بات الحديث متزايدا في دولة الاحتلال عن نشوء حالة من "الحكم الذاتي" ببعض المدن الخاصة بالحاخامات والمتدينين اليهود، إذ يحظر على سواهم من "العلمانيين" دخولها، أو استخدام مواصلاتها، ومنشآتها العامة، ما يعتبر وصفة جاهزة لمزيد من الانقسامات بين الإسرائيليين، ونشوب صراعات إضافية داخلهم.

المحامية ومديرة منظمة "العائلة الجديدة"، إيريت روزنبلوم٬ قالت إنّ: "مظاهر نشوء صيغة الحكم الذاتي في المدن "الدينية" في الدولة باتت متزايدة، بحيث لا يمكنني مثلا زيارة مدينة بني براك، وهي أشهرها، دون تعديل ملابسي بما يتوافق مع تعليمات الحاخامات، وإلا فإنني سأتعرض للعداء في أماكن معينة منها، أي أننا دخلنا عهد: دولة الحكم الذاتي والحكم الديني الصارم".



وأضافت روزنبلوم٬ خلال مقال نشره موقع زمن إسرائيل، وترجمته "عربي21" أن "هذه الظاهرة الغريبة عن الدولة نتيجة طبيعية لتحالف سياسي مفاجئ، جمع المتطرفين اليهود المعتنقين لقيم دينية، ما يكشف عن واقع معقّد للحكم الديني الذي بات يسيطر على الحياة اليومية الإسرائيليين".

وأوضحت أن: "القوانين الجديدة والصارمة تحدّد المسموح به وغير المسموح في كل مجالات الحياة: التعليم، الحياة الأسرية، العلاقات، الشوارع والملابس، والأماكن العامة، بحيث أصبح كل إسرائيلي ملزما بتكييف أسلوب حياته مع القيم الدينية للقطاع المهيمن على مكان إقامته".

وأكدت أن "القوانين التي يسنّها الائتلاف اليميني تزيد من هذه الفجوات بين المدن الإسرائيلية، حتى بات في كل ركن من أركانها ما باتت تعرف بـ"قوانين الاحتشام" التي تمس الفضاء العام، وجميع الإسرائيليين مطالبون بالالتزام بقواعد الديانة اليهودية".

"منها تقييد النشاطات يوم السبت، وحظر التجارة فيه، وإغلاق أماكن الترفيه العاملة قرب المناطق الدينية، مما يضطر الإسرائيليين لتغيير أنماط حياتهم، وإذا لم يفعلوا ذلك، سيتعرضون لخطر دفع الغرامات المالية" تسترسل المحامية نفسها.


وأشارت أن "هذه القوانين التعسفية يعني أن العديد من الإسرائيليين عادوا الى أيام "الغيتو"، فكل خروج من مكان السكن إلى واحدة من المدن "الدينية" بمثابة رحلة إلى "إسرائيل مختلفة"، حيث يشعر الإسرائيليون، وكأنهم غرباء، ويجري تطبيق القوانين على نطاق واسع بشكل رئيسي في "المدن المختلطة"، ما يعيد تحديد الحدود بين القطاعات اليهودية".

وأردفت بأن "هذا الواقع الجديد هو نتيجة طبيعية للائتلاف الديني الحاكم، الذي يؤكد أن كل شيء في الدولة يتم وفقاً للمبادئ الدينية، مما يكشف التعقيد الكامن وراء القوانين والقيود الجديدة التي فرضها، لأنه في الممارسة العملية يصبح الأمر أكثر صعوبة، لأن قدرة الإسرائيليين على التنقل بحرية بين المدن اختفت تقريبًا".

وأبرزت: "لم يعودوا يفهمون لماذا يلتزمون بقواعد لا علاقة لها على الإطلاق بهم، لأنها تمسّ مباشرة بحريتهم الشخصية بسبب القواعد الصارمة، ويبدو أن الحكومة تستخدم الدين كذريعة للسيطرة عليهم، بغض النظر عمن يكونون".

وأشارت إلى أن "الصورة الناجمة عن هذا الواقع أسفرت عن نشوء "دولة داخل الدولة"، فتل أبيب مثلا، وفي إطار الحكم الذاتي هناك شعور بحصار سكانها، وإجبارهم على تقديم بعض التنازلات، وبات أصحاب المحال التجارية فيها يعملون في ظل العديد من القيود، فلا يُسمح لهم بفتح أبوابهم في أمسيات الجمعة، رغم أن جمهوري علماني فقط، كما أن الافتتاح ليلة السبت يقتصر على وقت معين، وكأنني أعيش في حظر التجول، لأن شوارع تل أبيب يسودها شعور بالعزلة، وبالغضب أيضاً".

