هذا صدر بيت شعر من النشيد الوطني الرسمي لتونس والذي يفتتح بـ:
"حماة الحمى يا حماة الحمى *** هلموا هلموا لمجد الزمن
لقد صرخت في عروقنا الدماء *** نموت نموت ويحيا الوطن.
إلى أخر النشيد الذي هو مصري في الأصل ومن شعر شاعر النيل مصطفى صادق الرافعي كتبه في الثلاثينات لتحفيز المصريين لمقاومة الاستعمار البريطاني لمصر أما تلحينه فينسب أحيانا للفنان المصري محمد فوزي وأحيانا أخرى للموسيقار محمد عبد الوهاب.
وحين اعتمده التونسيون منذ الثلاثينات نشيدا للثورة على الاستعمار الفرنسي أضافوا له بيتين من أشهر قصائد شاعرهم العبقري أبي القاسم الشابي بعنوان (إرادة الحياة) وهما:
إذا الشعب يوما أراد الحياة *** فلابد أن يستجيب القدر
ولا بد لليل أن ينجلي *** ولا بد للقيد أن ينكسر.
وذلك بسبب بحر العروض والقافية المشتركين بين قصيدة الرافعي وقصيدة الشابي رحمهما الله.
ذكرت هذه المعاني القيمة التي تلهب شعور الجماهير وتحرك حماسها من أجل الفداء بالروح حتى يحيا الوطن محررا من دنس المذلة وخزي المهانة. حتى طلع علينا الشاعر اللبناني المشاغب والرافض للقوالب الموروثة ليقول علنا: "لست مستعدا للموت من أجل وطن لا أجد فيه كرامتي ولا أتمتع فيه بحقوقي بل يتحول باستبداد وظلم بعض رؤساء جمهورياته الوراثية إلى وطن يطردني ويهجرني..."
إذا قرأتم اليوم سرديات السوريين المنفيين والضاربين في أرض الله منذ عقود أو الناجين من مجازر بشار وأبيه يدرك أن استعادة الوطن يعني استعادة الحقوق والحرية من أنياب ومخالب وحوش بشرية قتلة ومجرمين..وأتذكر أنا ما قاساه آلاف المفكرين والمثقفين والنخب من آلام الهجرة من بين العرب والذين كتب الله لي أن أتعرف عليهم وأعيش ما عاشوه من غربة في الدول التي قاومنا استعمارها وهيمنتها.. ثم وجدنا أنفسنا لاجئين في مدنها الباردة لأنها تملك دستورا يحمينا ومكنت العديد من رفاقنا من اللجوء السياسي وعاش معنا أولادنا فتكلموا لغة وطن اللجوء وتعلموا في مدارسها واندمجوا في مجتمعاتها ونشأوا على قيم الحرية والعدالة التي وجدناها لدى مستعمرنا القديم ولم يمنحها لنا حين استولى على خيراتنا واستخرب أرضنا (و ليس استعمر) وحين فرض على مجتمعنا قوانينه وتقاليده منذ 1881 فسمى هذا الاستخراب "حماية" حتى يقنعنا بأننا تحت حمايته وتحت جناح رحمته!
الغريب أن هذه الحيلة انطلت وما تزال تنطلي على "نخبة" من التونسيين والعرب والمسلمين تخرجت من جامعات أوروبا فحصل لديها اعتقاد كاذب وهو أن هذه الأمم الغربية مثل أعلى في التقدم العلمي والحقوق المدنية والعدالة الاجتماعية بفضل التكاتف بين أفرادها عن طريق مؤسسات الضمان الاجتماعي المقننة والتي تمنح الحق لكل مواطن فيها أن يوهب جراية ويسند ماليا فننسى ويغيب عن إدراكنا أن المجتمعات الغربية ترمي كبار السن من جدود وجدات عيالهم، فيما يعرف بدور العجائز وفي الحقيقة أماكن لعزل الطاعنين في السن ليموتوا في غربة مؤلمة وبلا رحمة من ولد صالح أو بنت صالحة انشغلا عنهم بالعمل الشاق في مصنع أو إدارة أو شركة تحولهم إلى عبيد جدد في أسواق النخاسة والربح السريع و الصراع المتوحش!
ولكن هذه النخبة العربية المسلمة في الحقيقة تم اجتثاثها من تراثها الإسلامي الأصيل وأصبحت مثل زهرة عباد الشمس تتفتح إذا اتجهت نحو شمس فرنسا أو بريطانيا أو أمريكا وطبعا ربوها في مدارس الغرب وجامعاتها أن تتنكر لماضيها المجيد وتتنصل من جذورها العميقة فبحثت على نعمة الانصهار التام في مجتمعات الغرب.. ولا نتردد في القول بأن التونسي تحول إلى "فرنسي صغير درجة ثانية" وأن المصري تحول إلى "إنجليزي صغير درجة ثانية" فلا نتعجب بعد هذا المسخ الحضاري أن يستمر استغلال القوى الغربية لخيرات أراضينا وأن تصدر لهم دولنا عن طواعية سواعد وعقول شبابنا ليعملوا لديهم بعد أن دفعنا نحن أعز ما نملك ليتعلموا ويصبحوا كوادر مؤهلة للشغل وبناء الأوطان فأصبحوا بناة لدول الغرب بل وقلدناهم كمغلوبين يقلدون الغالب حسب رأي علامتنا عبد الرحمن ابن خلدون في سائر ملبسهم ومأكلهم وفي انتحال لغتهم وأحيانا دينهم!!
