تفاؤل حذر وضغوط في اللحظات الأخيرة| «هدنة غزة».. مصر تقود الجهود ولجنة لإدارة القطاع بعناصر فلسطينية
تاريخ النشر: 9th, December 2024 GMT
يبدو أن استئناف المفاوضات غير المباشرة بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل هذه المرة يأخذ شكلاً أكثر جدية، بعد سلسلة من الجولات غير المثمرة التي استمرت لما يقرب من أربعة عشر شهرًا، فشلت خلالها جميع الجهود في إنهاء حالة القتل والتدمير التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية، حتى أن محكمتي العدل الدولية والجنائية الدولية اعتبرتها بمثابة إبادة جماعية وتطهير عرقي، ما يستوجب محاكمة المسئولين عنها بتهمة ارتكاب جرائم حرب وفقًا للقانون الدولي.
ونجحت الجهات المعنية في مصر، مؤخرًا، في إحراز تقدم مهم بتوحيد الرؤى الفلسطينية من خلال مقترح إسناد مجتمعي لإدارة قطاع غزة بعد الانتهاء المرتقب للحرب في القطاع، وجاء ذلك بعد أن شهدت القاهرة العديد من اللقاءات خلال الأيام القليلة الماضية، بهدف عقد جلسات مصالحة داخلية بين فتح وحماس حول طريقة إدارة قطاع غزة بمشاركة عناصر من فتح، إلى جانب بعض العناصر من حماس وبقية الفصائل، بما يضمن الحفاظ على مصالح الشعب الفلسطيني وإعلائها فوق المصالح الذاتية أو الحزبية الضيقة.
على صعيد مفاوضات وقف إطلاق النار، كانت إسرائيل هذه المرة صاحبة المبادرة في طلب التفاوض بشأن وقف إطلاق النار، والإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين لدى المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، وطلبت من الوسطاء استئناف جهود الوساطة والسعي لدى حماس لاستئناف المفاوضات بهدف تحقيق وقف إطلاق النار، والإفراج عن بقية الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لديها.
يأتي هذا التحول في الإرادة الإسرائيلية على خلفية التطورات الخطيرة التي تشهدها الساحة السورية حاليًا، وهو ما دفع دولة الكيان المحتل إلى تكثيف اهتمامها بما يجري هناك، مما جعل جيش الاحتلال يراقب عن كثب الأحداث في سوريا، ويكثف وجوده على الحدود السورية- الفلسطينية، كما يعمل على احتلال أراضٍ سورية بذريعة إنشاء مناطق عازلة داخلها لحماية قواته وحدوده المزعومة من أي تهديد قد تمثله قوات ما يسمى بـ«تحرير الشام»، من مخاطر.
ومن بين أسباب جدية الإرادة الإسرائيلية هذه المرة أنه بعد إنجاز الاتفاق على وقف إطلاق النار مع حزب الله في لبنان، كان لا بد من التوصل إلى اتفاق مماثل لوقف إطلاق النار في غزة، خاصة بعد أن تم هدم نحو 85% من المباني والمنشآت السكنية والتعليمية والطبية وغيرها في قطاع غزة، فضلاً عن مقتل وإصابة أكثر من 150 ألف فلسطيني، كما أن الحرب في غزة بدأت تفقد معناها وتستنفد مضمونها، خصوصًا بعد فشل جيش الاحتلال، على مدار أكثر من 14 شهرًا من حرب شرسة، في تحقيق أهدافها الرئيسية، سواء بالإفراج عن الأسرى الإسرائيليين أو القضاء على المقاومة الفلسطينية التي ما زالت تقاتل في القطاع وتبتكر الكمائن والشراك التي تقتنص العشرات من جنود وضباط الاحتلال.
وكان مسئولون إسرائيليون قد تحدثوا، مؤخرًا، عن بدء انفراجة في المفاوضات، وسط أنباء عن استئناف الوساطة بين الجانبين، وتسارع الجهود السياسية للتوصل إلى صفقة لتبادل الأسرى مع المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، كما أذاعت القناة 12 الإسرائيلية عن الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ قوله إن هناك مفاوضات مكثفة بشأن صفقة الرهائن، وقال وزير خارجية الكيان، جدعون ساعر، بأن هناك فرصة لإبرام صفقة الرهائن، وقال في منشور له على موقع «إكس» إن إسرائيل ترى فرصة للتوصل إلى صفقة لإطلاق سراح الرهائن، وهي جادة في نيتها التوصل إلى مثل هذه الصفقة.