من جهته، يعبّر الحاخام هاس، أحد قادة الجمهور الأرثوذكسي المتطرف، ورئيس مدرسة دينية معروفة في بني براك، عن إحباطه من: "الحكم الذاتي غير الديني العلماني في تل أبيب"، بقوله إن "إسرائيل لم تنشأ لتكون مكانا للإباحية والتوجهات التي تدنّس قيم الديانة اليهودية".

وتابع: "لأن الحفاظ على الدين يجب أن يفوق كل الاعتبارات السياسية، وسوى ذلك أمر لا يمكن تصوره في الدولة"، معتبرا أن "الوضع في تل أبيب خطيئة أخلاقية، لأنها تروّج للمحتوى الليبرالي، مما قد يكون له تأثير سلبي على الشباب الإسرائيلي، ويزيد الانقسام في المجتمع".


إلى ذلك، استعرضت الكاتبة خلال المقال الذي ترجمته "عربي21" جُملة من القوانين التي تؤكد توجّه دولة الاحتلال الإسرائيلي نحو مزيد من الاحتكام للشريعة اليهودية الحاخامية، وليس القيم الليبرالية القائمة عليها منذ إنشائها.

وتشمل القوانين قيودًا على حرية الزواج والشراكة، ووسائل النقل العام، وإغلاق الأعمال التجارية يوم السبت، وحظر العروض العامة خلال أوقات الصلاة، وبحسب قوانين الحكومة، فلا يوجد تقريبًا أي مكان في الدولة يستطيع الإسرائيليون العيش فيه دون شخص يشرف على ملابسهم، وطريقة كلامهم وطعامهم، وأنماط حياتهم، مما يعني نجاح نموذج الحكومة الدينية التي تم تحديد قواعدها من قبل الحاخامات، فيما ترك الجمهور العلماني على الهامش. وفقا للمصدر نفسه.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية الاحتلال الحاخامات الغيتو الاحتلال الحاخامات الغيتو اليمين الصهيوني صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الحکم الذاتی فی الدولة

إقرأ أيضاً:

كتلة الوفاء للمقاومة: إسرائيل تريد إبقاء لبنان تحت النار

أكدت "كتلة الوفاء للمقاومة" بلبنان في بيان، يوم الخميس، أن الحكومة ارتكبت سقطة أخرى بتسميتها "مدنية" للمشاركة في لجنة "الميكانيزم" التي ‏تشرف على اتفاق وقف ‏الأعمال العدائية.

أوتوستراد المطار يختنق في لبنان بسبب حادث داخل الأنفاق لبنان يواصل الخيار الدبلوماسي لوقف الاعتداءات الإسرائيلية وسط تزايد الضغط الدولي


وأفادت في بيان عقب جلسة دورية تداولت في قضايا وشؤون ‏سياسية ونيابية عدة ‏تتصل بلبنان وفلسطين والمنطقة، "أولا: سقطة أخرى ارتكبتها السلطة في لبنان بتسميتها "مدنية" للمشاركة في لجنة الميكانيزم التي ‏تشرف على اتفاق وقف ‏الأعمال العدائية مخالفة حتّى للمواقف الرسمية السابقة التي ربطت مشاركة ‏المدنيين بوقف الأعمال العدائية"‎.‎

وأضافت الكتلة "أن الدولة اللبنانية قدمت تنازلا مجانيا لن يوقف العدوان، لأن إسرائيل تريد إبقاء لبنان تحت النار ‏بتغطية ودعم من الولايات ‏المتحدة".‏

وأشارت في البيان إلى أن "كتلة الوفاء للمقاومة" ترى أن الفرصة ما تزال متاحة بيد السلطة اللبنانية لفرملة تنازلاتها المجانية ‏المتسارعة أمام ‏العدو من خلال حزم أمرها واشتراط التزام العدو بالاتفاق أولا، خصوصا وأن ‏الخروقات والانتهاكات العدوانية قد بلغت ‏آلاف وأدت إلى مقتل وجرح مئات المواطنين ‏اللبنانيين وتدمير العديد من الممتلكات الخاصة والعامة.‏

