صفحة الأسد التي طُويت
تاريخ النشر: 11th, December 2024 GMT
آخر تحديث: 11 دجنبر 2024 - 9:21 صبقلم:فاروق يوسف تفكر أجيال سورية في الأسد الابن فيما تفكر أجيال أخرى بالأسد الأب. بعد لم يُنس الأب لكي يُنسى الابن. وقد لا تكون المقارنة بين الاثنين ضرورية في هذه اللحظة الحرجة من تاريخ سوريا، ذلك لأن الخوف من الأسوأ لا يزال قائما. فإسقاط نظام سياسي أيّا كان نوعه عن طريق السلاح يظل محفوفا بالخطر.
خطر انتقال الحكم من عصابة صارت مُجربة إلى عصابة ستظل في طور التجريب لسنوات عديدة مقبلة.“هل ستعود سوريا إلى شعبها بعد أن كانت لبشار لأسد في شعاره إلى الأبد؟” ذلك سؤال لا يتحمل الإرجاء أو التأويل أو المناورة. ولكن ما لا يجب الهروب منه أن الجماعة المسلحة التي أسقطت نظام الأسد لها برنامج سياسي معروف ومكشوف ليس من بين فقراته دمقرطة الحياة السياسية بمعنى إعادة السلطة إلى الشعب كما يقول الدستور. تلك مشكلة مستعصية لا حل لها وهي التي تحدد سقف الحريات العامة أيضا وسيكون لها الدور الأكبر في رسم خارطة العلاقات بين الحاكم والمحكوم، على الأقل في المستقبل القريب وهو زمن الطوارئ الذي لا غنى عنه بالنسبة إلى الأطراف كلها وبالأخص الشعب الذي خرج من كهف عقود خمسة مظلمة. لن نضطر إلى القيام بنزهة في عقل الجماعة المسلحة. سيكون كل شيء واضحا خلال وقت قصير. أيام معدودات ويعرف الشعب السوري بعدها ما الذي ينتظره. وإذا الائتلاف الوطني قد سعى من خلال أفراد منه أن يظهر في الصورة فإن ذلك المسعى لن يكون بالضرورة بمثابة تمهيد لاستلامه زمام السلطة التي يجب أن تكون مؤقتة إلى حين إجراء انتخابات كما هو متعارف عليه في حالات التحول القسري. الجماعة المنتصرة هي التي تملك سلطة القرار الذي يتعلق بمستقبلها كما مستقبل سوريا.
ولكن قبل أن نعلق بتفاصيل لا تزال غامضة لا بد أن نتساءل “هل كانت الثلاث عشرة سنة الماضية ضرورية من أجل إنضاج فكرة رحيل الأسد؟” يمكننا أن نفكر في إطار نظرية المؤامرة. ما بين 2011 و2024 في سوريا هو زمن شبيه بما بين 1991 و2003 في العراق. عام 1991 بعد حرب تحرير الكويت سقط النظام السياسي في العراق وتم إحياؤه اصطناعيا غير أنه عبر سنوات الحصار الثلاث عشرة عاش ميتا من غير أن يقوى على تجديد أي شيء من أدواته وبالذات آلته العسكرية. دفع الشعب ثمن ذلك الموت موتا ومرضا وجهلا وتشردا وذلا وقمعا وهوانا.ذلك ما حدث في سوريا بالضبط، حين تُرك نظام الأسد حيا وهو في الحقيقة ليس كذلك، كان الشعب هو الضحية. أما المحاولات التي بُذلت من أجل إحيائه فلم تنفع لا لأنها ليست جادة، بل لأنها جاءت متأخرة. ليس مهمّا والحالة هذه فيما إذا كان الأسد قد أدرك أنه قد انتهى منذ اللحظة التي حرك قطعات جيشه في اتجاه درعا. فالرجل الذي استلم سوريا باعتبارها مزرعة أبيه كان منذ البدء منفصلا عن الواقع وكل تقديراته أقامها على أساس حسابات خاطئة. وهو ما جعل مسألة عزله عربيا أمرا مقبولا.