أشارت معلومات إسرائيلية إلى وجود مقترح جاد من مصر، إضافة إلى اتصالات جادة ومتقدمة بشأن تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار في قطاع غزة، وفقًا للمقترح المصري، على الرغم من التكتم الشديد المحيط بهذه المبادرة، وفي المقابل، أكدت حركة حماس أن أي اتفاق لتبادل الأسرى يجب أن يحقق وقف العدوان على قطاع غزة وعودة النازحين إلى مناطقهم، كما اتهمت رئيس وزراء الكيان المحتل، بنيامين نتنياهو، بتعمد إفشال جولات المفاوضات السابقة لمواصلة حرب الإبادة الجماعية التي يقودها في قطاع غزة.
يأتي هذا بعد أن أعلنت حركة حماس، التي ما يزال قادتها في مصر منذ أكثر من أسبوع، عن وضع اللمسات الأخيرة على مقترح مصري لتشكيل «لجنة إسناد مجتمعي» لإدارة قطاع غزة. وجاء ذلك بعد محادثات أجرتها الحركة في القاهرة بدأت منذ أسابيع، وتم الإعلان عن إتمام التوافق عليها مع حركة فتح يوم الأربعاء الماضي.
بدورها، استجابت إمارة قطر لدعوات استئناف دورها في الوساطة بجانب مصر والولايات المتحدة الأمريكية، للتوصل إلى اتفاق بين حماس وإسرائيل. خاصة أن هناك تقارير تشير إلى أن ستيف ويتكوف، المبعوث الجديد للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط، قد التقى رئيس وزراء قطر ووزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، بالإضافة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ويأتي ذلك في إطار بدء الجهود الدبلوماسية لترامب للتوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح المحتجزين، قبل توليه منصبه في 20 يناير المقبل.
أشارت حركة حماس على لسان أحد قيادييها، باسم نعيم، إلى أن هناك استئنافًا لمفاوضات وقف إطلاق النار في غزة بهدف إنهاء القتال وإطلاق سراح الرهائن، وقد بدأ ذلك يوم الخميس الماضي. وأكد أن هناك حالة من التفاؤل بشأن التوصل إلى اتفاق ينهي الحرب المستمرة منذ 14 شهرًا.
وأوضح القيادي في حماس، باسم نعيم، أن الجهود لإعادة تنشيط المحادثات خلال الأيام الأخيرة تهدف إلى إنهاء القتال وإطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة، مقابل الإفراج عن الفلسطينيين المعتقلين في السجون الإسرائيلية. كما أشار إلى أنه يعتقد أن الإدارة الأمريكية الجديدة، بقيادة دونالد ترامب، قد تؤثر إيجابيًا على الوضع، نظرًا لأن ترامب جعل من وقف الحروب في المنطقة جزءًا من برنامجه الانتخابي.
وأضاف نعيم أن الحركة متمسكة بمطالبها الأساسية التي أصرت عليها في الجولات السابقة من المفاوضات، بما في ذلك تطبيق وقف كامل لإطلاق النار، انسحاب القوات الإسرائيلية من قطاع غزة، وضمان حق الفلسطينيين النازحين داخليًا في العودة إلى منازلهم، ومع ذلك، أكد نعيم أن الحركة مستعدة لإظهار مرونة فيما يتعلق بتنفيذ هذه المطالب، بما يشمل الاتفاق على جدول زمني محدد لانسحاب القوات الإسرائيلية من الأجزاء الرئيسية في قطاع غزة.
يأتي هذا الحرص على إنجاز اتفاق لوقف إطلاق النار وحل أزمة المحتجزين بعد الإنذار الذي وجهه ترامب لجميع الأطراف، والذي حذر فيه من أن الشرق الأوسط قد يتعرض لـ«الجحيم» إذا لم يتم الإفراج عن المحتجزين قبل أن يتولى مهام منصبه في 20 يناير المقبل، وفي سياق متصل، أعلن الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري، يوم الأربعاء الماضي، أن بلاده تسعى جاهدة للتوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة قبل أن يتولى ترامب منصبه رسميًا.
المصدر: الأسبوع
كلمات دلالية: إسرائيل المقاومة الفلسطينية هدنة غزة عناصر فلسطينية إبادة جماعية وتطهير عرقي وقف إطلاق النار فی غزة المقاومة الفلسطینیة فی قطاع غزة للتوصل إلى استئناف ا أن هناک
إقرأ أيضاً:
الأمم المتحدة تتبنى قرارًا لوقف إطلاق النار في غزة.. حماس ترحب
اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة، مساء الخميس، قرارًا بأغلبية ساحقة يدعو إلى وقف فوري ودائم وغير مشروط لإطلاق النار، وفتح الممرات الإنسانية، ورفض استخدام التجويع كسلاح حرب، رغم اعتراض الولايات المتحدة وحليفتها إسرائيل وعدد محدود من الدول.
