سقوط الأسد يحيي آمال الإيرانيين في التخلّص من سلطة الملالي
تاريخ النشر: 26th, December 2024 GMT
أذهلت النهاية السريعة لحُكم الرئيس السوري السابق بشار الأسد الشعب الإيراني، الذي استعاد تطلّعاته المُستمرّة للإصلاحات، وتحسين مستوى المعيشة.
وحسب استطلاعات رأي فرنسية من الداخل الإيراني، تبدو الجمهورية الإيرانية، التي أصبحت معزولة على المستوى الإقليمي بعد أن فقدت حليفاً أساسياً في ما يُسمّى "محور المقاومة"، وضعفت اقتصادياً وما زالت متأثرة بالاحتجاجات الاجتماعية، تبدو أكثر عُرضة للخطر من أيّ وقت مضى.
La chute d’Assad vu d’Iran : «Tout le monde dans les rues parlait de la Syrie, c’était comme si un rêve avait repris vie»
L’effondrement du régime de Bachar al-Assad ravive l’espoir que le pouvoir des mollahs, affaibli, vacille à son tourhttps://t.co/KYnqUc0E98
الكاتب والمحلل السياسي الفرنسي كميل نيفو، يعتبر من جهته أنّ مصير إيران بات الآن في مرمى تهديدات الرئيس الأمريكي المُنتخب دونالد ترامب، فبعد انهيار حزب الله وسقوط الأسد، قد تُصبح طهران العضو التالي في "محور المقاومة"، المُعرّض للانهيار. وبرأي كثيرين فإنّ الطموحات بتغيير النظام الإيراني لم تعد مُجرّد سيناريو خيالي، بل حقيقة مُحتملة جداً.
وفي إشارة لجدّية فريق ترامب، فإنّه وبعد 3 أيام من سقوط الأسد، عُقد اجتماع في مجلس الشيوخ الأمريكي بحضور ممثلي المُعارضة الإيرانية، حذّر فيه السيناتور الجمهوري تيد كروز من أنّ "هناك تغيير في المشهد السياسي"، مُذكّراً بقيام ترامب، خلال فترة ولايته الأولى، بتخفيض إنتاج براميل النفط الإيرانية بشكل صارم، مُشدّداً العقوبات عليها بشكل غير مسبوق.
وتمّ هدر الكثير من الأموال الإيرانية في سوريا للحفاظ على نظام الأسد، فضلاً عن الخسائر البشرية. وتجد الجمهورية الإسلامية نفسها معزولة أكثر فأكثر.
وفي الداخل أيضاً، يتزايد الضغط على السلطات الإيرانية، حيث لم يتوقف المجتمع المدني عن الاحتجاج في السنوات الأخيرة.
وقال كروز "سنقطع موارد هذا النظام القاسي والقمعي"، وسوف نُجبر طهران على "إيقاف مراكز الأبحاث النووية"، و"وقف إنتاجها النفطي"، مؤكداً أنّ "آية الله يشعر بالذعر، لأنّ دخل نظامه على وشك التلاشي"، ولذلك فإنّ إيران ضعيفة، وهي خائفة، وربما ستُفاجئ سرعة التغيير الكثيرين.
Après la chute de Bachar al-Assad en Syrie, l’Iran face à un possible effet dominohttps://t.co/ECBUZNj7Lk
— Libération (@libe) December 19, 2024 قلق وتفاؤلويتردد صدى حلم وقوع حدث مماثل لما حصل في سوريا لدى العديد من الإيرانيين، ويُثير الأمل والخوف معاً، الأمل بإضعاف النظام الحاكم والخوف من تداعياته الاقتصادية.
وفي هذا الصدد تنقل يومية "ليبراسيون" الفرنسية عن أشكان، وهو مدرس من طهران، وصفه ليلة 8 ديسمبر (كانون الأول) بأنّها لحظة بالغة الأهمية في بلاده أيضاً "ربما في يوم من الأيام ستُسمع مثل صرخة التحرر هذه في إيران أيضاً".
أما مجتبى، وهو طالب جامعي فيوضح "كان الجميع في شوارع طهران يتحدثون عن سوريا. كان الأمر كما لو أن الحلم قد عاد إلى الحياة، نفس الحلم الذي عاد إلى الظهور خلال احتجاجات (المرأة، الحياة، الحرية) في إيران منذ عام 2022".
ويُثير سقوط الأسد قلق إيرانيين آخرين، من زوايا مختلفة، وخاصة من أنصار الحكومة وإيديولوجية "محور المقاومة" هذا التحالف الذي أصبح اليوم ضعيفاً جداً، فيما تتزايد الشكوك حول قوة إيران العسكرية ومشروعية خطابها، وتُطرح التساؤلات حول "ماذا سيحدث لحزب الله الآن بعد سقوط الأسد".
La chute d’Assad vu d’Iran : «Tout le monde dans les rues parlait de la Syrie, c’était comme si un rêve avait repris vie» https://t.co/SmIyFkxQAo
— Le Miroir Persan (@Lemiroirpersan) December 20, 2024 حذر من الثوراتبالمُقابل تنقل مراسلة "ليبراسيون" في طهران، ديوان شيرازي، عن مواطنين إيرانيين قولهم إنّ الأحداث في سوريا ذكّرتهم بثورة 1979 ووعودها التي لم يتم الوفاء بها. فأحد المخاوف الرئيسية هو أنّ سوريا سوف تتبع مسار إيران مع وصول نظام إسلاموي إلى السلطة وتقييد الحريات المدنية، حسب وصفهم.
وتؤكد روشاناك، وهي طبيبة تبلغ 63 عاماً: "إنها تجربة مريرة عشناها بالفعل" موضحة "في اليوم الذي انتصرت فيه الثورة في إيران، كنا سعداء بنفس القدر. لقد اعتقدنا أنّه من خلال الإطاحة بزعيم قمعي، سنحقق الحرية في النهاية. لكنّ الفرحة لم تدم طويلاً. ولم نفهم أنه تحت ستار تطبيق المبادئ الإسلامية، كانت تنتظرنا سنوات من قمع الحقوق المدنية".
وتابعت أنّه "لعقود من الزمن، لا زالت السلطات الإيرانية تتشبث بخطابها الثوري لتقييد الحريات الفردية".
L’effondrement économique en Iran devient une crise de sécurité pour le régime clérical https://t.co/kbKeUA6DHF
— CNRI-France (@CNRIFrance) December 24, 2024 اقتصاد على وشك الموتكما كان ردّ فعل العديد من الإيرانيين غاضباً، حيث سلطوا الضوء على التكاليف الباهظة لتدخل إيران في سوريا في الوقت الذي تُعاني فيه البلاد من أزمة اقتصادية حادة، مُستنكرين حجة طهران في الدفاع عن أماكن مُقدّسة، مما كلّف إيران مليارات الدولارات وتسبب في مقتل وتشريد ملايين السوريين.
وبالنسبة لرجال أعمال إيرانيين فإنّ سقوط الأسد سيكون له أيضاً عواقب اقتصادية خطيرة على طهران، والأمر لا يقتصر على الأموال المفقودة في الحرب السورية، ولكن التساؤلات اليوم حول ماذا سيحدث للاستثمارات التي لا تزال إيران تمتلكها في سوريا؟ فخسارة عشرات المليارات من الدولارات ستكون بمثابة ضربة موجعة لاقتصاد أصبح بالفعل على وشك الموت، فالتضخم يتجاوز 50%، والعملة الوطنية تنهار، والمدخرات تختفي، ويستمر انقطاع التيار الكهربائي، فضلاً عن نقص في إمدادات الغاز.
L'Iran, état failli. C'est le sort de tous les pays qui dépensent leurs ressources en surarmement.
Malgré son potentiel de producteur majeur de pétrole et de gaz, l'iran des mollahs connait une crise énergétique sans précédant.
"Les administrations, les écoles et les ...⬇️ pic.twitter.com/b0lq8CabW7
بالمُقابل يرى آخرون بصيصاً من الأمل مع اختفاء الأسد، إذ سوف تتضاءل قوة إيران الإقليمية إلى حدّ كبير. ولعلّ هذا التغيير برأيهم سيُجبر الحكومة أخيراً على الاعتراف بإخفاقاتها، والتركيز على تحسين الوضع الداخلي وإنعاش الاقتصاد المُنهار. ويُشكّل الوضع الاقتصادي والاجتماعي الهش للغاية في إيران، مصدراً لا يُستهان به للسخط، ومظالم الشعب كثيرة.