لم يقاتل الجيش السوري دفاعا عن الأسد هذه المرة لأن قادته قد أدركوا أن المسألة تشبه الانتحار وكان موقفهم نبيلا وشريفا حين دفعوا عن جنودهم شبح موت مجاني لا قيمة له على المستوى الوطني. بعد ثلاث عشرة سنة من الإهمال صارت كل معدات الجيش (طائراته وناقلاته ودباباته ومدافعه وبنادقه) عبارة عن خردة من الحديد. وهو ما لم يكن يعني الأسد في شيء لأنه كان مطمئنا إلى أن بقاءه في دمشق كان رهين رغبة روسيا وإيران في الحفاظ على مناطق نفوذهما في سوريا. وهي الفكرة الأكثر قبحا من بين أفكاره الصبيانية التي اعتبرها جزءا من فلسفته.وهكذا يكون بشار الأسد قد ترك سوريا من غير جيش وهو ما يشكل مصدر هلع حين التفكير بالمستقبل. كما أن الوضع الاقتصادي الذي وصل إلى الحضيض بسبب الحصار الذي فرض على سوريا لا يمكن إنقاذه في زمن منظور ولا يمكن لسوريا بعد أن فقدت الكثير من عوامل بنيتها الزراعية والصناعية أن تسترجع عافيتها التي كان اكتفاؤها الذاتي واحدا من أهم وجوهها.صفحة الأسد طويت على مستوى غياب الشخص غير أنها لن تُطوى حقا إلا إذا استعادت الدولة السورية كل ما فقدته من مفردات وجودها وهي لا تُعد ولا تُحصى.المصدر: شبكة اخبار العراق
إقرأ أيضاً:
استعدادات أمنية و ترتيبات مشددة استعدادًا لقمة السلام لإنهاء حرب غزة
كشفت شروق وجدي، موفدة قناة «القاهرة الإخبارية» من شرم الشيخ، أن أنظار العالم تتجه نحو شرم الشيخ، حيث تُعقد غدًا قمة السلام بمشاركة قادة أكثر من 20 دولة، برئاسة مشتركة بين الرئيس عبد الفتاح السيسي والرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وأضافت وجدي، خلال مداخلة مع الإعلامية آية لطفي، ببرنامج «ملف اليوم»، المذاع على قناة «القاهرة الإخبارية»، أن مصر، بصوتها الدبلوماسي العريق، تستضيف حدثًا استثنائيًا وتاريخيًا يُعقد على أرض الكنانة لفتح صفحة جديدة من الأمل، وطيّ صفحة طويلة من الصراع والمعاناة في الشرق الأوسط، خاصة ما يتعلق بالقضية الفلسطينية وقطاع غزة.
وأشارت إلى أن الاستعدادات اللوجستية والأمنية تجري على قدم وساق في شرم الشيخ، وسط ترتيبات عالية المستوى لضمان نجاح هذا الحدث الكبير، مؤكدة أن انعقاد القمة لم يكن وليد الصدفة، بل جاء نتيجة جهود حثيثة استمرت لعامين لإنهاء الحرب في غزة وتحقيق تهدئة دائمة.
وأكدت موفدة «القاهرة الإخبارية» أن انعقاد القمة يأتي في وقت تتصاعد فيه الأزمات الإقليمية، وتبرز مصر مجددًا كقوة دبلوماسية فاعلة تجمع بين الواقعية السياسية والبعد الإنساني، في ظل قيادة تؤمن بأن السلام ليس خيارًا تكتيكيًا بل استراتيجيًا.
وأوضحت أن الرئاسة المصرية أعلنت، اليوم، عن قائمة الدول والقادة الذين أكدوا مشاركتهم في القمة، والمقرر انعقادها غدًا الاثنين، مشيرة إلى أن هذه المشاركة الدولية الواسعة تعكس الثقة في الدور المصري وقدرته على قيادة جهود السلام في المنطقة.
اقرأ أيضاًمفتي الجمهورية: الدولة المصرية وجهت رسالة سلام وأمن لكل العالم من أرض السلام
مصر تبعث برسائلها من شرم الشيخ
أول زيارة له لمدينة «السلام ».. الأمير تشارلز يحضر قمة المناخ بشرم الشيخ