الحَرّ يُنهك العمّال في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
تاريخ النشر: 17th, August 2023 GMT
يتعرض الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، المنطقتان المعرضتان بشكل خاص لتأثيرات التغيّر المناخي، لموجة استثنائية من الحرّ.
وفي دول هذه المنطقة، ومن بينها على سبيل المثال العراق وسوريا وتونس والسعودية، الكثير من السكّان لا يملكون ترف الاحتماء من الحرّ، إذ يتعيّن عليهم العمل تحت درجات حرارة حارقة.
في تونس زراعة الحقول رغم حرارة الشمس
تعمل منجية دغبوج، البالغة من العمر 40 عاماً، مزارعةً في قرية الحبابسة في ولاية سليانة الواقعة في شمال غرب تونس.
ووصلت درجات الحرارة إلى 49 مئوية في الظلّ في العاصمة تونس في 25 تموز/يوليو.
بدّلت منجية ساعات عملها، فهي تستيقظ يومياً عند الفجر لتذهب إلى العمل، ومعها قارورة مياه وزوادة طعام. تسير المرأة نحو 7 كيلومترات لتصل إلى الحقل، حيث تزرع الفلفل والبطيخ. ويرافقها شابان من المنطقة يعملان معها.
وتقول منجية "أستيقظ عند الساعة الرابعة صباحاً وأُعدّ الفطور لأطفالي وأجهّز قفّتي وآتي مشياً، وأبدأ العمل عند الخامسة صباحاً وأنهي العمل عند الثانية بعد الظهر"، بحسب ما ورد في وكالة فرانس برس.
وتضيف "نصل باكراً للعمل ثم نعود في وقت مبكر بسبب الحرارة".
حدّاد في سوريا: "نواجه الحرّ والنار معاً"
في مدينة إدلب في شمال غرب سوريا، يواجه مراد حدّاد (30 عاماً) ألسنة النيران التي يوقدها داخل ورشته المتواضعة من أجل صهر الحديد وتطويعه، محوّلاً إيّاه إلى أدوات تستخدم في الزراعة أو الصناعة وسواها.
ويقول لوكالة فرانس برس بينما يتصبّب العرق منه "نصنع كلّ شيء بأيدينا. نحن ستّة أشقّاء نعمل معاً. نستيقظ باكراً عند الصباح لنخفّف من الحرّ الذي نتعرّض له، لأنّنا نواجه الحرّ والنار في آن معاً. نحرق قلبنا لنسيّر أمورنا".
مع أشقائه، يتناوب مراد على العمل في المهنة التي ورثوها أبّاً عن جدّ، متحدّين درجات الحرارة المرتفعة والتي يزيد اللهب من شدّتها.
يضرب مراد بكل ما أوتي من قوة بمطرقة على قطعة حديد باتت برتقالية اللون بعد صهرها، بينما يظهر على زنده وشم "حياتي عذاب" قرب قلب اخترقه سهم.
خلال أوقات استراحة قليلة، يخلع قميصه ليجفف العرق الذي ينهمر على وجهه ومن لحيته، ثم يحتسي كوباً من الشاي أو ينفث دخان سيجارته، فيما لا تنجح مروحة قديمة تتدلى من السقف في تبريد حرارة الورشة.
ويشرح "نعمل حتى الساعة الثانية أو الثالثة بعد الظهر ونغادر بعدها، نقف هنا أمام النار لخمس أو ستّ ساعات يومياً على الأقل"، مضيفاً "هذه الوقفة تذبحنا".
ويتابع "على عاتقي ستة أولاد، وبالكاد نتمكّن من توفير مستلزمات عيشهم وعيشنا"، مؤكداً "إن لم نعمل، لا نتمكن من توفير لقمتنا".
"اللياقة البدنية" أولوية لنساء الإنقاذ في السعودية
في شرق السعودية، توفّر المنتجعات على شاطئ الخليج متنفّساً للتغلّب على الطقس الحارّ، لكنّ النهار يظلّ طويلاً بالنسبة لنساء الإنقاذ المكلّفات الحفاظ على سلامة السباحين.
وتقول أماني الفلفل التي تعمل منذ أكثر من عقد في منتجع بمدينة الخُبر حيث يمكن أن تصل درجات الحرارة إلى 50 درجة مئوية "نولي الكثير من الاهتمام لمستوى لياقتنا البدنية حين نعمل خلال درجات حرارة الصيف المرتفعة".
