في الأيام التي تلت الانتخابات الرئاسية الأميركية، بدأت سادي بيريز، الطالبة الجامعية البالغة من العمر 19 عامًا والمتخصصة في العلوم السياسية في ولاية ويسكونسن، بحمل رذاذ الفلفل معها أثناء وجودها في الحرم الجامعي. لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، فقد طلبت والدتها لها ولشقيقتها مجموعة أدوات للدفاع عن النفس تضمنت أدوات مسامير حادة على سلسلة المفاتيح، وسكينًا مخفيا، ووسائل لطلب المساعدة.

يأتي هذا التحول استجابة لما وُصف بأنه تصعيد من مجموعة متطرفة من المؤثرين المعروفين "بالمانوسفير" وهي شبكة يمينية متطرفة من الرجال الذين استخدموا فوز المرشح الجمهوري الرئيس المنتخب دونالد ترامب في الانتخابات لتبرير الهجمات الخطابية ضد النساء على الإنترنت وتكثيفها.

قام بعض أعضاء هذه الحركة بإعادة توظيف شعار من الستينيات كان يستخدم للدفاع عن حقوق الإجهاض، ليحولوه إلى تهديد صريح للنساء عبر الإنترنت وفي الحرم الجامعي، تحت شعار: "جسدك خياري".

بنظر العديد من النساء، يمثل هذا الشعار نذيرًا مقلقًا لما قد يحدث في المستقبل، إذ ينظر بعض الرجال إلى نتائج الانتخابات كرفض لحقوق الإنجاب وحقوق المرأة.

تقول بيريز "مجرد شعوري بأنني مضطرة إلى حمل رذاذ الفلفل أمر محزن. النساء يرغبن ولهن الحق أن يشعرن بالأمان".

إعلان ارتفاع في الخطاب المعادي للنساء

إيزابيل فرانسيس-رايت، مديرة قسم التكنولوجيا والمجتمع في معهد الحوار الإستراتيجي، وهو مركز بحثي يركز على قضايا التطرف والاستقطاب، قالت إنها لاحظت ارتفاعًا كبيرًا في الخطاب المعادي للنساء بعد الانتخابات الأميركية، وأضافت "شاهدنا زيادة واضحة في أنواع مختلفة من الخطاب المعادي للنساء، بما في ذلك كراهية شديدة وعنيفة".

وتابعت فرانسيس-رايت "أعتقد أن العديد من النساء التقدميات صُدمن من السرعة والقوة التي اكتسب بها هذا الخطاب زخمه".

شعار "جسدك، خياري" الذي أثار الجدل نُسب إلى منشور على منصة "إكس" (تويتر سابقًا) من قبل نيك فونتيس، وهو شخصية يمينية متطرفة اشتهرت بإنكار الهولوكوست.

منشور فونتيس الذي كان قد حضر مأدبة عشاء مع ترامب في منتجع مارالاغو بفلوريدا قبل عامين حقق 35 مليون مشاهدة خلال 24 ساعة فقط، وفقًا لتقرير صادر عن معهد الحوار الإستراتيجي.

لا تعد الهجمات المعادية للنساء جديدة على وسائل التواصل الاجتماعي لكنها تصاعدت بشكل ملحوظ بعد الانتخابات (غيتي إيميجز) انتشار الشعار وخطورته

انتقل شعار "جسدك، خياري" بسرعة إلى منصات التواصل الاجتماعي الأخرى، وذكرت نساء على "تيك توك" أن العبارة بدأت تغمر التعليقات في منشوراتهن. كذلك ظهر هذا الخطاب في العالم الواقعي؛ إذ وردت تقارير عن أطفال في المدارس الإعدادية يرددون العبارة، بالإضافة إلى سماعها في الحرم الجامعي.

وذكرت أمّ أن ابنتها سمعت الشعار 3 مرات في يوم واحد في جامعتها، وفقًا لتقرير معهد الحوار الإستراتيجي.

بعض المناطق التعليمية في ولايتي ويسكونسن ومينيسوتا أرسلت إشعارات إلى الأهالي لتحذيرهم من هذا الخطاب، كما تمت إزالة قمصان تحمل الشعار من موقع أمازون بعد الجدل الذي أثارته.

تصاعد التهديدات والهجمات الرقمية

لا تعد الهجمات المعادية للنساء جديدة على وسائل التواصل الاجتماعي، لكنها تصاعدت بشكل ملحوظ بعد الانتخابات.

