بلاطة أكبر مخيمات الضفة وعش الدبابير
تاريخ النشر: 16th, December 2024 GMT
يعد أحد أكبر مخيمات الضفة الغربية، ويتميز بنشاطه السياسي على مستوى قضايا اللاجئين في فلسطين، أسس مخيم بلاطة عام 1950 شرقي مدينة نابلس بالضفة الغربية على أرض زراعية استأجرتها الحكومة الأردنية من أراض تابعة لقرية بلاطة بأقصى الطرف الغربي من سهل عسكر، وأنشأته وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) نتيجة التهجير بعد نكبة 1948.
ويعود اختيار مكان المخيم حسب بعض المصادر إلى خصوبة أرضه؛ حيث كان في ذهن المؤسسات الإغاثة الدولية تمكين اللاجئين من العمل في الزراعة.
مشهد لمخيم بلاطة في بدايات التأسيس
وبني على أرض ضيقة مساحتها 0.25 كيلومتر مربع، ويعد أحد أكثر مخيمات الضفة كثافة، إذ بلغ عدد سكانه عام 2023 أكثر من 23 ألف لاجئ حسب الموقع الرسمي لـ(الأونروا) ويشكلون ما نسبته 12.3% من اللاجئين المسجلين في الضفة الغربية، بينما كان يضم نحو 5 آلاف لاجئ عند تأسيسه.
ويعاني سكانه الذين ينحدرون من عشرات القرى التابعة لمناطق اللد والرملة ويافا وتعود أصول 60% منهم إلى عرب السوالمة، الجماسين الغربي، سلمة، عرب أبو كشك، طيرة دندن، الجماسين الشرقي، الشيخ مونس، كفر سابا وبيت دجن وأصول بدوية، من نقص في الرعاية الصحية فضلا عن الاجتياح الإسرائيلي المتكرر.
سمي المخيم بهذا الاسم نسبة إلى قرية بلاطة المجاورة التي أقيم على أراضيها، والذين عرفوا باسم البلالطة أو البلاطيين، فأخذت القرية اسمهم وسميت بلاطة، وسمي المخيم باسمها.
وثمة رواية تقول بأن بلاطة مفرد بلاط، وقد ذكر سكان هذا البلد أن الماء يخرج من بلاطة من الصخور الموجودة تحت مستوى سطح الأرض.
وفي رواية أخرى، قيل إن القرية سميت بلاطة للدلالة على قساوة صخورها، لأن البلاط يطلق على الوجه الصلب للأرض فسمي المخيم نسبة إليها.
ورواية رابعة تقول أن ساحة العين وعين الماء كانتا في الحارة الغربية، أي أنهما تبعدان عن عين الماء الحالية من جهة الغرب حوالي مائة متر تقريبا، وعلى جانب عين الماء كانت شجرة بلوط، حيث سميت القرية بالبلوطة في بادئ الأمر، وبعدها سميت بلاطة نسبة إلى البلوطة.
تحيط بالمخيم عدد من الآثار القديمة منها تل بلاطة وكنيسة بئر يعقوب التي تعد مزارا للعديد من السياح.
وبسبب زيادة حالة اللجوء إلى المخيم وزيادة عدد سكانه في ظل المساحة الجغرافية نفسها، زادت مرحلة التوسع العمودي العشوائي.
صورة لأحد أحياء المخيم.
ويعاني المخيم من مشاكل حادة تعصف بشبكتي المياه والمجاري رغم ارتباط شبكة المياه والكهرباء ببلدية نابلس.
وتعاني مدارس المخيم اكتظاظا في الصفوف المدرسية، ولذلك لجأت إلى تقسيم الدوام إلى فترتين في اليوم الواحد، مسائية وصباحية.
ويعاني المخيم منذ تأسيسه من ارتفاع نسبة الفقر والبطالة وتدني المستوى الاقتصادي للعديد من الأسر، وتفاقم هذا الوضع بسبب سياسة تقليص الخدمات التي انتهجتها "الأونروا". ونسبة الفقر في مخيم بلاطة هي الأعلى بين المخيمات الفلسطينية، بسبب كثرة عدد سكانه وضيق مساحته وقلة فرص العمل.