وتضيف "نتعاون، فإذا انتاب الإرهاق إحدانا تحلّ محلّها أخرى".
درجات الحرارة في إسبانيا خلال أغسطس مقبلة على تحطيم كل الأرقام القياسية "المصباح الرطب"... مؤشر علمي لقدرة جسم الإنسان على تحمل الحرارةتمضي الفلفل دوامات العمل، التي تستمر لثماني أو تسع ساعات، في القيام بدوريات في المياه على متن دراجة مائية نفاثة وعلى الشاطئ سيرًا على القدمين، وهي تنحني باستمرار تحت دشّ حمام السباحة لإزالة العرق وغسل وجهها بالماء البارد للمحافظة على حيويتها ويقظتها.
وتتابع "حينما أعود إلى المنزل، أطلب فقط أبرد ماء يمكنني الاستحمام به والاسترخاء، لأنّني أكون أخذت أكبر قسط من الحرارة" خلال اليوم.
ثقل الحرّ وقوارير الغاز في جنوب العراق
يجهد بائع الغاز الأربعيني، أثير جاسم، في الناصرية في جنوب العراق، حيث بلغت الحرارة 51، ليكمل يومه. يعود إلى بيته للاستراحة، ليجد الكهرباء مقطوعة.
يشكو هذا الأب لثمانية أطفال من لهيب الشمس، ومن التراب. ويقول "حينما أشعر بالتعب، أستريح خمس دقائق أو عشر دقائق، أغسل وجهي ورأسي لكي أستريح قليلاً وأستأنف نشاطي".
مسؤول أممي: ارتفاع درجات الحرارة والجفاف في العراق "إنذار" للعالم أجمعشاهد: موجة الحر في العراق.. هكذا تعاني حديقة الحيوانات الوحيدة في بغداد من قيظ الصيفمغطياً رأسه بقبّعة، يتنقل جاسم بشاحنته الصغيرة من بيت إلى بيت ليوصل قوارير الغاز، حاملاً إياها على ظهره في بعض الأحيان.
يتصبّب عرقاً، لكنّه يواصل العمل رغم ذلك لأنّه يريد أن يبقى أطفاله في المدرسة ويكملوا تعليمهم.
ويعود الرجل إلى بيته في الليل، ويقول "أكون متعباً، وممتلئاً بالعرق، أستحمّ ثم أذهب للنوم، فتنقطع الكهرباء".
توصيل الطعام في بغداد تحت 50 درجة مئوية
يكافح مولى الطائي، يومياً، درجات الحرارة المرتفعة التي تغطّي شوارع بغداد، ليسلّم الفلافل والكباب والأطعمة المختلفة إلى السكّان على دراجته النارية الصغيرة.
وحينما تتجاوز درجات الحرارة الخمسين مئوية، كما كان الحال مطلع الأسبوع، يكون مولى من القلائل الذين يخاطرون تحت شمس بغداد الحارقة، ليسلّم الطعام.
يقول الشاب البالغ من العمر 30 عاماً "الحرارة تصل إلى 52، 53، 54، ليس من الطبيعي أن يتحمّل الإنسان هذا الأمر".
ليحمي نفسه من الشمس، يغطّي مولى فمه وأنفه بقناع، كما غالبية عمّال التسليم الآخرين الذين يوصلون الطعام على متن دراجات نارية.
يُعدّ العراق من الدول الخمس الأكثر تأثّراً ببعض تداعيات التغيّر المناخي وفق الأمم المتذحدة. في الصيف، تزداد موجات الحرارة تفاقماً، أمّا الأمطار، فباتت قليلة. وتشهد البلاد موجة جفاف للعام الرابع على التوالي.
