الاستقامة والاعتصام: مفاتيح النجاة من خطط الأعداء
تاريخ النشر: 8th, December 2024 GMT
عدنان ناصر الشامي
تُعَدُّ كلمات “الاعتصام” والاستقامة” من المفاهيم الأَسَاسية التي تضرب في عمق العقيدة والإيمان، وهما مفردتان تعكسان طبيعة الصراع القائم بين الحق والباطل، وتكشفان عمق التحدي الذي تواجهه الأُمَّــة الإسلامية من قِبَل أعدائها، خُصُوصاً اليهود والنصارى الذين يسعون دومًا إلى تحريف الحق وإبعاده عن مساره المستقيم.
الاعتصام الحصن الحصين:
“الاعتصام” كلمة تحمل في طياتها معنى القوة والنجاة. الاعتصام بالله هو اللجوء إليه في كُـلّ الظروف، والتمسك بهداه في أوقات الفتن والشدائد؛ لأن الاعتصام هو الحبل الذي يُنجي الأُمَّــة من الضلال والتشتت، ويوجههم نحو سبيل الحق والاستقامة.
ولعل أكثر ما يُزعج أعداء الله هو رؤية أُمَّـة تعتصم بالله وحده، وتتخذ من كتابه العظيم منهاجًا ومن أعلام هديه قيادةً لحياتها، لأن هذا الاعتصام يعني قطع كُـلّ سبل التأثير والتحكم بهم، والعودة إلى منبع القوة الحقيقي، الذي لا يُقهر ولا يُضام.
الاستقامة تَحَدٍّ لأعداء الحق:
“الاستقامة” ليست مُجَـرّد كلمة عابرة، بل هي موقف، هي ثبات على الحق ورفض لكل مظاهر الانحراف والتحريف. إن جوهر هذه الكلمة يكمن في الثبات على طريق الله، والتمسك بهداه وتعاليمه، وهذا ما يجعلها كلمة تحمل خطورة كبيرة على أعداء الأُمَّــة، الذين لا يريدون للناس أن يسيروا على هذا الطريق، بل يسعون بكل وسائلهم وأساليبهم إلى أن “يبغونها عوجا”؛ أي أنهم يريدون تحريفها وإبعاد الناس عن نهج الله الواضح.
هذا التحدي للحق ليس مُجَـرّد نظرية أَو أمنية، بل هو عمل متواصل من قِبَل أعداء الله الذين يسعون إلى نشر الفتن والفساد، وتشجيع الانحراف عن الطريق المستقيم، قال الله تعالى: “قُلْ يَا أهل الْكِتَابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَهَا عِوَجًا وَأَنْتُمْ شُهَدَاءُ” إنها دعوة واضحة تكشف مكائد أهل الكتاب، يسعون لصد المؤمنين عن دين الله، وتحريف الحقائق، وتثبيط العزائم.
لأنهم يدركون تماماً أن الأُمَّــة المستقيمة على نهج الله ستكون عصيةً على الانكسار، وستحظى بتأييد الله ونصره وقادرةً على مواجهة كُـلّ المؤامرات والدسائس التي تُحاك ضدها.
الأمة أمام حالة خطيرة:
نحن نعيش في زمن يُحيط بنا فيه الخطر من كُـلّ جانب، حَيثُ المؤامرات تُحاك في السر والعلن، والتحديات تزداد يوماً بعد يوم. وفي هذا الواقع المليء بالتحديات، لا يوجد سبيل للنجاة سوى الاعتصام بالله والعودة إليه، واتِّخاذ نهجه وكتابه والسير على درب أعلام هديه، لانهما درعًا واقيًا وسبيلاً للخلاص.
إن حالة الأُمَّــة اليوم تستدعي هذا الاعتصام كضرورة مُلحة؛ لأننا أمام تحديات فكرية وثقافية وعسكرية، وأمام عدو يسعى بكل وسيلة إلى أن يزعزع ثقتنا بإيماننا، ويُبعدنا عن نهج الاستقامة، لذا فإن العودة إلى الله، والتمسك بحبله المتين والتمسك بكتابه العظيم، ونبيه الكريم، وعترته أعلام الهدى، هو السبيل الوحيد للخروج من هذه الأزمة الخطيرة.
الاعتصام والاستقامة طوق النجاة:
إن طريق النجاة واضح وجليّ، وهو طريق الاعتصام ولاستقامة العودة الصادقة إلى الله، والتمسك بكتابه الكريم والسير إلى نهج أعلام الهدى، والاعتصام بحبله المتين. هذه هي السبيل للخروج من كُـلّ الأزمات، والانتصار على كُـلّ الأعداء.
فالاعتصام يعني اللجوء إليه في كُـلّ صغيرة وكبيرة، وتدعو إلى التمسك بدين الله كطريق للنجاة من التفرق والاختلاف، وتشدّد على أن الوحدة، والعمل الجماعي كأمة هي نعمة عظيمة يجب الحفاظ عليها؛ لأن من اعتصم بالله فقد اهتدى إلى الصراط المستقيم.
والاستقامة تعني السير على نهج الله بكل قوة وثبات، وصدق، وإخلاص دون ارتياب أَو تراجع، وهذه الكلمات هي طوق النجاة الذي لا يمكن أن نغفله أَو نتجاوزه،
إن أعداء الله يدركون خطر هاتين الكلمتين، لذا يسعون دومًا إلى تحريفهما، وإبعاد الأُمَّــة عن معناهما الحقيقي. لكننا، إن تمسكنا بالاعتصام والاستقامة، سنكون قادرين على مواجهة كُـلّ المؤامرات والتحديات، وسنحقّق النصر والتمكين بإذن الله.