وشهد مخيم بلاطة خلال سنوات انتفاضة الأقصى أو ما عرف بـ"الانتفاضة الثانية" استهدافا شديدا من قِبل جيش الاحتلال، وتعرض خلالها لاجتياحات واسعة واستهداف لأبنائه.
ففي عام 2002 شن الاحتلال عملية عسكرية واسعة في المخيم، تعرض خلالها لاستهداف جوي من طيران الاحتلال، وعلى الأرض بالقذائف المدفعية والرشاشات الثقيلة والمتوسطة بهدف تصفية المقاومة في المخيم الذي كان يطلق عليه "رأس الحية" و"عش الدبابير" آنذاك، وامتدت المواجهة لنحو 10 أيام قبل اقتحام المخيم الذي استمر لنحو 12 يوما تخلله اقتحامات شرسة لمنازل الأهالي بالجنود والكلاب البوليسية أدى إلى سقوط العديد من الشهداء والجرحى الفلسطينيين، وتدمير المخيم.
ما مثله مخيم بلاطة خلال الانتفاضة الثانية وما سبقها من أحداث ومواجهة مباشرة مع الاحتلال ومستوطنيه وحتى مع السلطة الفلسطينية، دفع لتصفية حالة المقاومة داخل المخيم وإهماله وتهميشه، ما ضاعف معاناة الأهالي، وزاد على ذلك ما شهده المخيم خلال السنوات الماضية من مواجهات مع الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة التي ترى في الكثير من أهله "خارجين عن القانون"، وتتجدد محاولات الأجهزة الأمنية لفرض سيطرتها على المخيم من وقت لآخر.
صرح الشهداء في مخيم بلاطة.
يعاني المخيم من الاجتياحات الإسرائيلية والإجراءات التعسفية من حصار مشدد وحظر تجوال وحملات دهم بحثا عن مقاومين فلسطينيين، ويستخدم الإسرائيليون قنابل الغاز والرصاص المطاطي في اقتحاماتهم. وتصدت المقاومة الفلسطينية أكثر من مرة لاقتحام قوات الاحتلال مخيم بلاطة حيث نشرت قناصتها على مفارق شوارع وحارات المخيم مع تحليق مكثف لطائرات الاستطلاع الإسرائيلية في أجواء مخيم بلاطة، وتعمد قوات الاحتلال تدمير وتخريب ممتلكات الفلسطينيين في المخيم بواسطة الجرافات العسكرية.
المصادر
ـ "مخيم بلاطة..أحد أكبر مخيمات الضفة الغربية"، الجزيرة نت، 29/7/2024.
ـ "مخيم بلاطه للاجئين"، وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا).
ـ أديب زيادة، "دليل أصول اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات الضفة الغربية"، مركز العودة الفلسطيني ودار العودة للدراسات والنشر، 2010.
ـ "اشتباكات في بلاطة والمستوطنون يضرمون النار بخيمة للفلسطينيين جنوب بيت لحم"، قدس الإخبارية، 8/12/2024.
ـ "مخيم بلاطة"، موسوعة المخيمات الفلسطينية.
ـ مصطفى مراد الدباغ، كتاب " بلادنا فلسطين"، ج6.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي تقارير تقارير فلسطين مخيم بلاطة فلسطين تاريخ هوية مخيم بلاطة تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير تقارير سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الضفة الغربیة مخیمات الضفة مخیم بلاطة
إقرأ أيضاً:
في تهديد مباشر للاستقرار الإقليمي.. نتنياهو يستغل حرب غزة لدفع خطة ضم الضفة الغربية
البلاد – غزة
بينما تتجه أنظار العالم إلى التصعيد المتواصل في قطاع غزة، تسير حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بخطى متسارعة نحو تنفيذ مخطط استراتيجي طالما أثار الجدل وهو “ضم الضفة الغربية”، بما يشمل توسيع المستوطنات وتقنين البؤر العشوائية، في خطوة يعتبرها مراقبون تهديداً مباشراً للاستقرار الإقليمي وفرص السلام.
صحيفة هآرتس الإسرائيلية كشفت في تقرير حديث أن نتنياهو يستغل “انشغال الساحة الدولية بالحرب على غزة” لتسريع تنفيذ خطته القديمة الجديدة، التي تهدف إلى فرض ضم فعلي للضفة الغربية بحكم الأمر الواقع.
وبحسب التقرير، فإن هذه الخطة لا تمثل تحركاً مفاجئاً، بل هي امتداد لمسار طويل بدأ قبل السابع من أكتوبر، لكنها تسارعت في الأشهر الأخيرة تحت غطاء الحرب، وتستند إلى سلسلة من الإجراءات المترابطة التي تعزز السيطرة الإسرائيلية دون تقديم أي حقوق للفلسطينيين في تلك المناطق.
ضمن أبرز الخطوات التنفيذية، أقرت الحكومة الإسرائيلية، الأسبوع الماضي، بناء 22 مستوطنة جديدة في الضفة الغربية، بينها أربع تقع على مقربة من الحدود مع الأردن. وقد اعتبر مسؤولون إسرائيليون – من بينهم وزير الدفاع يسرائيل كاتس ووزير المالية المتشدد بتسلئيل سموتريتش – أن القرار يمثل “تطوراً تاريخياً” هو الأهم منذ احتلال الضفة عام 1967.
القرار لا يشمل فقط إنشاء مستوطنات جديدة، بل يتضمن أيضاً تقنين العشرات من البؤر الاستيطانية غير المرخصة، وتوسيع شبكة الطرق الالتفافية التي تقطع أوصال المناطق الفلسطينية، ما يعزز السيطرة الإسرائيلية الميدانية ويقوّض وحدة الأراضي الفلسطينية.
يرى محللون أن التحركات الإسرائيلية تأتي في إطار استراتيجية شاملة لا تتضمن أي مسار لتسوية سياسية أو إدماج الفلسطينيين في النظام المدني الإسرائيلي. التقرير يشير إلى أن الخطة لا تشمل منح الفلسطينيين الجنسية الإسرائيلية أو حقوق التصويت، مما يعمّق نظام التمييز القانوني ويثير مخاوف من تكريس واقع الأبارتايد.
وأحد أبرز المؤشرات على هذا المسار، كان منع زيارة وفد وزاري عربي إلى مدينة رام الله مؤخراً، وهو ما وصفته الصحيفة الإسرائيلية بأنه “إشارة صريحة إلى نهج الحكومة الجديدة في رفض أي مقاربة سياسية عربية أو دولية”.
وتحذر هآرتس من أن هذه السياسات ستفتح المجال أمام صدام محتمل مع عدد من العواصم العربية والأوروبية، وربما مع الولايات المتحدة أيضاً، رغم ما يُشاع عن تقارب بين نتنياهو والإدارة الأميركية الحالية برئاسة دونالد ترامب.
يأتي هذا التصعيد الاستيطاني في وقت تطالب فيه القيادة الفلسطينية والمجتمع الدولي بإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967، تشمل الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة. وقد استولت إسرائيل على الضفة خلال حرب عام 1967، ومنذ ذلك الحين توسعت المستوطنات بشكل مضطرد، وسط رفض دولي واسع واعتبارها غير شرعية وفق القانون الدولي.
وفي ظل انشغال المجتمع الدولي بحرب غزة، يبدو أن نتنياهو وحكومته يعملون على تنفيذ ما تصفه الصحيفة بـ”الضم الزاحف”، أي فرض واقع دائم دون إعلان رسمي، مستفيدين من الفرص السياسية وتغير المواقف الدولية.
لكن، ومع تحذيرات الخبراء الإسرائيليين أنفسهم من تداعيات هذه السياسات، يبدو أن الطريق نحو تصعيد جديد في الضفة الغربية – وربما على مستوى إقليمي أوسع – بات أقرب من أي وقت مضى، ما لم يتم التحرك لاحتواء هذا التوجه ومنع تحوّله إلى أمر واقع دائم.