أحمد ياسر يكتب: الطريق إلى دمشق قصيرا ً
تاريخ النشر: 9th, December 2024 GMT
أطاحت قوات المعارضة المسلحة بنظام بشار الأسد.. وسيطرت على العاصمة "دمشق" بعد هجوم سريع عبر البلاد.. وغادر آل الأسد سوريا بعد نصف قرن من الزمان، ولكن.. كيف حدث هذا بهذه السرعة بعد فترة طويلة من الركود في الحرب الأهلية السورية التي استمرت ثلاثة عشر عامًا؟ وماذا ينتظر سوريا والشرق الأوسط والقوى الخارجية التي شكلت الأحداث هناك؟
لقد تغير توازن القوى في الشرق الأوسط بسرعة، وستحتاج الولايات المتحدة إلى استراتيجية جديدة.
أولًا، كانت قبضة الأسد على السلطة أكثر هشاشة مما كان يُنظر إليه على نطاق واسع دوليًا، وخاصة من قبل أولئك الذين ينصحون بالمصالحة والتطبيع.
ثانيًا، عانت إيران وروسيا من خسارة دراماتيكية لنفوذهما في سوريا والمنطقة نتيجة للحروب في الشرق الأوسط وأوكرانيا، مما يجعل من المستحيل عليهما إنقاذ الأسد في عام 2024 كما فعلوا في عامي 2014 و2015.
ثالثا، تركيا هي الدولة الوحيدة التي يبدو أنها كانت لديها استراتيجية رابحة لسوريا: وهي معارضة الأسد في حين التفاوض مع داعميه، واستضافة اللاجئين، ودعم المعارضة سياسيا وعسكريا، ومحاربة وحدات حماية الشعب، وهي فرع من جماعة حزب العمال الكردستاني الإرهابية المناهضة لتركيا، في شمال سوريا، والآن تتمتع أنقرة بنفوذ اقتصادي ودبلوماسي وعسكري لا مثيل له على عملية الاستقرار وإعادة البناء، وحسن نية عدد كبير من السوريين.
رابعا، انهار النهج الأمريكي تجاه سوريا على مدى العقد الماضي ….
إن سقوط الأسد يوفر إغلاقًا فوريًا لحكمه في سوريا... لكن النهاية المفاجئة لعصر "الأسد" تترك السؤال مفتوحًا حول ما سيأتي بعد ذلك - مع وجود أسباب مهمة للحذر والقلق من إمكانية حدوث تفتت وفوضى في البلاد، ولكن بغض النظر عما سيحدث في سوريا، فإن آثار رحيل الأسد سوف تتردد في جميع أنحاء المنطقة!!
بالنسبة لإسرائيل، من المؤكد تقريبًا أن الإطاحة بالنظام ستُنظر إليها بمشاعر مختلطة، حيث يشعر الإسرائيليون بعدم اليقين بشأن ما إذا كان الشيطان الذي يعرفونه سيحل محله في النهاية شيطان جديد.. من غير المرجح أن تحتفل إسرائيل بالنصر العلني !!
الواقع أن الضربات الإسرائيلية في لبنان على مدى الأشهر القليلة الماضية ضد مجموعة واسعة من مسؤولي حزب الله ومخازن أسلحته، والضربات في سوريا التي منعت إعادة إمداد حزب الله، كانت السبب في إضعاف الجماعة إلى الحد الذي جعل قوات "المعارضة السورية" تشعر بالثقة في قدرتها على الاستفادة ومحاولة الاستيلاء على حلب.
وكان تحقيق هذا يتطلب من قوات المعارضة أن تكون واثقة من عدم وجود تعزيزات (كافية) لنظام الأسد من حزب الله، كما كانت قضية رئيسية في الماضي.
ولكن هل من المعقول أن نفترض أن إسرائيل لم تكن تنوي أو تخطط لاستغلال المعارضة السورية لهذا التطور للإطاحة بالنظام؟ ولكن من الحكمة أن تستغل إسرائيل هذا التطور على الفور كنقطة مشتركة وتستخدمه في البحث عن مشاركة هادئة خاصة مع القادة الناشئين.