فالاعتصام والاستقامة هما درع الأُمَّــة وسلاحها في معركة الوجود، وكلما ازددنا تمسكًا بهما، ازددنا قوة وثباتًا، حتى نُحبط كُـلّ مكائد الأعداء، وننتصر في معركة الحق ضد الباطل.
علينا أن نعتصم بحبل الله جميعاً، وأن نتمسك بكتاب الله، ورسوله، والسير على درب أعلام الهدى، فهما المنارة التي تهدي الحائر، والطريق الذي لا يضل سالكه.
المصدر: يمانيون
إقرأ أيضاً:
“فرسان الحق” .. حينما تتجلى الأخلاق في عقيدة المخابرات الأردنية
صراحة نيوز – بقلم :ا.د احمد منصور الخصاونة
في وطننا الذي يفخر بجنوده وأجهزته الأمنية، تبرز المخابرات العامة الأردنية ليس فقط كدرع واقٍ من المخاطر، بل كمدرسة في القيم والمروءة والإنسانية. ليست القصة التي رواها المواطن حمزة العجارمة إلا نافذة صغيرة تطل على جبل من النبل والرجولة والشهامة المتجذرة في نفوس أبناء هذا الجهاز السيادي الوطني العريق.
فحين تجد فتاة جامعية نفسها وحيدة، مرهقة، في ساعة متأخرة، عاجزة عن العودة إلى بيتها، لا تجد حولها سوى نظرات العابرين وقلق الظلام … يُشرق النور فجأة من حيث لا تتوقع، من رجال لا يعرفون التفاخر ولا ينتظرون الشكر، لكنهم جبلوا على أن يكونوا عونًا وسندًا لكل محتاج وضعيف.
“هاي بنتي قبل ما تكون بنتك” .. فلسفة أمنية تتجاوز التعليمات وتلامس القلوب، ليست هذه الجملة العابرة مجرد تعبير ارتجالي خرج من لسان رجل أمن في موقف إنساني عابر؛ بل هي اختزال صادق لفلسفة عميقة تجسد العقيدة الأمنية الأردنية التي نشأت على القيم، وتشكلت من رحم الأخلاق، وتربّت على سُنة الوفاء والانتماء.
“هاي بنتي قبل ما تكون بنتك” تعني أن المواطن ليس رقماً في سجل، بل هو شريك في الوطن، وأن من ينتسب الى الدائرة، لا يُحركه القانون وحده، بل تُحركه الروح، والضمير، والرحمة، والفطرة الأردنية الأصيلة. هذه الجملة البسيطة كشفت عن وجه آخر لدائرة المخابرات العامة، الوجه الذي لا تراه الكاميرات، ولا تتصدر أخباره العناوين، لكنه حاضر في لحظة وجع، في موقف حيرة، في ساعة عتمة. هناك حيث لا أحد، يظهر رجال المخابرات، لا ليمارسوا سلطة، بل ليحملوا مسؤولية، لا ليفرضوا تعليمات، بل ليقدموا الطمأنينة.
دائرة المخابرات العامة الأردنية ليست فقط خط الدفاع الأول عن الوطن، بل هي أيضاً الحضن الأول لمن يشعر بالخوف أو الضياع. هي النموذج الحي على أن الأمن لا يُبنى بالعتاد وحده، بل يُبنى بالإنسان أولاً، ويصان بالعطاء، ويُروى بالرحمة. في زمن تتآكل فيه القيم عند البعض، ويعلو فيه صوت المصالح، تظل المخابرات العامة الأردنية صرحاً من صروح النبل، ومدرسة في الشرف والكرامة، وعنواناً للثقة التي نُسلمها لهم دون تردد لأننا نعلم أنهم أمناء عليها، كما هم أمناء على تراب الوطن.
ولأن الأردن وُلد من رحم الكرامة، ونشأ في مدرسة الهاشميين، فإن منسوبي مخابراته ليسوا مجرد موظفين، بل هم فرسان لا يغيب عن أعينهم نبض الأردني، ولا تغيب عن ضمائرهم دمعة أم، أو حيرة طالبة، أو قلق مواطن.
فطوبى لمن كانت “بنت الناس” عنده “بنته”، وطوبى لمؤسسة تُقدّم المثال لا المقال، والرحمة لا الجمود، والانتماء لا الادعاء.
لقد عرفناهم عن قرب، وتعاملنا معهم في مواقف ومناسبات مختلفة، فكانوا كما عهدناهم: رجال دولة، فرسان مبدأ، وأصحاب نخوة لا تهاب ولا تساوم. لا يخشون في الحق لومة لائم، ينجزون في صمت، ويحمون الوطن وأبناءه دون أن يسألوا عن مقابل.
دائرة المخابرات العامة، قدموا لنا في هذه الحادثة درسًا في الإنسانية، قبل أن يكونوا نموذجًا في الحماية. هم رجال تمرسوا في ميادين التضحية، وتشربوا أخلاق الجيش العربي، وتربّوا على أن الكرامة لا تتجزأ، وأن البنت الأردنية أمانة في أعناقهم كما هي في كنف والدها.
وإننا – أبناء هذا الوطن – لا نملك أمام هذه النماذج إلا أن نرفع القبعات احترامًا، ونسأل الله أن يحفظهم، ويسدد خطاهم، ويجعلهم دائمًا كما عهدناهم: سندًا للوطن، وعنوانًا للرجولة، ورمزًا للحق.
دام الأردن عزيزًا، دامت مخابراته درعًا حصينًا، ودامت عقيدتها مدرسةً في الشرف والإنسانية.