في صباح هادئ مليء بالترقب والحماس، وقف التلاميذ في معهد محمد عطيتو النموذجي لغات بالأقصر، ينتظرون وصول الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف. كان اليوم مشحونًا بالمراسم الرسمية والكلمات الترحيبية، والكل يحاول الظهور بأفضل صورة أمام هذه الشخصية التي تحمل في ملامحها هيبة العلم ووقار المكانة.

من بين الحضور، كان هناك طفل صغير في ثوب أزهري ناصع البياض، يقف في زاوية منزوٍ بها، يحمل بين يديه ورقة صغيرة، مكتوبة عليها قصيدة شعرية. هذا الطفل لم ينم جيدًا الليلة الماضية، فقد كان يحفظ أبياته ويرددها مرارًا وتكرارًا أمام المرآة، يحلم بلحظة وقوفه أمام شيخ الأزهر ليُسمعه صوته الذي كان ينبض بحب واحترام لأهل الصعيد وكرامتهم.

لكن الوقت كان ضيقًا، والإجراءات البروتوكولية كانت كثيرة. أُلغيت فقرة الطفل، وأُعلن أن الوقت لم يعد يسمح بإلقاء القصيدة. عندها، انكمشت ملامح الطفل، واغرورقت عيناه بالدموع التي حاول إخفاءها خلف الورقة التي كانت أمس مصدر فخره، واليوم أصبحت مجرد ذكرى مؤلمة.

اللحظة الفارقة

كان الإمام الأكبر شيخ الأزهر يُنهي كلمته حين لمح عيون الطفل الباكية ووقفته التي امتلأت بالحزن. التفت الإمام نحو الطفل، وسأل أحد المرافقين: "لماذا يبكي هذا الصغير؟" جاءه الرد سريعًا: "كانت له فقرة لإلقاء قصيدة، لكن الوقت لم يسمح يا مولانا".

في تلك اللحظة، أشار الإمام الأكبر بيده لوقف المراسم الرسمية، والتفت إلى الطفل قائلًا: "تعال يا بني، أريد أن أسمع قصيدتك".

تقدم الطفل بخطوات مترددة، ثم وقف أمام شيخ الأزهر، وبدأ في إلقاء قصيدته عن أدب أهل الصعيد وشهامتهم. كانت كلماته نقية وصوته يرتجف قليلًا من رهبة الموقف، لكن عيناه كانتا تتألقان بالفخر والسعادة.

ابتسامة ولقطة خالدة

بعد أن انتهى الطفل من إلقاء قصيدته، ابتسم شيخ الأزهر وربّت على كتفه قائلًا: "أحسنت يا بني، صوتك جميل وكلماتك أروع. استمر وتعلم أكثر." ثم دعا شيخ الأزهر المصور لالتقاط صورة تذكارية معه، صورة تحمل في تفاصيلها لحظة إنسانية لن تُنسى.

رسالة مهمة من الإمام الأكبر

في كلماته الختامية، شدد الدكتور أحمد الطيب على أمر هام أمام جميع القيادات والمسؤولين قائلًا: "لا تستهينوا أبدًا بمشاعر التلاميذ، هؤلاء الأطفال هم المستقبل. كل طفل يمتلك موهبة تستحق الاهتمام والتشجيع. امنحوهم الفرصة دائمًا للتعبير عن أنفسهم، فهم أمانة في أعناقنا."

عاد الطفل إلى مكانه وسط تصفيق حار من الجميع، بينما كان يحتضن ورقته الصغيرة بفخر، وكأنها أصبحت كنزًا ثمينًا يحمل معه ذكرى لن تُنسى.

إنسانية تتجاوز البروتوكول

هذا الموقف لم يكن مجرد لحظة عابرة، بل كان درسًا في الإنسانية والقيادة الحقيقية. ففي وقت كانت فيه المراسم الرسمية تضغط على الجميع للالتزام بالجدول الزمني، أصر شيخ الأزهر على منح طفل صغير لحظة ستظل محفورة في ذاكرته مدى الحياة.

إنه مشهد يُذكرنا بأن القيادة ليست مجرد أوامر وتوجيهات، بل هي لمسة إنسانية تجعل القلوب تتفتح والأرواح تزدهر.

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: شيخ الأزهر أحمد الطيب موقف انساني شيخ الأزهر في الأقصر قصيدة شعرية تعليم الأزهر دعم المواهب إنسانية شيخ الأزهر لحظة انسانية افتتاح معهد أزهري تعليم الأزهر الشريف القيم الإنسانية في الأزهر اخبار الازهر قيادة إنسانية شیخ الأزهر

إقرأ أيضاً:

رئيس منطقة الشرقية الأزهرية يفتتح معهد العراقى الإعدادي للفتيات بأبوحماد

افتتح الدكتور السيد الجنيدى رئيس الإدارة المركزية لمنطقة الشرقية الأزهرية معهد فتيات العراقى الإعدادي التابع لإدارة أبوحماد التعليمية الأزهرية.