إعلان

وأصبح من الشائع نشر تعليقات تدعو النساء للعودة إلى الأدوار التقليدية، مثل "ارجعن إلى المطبخ"، أو المطالبة "بإلغاء التعديل التاسع عشر" الذي منح النساء حق التصويت.

وفي الأيام التي تلت الانتخابات، حصدت المنشورات العشر الأكثر تداولًا على منصة "إكس" والتي تدعو إلى إلغاء التعديل التاسع عشر أكثر من 4 ملايين مشاهدة.

أما في جامعة تكساس الحكومية فقد أثار رجل يحمل لافتة كتب عليها: "النساء ملكية" غضبًا واسعًا. وأكد رئيس الجامعة أن الرجل لا ينتمي إلى الكادر التعليمي أو الطلابي، وقد أُخرج من الحرم الجامعي، مع دراسة اتخاذ إجراءات قانونية بحقه.

تهديدات بالاعتداءات الجنسية

بالإضافة إلي ما سبق، ترك مجهولون تهديدات بالاغتصاب على مقاطع "تيك توك" لنساء عبّرن عن رفضهن لنتائج الانتخابات. ففي منتديات "4تشان" المتطرفة، ظهرت دعوات لتشكيل "فرق اغتصاب" واعتماد سياسات شبيهة بتلك الواردة في رواية "حكاية الجارية" التي تصور استعباد النساء في نظام قمعي.

تقول فرانسيس-رايت "ما كان مخيفًا هو السرعة التي انتقل بها هذا الخطاب من الإنترنت إلى تهديدات واقعية".

وأشارت إلى أن الخطاب العنيف على منتديات "4تشان" ارتبط سابقًا بهجمات عنصرية ومعادية للسامية، ومن ذلك حادثة إطلاق النار في بوفالو عام 2022 التي نفذها أحد أنصار تفوق العرق الأبيض وأسفرت عن مقتل 10 أشخاص.

تأثير السياسات الانتخابية

أثناء حملته الانتخابية، اعتمد الرئيس الأميركي المنتخب ترامب على رسائل موجهة للشباب الغاضبين من التغيرات الاجتماعية. لعبت قضايا الجندر دورًا في حملته، إذ اعتمد فريقه على استقطاب الرجال الشباب، وأظهرت استطلاعات "أسوشيتد برس فوت كاست" أن ترامب زاد من دعمه بين الرجال، خاصة الأصغر سنا، بينما حصل على دعم 44% من النساء اللواتي تراوح أعمارهن بين 18 و44 عامًا.

يرى بعض الرجال في عودة ترامب إلى البيت الأبيض تأكيدًا لأدوارهم التقليدية في المجتمع، بينما شعرت نساء كثيرات بأن الانتخابات كانت استفتاء على حقوقهن.

إعلان

بيريز التي تدرس العلوم السياسية تقول إنها وشقيقتها يعتمدان على دعم بعضهما للتصدي للمناخ العدائي. وتضيف "نحن نتأكد دائمًا من وصولنا سالمتين إلى المنزل، كما ننظم أمسيات نسائية للاحتفال بالإنجازات، مثل تحقيق الأغلبية النسائية في حكومة الطلاب بجامعتنا".

واختتمت بيريز بالقول "أريد أن أشجع صديقاتي والنساء في حياتي على استخدام أصواتهن للتصدي لهذا الخطاب وعدم السماح للخوف بأن يسيطر".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات بعد الانتخابات الحرم الجامعی هذا الخطاب

إقرأ أيضاً:

مقال بتلغراف: هذه الانتخابات ستؤثر كثيرا في تحديد مستقبل أوروبا

يرى مقال نشرته صحيفة تلغراف البريطانية أن الانتخابات الرئاسية البولندية التي ستُجرى اليوم لحظة سياسية مصيرية تتجاوز حدود بولندا، واعتبرها تصويتا على هوية أوروبا السياسية وتوازن القوى بين التيارات الليبرالية والمحافظة.