وإذا كانت إسرائيل راغبة في ضمان أمنها بشكل أفضل في الشمال، فيتعين عليها التوصل إلى اتفاقات سرية وجادة مع الحكومة السورية الجديدة تقضي بعدم استخدام البلاد لنقل الأسلحة إلى حزب الله لإعادة بناء المجموعة، ومن المؤكد أن وجود "لبنان" متوافق مع اتفاق الطائف وغير خاضع لسيطرة حزب الله، وسوريا غير متحالفة مع إيران، من شأنه أن يضمن السلام والأمن لإسرائيل على المدى الطويل أكثر من أي قدر من الحظر أو الضربات الأخرى.
ومن المرجح أن تكون ردود فعل دول الخليج ــ التي افترض بعضها أن نظام الأسد باق هنا وأعادت الترحيب به وبسوريا في جامعة الدول العربية ــ متباينة بشأن سقوطه والخطوات التالية التي ينبغي لها أن تتخذها.
في حين أن "الدوحة" قد تكون أكثر ميلًا إلى توفير الموارد المالية لأي حكومة تنشأ في دمشق، فإن المخاوف القديمة لدى "أبو ظبي والرياض" بشأن الحكومات التي يقودها الجماعات المتمردة، جنبًا إلى جنب مع التردد في إعطاء الأموال مجانًا، بدلًا من الاستثمار في البلدان، قد تدفعهما إلى الانتظار لمعرفة القيادة التي ستظهر بالفعل في سوريا.
من السابق لأوانه معرفة ما إذا كان الإطاحة بنظام الأسد ستجلب المزيد من الرخاء للشعب السوري والأمن للمنطقة - في نهاية المطاف ربما سيحدد الشعب السوري حكمه المستقبلي، لكن لحظات مثل هذه نادرة وعابرة للغاية.
إذا كانت إسرائيل ودول الخليج والجهات الفاعلة الإقليمية الأخرى حكيمة، فسوف تستغل هذه اللحظة كفرصة لمحاولة تشكيل مستقبل المنطقة وليس مجرد الرد عليها.
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: سوريا بشار الأسد المعارضة السورية ايران حزب الله اسرائيل هضبة الجولان تركيا سقوط نظام الأسد دمشق هروب بشار الأسد فی سوریا حزب الله ا کانت
إقرأ أيضاً:
عادل القليعي يكتب: أيها المزايدون على مصر .. عار عليكم
يبدو أنه قدر مقدر ومكتوب على أرض الكنانة أنها تتحمل مسؤولية وتضع على عاتقها حملا ثقيلا ، لا أقول هم القضية الفلسطينية وحدها ، وإنما هموم الأمة العربية والإسلامية.
فمصر شعبا وقيادة لا تألو جهدا ولا تدخر وسعا في نصرة الأشقاء العرب مهما كلفها ذلك من تضحيات.
ولعل التاريخ الحديث والمعاصر خير شاهد على ذلك.
فمن الذي حمل على عاتقه هم القضية السودانية وتصدت بكل ما أوتيت من قوة لمنع الفتنة ووقفت عقبة كئود وحجر عثرة في طريق تقسيم السودان ، ليس هذا وحسب ، بل وفتحت حدودها مرحبة بالأشقاء السودانيين ولم تقم لهم خياما على الحدود ، بل استقبلتهم ضيوفا كراما مأكلهم ومشربهم واحد مثلهم مثل المصريين ، مدارسها وجامعاتها وأسواقها فتحت أبوابها على مصرعيها لهم لا فرق بينهم وبين أهلها.
من الذي استقبل الإخوة السوريين الفاريين من بطش القيادة السورية ، ومن جحيم الآلة العسكرية السورية الفتاكة من الذي أعطاهم حقوقا مثلهم مثل المصريين ، إنها مصر التي ناصرتهم كما فعل الأنصار مع المهاجرين ولم يمل الشعب ولم يكل بل اقتسم لقمته معهم وأواهم واحتضنهم حتى صاروا قوة لا يستهان بها ففتحوا المحلات والمصانع والمطاعم.وعندما قرروا العودة ، عادوا إلى بلادهم معززين مكرمين.
من الذي جيش الجيوش عندما استنجدت دولة عربية بها وقت غزو العراق لها عام 1990م، ومن الذي قاد حربا برية ضد جحافل جيوش العراق وحرر الكويت من تحت وطأة الاحتلال العراقي.