ويرى محللون فرنسيون أنّ الحالة النفسية للمُجتمع الإيراني باتت سيئة جداً، لدرجة أنّ الناشط والسجين السابق حسين رزاق، خلص إلى أنّ أدنى شرارة، مثل وفاة خامنئي أو أيّ انتكاسة كبيرة أخرى، يُمكن أن تكون إشارة إلى بداية نهاية النظام الإيراني. فيما بات العديد من مؤيدي هذا النظام اليوم يتساءلون عمّا إذا كانت بلادهم نفسها على حافة الانهيار.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب خليجي 26 عام على حرب غزة إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات إيران سقوط الأسد سوريا سقوط الأسد ترامب عودة ترامب إيران سوريا سقوط الأسد فی سوریا فی إیران
إقرأ أيضاً:
عودة كبرى للاجئين السوريين: بداية مرحلة جديدة في الإعمار بعد سقوط النظام
البلاد _ دمشق
تشهد سوريا تحولات ديموغرافية واجتماعية كبرى مع عودة مئات الآلاف من اللاجئين إلى البلاد، بعد سقوط نظام بشار الأسد وتشكيل حكومة جديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع. وتُعد هذه العودة إحدى أبرز المؤشرات على بداية مرحلة جديدة من إعادة بناء الدولة والمجتمع بعد أكثر من عقد من الحرب والدمار.
ووفق معطيات من منظمات مختصة، فقد عاد أكثر من نصف مليون لاجئ سوري إلى بلدهم خلال الأشهر الستة الماضية، معظمهم من تركيا، التي كانت من أكبر الدول المضيفة للاجئين السوريين على مدى أكثر من 10 سنوات.
عادت الحياة تدريجياً إلى أحياء كانت شبه مهجورة في شمال سوريا، خصوصاً في مناطق حلب وريف دمشق ودرعا والحسكة، حيث بدأ العائدون بترميم منازلهم المدمرة أو إعادة بنائها، كما أعيد فتح محال وأسواق صغيرة في عدة بلدات كانت متوقفة عن العمل منذ سنوات.
وتشير تقارير ميدانية إلى أن بعض العائدين شرعوا في استئناف نشاطهم المهني الذي كانوا يمارسونه في تركيا، مثل الورش الصغيرة، الأعمال الزراعية، الحرف التقليدية، بل وافتُتحت مشاريع جديدة بدعم من منظمات دولية ومحلية بدأت بتوجيه برامجها نحو دعم التعافي المبكر.
بحسب مصادر من “جمعية اللاجئين”، فإن الغالبية العظمى من العائدين هم من النساء والأطفال وكبار السن، لكنّ نسبة ملحوظة من الشباب بدأت تعود في الأسابيع الأخيرة، خاصة بعد وعود حكومية بإعفاءات من الخدمة العسكرية ودمجهم في برامج تدريب وإعادة توطين.
وتُظهر هذه العودة رغبة متزايدة لدى السوريين في استعادة حياتهم في وطنهم، رغم الصعوبات، ما يشكل رافعة بشرية مهمة في عملية إعادة الإعمار المجتمعي والاقتصادي.
تتركز العودة إلى المناطق التي شهدت استقراراً نسبياً وأُعيد فتح معابرها، مثل محافظات درعا، دير الزور، وريف حلب، فيما بدأت الحكومة السورية الجديدة بإنشاء مراكز استقبال مؤقتة للعائدين، إضافة إلى برامج سكنية وتنموية في المناطق المحررة من النزاعات المسلحة.
وتسعى دمشق بالتعاون مع منظمات الأمم المتحدة إلى تسريع تنفيذ خطة وطنية لإعادة دمج اللاجئين في مجتمعاتهم الأصلية، عبر توفير التعليم، الرعاية الصحية، وفرص العمل، ما يُعزز مناخ الاستقرار ويقلل من دوافع الهجرة مجدداً.
وتُعزى هذه العودة الجماعية إلى التغير السياسي الجذري الذي شهدته سوريا أواخر عام 2024، حيث منح التغيير السياسي كثيراً من السوريين الثقة ببدء صفحة جديدة، خصوصاً مع تعهد الرئيس أحمد الشرع بتوفير مناخ سياسي ومجتمعي آمن وبيئة قانونية تحفظ كرامة العائدين.
وفي تصريح سابق، أشار الشرع إلى أن “اللاجئين هم عماد عملية النهوض”، مضيفاً أن الحكومة ستُركّز على إعادة تأهيل البنى التحتية وخلق فرص سريعة في مجالات الزراعة والبناء والتعليم لاستيعاب الطاقات البشرية العائدة من الخارج.
رغم الترحيب الواسع بهذه العودة، إلا أن التحديات لا تزال قائمة، خاصة في ما يتعلق بإزالة آثار الدمار، وتوفير الخدمات الأساسية، وإعادة الثقة بين الدولة والمواطن. لكن المؤشرات الأولية توحي بأن عجلة الإعمار بدأت تدور فعلياً بفضل الإرادة المحلية والعودة البشرية المكثفة.
ويأمل السوريون، داخل البلاد وخارجها، أن تشكل هذه العودة بداية جديدة نحو استقرار دائم وتنمية مستدامة، تضع حداً لسنوات طويلة من الشتات واللجوء والمعاناة.