ونعود إلى عنوان المقال لنؤكد أن هذه الانحرافات الخطيرة قضت على أوطاننا الأصلية والأصيلة لتعطينا وهما يسمى زورا وبهتانا "اللحاق بركب الحضارة" وهو الشعار الذي كان الحبيب بورقيبة رحمه الله يرفعه باستمرار على مدى عهد حكمه لتونس وهو مؤمن، ربما عن حسن نية، أن الغرب هو الحضارة وأن على شعوبنا نحن محاولة اللحاق بركبه وبوسائله هو وبقيمه هو وهذه عقيدة النخبة التونسية المسلمة التي صدقت الزعيم بورقيبة واتبعت خطاه حتى أدركنا الإفلاس النهائي لكل جهودها الواهمة للحاق بركب الحضارة!!
الوطن ليس رقعة جغرافية من الأرض بل مساحة حضارية من قيم ديننا وكفاءة لغتنا وخصوصية تقاليدنا وهذه الكنوز هي التي من واجبنا الحفاظ عليها وتوريثها لعيالنا من بعدنا.وإذا قرأتم اليوم سرديات السوريين المنفيين والضاربين في أرض الله منذ عقود أو الناجين من مجازر بشار وأبيه يدرك أن استعادة الوطن يعني استعادة الحقوق والحرية من أنياب ومخالب وحوش بشرية قتلة ومجرمين.. في حين أن المهجرين قسرا من الشعب السوري يعدون بالملايين بداية من الإسلاميين الناجين من مجزرة حماة سنة 1982، ولنا منهم أصدقاء ورفاق منافي وزملاء في جامعة قطر طالما تذاكرنا وتبادلنا قصص المحن والتشرد وضياع العيال بين المدارس وفقدان الوطن وتلاشي الذكريات مع الزمن.
وأتذكر ذات يوم من التسعينيات في مقهى باريسي قدم لي صديق نخبة كريمة من الطيارين الليبيين الذين انتدبتهم (شركة فرنسا الجوية) ليكونوا لديها قباطنة طائرات (إيرباس) بعد أن عوقب العقيد القذافي بتجميد شركة طيرانه والصديق قدم لي الاخوة الليبيين بقوله: "أقدم لك مجموعة من الكلاب السائبة...!" وهو النعت الذي أطلقه العقيد المعقد على كل من يعارضه فضحكنا جميعا ونحن نفكر بحزن وألم في أوطان فقدناها ولم تعد أوطاننا إلى أن يحين يوم تحريرها من الاستبداديات الداخلية الغبية وهي أعتى من الاستبداديات الخارجية التي تستبيح أرضنا وتنتهك عرضنا.
لهذه الأسباب نقترح تعديل عبارة الوطن من المطلق الراهن إلى تنسيب "المواطنة" التي هي اشتراك شعب ما في التمتع بالحقوق والحريات في حالة وفرتها لنا الأوطان! فالوطن ليس رقعة جغرافية من الأرض بل مساحة حضارية من قيم ديننا وكفاءة لغتنا وخصوصية تقاليدنا وهذه الكنوز هي التي من واجبنا الحفاظ عليها وتوريثها لعيالنا من بعدنا. وفي حال توارثنا أوطانا تكون بحق أوطاننا يكون من حقها علينا أن نموت من أجلها وتحيا هي حرة خفاقة الراية مرفوعة الرأس محمية بمواطنيها الكرماء المكرمين مدى الدهر.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه المعاني العرب الأوطان رأي عرب رأي أوطان معاني مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة اقتصاد سياسة من هنا وهناك من هنا وهناك سياسة صحافة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة
إقرأ أيضاً:
???? مغالطة جون قرنق الكبري وتجلياتها في الحاضر السياسي
مغالطة جون قرنق الكبري وتجلياتها في الحاضر السياسي:
معتصم أقرع
????في الذكري العشرين لإغتياله نتذكر أن الشهيد قرنق أسس حركته الشعبية ببرنامج إشتركي وكانت الدول ذات التوجه الشيوعي هي نواة تحالفاته الخارجية – إثيوبيا منقستو بالذات ورعاتها من الكتلة السوفيتية.
