أظهرت عدة كوارث جوية أن فرصة النجاة لا تنعدم تماما في حوادث تحطم طائرات الركاب في الجو، ويولد أحيانا البعض كما يقال في "ثيابهم" ويمنحون عمرا جديدا، فالأجل لم يحن بعد.

الاحصاءات تؤكد أن الطيران وسيلة انتقال أكثر أمنا بكثير من السيارات. في الولايات المتحدة على سبيل المثال يلقى عدد أكبر من الأشخاص حتفهم في حوادث السيارات كل عام، أكثر من حوادث الطائرات في تاريخ النقل الجوي بأكمله.

وعلى الرغم من أن طائرات ركاب تحطمت في عدة مناسبات ولم ينج أحد، إلا أن البعض نجا بأعجوبة من موت محقق في كوارث جوية، نستعرض منها 7 حالات.

الكارثة الجوية الأولى:

سقطت طائرة لوكهيد "إل -188 إلكترا" تابعة لشركة طيران "لانسا" البيروفية إثر تعرضها لعاصفة رعدية شديدة في 24 ديسمبر 1971، في عمق الغابات المطيرة على بعد حوالي 500 كيلومتر من العاصمة ليما.

كانت الفتاة جوليان كوبكي البالغة من العمر 17 عاما مثبته بالحزام في أحد المقاعد في صف انفصل عن بقية الجسم. سقطت الفتاة فيما كانت الشظايا تدور مثل شفرة المروحية، إلا أن سقوطها على تيجان الأشجار الكثيفة خفف من وقع الضربة.

تعرضت لعدة كسور وخدوش، وتضررت عينها اليمنى، وتغطى جسمها بالكدمات والخدوش، ومع ذلك لم تفقد الفتاة المحظوظة وعيها ولا قدرتها على الحركة.

بقيت الفتاة وحيدة تعاني من مختلف الأخطار في الغابة الموحشة، إلا أنها تمكنت من الصمود بفضل والدها وهو عالم أحياء كان علمها قواعد العيش في الغابات النائية. لاحقا انجرفت مع تيار النهر، وانتهت محنتها التي تواصلت 9 أيام بعد أن صادفت صيادين أنقذوها وقاموا بإسعافها.

الكارثة الجوية الثانية:

انفجرت في الجو طائرة ركاب يوغوسلافية طراز "دوغلاس دي سي -9 " كانت في طريقها في 26 يناير 1972 من كوبنهاغن إلى زغرب بالقرب من بلدة "صربسكا كامينيس" في تشيكوسلوفاكيا على ارتفاع 10160 مترا.

 كان سبب المأساة، بحسب السلطات اليوغوسلافية في ذلك الوقت، قنبلة زرعها إرهابيون كرواتيون على متن الطائرة.

تحولت الطائرة في الجو إلى أشلاء، وتساقط الحطام وهوت مضيفة تدعى فيسنا فولوفيتش عمرها 22 عاما كانت تجلس في منتصف الطائرة، وتصادف أن سقطت على أشجار مكللة بالثلوج وعثر عليها فلاح بعد وقت قصير، وكانت هي الأخرى الناجية الوحيدة من الكارثة وإن بقيت شهورا طويلة تحت العلاج من بينها 27 يوما في غيبوبة.

هذه الفتاة المحظوظة التي كانت عوضت في تلك الرحلة المنكوبة زميلة لها تحمل نفس الاسم، دخلت في عام 1985 موسوعة غينيس للأرقام القياسية لأعلى قفزة من دون مظلة.

الكارثة الجوية الرابعة:

حدثت هذه الكارثة الجوية في اليابان في 12 أغسطس عام 1985، وكانت الأكبر من نوعها بالنسبة لعدد الضحايا في تاريخ الطيران العالمي.

تحطمت طائرة "بوينغ 147 إر آر" تابعة للخطوط الجوية اليابانية أثناء توجهها من طوكيو إلى أوساكا وعلى متنها 524 راكبا.

بعد 12 دقيقة من إقلاعها، انكسر مثبت الذيل العمودي للطائرة، ونتيجة لذلك حدث انخفاض في الضغط داخل الطائرة، وتوقفت جميع الأنظمة الهيدروليكية.