وللأسف الشديد لم يقدم لها حتى كلمات شكر ، بل العكس من ذلك ، إهانات هنا وهناك ، نحن من أتينا بكم بأموالنا ، لكن السؤال إلى هؤلاء ، هل جيش مصر مرتزق يؤجر فى المعارك ، أي غباء هذا ، ما لكم كيف تحكمون.؟!
ويزيد الطين بلل أن تتهمنا صحافية أننا حفاة عراة مأجورين نعمل عندهم ، وهذا ما استفز قائدنا فخامة الرئيس ، فخرج بخطاب جامع وضح فيه ، أننا شعب أبي لا يقبل الإهانة من أحد ، وأننا عندما نسافر للعمل فإننا نسافر بشرفنا وبعقود موثقة ، وعندما نذهب إلى أي مكان فى العالم نذهب بكرامتنا وللاستفادة منا ومن خبراتنا في كل المجالات.
ألم يقلها فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي ، لن نتأخر عن نصرة أشقائنا في أي دولة عربية أو إسلامية.
إن مصر مواقفها واضحة وثابتة في كل ما يخص قضايا أمتنا العربية ، فما الداعي إلى المزايدات عليها ، ما الداعي لإثارة الفتن وإحداث بلبلة للرأي العام ، هل أيها المزايدون تريدون تفتيت وحدتنا ، هل تريدون تشكيك الشعب في قيادته وفي كل منجز تم على أرض الواقع ، لماذا كل هذا الغل وهذا الحقد على مصر .
راعكم النجاح ولم لا فأنتم أعداء كل نجاح ، هل بلغ بكم الأمر إلى تأليب بعض أبناء الجالية الفلسطينية وتحريضهم أن يخرجوا في مظاهرات ضد حكومتنا ، وتطالبهم بفتح المعبر ، من الذي أوهمهم أن المعبر مغلق ، ما الذي أوحى إليهم أن المساعدات الإنسانية لا تمر ، إنها تمر ، لكن لابد من التنسيق مع الجانب الآخر المسيطر على المعبر الفلسطيني أم تريدون أن تجرونا إلى حرب لا يعلم مداها ونهايتها إلا الله .
اخسئوا وقفوا عند منتهاكم ، صدق فيكم قوله تعالى(كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله ويسعون فى الأرض فسادا والله لا يحب المفسدين)، هل رأيتم شاحناتنا وهي تمر في أنفة وعزة وكبرياء ، هل رأيتم طائراتنا وهي تملأ سماء غزة محملة بالمعونات والمساعدات.
ثم أطرح عليكم سؤالا أيها المزايدون ، من الذي حارب من أجل القضية الفلسطينية في عام 1948م، من الذي قاد مفاوضات مع المحتل الإسرائيلي من أجل حل الدولتين وإقامة دولة فلسطينية عاصمتهم القدس ، إنها مصر.
من الذي دعا إلى قمة عربية في مارس الماضي ، وصدر خلالها بيانا مصريات برفض التهجير والسعي الدءؤب لإعمار غزة.
ومن الذي غرد منفردا في قمة بغداد مؤكدا على موقفه الثابت من القضية الفلسطينية ، إنها مصر.
فلا داع للمزايدات فالتاريخ يشهد ، وقبل التاريخ فيوجد إله وهو خير الشاهدين.
لماذا يقوم بعض المأجورين ، بالهتاف والسباب وغلق بوابات سفاراتنا في بعض الدول الأوروبية.
فإنه من باب أولى اذهبوا إلى سفارات المحتل الإسرائيلي واهتفوا ضدهم ، اذهبوا إلى مقر سفارات أمريكا واقذفوهم بالحجارة ، هل مصر من قتلت وجوعت أهل غزة ، والله إنه لعار عليكم عظيم ، والله إنه لهو الخزي والخذلان ذاته.
بدلا من أن تحمدوا صنيع مصر ،تسبوها وتسبوا قادتها ، ألا سحقا لكم ولمن سلطكم وحرضكم على فعل مثل هذه الأفاعيل النكراء.
إنه قدر مصر تتحمل ما لا تتحمله الجبال من صنوف الأذى وعدم الشكر والتقدير.
لكن نذكر بقوله الله تعالى (إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا…