الفرد المتعلم كمركز
تاريخ النشر: 3rd, December 2024 GMT
عيسى الغساني
يُشكِّلُ الفردُ في كل المُجتمعات مركزَ نموٍ أو تراجعٍ لشخصه ولمجتمعه ومن المؤسسات المجتمعية، والنمو والتراجع للمجتمعات مفهومان رئيسيان في العلوم الاجتماعية، ويرتبط النمو بالتَّقدم الشخصي، التعليمي الاقتصادي والاجتماعي، وبالمقابل تراجع في أحد جوانب النمو الشخصي يشكل تراجعًا ومن ثم اضمحلالًا.
وعلى مستوى الفرد تتجلى آثار الاضمحلال في الوهن المعرفي وتراجع الصحة العقلية والنفسية وسهولة الانقياد والاستقطاب لأفكار تخدم مصالح لا تصب في مصلحة الفرد ذاته أو مجتمعه. ويرى الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط "أن النمو الشخصي هو واجب أخلاقي للفرد، فهو ما يجعل الإنسان قادرًا على تحقيق ذاته". وأبعد من ذلك، يرى عالم الاجتماع الفرنسي إيميل دوركايم "أن النمو لا يتعلق بالفرد فقط؛ بل بقدر قدرته على الإسهام في التماسك الاجتماعي".
وإذ كان للفرد هذا الدور المهم والضروري، فإنَّ بناء الإنسان لقدراته باستثمار الوقت إلى أفضل حد ممكن واجب اجتماعي ومسؤولية أخلاقية؛ حيث عندما يفقد الإنسان قدرته على تطوير ذاته يصبح كما يقول جون لوك عبئًا على مجتمعه.
وفي عالم اليوم، أصبح بناء القدرات وتحليل مكامن القوة والوهن متاحاً للجميع، فتطوير القدرات والتعلم المستمر وتحسن الصحة الجسدية والنفسية تلقي بظلالها الإيجابية أو السلبية على الفرد والأسرة والمجتمع والمؤسسات؛ فمن لا يتقدم يتقادم، وربما يدفع الجميع ثمنًا باهظًا نتيجة تراجع فرد، وعلى الأخص إذ كان هذا الفرد في موقع يسمح بطيف واسع من المسؤولية على مستوى المجتمع أو المؤسسة؛ سواء كانت تعليمية أو اقتصادية أو اجتماعية.
فعلى سبيل المثال اختبارات الذكاء القيادي (Leadership Aptitude TEST) واختبارات الذكاء العاطفي "EQ" واختبار القدرات الإدارية "GMTA"، والقراءة إحدى طرق بناء القدرات والإبداع وتنمية المؤسسات. شركة أمازون الأمريكية تنظم برامج قراءة دورية للموظفين للاطلاع على أحدث الأفكار في مجالات التكنولوجيا وإدارة الأعمال. كما إن شركة مايكروسوفت الأمريكية توفر مكتبة إلكترونية لموظفيها. وبناء الأفكار والعقول عبر مسار الرُقي الإنساني كانت ولا تزال القاعدة الصلبة والأساس والمركز لكل تطور حضاري.
ويُقاس وَهَن أو صلابة المجتمعات بقوتها الفكرية التي يحملها أفراد هذه المجتمعات؛ فالمجتمعات في أعلى نموها وتفوقها تتميز بقوة أخلاقية وفكرية وإبداعية عالية؛ اذ تكون قادرة على تنظيم ذاتها واستثمار العقل والأرض لتحصل على متطلبات بقائها.
والمجتمعات الواهنة تتصف بالعجز والوهن والصراعات الوهمية والعجز في استغلال الموارد؛ بل تدمر مواردها وقدراتها وتكون عالة على المجتمعات الأخرى، والأمم تبنى بالعلم والعمل وهو أساس التقدم، فلماذا لا نقرأ؟!
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
«حكماء المسلمين» يشارك بإطلاق وثيقة لدعم المسنين
أطلق «مجلس حكماء المسلمين» و«الأكاديمية البابوية للحياة» في الفاتيكان والجمعية الأمريكية للمتقاعدين، وفي أول نشاط رسمي للفاتيكان في عهد البابا ليو الرابع عشر، وثيقة لدعم وحماية كبار السن والحفاظ على كرامتهم.
تأتي الوثيقة ضمن رؤية موحدة، ترتكز على ضرورة تعزيز الجهود المشتركة لدعم كبار السن وحقهم في الاستقلالية ووقايتهم من جميع أشكال التمييز.
تنص الوثيقة - التي وقع عليها المستشار محمد عبد السلام، الأمين العام للمجلس، والمطران فنشنسو باليا، رئيس الأكاديمية، والدكتور ميخيا مينتر جوردان، الرئيس التنفيذي للجمعية الأمريكية للمتقاعدين، على توفير آليات تمكِّن كبار السن من اتخاذ الخيارات المناسبة لأنفسهم وأسرهم، وأن تتاح لهم إمكانية الحصول على رعاية صحية عالية الجودة، تركز على احتياجاتهم الشخصية، وتُراعي اختياراتهم الفردية.
وقال عبد السلام: هذه الوثيقة تهدف للعناية بكبار السنِّ والحفاظ على كرامتهم لأنهم ذاكرة المجتمعات الإنسانية الحافظة لهويتها وتجاربها المتراكمة، وسجلّ حيّ من الحكمة والخبرات. ونقل الحكمة والخبرة عبر الأجيال يعزز مناعة المجتمعات أمام الأزمات، ويؤسِّس لمستقبل متوازن.
وأكد أن المجلس الذي يتخذ أبوظبي مقرّاً، سيعمل على تقديم الدعم اللازم لتعزيز المبادئ والقيم الواردة وتفعيلها بهذه الوثيقة المهمة.
وتؤكد الوثيقة، التي تعد الأولى في الاهتمام بكبار السن، أهمية دور الأسر في دعم كبار السن، مع القناعة العميقة بأن للمؤسسات والحكومات والمجتمعات مسؤولية أخلاقية واجتماعية في تعزيز الازدهار والرفاه الطويل الأمد لجميع الفئات العمرية. وينبغي أن يعمل القادة العالميون والمؤسسات الدولية ومؤسسات المجتمع المدني على الانخراط والمساهمة في توجيه صانعي السياسات الوطنية ودعمهم لتبني سياسات تخدم المجتمعات. (وام)