في تلك الظروف القاسية، حاول الطاقم في استماتة الحفاظ عليها في الجو وتفادي سقوطها. تمكنوا من ذلك لمدة 32 دقيقة قبل أن تتحطم بالقرب من جبل "تاكاماغاهارا"، على بعد 100 كيلومتر من طوكيو.

رجال الإنقاذ لم يتمكنوا من الوصول إلى منطقة التحطم الوعرة إلا صبيحة اليوم التالي ولم يكونوا يتوقعون العثور على ناجين، ومع ذلك عثروا على أربعة دفعة واحدة، وهم المضيفة "يومي أوتياي" البالغة من العمر 24 عاما، و"هيروكو يوشيزاكي"، البالغة من العمر 34 عاما مع ابنتها "ميكيكو"، البالغة من العمر 8 سنوات و"كيكو كاواكامي"، البالغة من العمر 12 عاما.

أطلق في اليابان على الناجين لقب "المحظوظين الأربعة"، وكان جميع الناجين يجلسون في قسم الذيل أثناء الرحلة، في المنطقة التي تمزق فيها هيكل الطائرة. لاحقا تبين أن تأخر وصول فرق الإنقاذ تسبب في وفاة مسافرين آخرين كانوا على الأرض أحياء لكنهم توفوا متأثرين بإصاباتهم ومن البرد الشديد!

الكارثة الجوية الخامسة:

من مطار ديترويت بالولايات المتحدة، أقلعت في 16 أغسطس عام 1989 طائرة ماكدونيل "دوغلاس دي سي 9-82" تابعة لشركة نورث ويست إيرلاينز، على متنها 154 شخصا، من بينهم فتاة تدعى سيسيليا سيشان، تبلغ من العمر 4 سنوات، وكان والداها وشقيقها البالغ من العمر ست سنوات معها في الرحلة.

بدأت الطائرة في التأرجح عند الإقلاع، ولمست سارية الإضاءة بالجناح الأيسر، وانكسر جزء من الجناح واشتعلت فيه النيران. انحرفت الطائرة بعد ذلك إلى اليمين، واخترق الجناح الآخر سقف مكتب لتأجير السيارات. تحطمت الطائرة على المدرج وانقسمت إلى قطع واشتعلت فيها النيران. وتناثر الحطام وجثث الضحايا على مساحة واسعة.

لم يعثر رجال الإنقاذ على أحياء في البداية إلى أن سمعوا أنينا لطفل صغير بين الحطام، وتبين أنه لطفلة عمرها 4 سنوات، تعرضت لكسور في الجمجمة وفي الساق وعظمة الترقوة وحروق من الدرجة الثالثة. أجريت للطفلة عدة عمليات جراحية على الجلد لإزالة آثار الحروق وتمكنت من التعافي تماما وكانت الناجية الوحيدة.

الكارثة الجوية السادسة:

في منطقة مستنقعات في كولومبيا، تحطمت في 11 يناير 1995 طائرة "ماكدونيل دوغلاس دي سي 9-14"، كانت متوجهة من بوغوتا إلى قرطاجنة وعلى متنها 47 راكبا وطاقم يتكون من 5 أفراد.

سقطت من الطائرة قبل تحطمها الطفلة إيريكا ديلجادو البالغة من العمر 9 سنوات، وذكرت لاحقا أن والدتها دفعت بها بعد انقسام الطائرة في الجو، ومن حسن الحظ أنها سقطت على كومة ضخمة من الطحالب، كانت بالنسبة لها مثل وسادة أمان.

كانت الطفلة مسافرة مع والديها وشقيقها الأصغر، وكانت الناجية الوحيدة من الكارثة الجوية، وخرجت من الكارثة بذراع مكسورة فقط، لكنها أصبحت يتيمة تماما.

الكارثة الجوية السابعة:

الكارثة الأخيرة كانت لطائرة "إيرباص إيه-310-300" تابعة للخطوط الجوية اليمنية وحدثت في 30 يونيو 2009.

الرحلة رقم 626 من باريس إلى جزر اليمن عبر صنعاء توقفت بتحطم الطائرة في المحيط الهندي في المياه الإقليمية لجزر القمر قبل دقائق قليلة من الهبوط.

باهية بكاري البالغة من العمر 13 عاما، كانت نائمة وقت الكارثة، ولم تستيقظ إلا في الماء بكسور وكدمات. تمكنت من الوصول إلى قسم طاف من حطام الطائرة، وعلى ظهره بقيت تسع ساعات على هذا الوضع.