وذكرت كذلك أن الكتلة تلاحظ ارتفاعا في منسوب اللغة التصالحية من بعض الأطراف والشخصيات مع إسرائيل مبررة ‏جرائمها ومبدية تفهمها لما يقوم به الجيش الإسرائيلي من اعتداءات وجرائم يومية بحق الوطن وأهله، ‏وتقديم بعض المنصات والمنابر أمام متحدثيه ‏أو ترويج مقولاته بما يشكل مخالفة واضحة وانتهاكا فاضحا ‏للقوانين اللبنانية في التعاطي مع عدو رسمي للبنان بموجب ‏القوانين اللبنانية‎.‎

وأهابت الكتلة بالجهات المعنية من وزارة الإعلام والمجلس الوطني للإعلام وكذلك الجهات القضائية ‏وكل الشخصيات المعنية ب‏أن تتحرك فورا وتقوم بواجباتها كاملة ازاء هذا التسيب الإعلامي الذي يضرب ‏أساسيات وبديهيات الموقف الوطني ويؤدي ‏إلى مزيد من الانقسامات ما يشجع تل أبيب على تصعيد ‏عدوانها والاستمرار فيه‎.

كما أدانت الكتلة بشدة ما وصفته بـ"أعمال البلطجة والقرصنة والتهديدات العدوانية الأمريكية المتصاعدة ضد ‏العديد من دول العالم ‏المستضعف"، ونبهت إلى مخاطر تلك الأعمال وارتداداتها على الأمن والسلم ‏الدوليين.

وأشارت في بيانها أيضا إلى أنه "في اليوم العالمي لحقوق الإنسان الذي غدا مؤخرا أجوف فارغا من أي مضمون بفعل جرائم ‏الإبادة المنظمة ضد ‏الأطفال والنساء والعجزة التي نفذها الكيان الصهيوني في قطاع غزة وبفعل ‏عدوانه المستمر على لبنان في ظل شراكة ‏أمريكية غربية كاملة وصمت أممي مشبوه ومدان، تناشد ‏الكتلة الشعوب وقواها الحية وكل الشرفاء والأحرار في هذا ‏العالم سيما النخب الغربية والطلاب ‏والشباب كما الجهات القانونية والقضائية، أن يصعّدوا من حراكهم لنصرة قضايا الحق ‏والحرية ‏والعدالة لكل أبناء البشر وخاصة المظلومين منهم"‎ .

وثمنت الكتلة في البيان ما أنجزته لجنة المال والموازنة لجهة تخصيص اعتمادات مالية لملف إعادة إعمار ما ‏هدمه العدوان ‏الإسرائيلي في لبنان، مؤكدة أن هذه الخطوة وبمعزل عن قيمة الاعتمادات المرصودة هي خطوة ‏أساسية لا بد منها لتأكيد مسؤولية ‏الدولة عن هذا الملف وأن من حق أبناء القرى الأمامية ‏وكل المواطنين المتضررين على الدولة أن تبذل كل جهد ‏ممكن من أجل توفير الاعتمادات اللازمة ‏للإيواء والبدء بإعمار المنازل المتضررة كليا أو جزئيا‎.

مقالات مشابهة

  • ضغوط لحسم الصراع مع إسرائيل وحصر السلاح
  • خبير سياسي: مصر الوحيدة التي تواجه المشروع الدولي لتقسيم سوريا وتفكيك الدولة
  • كتلة الوفاء للمقاومة: إسرائيل تريد إبقاء لبنان تحت النار
  • رئيس وزراء الاحتلال السابق يهاجم الإسرائيليين.. ما السبب؟
  • جامعة الإسكندرية تنظّم فعاليات مميزة ضمن دورة "الهوية الدينية وقضايا الشباب" بكلية التمريض
  • تعديل القوانين الانتخابية في المغرب.. هل تعزز النزاهة أم تقيّد حق الترشح؟
  • بين نقض “التمييز” وإصرار “أمن الدولة” على الحكم .. صندوقة يضرب عن الطعام لسيادة القانون
  • إسرائيل تتغير جذرياً على يد الجماعات الدينية
  • استطلاع رأي: 70% من الإسرائيليين يرجحون اندلاع حرب مع إيران العام المقبل
  • اليوم ..الحكم في 257 طعن من انتخابات الجولة الأولى بالمرحلة الثانية بانتخابات مجلس النواب