ومنها قصة الصحابي الجليل سواد، حيث روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يهم بتعديل صفوف أصحابه يوم بدر، وفي يده قدح يعدل به القوم، فمر بسواد بن غزية، حليف بني عدي بن النجار وهو متقدم من الصف فطعن في بطنه بالقدح، وقال: استو يا سواد فقال: يا رسول الله، أوجعتني وقد بعثك الله بالحق والعدل، قال: فأقدني، فكشف رسول الله عن بطنه، وقال: استقد، قال: فاعتنقه فقبل بطنه: فقال: ما حملك على هذا يا سواد؟ قال: يا رسول الله، حضر ما ترى، فأردت أن يكون آخر العهد بك أن يمس جلدي جلدك، فدعا له الرسول.

الشباب يأتي على رأس أولويات الإمام الأكبر

وقال الدكتور حسن يحيى، الأمين المساعد للجنة العليا لشئون الدعوة الإسلامية، إن الشباب يأتي على رأس أولويات الإمام الأكبر ودائمًا ما يوصي بهم، والعمل على بذل كل الجهد لتوعيتهم من كل يتهددهم من مخاطر العصر وتحصينهم من الفكر المتطرف، موضحًا أن الله تعالى استخلف الإنسان في إدارة الكون، وهي درجة وسط بين المستخلٍف، وهو الله تعالى، وبين من لم يستخلف، كالجمادات وغيرها، وهذا هو مقام التكريم.

وأوضح أن الله وهبنا الحياة لعبادته، مصداقًا لقوله تعالى «وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون»، والعبودية ليست فقط الصيام والصلاة والحج وغيرها، بل أن يكون عملك كله خالصًا لله تعالى، أن تحب لله، وتكره لله، وتضحك لله، وتبكي لله، وبهذا الإخلاص يتحقق المعنى المراد من الاستخلاف في قوله تعالى «إني جاعل في الأرض خليفة».

وأضاف أن الجزئية الثانية هي التكريم، فالكليات الخمس في الشريعة الإسلامية التي هي حفظ النفس، وحفظ الدين، وحفظ العقل، وحفظ العرض، وحفظ المال، فالإسلام أمرنا بحفظ النفس، ليس فقط بتحريم القتل وسفك الدماء، بل ارتقى الإسلام لما هو أعلى من ذلك بكثير، فجعل لهذا الجسد ما يحقق له إنسانيته، بمهاراته القلبية والجسدية التي تجعله مناط الاستخلاف، ثم حفظ العقل ليس فقط من المسكرات والمخدرات التي تغيبه، بل نظر الإسلام إلى ما هو أبعد من ذلك، فحفظ العقل من التزييف، والتحريف، وإمداده بما يبني الوعي الرشيد، ليصبح عقلًا مفكرًا، قادرًا على تحصيل العلوم، فعندما نغييب عقولنا ونحن أصحاب هذا المجتمع، فمن هو الذي سيدافع عنه ويعمل على تطويره ورفعته.

وأكد الدكتور حسن يحيى أن الرؤية الإسلامية لتحقيق الاستخلاف وما يترتب عليه من العمران والتقدم والنهضة للوطن تقوم على ست ركائز هي دين متبع، وسلطان قاهر أي دولة قوية ذات سيادة، ونفوذ، وعدل شامل، وأمن عام، وخصب دائم، وأمل فسيح، تمكن الإنسان من تحقيق الغاية من استخلاف الله تعالى له في الأرض دون غيره من المخلوقات.

وفي ختام المحاضرة، استمع علماء الأزهر لأسئلة الطلاب؛ إذ جرى فتح باب النقاش والأسئلة، والتي أكد خلالها الدكتور الجندي على ضرورة أن ينتبه الشباب ويحذر لما يتم الترويج له في المجتمع من مصطلحات وسلوكيات لا تتناسب مع مجتمعاتنا تحت مفهوم الحب، مؤكدًا أن الإسلام لا يرفض الحب ولكن يضع له الضوابط والمحددات الشرعية التي يجب الالتزام بها حتى تستقيم الحياة، كما أكد الدكتور الجندي على أهمية وعي الشباب بمخاطر وتحديات المرحلة الراهنة، وأن يحافظوا على وقتهم ويستثمروه فيما يسهم في تطوير إمكاناتهم ومهاراتهم، مع الحذر مما يحيطهم من فتن ومغريات، لكي يساهموا في نهضة الوطن ورفعته.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: البحوث الإسلامية السيرة النبوية الدعوة الإسلامية حفظ النفس الاستخلاف فی الأرض صلى الله علیه وسلم الله تعالى رسول الله لله تعالى

إقرأ أيضاً:

حكم ترك مخلفات نحر الأضاحي في الشوارع.. الإفتاء: من السيئات

تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا مضمونه:ما حكم نحر الأضاحي في الشوارع وترك مخلفاتها في الطرقات وعدم القيام بتنظيف هذا؟.

وأجابت دار الإفتاء عن السؤال قائلة: إن هذا العمل المسئول عنه من السيئات العِظام والجرائم الجِسام؛ لأن فيه إيذاءً للناس؛ فقد قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾ [الأحزاب: 58].

ونوهت بأن فاعل ذلك إنما يتخلق بأخلاق بعيدة عن أخلاق المسلمين؛ لأن النبي صلى الله تعالى عليه وآله وسلم يقول فيما رواه عنه عديدٌ من الصحابة رضيَ اللهُ عنهم: «المُسلِمُ مَن سَلِمَ المُسلِمُونَ مِن لِسانِهِ ويَدِه» رواه الشيخان وغيرهما.


وأشارت إلى أن الذابح للأضاحي أو غيرِها في شوارع الناس وطرقهم مع تركه للمخلفات فيها يؤذيهم بدمائها المسفوحة التي هي نجسة بنص الكتاب العزيز، ويعرضهم لمخاطر الإصابة بأمراض مؤذية، وأين هؤلاء من حديث رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم الذي رواه مسلم وغيره عن أبي برزة رضي الله تعالى عنه قال: قلت: يا نبيَّ اللهِ، عَلِّمنِي شيئًا أَنتَفِعُ به، قال: «اعزِلِ الأَذى عن طَرِيقِ المُسلِمِينَ».

حكم حج ذوي الإعاقات الذهنية؟.. الإفتاء توضحالأضحية.. تعرف على فضلها دينيا وإنسانيا واجتماعياحكم المبادرة بشراء صكوك هدي التمتع مِن المدينة المنورة.. الإفتاء توضح


فكما أن إماطة الأذى صدقة، وهي من شعب الإيمان، فإن وضع الأذى في طريق الناس خطيئة، وهو من شعب الفسوق والعصيان، ووالله إنه ليجلب الأذى لفاعله في الدنيا والآخرة، وبرهان ذلك قوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: «اتَّقُوا المَلاعِنَ الثَّلاثةَ: البَرازَ في المَوارِدِ، وقارِعةِ الطَّرِيقِ، والظِّلِّ» رواه أبو داود وأحمد وغيرهما عن معاذ وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنهم؛ فإن هذه الخصال تستجلب لعنَ الناسِ لفاعليها، وما نحن فيه مِن تقذير شوارع الناس ومرافقهم وتعريضهم للأمراض والأخطار مثير لغيظ الناس واشمئزازهم وحنقهم على فاعليها ومرتكبيها.


فالواجب القيام بهذا النحر في الأماكن المعدة والمجهزة لمثل ذلك، والواجب الحرص على الناس وعلى ما ينفعهم، والنأي بالنفس عن كل ما يُكَدِّر عيشَهم أو يؤذي أحاسيسهم وأبدانهم.


ودعت المسلمين الى عدم ترك مخلفات النحر في الشوارع والتسبب في إيذاء الناس ونشر الأوبئة والأمراض، امتثالا لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لا ضرر ولا ضرار».

حكم تلويث البدن والثياب والممتلكات بدماء الأضاحي

كما بينت أنه لا يصح تلويث البدن والثياب والممتلكات بدماء الأضاحي؛ لأن النظافة والطهارة سلوك ديني وحضاري.

طباعة شارك الإفتاء حكم ذبح الأضاحي في الشوارع وترك مخلفاتها في الطرقات تلويث البدن والثياب والممتلكات بدماء الأضاحي حكم تلويث البدن والثياب والممتلكات بدماء الأضاحي الأضحية

مقالات مشابهة

  • البحوث الإسلامية: الإسلام سبق إلى ترسيخ العلاقة الأخلاقية بين الإنسان والبيئة
  • شاهد بالفيديو.. داعية سوداني شهير يثير ضجة إسفيرية غير مسبوقة: (رأيت الرسول صلى الله عليه وسلم في المنام وأوصاني بدعوة الجيش والدعم السريع للتفاوض)
  • ولي العهد.. رؤية ثاقبة وقيادة تصنع المستقبل”
  • أورنج الأردن تُمكّن جيل المستقبل عبر مبادرة الذكاء الاصطناعي في نسختها الرابعة
  • حكم ترك مخلفات نحر الأضاحي في الشوارع.. الإفتاء: من السيئات
  • «أمين البحوث الإسلامية» يتابع جهود وعَّاظ الأزهر في توعية الحُجَّاج بمطار القاهرة
  • موضوع خطبة الجمعة لوزارة الأوقاف.. «فضائلُ عشرِ ذِي الحجةِ»
  • 14 كلمة تعينك على الطاعة في العشر الأول من ذي الحجة
  • أمين البحوث الإسلامية يتابع جهود وعَّاظ الأزهر وواعظاته في توعية الحُجَّاج بمطار القاهرة
  • السيد القائد: من الخلل في سلامة الفطرة أن يرغب الإنسان بالعلاقة مع الصهاينة بما هم عليه من سوء