وجاء القرار الذي تبنته الجمعية العامة المكونة من 193 دولة، بعد أيام من استخدام واشنطن حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن لإفشال مشروع مماثل، ما أثار موجة انتقادات دولية واتهامات لها بالانحياز المطلق للاحتلال، والتغطية على جرائمه المتواصلة في القطاع المحاصر.
149 دولة صوتت لصالح القرار، في مقابل رفض 11 دولة فقط، بينما امتنعت 19 دولة عن التصويت، ما يعكس عزلة سياسية واضحة للموقف الأمريكي والإسرائيلي. وينص القرار أيضًا على الإفراج عن الرهائن المحتجزين لدى حماس، وإعادة المعتقلين الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية، وانسحاب جيش الاحتلال من قطاع غزة بشكل كامل.
من جانبها، اعتبرت حركة "حماس" القرار بمثابة انتصار سياسي وأخلاقي لشعب غزة ومقاومته، ودليلًا على فشل الرواية الإسرائيلية والدعم الأمريكي في كسب الشرعية الدولية، مؤكدة أن الإرادة الحرة للدول والشعوب تزداد وضوحًا يومًا بعد يوم في رفضها للإبادة الجماعية والحصار.
وفي بيان صحفي صدر عن الحركة، ورصدته "عربي21"، رحّبت "حماس" بأغلبية الأصوات الساحقة التي صوتت لصالح القرار الأممي، معتبرة ذلك دليلاً على عزلة الاحتلال وتهاوي روايته الدعائية، وعلى سقوط مزاعم "الدفاع عن النفس" التي تروّج لها إسرائيل وتتبناها الولايات المتحدة لتبرير حرب الإبادة في غزة.
وبحسب البيان، فإن القرار الذي أدان استخدام التجويع كسلاح حرب، وأكد على ضرورة فتح الممرات الإنسانية وضمان تدفق المساعدات، يعكس الإرادة الحرة للمجتمع الدولي، ويؤكد أن "الحق الفلسطيني لا يزال حاضرًا في وجدان العالم، رغم محاولات تشويهه وتغييبه".
ورأت "حماس" أن التصويت الكاسح في الجمعية العامة، والذي جاء بعد أيام فقط من استخدام واشنطن حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار مشابه في مجلس الأمن، يمثل ردًا حاسمًا على الانحياز الأمريكي الفج، ويكشف فشل الولايات المتحدة في "فرض إرادتها أو عزل المقاومة الفلسطينية".
وأكدت الحركة أن محاولة واشنطن تمرير إدانة لحركة حماس داخل الجمعية العامة خلال المداولات لم تلقَ تجاوبًا من الدول الأعضاء، مما يشير إلى أن العالم بات أكثر وعيًا بـ"الواقع الاستعماري والإجرامي" للاحتلال الإسرائيلي، وأقل قابلية للابتزاز السياسي والإعلامي.
دعوة لتحويل القرار إلى خطوات عملية
ودعت "حماس" في ختام بيانها الأمم المتحدة إلى عدم الاكتفاء بالقرار، بل العمل على تحويله إلى إجراءات عملية مُلزمة، من شأنها وقف العدوان على غزة، ورفع الحصار المتواصل منذ 17 عامًا، ومحاسبة قادة الاحتلال على الجرائم الموصوفة بأنها إبادة جماعية وجرائم ضد الإنسانية.
كما شددت الحركة على أن المدنيين في قطاع غزة، وخاصة الأطفال والنساء، يواجهون شبح المجاعة والموت الجماعي، وأن التحرك الدولي الآن بات واجبًا أخلاقيًا قبل أن يكون مسؤولية سياسية أو قانونية.
في المقابل، هاجم مندوب الاحتلال، داني دانون، القرار، ووصفه بأنه "مهزلة" و"فرية دم"، معتبرًا أنه يُضعف جهود تحرير الرهائن، ويفتح المجال أمام "شرعنة الإرهاب"، على حد قوله، وهو موقف أثار ردود فعل غاضبة من عدة وفود دبلوماسية، خاصة من دول الجنوب العالمي.
ليبيا، وعلى لسان مندوبها طاهر السني، أكدت أن "وصمة عار ستلاحق من يصوتون ضد القرار"، في حين أشار مراقبون إلى أن تصاعد التحركات الدولية في الجمعية العامة يعكس فقدان الثقة بالقدرة الأمريكية على فرض تسوية عادلة، في ظل استمرار الحرب ومأساة المدنيين في غزة.
ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، تشن إسرائيل حرب إبادة جماعية بغزة، تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت الإبادة، بدعم أمريكي، أكثر من 183 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم أطفال.