بدأ الحفل بالسلام الجمهوري ثم القرآن الكريم للطالب أحمد تامر ممدوح الفائز بمسابقة القرآن العالمية وألقى محمد محمود كلمة وجه خلالها الشكر لكل من شارك فى افتتاح معهد فتيات العراقى الإعدادي الذي يُساهم بدوره في الارتقاء بالمنظومة التعليمية الأزهرية بمركز أبوحماد.

وأكد الدكتور السيد الجنيدى أن معهد فتيات العراقى الإعدادي أقيم بالجهود الذاتية لأهالي القرية وبالتعاون مع الأزهر الشريف وسيتم افتتاح روضة أطفال بالمعهد، مشيرا لدعمه للأزهر وطلابه للنهوض بالتعليم الأزهري، ومثمناً مجهودات المجتمع المدني وإسهاماته لإقامة صرح تعليمي يعود بالنفع على أبناء الأزهر الشريف بالقرية، ومشددًا على أهمية الالتزام بالحضور والانضباط في العملية التعليمية، ومشيدًا بجهود إدارة المعهد والمعلمين في توفير مناخ تعليمي مناسب يليق برسالة الأزهر الشريف.

وأوضح الجنيدى بأن الحديث عن الأزهر الشريف يجعل الجميع يعيش في رحاب النور والمعرفة والهداية، والأزهر الشريف والعلم قرينان في بناء الحياة وإصلاح الإنسان، ليكون جديرًا بعبادة الله الواحد الديان ولذلك كتبَ الله الرفعةَ لبيوته التي يُذكرُ فيها اسمه فقال:" في بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ".

وأشار الدكتور محمد سلطان لدور العلم في نهضة الأمم وتقدمها فهو اللبنة الأولى للازدهار والعلو والرفعة قال تعالي { يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات } وهو منبت الفضائل، والطريق إلى الجنة، يقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم "من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له به طريقًا إلى الجنة"، فطلب العلم وحبه من علامات توفيق الله للإنسان، والعلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا دينارًا ً ولا درهمًا إنما ورثوا العلم.

ووجه الدكتور حازم الخشاب الشكر للدكتور السيد الجنيدى على سعية الدؤوب وجهوده المخلصة في تشغيل معهد فتيات العراقى الإعدادي، فلم يتأخر عنا في أي شيء يخص الأزهر الشريف مشيدًا بالدور الكبير الذي يقوم به الأزهر الشريف في نشر قيم التسامح والاعتدال، ومؤكدا بأن المعهد سيعزز هذا الدور في المنطقة.

هذا وتخلل الحفل فقرات شعرية وابتهالات دينية ومدائح نبوية وكورال حول حب الوطن والتضحية من أجله ودور الأزهر في نشر الوسطية وفضل القرآن والأم من طلاب معاهد العراقي والإمام الحسين بن على ومعهد فتيات الأسدية.

حضر الإفتتاح الدكتور محمد سلطان مدير إدارة أبوحماد الأزهرية والدكتور حازم الخشاب وكيل كلية التكنولوجيا والتنمية بجامعة الزقازيق والدكتور محمد إبراهيم سلامة مدير معمل بحوث الثروة السمكية بالعباسة وصبحي عليوة مدير إدارة التخطيط بالمنطقة ورضا الديب مدير أمن منطقة الشرقية الأزهرية والدكتور حسام عبد الرحمن موجه القرآن الكريم والدكتور صالح رجب واعظ بمنطقة وعظ الشرقية وعدد من مديري الإدارات وموجهي ومديري ومعلمي وطلابي الأزهر الشريف ولفيف من أهالي القرية.

مقالات مشابهة

  • خطيب الأوقاف: من أعظم نعم الله على الإنسان أن خلق له الوقت والزمن
  • الرواق الأزهري يُواصل رسالته العلمية عبر باقة متنوعة من الأنشطة العلمية بالبحر الأحمر
  • الرواق الأزهري يُواصل رسالته العلمية عبر باقة متنوعة من الأنشطة العلمية بمرسى مطروح
  • رئيس منطقة الشرقية الأزهرية يفتتح معهد العراقى الإعدادي للفتيات بأبوحماد
  • الجامع الأزهر يعقد ملتقى القراءات للختمة المرتلة برواية قالون.. اليوم
  • المشرف على الرواق الأزهري: الاجتهاد فريضة إسلامية والحرية الفكرية منهج علماء هذه الأمة
  • الرواق الأزهري يُواصل رسالته العلمية عبر باقة متنوعة من الأنشطة العلمية
  • شيخ الأزهر يستقبل أعضاء لجنة تحكيم جائزة زايد للأخوَّة الإنسانية 2026
  • شيخ الأزهر: جائزة زايد للأخوَّة الإنسانية تسهم في إرساء أسس السلام بالعالم
  • الأسر السودانية تواجه مأساة المفقودين شمال كردفان وسط أزمة إنسانية حادة