عندما سقط نظام الأسد - أو بالأحرى، حين سقطت شرعيته السياسية والأخلاقية منذ اندلاع الثورة السورية - هرولت بعض الأصوات المحسوبة على التيارات الإسلامية السياسية إلى الاحتفاء بـ«النظام البديل»، مهلّلين له باعتباره خلاصًا من «نظام باع الجولان»، زاعمين أن آل الأسد هم سبب ضياع الأرض والانكسار القومي.

ولكن، لعل ما لم ينتبه إليه هؤلاء أن الهزيمة لا تُختزل في وجوه الحكّام، بل تُصنع وتتعمّق حين تتحالف الأوهام مع الإيديولوجيا العمياء.

تاريخيًا، لا يمكن فصل ضياع الجولان عن السياق العام لهزيمة 1967، ولا يمكن إغفال أن احتلال الأرض تم في ظل غياب نظام عربي قادر على صدّ المشروع الصهيوني المتكامل.

لكن المفارقة أن من كانوا يزايدون على «خيانة آل الأسد»، هم اليوم أنفسهم في صمت مطبق أمام ما يحدث في جنوب سوريا، لقد انكشف المستور.

فبعد سحب قوات النظام «المحسوبة على بقايا الشرعية الشكلية» من محافظة السويداء، يبدو أن هناك ترتيبات ميدانية تُدار برعاية أميركية - إسرائيلية، تسعى لتجهيز تلك المنطقة لتكون منطقة عازلة، وربما لاحقًا بوابة خلفية لـ«تطبيع مُقنّع» زيارة حاخامات من أصول سورية إلى دمشق، والتي حدثت للمرة الأولى منذ عقود، لم تكن حدثًا عابرًا، بل جزءًا من مشهد جديد يُرسم بهدوء.

أما اللقاء الذي جرى بين وزير خارجية النظام السوري ومسؤول إسرائيلي في باريس، فليس إلا حجرًا آخر في هذا البناء الغامض. لقاء لم يخرج للعلن بتفاصيله، لكنه يحمل دلالات تتجاوز الشكليات البروتوكولية. إنها مفاوضات على مرحلة ما بعد "سوريا الدولة"، وعلى خرائط نفوذ، وأدوار وظيفية جديدة.

المشهد في دمشق اليوم لا يختلف كثيرًا عما جرى في بغداد بعد الاحتلال الأميركي. حكومات تأتي على ظهر صفقة دولية، أو على دبابة أجنبية، وتلبس عباءة الوطنية. التغيير لم يكن تغييرا للنهج، بل إعادة توزيع للسلطة، وإعادة تشكيل للهويات الطائفية والمناطقية بما يخدم مشاريع التقسيم الزاحف.

يبقى السؤال المُلح: هل سنشهد قريبًا اتفاق تطبيع رسمي بين دمشق وتل أبيب؟ أم سيكون الأمر على طريقة «التطبيع الصامت» الذي بدأه الأسد الأب واستكمله الابن بصيغ استخباراتية وأمنية خلف الستار؟

وفي قلب كل ذلك، تقف السويداء، المحافظة ذات الثقل الدرزي، كاختبار لإرادة السوريين وللقدرة على مقاومة تحويل الجنوب السوري إلى ساحة مصالح إسرائيلية أميركية، إنها لحظة الحقيقة، حين يصبح الحياد خيانة، والصمت تواطؤًا، والواقعية السياسية طريقًا نحو الانهيار الكامل لمفهوم الدولة.

لقد تغيرت المعادلة: لم تعد دمشق حاضنة للممانعة، بل صارت ساحة لعروض المجاملة ومراسم الخضوع التدريجي، والحديث عن التطبيع لم يعد من المحرّمات، بل ربما بات مدخلاً لحماية النظام وضمان بقائه، ولو بثمن التنازل عن آخر ما تبقى من السيادة.

فهل بات علينا أن نقرأ الفاتحة على «قضية الجولان»، وننتظر سفارة إسرائيلية في قلب دمشق؟

أم أنّ الصراع لم ينتهِ بعد، لكنه ببساطة انتقل من ميادين الحرب إلى مكاتب التفاوض خلف الكواليس؟

اقرأ أيضاًمجلس الأمن يجدد ولاية الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك في الجولان لمدة 6 أشهر

صافرات الإنذار تدوي في جنوب الجولان المحتل

صفارات الإنذار تدوي في الجولان خشية تسلل طائرة مسيرة

المصدر: الأسبوع

كلمات دلالية: الجولان دمشق السويداء

إقرأ أيضاً:

إقرار نظام موحد لخدمة الجمهور في وحدات الدولة

الثورة نت/..

