يمانيون:
2025-12-12@12:26:03 GMT

أبو محمد الجولاني… النسخة السورية من “توكل كرمان”

تاريخ النشر: 18th, December 2024 GMT

أبو محمد الجولاني… النسخة السورية من “توكل كرمان”

يمانيون../
حين نتحدث عن أبو محمد الجولاني، قائد “هيئة تحرير الشام” في سوريا، نجد أمامنا شخصية مثيرة للجدل تحمل ملامح واضحة من الانتهازية السياسية والبراجماتية المفرطة.

ولعل المقارنة بين الجولاني والناشطة اليمنية توكل كرمان ليست تهجماً على الأخيرة بقدر ما هي محاولة لتسليط الضوء على التشابه بين الشخصيتين في تقلب مواقفهما وفق المصالح، وتكيفهما السريع مع المتغيرات السياسية، بما يضعهما في خدمة أجندات القوى التي تدعمهما، بغض النظر عن المبادئ أو المصالح الوطنية.

توكل كرمان: تناقضات سياسية تحت عباءة المثالية
ليس خفياً أن توكل كرمان، الناشطة الحائزة على جائزة نوبل للسلام، قدمت نفسها كمدافعة عن حقوق الإنسان والديمقراطية، لكن مسيرتها السياسية اتسمت بالكثير من التناقضات. فعلى الرغم من موقفها الحالي المناهض للعدوان السعودي على اليمن، إلا أنها كانت في بدايات العدوان مؤيدة ومبررة له، متجاهلة المجازر التي ارتكبتها قوات التحالف بقيادة السعودية.

هذا التغير الجذري في مواقفها لم يكن نتيجة مراجعات فكرية أو أخلاقية، بل جاء عقب الأزمة الخليجية عام 2017، عندما وجدت نفسها في المعسكر القطري التركي، مما جعلها تتبنى خطاباً يخدم مصالح مموليها الجدد. هذا النموذج من التلون السياسي لا يقتصر على توكل كرمان وحدها، بل يمتد إلى جماعة الإخوان المسلمين ككل، الذين لطالما برروا تناقضاتهم السياسية والدينية تحت غطاء براغماتي بحت، يجمع بين عقيدة “الغاية تبرر الوسيلة” وما يشبه فلسفة ميكافيللي.

الجولاني: الوجه السوري للانتهازية السياسية
بالانتقال إلى المشهد السوري، نجد أن أبو محمد الجولاني يمثل النسخة الأوضح من هذه البراغماتية السياسية، لكن في سياق مختلف أكثر دموية وتعقيداً. بدأ الجولاني كأحد قادة تنظيم داعش في سوريا، قبل أن ينشق عنه ليؤسس “جبهة النصرة”، التي تحولت لاحقاً إلى “هيئة تحرير الشام”، وهي حركة ذات واجهة إسلامية لكنها تعكس أجندات إقليمية ودولية واضحة.

الجولاني، شأنه شأن كرمان، يعرف كيف يُعيد تشكيل صورته وفق المتغيرات. تخلى عن اسم تنظيمه الأول (النصرة)، وغير خطابه السياسي والعسكري، وحتى مظهره الخارجي، من زيّ عسكري إلى بدلات رسمية، ليقدم نفسه كقائد سياسي “معتدل”، يمكن التعامل معه دولياً. لكنه في جوهره لا يختلف عن ماضيه القريب، حيث كان واحداً من قادة تنظيم داعش المتشدد.

هذا التلون لم يكن عبثياً، بل جاء بناءً على مصالح القوى الداعمة له، خصوصاً قطر وتركيا. إذ عمل الجولاني على تنفيذ أجنداتهما في سوريا بمهارة، مستغلاً الدعم المالي والعسكري الذي قدمته هذه الدول، في حين أمعن في قمع الشعب السوري وفرض هيمنته على المناطق التي يسيطر عليها.

الهيمنة التركية القطرية على المشهد السوري
يعكس موقف الجولاني من الاحتلال الإسرائيلي في سوريا وفلسطين مدى ارتهانه للأجندة القطرية والتركية. فبالرغم من أن إسرائيل تحتل أراضٍ سورية بشكل علني، لم يطلق الجولاني ومسلحوه رصاصة واحدة باتجاه الاحتلال. بدلاً من ذلك، وجهوا سلاحهم ضد أبناء وطنهم، تحت ذرائع طائفية ومذهبية واهية.