بنهاية المطاف عثر عليها صيادون نقلوها إلى المستشفى، وظن الكثيرون أنها سقطت من قوارب هجرة غير شرعية ولم يصدقوا في البداية أنها نجت من الكارثة الجوية، وكانت الوحيدة من بين 153 شخصا.

المصدر: مأرب برس

كلمات دلالية: الطائرة فی من الکارثة فی الجو

إقرأ أيضاً:

هل تقترب أميركا من أزمة في سوق السندات؟

في تصريحات غير مسبوقة تعكس حالة من القلق المتصاعد في الأوساط المالية، أطلق جيمي ديمون، الرئيس التنفيذي لأكبر بنك أميركي "جيه بي مورغان تشيس"، تحذيرا شديد اللهجة خلال مشاركته في منتدى ريغان الوطني الاقتصادي، قائلا: "أنتم على وشك رؤية تصدّع في سوق السندات. لا أعلم إن كانت الأزمة ستقع بعد 6 أشهر أو 6 سنوات، لكننا نحتاج إلى تغيير جذري في مسار الدين وقدرة الأسواق على استيعابه".

وقد جاء هذا التصريح بينما تتجه الأنظار إلى تطورات غير مطمئنة في المؤشرات الاقتصادية والمالية في الولايات المتحدة، حيث تواصل الديون الفدرالية الارتفاع بمعدلات تاريخية، وتتزايد المخاوف من أن سوق السندات الأميركية بات على حافة أزمة هيكلية.

عوائد السندات ترتفع.. وأرضية الركود تتراجع

وتشير بيانات "غلينفيو ترست" إلى أن عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات ارتفعت بالتزامن مع تراجع احتمالات الركود الاقتصادي. نظريا، هذه العلاقة منطقية: كلما تراجعت المخاوف من تباطؤ اقتصادي، ارتفعت عوائد السندات نتيجة تحسن التوقعات. لكن الارتفاع الأخير تجاوز نطاق التوقعات، ما دفع بعض المحللين إلى اعتبار أن الأسواق قد بالغت في رد الفعل، وأنها قد تواجه تصحيحا عنيفا.

تحذيرات جيمي ديمون تكشف عن قلق متصاعد من هشاشة سوق السندات الأميركية (رويترز)

وفي الوقت نفسه، تتزايد تكلفة خدمة الدين العام. فقد تجاوزت، وفقا لتقرير لمجلة فوربس، نسبة 18% من إجمالي الإيرادات الضريبية في الولايات المتحدة منذ يوليو/تموز 2023، وهو ما يفوق "الخط الأحمر" الذي حدّدته مؤسسة "ستراتيغاس" عند 14%، حيث تبدأ عنده الأنظمة المالية عادة في تبني إجراءات تقشفية أو تعاني من ضغوط خانقة على الموازنات العامة.

إعلان المؤشرات العالمية تلوّح بانتقال العدوى

ورغم أن تحذير ديمون ركّز على الدين الأميركي، فإن تدهور الوضع المالي لم يَعُد مشكلة أميركية فقط، بل مسألة عالمية. فمع تصاعد الديون في معظم دول مجموعة السبع، ارتفعت علاوات الأجل للسندات الحكومية طويلة الأجل، ما يعكس تزايد قلق المستثمرين من قدرة الدول على سداد التزاماتها مستقبلا من دون اللجوء إلى التضخم أو خفض الإنفاق العام.

في اليابان، على سبيل المثال، بلغت علاوة الأجل بين السندات لأجل 30 سنة وسنتين نحو 223 نقطة أساس، وهي من أعلى المستويات المسجلة عالميا، وارتبطت بعودة التضخم بعد سنوات من الانكماش، إذ ارتفعت أسعار المستهلك بنسبة 3.6% على أساس سنوي.

أما في الولايات المتحدة، فقد وصلت علاوة الأجل إلى 103 نقاط أساس، مقابل متوسط تاريخي يبلغ 78 نقطة منذ 1999. وتشير هذه القفزة إلى أن المستثمرين باتوا يطالبون بعوائد إضافية لتعويضهم عن مخاطر مستقبلية مرتبطة بالعجز المزمن وارتفاع أسعار الفائدة.