أقرّ الفريق الوطني لتبسيط الإجراءات وتحسين جودة الخدمات العامة، في اجتماعه اليوم برئاسة نائب وزير الخدمة المدنية والتطوير الإداري – رئيس الفريق انس سفيان – تعميم نظام إلكتروني موحّد لمراكز خدمة الجمهور وتتبع المعاملات في وحدات الخدمة العامة.

واطّلع الفريق الوطني على الإجراءات المتخذة من الفريق الفني المكلّف من وزارتي الاتصالات وتقنية المعلومات والخدمة المدنية والتطوير الإداري، بتطوير المنظومة الإلكترونية الموحّدة لتقديم الخدمات العامة، وأهم الإجراءات المنجزة في هذا الجانب.

ويهدف النظام إلى الاستفادة من التقنيات الحديثة والتطبيقات الإلكترونية في تسهيل واختصار إجراءات إنجاز معاملات المواطنين، والحد من الروتين والتعقيدات الإدارية المطولة، وتنويع قنوات تقديم الخدمات بما يضمن سهولة وتيسير الحصول عليها وسرعة إنجازها وتحسين جودتها.

وأشاد الفريق الوطني، في الاجتماع الذي حضره ممثلو الأجهزة الرقابية، بالخطوات المنجزة من الفريق الفني لبناء وتطوير النظام الإلكتروني.. منوّهًا بالأثر المنشود من تطبيقه في الواقع في اختصار الإجراءات، وتقليل الزمن اللازم لإنجاز الخدمات، وتوفير الجهد والوقت على الموظفين وعلى المواطنين والمستثمرين المتعاملين مع وحدات الخدمة العامة.

وشدّد الفريق على أهمية تنفيذ توجيهات القيادة الثورية والسياسية فيما يتعلق بتبسيط إجراءات إنجاز المعاملات، وفي مقدمتها تطوير وتعميم النظام الإلكتروني الموحّد لتتبع إنجاز المعاملات، وتفعيله في مراكز خدمة الجمهور في وحدات الخدمة العامة، واستكمال الربط الشبكي بين وحدات الخدمة العامة ومكتب رئاسة الوزراء، بما يُمكّن من متابعة الأداء والإنجاز للمعاملات بصورة مباشرة ومستمرة.

كما سيتولى الفريق تطوير تطبيقات إلكترونية مساندة للنظام الموحّد لتتبع سير وإنجاز المعاملات، بما يسهم في تحسين الخدمات المقدّمة للمواطنين، وزيادة نسبة رضاهم، وتعزيز ثقتهم بوحدات الخدمة العامة.

يُذكر أن النظام الإلكتروني الموحَّد لمراكز خدمة الجمهور وتتبّع إنجاز المعاملات تم تطبيقه في ثلاث وزارات بصورة تجريبية كمرحلة أولى، وجارٍ حاليًا تطويره وفق نتائج التطبيق والتقييم العملي، بما يلبِّي متطلبات وخصوصيات مختلف وحدات الخدمة العامة.

مقالات مشابهة

  • ابو زيد يتحدث عن “المسافة صفر”.. التكتيك الذي حيّد نظام “تروفي” المتطور
  • يُطبق 2026.. نشر تفاصيل نظام تملُّك غير السعوديين للعقار
  • سوريا في عهد ” الثوار”
  • القضاء الفرنسي يلغي مذكرة توقيف بشار الأسد
  • الكشف عن نظام تملك غير السعوديين للعقار بالمملكة
  • الموافقة على نظام تملك غير السعوديين للعقار.. (تفاصيل القرار وأهم بنوده)
  • طغيان الحجر.. كيف استخدم نظام الأسد العمارة لإحكام قبضته على سوريا؟
  • اجتماع سوري - إسرائيلي رفيع في باريس برعاية أميركية.. هل بدأت دمشق خطوات التطبيع العلنية؟
  • إقرار نظام موحد لخدمة الجمهور في وحدات الدولة