لقد أظهرت تجربة الجولاني أن الاقتتال الداخلي هو الأولوية الكبرى بالنسبة له، بينما يظل الاحتلال الإسرائيلي بمنأى عن أي مواجهة أو تهديد. هذا الموقف يخدم تماماً مصالح قطر وتركيا، اللتين تستخدمان الفصائل المسلحة، وعلى رأسها “هيئة تحرير الشام”، كأدوات لتنفيذ سياساتهما في المنطقة، دون أدنى اعتبار للمصلحة الوطنية السورية.

براجماتية الجولاني: وسيلة للبقاء
من خلال دراسة مسيرة الجولاني، نجد أنه نموذج للسياسي البراجماتي الذي لا يكترث بالمبادئ أو الأخلاق. استطاع أن يُحكم قبضته على العديد من الفصائل المسلحة في سوريا بفضل الدعم المالي والعسكري الذي قدمته له تركيا وقطر. هذا الدعم لم يكن لمصلحة الشعب السوري، بل لتكريس الهيمنة التركية القطرية على المشهد السوري، بما يخدم المصالح الإسرائيلية في نهاية المطاف.

إن سلوك الجولاني اليوم لا يختلف كثيراً عن سلوكه في “داعش”، فالاسم فقط تغير، بينما بقيت الممارسات نفسها: قمع، قتل، وترويع للشعب السوري، مع استخدام الدين كغطاء لتبرير أفعاله.

التبعات الكارثية على سوريا
إذا استمرت سيطرة الجولاني على المشهد العسكري والسياسي في سوريا، فإن البلاد مقبلة على أيام حالكة السواد. ستظل الفصائل المسلحة مشغولة بالاقتتال الداخلي، بينما تتفاقم معاناة الشعب السوري، الذي يعاني من القتل والتهجير والفقر.

لن تجرؤ هذه الفصائل على مواجهة الاحتلال الإسرائيلي أو الدفاع عن الأراضي السورية المحتلة، لأن مصالحها مرتبطة بالمال القطري والدعم التركي، وكلاهما مرتبطان بعلاقات واضحة مع إسرائيل.

ختاماً: الجولاني رمز لفشل المشروع الوطني السوري
أبو محمد الجولاني، كغيره من قادة الفصائل المسلحة المرتبطة بأجندات خارجية، يمثل وجهاً قاتماً للفشل في تحقيق مشروع وطني سوري حقيقي. فبدلاً من أن يكون جزءاً من حل الأزمة السورية، أصبح أداة لتكريس الهيمنة الأجنبية على البلاد.

وإذا لم ينتفض الشعب السوري ضد هذه الهيمنة الصهيو-خليجية، فإن المستقبل يحمل المزيد من المآسي لسوريا وشعبها. الجولاني، تماماً كتوكل كرمان، ليس سوى رمز للتلون والانتهازية، حيث لا مكان للمبادئ أو الأخلاق في حساباتهما، بل المصالح وحدها هي التي تحدد مساراتهما.

السياسية محمد الجوهري

المصدر: يمانيون

كلمات دلالية: أبو محمد الجولانی الفصائل المسلحة الشعب السوری توکل کرمان فی سوریا

إقرأ أيضاً:

خبير سياسي: مصر الوحيدة التي تواجه المشروع الدولي لتقسيم سوريا وتفكيك الدولة


كشف الدكتور محمد العزبي، خبير العلاقات الدولية، تفاصيل جديدة حول ما وصفه بـ"الصفقة الجارية لإعادة الرئيس السوري السابق بشار الأسد إلى المشهد"، مؤكدًا أن جزءًا من بنودها يتضمن تسليم الأسد لدولة أخرى لإجراء محاكمة شكلية تمهيدًا لتبرئته من تهم جرائم الحرب.

 

 

 

تسريبات واعترافات صادمة بين بشار الأسد ولونا الشبل تعيد شبح مذيعة الجزيرة بعد وفاتها (تفاصيل) سوريا تحتفل بالذكرى الأولى لسقوط بشار الأسد


وأشار العزبي خلال مشاركته في برنامج "خط أحمر" الذي يقدمه الإعلامي محمد موسى على قناة الحدث اليوم، إلى أن هذا الطرح "غير مسبوق وخطير للغاية"، متسائلًا: "وفق أي قانون سيتم محاكمته؟ السوري أم الدولي؟ وكيف يتم إعداد سيناريو يعيد شخصًا متهمًا بقتل شعبه إلى واجهة المشهد؟".
وأوضح أن هذه البنود كانت محل رفض وسخرية في البداية، حيث اتُهم هو وآخرون بـ"الجنون وترويج الأوهام"، قبل أن تظهر تقارير دولية – بينها تقرير لوكالة رويترز وأخرى لهيئة الإذاعة البريطانية BBC – تؤكد صحة ما نشره، وتكشف عن تحركات فعلية تمهّد لهذه الصفقة.

وأكد العزبي أن ما تم نشره في الإعلام الدولي يتوافق مع ما تم كشفه مسبقًا عبر البرنامج، مشيرًا إلى أن هذه التسريبات أحدثت حالة هلع داخل صفوف هيئة تحرير الشام بقيادة أبو محمد الجولاني، ما أدى إلى حملة اعتقالات واسعة في مناطق نفوذ التنظيم.
وأضاف أن المرحلة المقبلة ستشهد تطورًا غير متوقع، يتمثل في فتح عدد من السجون في حمص وحلب وإطلاق سراح مجموعات معينة، ضمن سيناريو يعزّز مخطط تقسيم سوريا إلى مناطق نفوذ متعددة.


وكشف العزبي أن الجولاني وافق ضمن الصفقة على التخلي عن المناطق الغنية بالنفط والغاز لصالح إسرائيل، مستشهدًا بتقرير بثته القناة الإسرائيلية 12، ظهر خلاله مسؤولون إسرائيليون يتحدثون صراحة عن "ضرورة بقاء مناطق معينة تحت السيطرة الإسرائيلية".


وأشار إلى أن الجولاني لم يصدر أي تصريح يعترض فيه على هذه التصريحات، رغم ظهوره مؤخرًا في مقاطع وصفت بأنها "استعراضية وغير واقعية".


وأكد العزبي أن مصر هي الدولة الوحيدة التي تقف ضد سيناريو التقسيم، وقد نجحت بالفعل في تمرير قرار أممي يمنع تفكيك الدولة السورية ويطالب بانسحاب الاحتلال الإسرائيلي من الأراضي التي يسيطر عليها.


وفي ختام حديثه، انتقد العزبي الأبواق الإعلامية التابعة للإخوان وتنظيم داعش، معتبرًا هجومهم الحاد على مصر وعلى كل من يكشف الحقائق "محاولة بائسة للتغطية على حجم الترتيبات التي تجري في الخفاء".
 

مقالات مشابهة

  • خبير سياسي: مصر الوحيدة التي تواجه المشروع الدولي لتقسيم سوريا وتفكيك الدولة
  • زعيم إطاري:زعماء فصائل الحشد “المقاومة الإسلامية” سيحضرون اجتماعات الإطار المقبلة لرسم سياسة الدولة وامنها واقتصادها!!
  • حل لغز القراءات الغريبة التي سجلتها مركبة “فوياجر 2” لأورانوس عام 1986
  • رويترز تفند مزاعم اعتقال توكل كرمان في هولندا وتؤكد أن الصور مفبركة بالذكاء الاصطناعي
  • توكل كرمان: النساء صانعات السلام والديمقراطية شرط للأمن العالمي
  • رويترز تثبت بالأدلة: اعتقال توكل كرمان في هولندا خبر زائف
  • معترك نيابي بسبب العشائر .. الروابدة وابو تايه … والروابدة يوضح لصراحة نيوز “فيديو”
  • “حماس”: استشهاد الأسير السباتين دليل على سياسة القتل البطيء التي ينتهجها العدو الاسرائيلي بحق الأسرى
  • ” بريدج” تشهد انطلاق النسخة الأولى من “جوائز الأخبار المصوّرة للجنوب العالمي”
  • شاهد بالفيديو.. أول من دخل عليه بعد وفاته.. صاحبة الشقة التي يسكن فيها المذيع الراحل محمد محمود حسكا تكشف تفاصيل جديدة: “وجدته كأنه نائم”