ويشير كاتب المقال صمويل راماني إلى المتنافسين الرئيسيين في هذه الانتخابات وهما: رافال تشازكوفسكي عمدة وارسو، المدعوم من التيار الليبرالي المؤيد للاتحاد الأوروبي؛ وكارول ناوروكي (مرشح مستقل) المدعوم ضمنيا من حزب "القانون والعدالة" المحافظ، والمقرّب من الرئيس الأميركي دونالد ترامب.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2كاتبة بين النازحين: نحن سكان غزة نمحى من التاريخ على الهواءlist 2 of 2واشنطن بوست: الشرع يواجه تحدي الأجانب الذين ساعدوه في الإطاحة بالأسدend of list

ويقول إن تشازكوفسكي يُدافع عن حقوق الأقليات وتوسيع نطاق الإجهاض، بينما يتبنى ناوروكي خطابا محافظا قائما على "القيم المسيحية" وينتقد بشدة السياسات الليبرالية.

العلاقة بالاتحاد الأوروبي وأوكرانيا

وفي العلاقات الخارجية، يعِد تشازكوفسكي بإنهاء الخلافات القانونية مع الاتحاد الأوروبي، خاصة في ملف سيادة القانون، ويؤيد انضمام أوكرانيا لحلف الناتو.

أما ناوروكي، فيتبنى موقفا أكثر قومية، ويربط انضمام أوكرانيا لحلف الناتو باعترافها بـ"مذابح الفولينيا" (أقلية بولندية تعيش في أوكرانيا) خلال الحرب العالمية الثانية.

وذكر راماني أن رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك ظل منذ عودة ترامب للرئاسة، يسير على خط رفيع بين التحالف الأوروبي والتعاون الأميركي.

إعلان

وأوضح أن تشازكوفسكي أقرب لأوروبا، في حين يتقارب ناوروكي مع إدارة ترامب والمجتمع اليميني الأميركي المحافظ.

ويتهم ناوروكي تشازكوفسكي بالحصول على دعم وتمويل من ألمانيا والملياردير جورج سوروس. وقد هدد تشازكوفسكي بمقاضاة ناوروكي بسبب هذه الاتهامات.

روسيا وأوروبا وأميركا

وقال الكاتب إن السلطات البولندية حذّرت من تدخلات إلكترونية روسية تهدف لدعم ناوروكي والتشويش على الرأي العام.

وتتابع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عن كثب هذه الانتخابات، حيث يساند بعض المسؤولين الأميركيين ناوروكي، في حين تُتهم مؤسسات أوروبية بالتدخل لدعم تشازكوفسكي.

وأوضح راماني أن فوز تشازكوفسكي قد يعزز توجه بولندا الليبرالي ويعيدها إلى مسار مؤسسات الاتحاد الأوروبي، ويدعم أجندة توسك الإصلاحية.

أما فوز ناوروكي، فقد يعمّق النزعة القومية البولندية، ويشكل تحالفا قويا مع ترامب على حدود الناتو الشرقية، وربما يُضعف الجبهة الأوروبية الموحدة تجاه روسيا.

ويؤكد الكاتب أن هذه الانتخابات ليست مجرد منافسة لاختيار رئيس لبولندا، بل استفتاء شعبي على هوية البلاد بين ليبرالية أوروبية تقدمية، ومحافظة قومية متحالفة مع التيارات اليمينية العالمية.

وختم بأن نتيجة هذه الانتخابات ستؤثر كثيرا في تحديد مستقبل العلاقة بين بولندا والاتحاد الأوروبي، وفي موقع بولندا في التوازن بين واشنطن وبروكسل، بل وربما مستقبل الحلف الأطلسي نفسه.

مقالات مشابهة

  • الدولار يتراجع إلى أدنى مستوى في ستة أسابيع مع تصاعد المخاوف التجارية والاقتصادية الأميركية
  • حمد العمري: تخصيص طاولات للنساء فقط في المقاهي يعتبر قلة حياء..فيديو
  • هذا هو عقاب هارفارد والجامعات التي خانت طلابها
  • مسؤول حزب: الانتخابات المقبلة مجرد تدوير نفس الوجوه التي دمرت البلاد والعباد
  • مقال بتلغراف: هذه الانتخابات ستؤثر كثيرا في تحديد مستقبل أوروبا
  • ضرائب ترامب تعوق المساعي الأميركية لتطوير البطاريات
  • مرصد يؤشر تطور ظاهرة الخطاب الطائفي في العراق مع قرب الانتخابات ويدعو لـالضبط
  • هل انضمام كندا للقبة الذهبية الأميركية يشكل عبئا على الاقتصاد؟
  • الاتحاد الأوروبي يعلّق على الرسوم الأميركية على الصلب
  • أثارت غضب ترامب.. رياضية متحولة جنسياً تبلغ نهائي أكثر من مسابقة بـ كاليفورنيا