المصادر الإضافية • أ ف ب
شارك في هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية توقيف رئيس نقابة الأفران في تونس بسبب أزمة نقص الخبز معركة المياه في الضفة الغربية.. صراع على السيطرة في ظل عطش فلسطيني ورخاء استيطاني إسرائيلي الجيش الإسرائيلي يقتل فلسطينيًا ويصيب عاملة صحية في الضفة الغربية الشرق الأوسط شمال إفريقيا الاحتباس الحراري والتغير المناخيالمصدر: euronews
كلمات دلالية: الشرق الأوسط شمال إفريقيا الهند حرائق باكستان السعودية إسرائيل ليبيا تكنولوجيا المسيحية طرابلس ليبيا الهند حرائق باكستان السعودية إسرائيل ليبيا درجات الحرارة من الحر
إقرأ أيضاً:
حرائق ممتدة بعدة محافظات عراقية بالتوازي مع وصول درجات الحرارة لمستويات قياسية
تتواصل الحرائق في الاتساع في هور الحويزة في محافظة ميسان جنوبي العراق لليوم الثالث على التوالي، ما دفع السلطات العراقية إلى الاستعانة بطائرات مكافحة الحرائق الإيرانية لإخماد النيران.
واندلع الحريق بالتزامن مع ارتفاع درجات الحرارة في أغلب مدن البلاد خصوصا الوسطى والجنوبية، نصف درجة الغليان، الأمر الذي دفع مسؤولي الحكومات المحلية في هذه المنطقة إلى إعلان تعطيل الدوام الرسمي.
وذكر خبراء مناخ نقل عنهم مرصد العراق الأخضر، أن هنالك عناصر مشجعة على استمرار اشتعال النيران في تلك المنطقة، منها هبوب الرياح والجفاف التام للقصب ودرجة الحرارة العالية.
وأشار الخبراء إلى أن مثل هذه الحرائق حصلت في عام 2021 واستمرت 16 يوماً لحين إخمادها حيث استعانت الحكومة العراقية بنظيرتها الإيرانية من أجل إخماد الحرائق التي لا تزال مستمرة لليوم الثالث على التوالي، عبر الطائرات المحملة بالمياه.
ويُعد هور الحويزة جزءا من منظومة الأهوار الجنوبية المدرجة على لائحة التراث العالمي منذ عام 2016، والتي تُعد موطناً بيئياً وثقافيا غنيا، وهو مهدد اليوم بمخاطر بيئية جسيمة نتيجة التنقيب والتجفيف والحرق.
وفي سياق متصل، أعلنت مديرية شرطة الغابات والبيئة في محافظة السليمانية في إقليم كردستان العراق، اندلاع حريق واسع في المناطق الجبلية الواقعة بين قريتي باخان وجافران التابعتين لقضاء قرە داغ، أسفر عن احتراق أكثر من 10 دونمات من المساحات الخضراء، شملت مساحات من الأشجار الطبيعية والمراعي والنباتات البرية.
وقالت المديرية في بيان إن "فرق شرطة الغابات هرعت فور اندلاع الحريق إلى موقع الحادث، وبمساندة فرق الدفاع المدني والأهالي المتطوعين من سكان القريتين، تمكنوا بعد جهود استمرت لساعات من السيطرة على النيران وإخمادها قبل أن تمتد إلى مساحات أوسع".
وأضافت أن "الخسائر اقتصرت على المساحات المزروعة ولم تُسجل أي إصابات بشرية"، مؤكدة أن "التحقيقات لا تزال جارية لمعرفة الأسباب الرئيسة لاندلاع الحريق، فيما تواصل الفرق المتخصصة مراقبة المنطقة لضمان عدم تجدد النيران نتيجة الحرارة العالية والرياح في المنطقة الجبلية".
كما حذرت الجهات المعنية "المواطنين من إشعال النيران في المناطق الجبلية والغابات خلال هذه الفترة التي تشهد جفافا شديدا وارتفاعا في درجات الحرارة، لما تشكله من مخاطر كبيرة على البيئة والممتلكات".
ويعاني العراق من أزمة جفاف وشحٍ في المياه غير مسبوقة، إذ تعد البلاد واحدة من الدول الخمس في العالم الأكثر تضرراً من تداعيات التغيّر المناخي.
وتصدرت مدينة البصرة قائمة أعلى درجات الحرارة في العالم خلال الـ24 ساعة الماضية، بعدما سجّل مطار البصرة الدولي 52.2 درجة مئوية، وفقاً لبيانات موقع "أوكيميت" المتخصص برصد الأحوال الجوية حول العالم.
وأظهرت القائمة أن 12 مدينة عراقية دخلت ضمن قائمة أكثر 15 منطقة حرارة على مستوى العالم، إلى جانب 3 مدن إيرانية، مما يعكس موجة الحر الشديدة التي تضرب المنطقة.