الدولار القوي والاقتصاد الكبير.. هل يحميان أميركا؟

ويرى تقرير فوربس أن الولايات المتحدة لا تزال تتمتع بعدة امتيازات تقلل من احتمالات انهيار مفاجئ في سوق السندات، منها:

قوة الاقتصاد الأميركي وناتجه المحلي الإجمالي المرتفع للفرد. مكانة الدولار كعملة احتياطية عالمية. قدرتها على إصدار الدين بعملتها الوطنية فقط، من دون الحاجة إلى الاقتراض الخارجي بعملات أجنبية.

لكن التقرير يُنبّه إلى أن إساءة استخدام هذه الامتيازات، من خلال تراكم الديون من دون إصلاح مالي فعلي، قد يؤدي إلى فقدان تدريجي للثقة الدولية. فليس هناك "مستوى سحري" لنسبة الدين إلى الناتج المحلي يُطلق شرارة الأزمة، لكن التدهور الهيكلي المستمر يراكم التوترات في الأسواق.

التاريخ يُذكّر.. التضخم كسلاح لسداد الديون

ويُذكّر التقرير بأن العديد من الدول على مرّ التاريخ، في أوقات الأزمات، اختارت اللجوء إلى التضخم لتقليص قيمة ديونها الفعلية، بدلا من اتخاذ قرارات إصلاحية صعبة أو تقليص النفقات. وعليه، ليس مستغربا أن ترتفع علاوات الأجل عالميا، في إشارة إلى أن المستثمرين بدؤوا يطالبون بعوائد أعلى لحماية أنفسهم من هذا السيناريو.

تدهور الوضع المالي ليس أزمة محلية بل ظاهرة عالمية آخذة في التوسع (الفرنسية)

ورغم ذلك، يرى بعض المحللين أن الولايات المتحدة قد تستفيد بشكل غير مباشر من هذا التراجع العالمي، نظرا لقوة مؤسساتها وقدرتها على امتصاص الأزمات مقارنة بدول أخرى. ومع ذلك، تبقى الرسالة الأساسية واضحة: "سوق السندات ليس محصنا إلى الأبد، وإذا استمر تدهور الوضع المالي، فإن الثقة قد تُسحب فجأة".

إعلان فرصة للإصلاح أم بداية لانهيار؟

ويختم التقرير بتساؤل مفتوح: هل تختار الولايات المتحدة التوسع في النمو الاقتصادي والإصلاح الضريبي لتخفيف عبء الدين؟ أم تستمر في الاقتراض حتى ينهار الثقل على سوق السندات؟ وفي إشارة ساخرة للتاريخ، يستشهد الكاتب بمقولة منسوبة إلى ونستون تشرشل: "يمكن الوثوق بالأميركيين في أنهم سيفعلون الشيء الصحيح… بعد أن يستنفدوا جميع الخيارات الأخرى".

وفي ضوء التحديات الراهنة، يبدو أن هذا الخيار "الصحيح" يجب أن يُتخذ بسرعة، قبل أن يُجبر السوق الإدارة الأميركية على اتخاذه.

مقالات مشابهة

  • الشيخ ناصر الوهبي: البيضاء كانت وستبقى درع اليمن الحصين في وجه الإرهاب والعدوان (حوار خاص)
  • هل غير الأوكرانيون قواعد الحرب الجوية بعد حرق الطائرات الروسية؟
  • بعد 12 عاما .. استئناف الرحلات الجوية التجارية المنتظمة السورية إلى السعودية
  • من جيرالد فورد إلى ماكرون.. كيف أحرجت حوادث سلالم الطائرات المسؤولين؟
  • تعز: ضبط متهم بجريمة قتل في مديرية صالة
  • هل تقترب أميركا من أزمة في سوق السندات؟
  • شركات الطيران العالمية تحذر من الرسوم الجمركية الأمريكية: تهديد للسلامة الجوية وسلسلة التوريد
  • دقائق فصلت حجاج اليمن عن ضربة إسرائيلية لطائرة كانت ستقلهم من مطار صنعاء إلى جدة!
  • مصطفى شردي عن سميحة أيوب : كانت من العظماء التى قدرت سنها وأدوارها
  • إصابة 12 شخصا بينهم سيّاح إثر سقوط شجرة معمّرة في إيطاليا