????ولكن بعد سقوط الكتلة السوفيتية وإنهيار نظام منغستو أعاد قرنق تموقعه السياسي والأيديلوجى واسقط الاشتراكية السودانية من خطاب الحركة واستبدله بخطاب هوية مسموم، مدمر، مفرق ومصاب بعمي الطبقة و ذاهل عن العدالة الأقتصادية من يومه الأول.
????وبرزت في أوساط الحركة شخصيات صديقة للغرب مثل منصور خالد وغيره. ودغدغ خطاب الهوية الذي يشابه خطاب الإسلام هو الحل – في نسخته التبسيطية – هوي ألاف الشباب الذين وجدوا في الخطاب مفتاحا سحريا يجعلهم بين يوم وليلة من أصحاب الثقافة الرفيعة التي تتيح لهم تشخيص كل مشاكل السودان وصرف الوصفات العلاجية عن طريق قلوظة خطاب الهوية بما يناسب كل سؤال – فعلي سبيل المثال مشكلة التعليم في السودان هي فشل الدولة في الأعتراف بكل الهويات وعدم رغبتها في توفير تعليم ومنهج وكتب لكل طالب بلغته الأصلية – علما بانه قبل إنفصال الجنوب كان في السودان أكثر من مئة وخمسين قبيلة تتعدد اللهجات داخلها ومعظم هذه اللغات غير مكتوب. ولا دخل لفشل التنمية الأقتصادية بمشاكل التعليم.
????الدكتور قرنق كان إنسانا واسع الثقافة والمعارف وملك من إمكانات القيادة ما لم يملكه سوداني قبله ربما منذ أيام المهدي. لذا لا أعتقد أن جوهره كان قد تغير بعذ سقوط الكتلة السوفيتية ولكنه قرر أن يختار البراغماتية وان يستعمل المعسكر الغربي – بعد سقوط المعسكر الشرقي – لتحقيق أحلامه السياسية التي كان جلها نبيل أو علي الأقل معقول لا يصعب الأتفاق معه.
????وهكذا متنت الحركة الشعبية علاقاتها بدول الغرب المهتمة بافريقيا بما في ذلك المهتمة بالإنسانيات ولعبت الكنائس الغربية دورا كبيرا في دعم الحركة الشعبية والترويج لها، بما في ذلك تشويه سمعة السودان بفبركة أخبار عن ممارسة السودانيين الشماليين الرق في الخرطوم بل وفي داخل بيوت الدبلوماسيين السودانيين في أعتى العواصم الغربية.
????ولا أعتقد أن جون قرنق لم يكن يعي عيوب تحالفه الخارجي ولكنه قرر إستخدام خارج مشكوك في نواياه لخدمة أهداف قرنيقية نبيلة كما أعتقد. وبالغت الحركة الشعبية من التبرج للخارج حين عرضت علي المملكة السعودية وأمريكا مدهما بخمسئة جندي للمشاركة في تحرير الكويت من غزوة صدام والتي تحولت بعذ ذلك إلي الغزو الأول للعراق في عام ١٩٩١ تحت قيادة جورج بوش الأب.
????ورغم ولوجه في تحالف مشبوه مع قوي إمبريالية وهو الاشتراكي التقدمي حاد الذكاء إلا أنه يستحيل وصف القرنق بالعمالة لانه أدار تحالفاته الخارجية حسب إرادته وتقديره للأمور ومصلحة القضية ولم يكن منفذا مطيعا لاي أوامر تاتي من أي جهة مهما بلغت درجة بياضها وقداستها. وهكذ أستمر التحالف بين الحركة الشعبية والخارج بقياداته الدولية والإقليمية المعروفة.
????كما قلنا، فإن قرنق كان الأبعد عن العمالة لان هناك فرق بين خلق علاقات في الخارج والعمالة. ولكن يمكن اتهامه بالغرور وممارسة الوهم الرغبوي الطوعي لانه في كل تحالف مرحلي، نفعي، قلق، بين طرفين تختلف أهدافهما بعيدة المدى تكون الكلمة الأخيرة فيه إلي الطرف الذي يملك مقدارا أعلي من عناصر القوة.
????وهكذا تجاهل قرنق أن مغالطته القائلة بإستخدام الغرب لصالح قضية تحررية، توحد أفريقيا من كيب تاون إلي الأسكندرية. وهي مغالطة تفترض غباء الغرب – حاشاه فهو غرب نبيه يعرف دبيب النملة وما تخفي الصدور. ولو استدرك قرنق من أمره ما استدبر لأدرك أن الغرب كان يلعب معه نفس لعبته وهي إستخدامه مرحليا لتقريب الغرب وحلفائه الإقليميين والكنائس من هدفهم النهائي وهو فصل الجنوب. ولكن جون قرنق فضل العمي الطوعي خلف قناع من الغرور واختار الطريق السهل لان مواجهة مثل هذه الحقائق كان كفيل بإجباره علي مراجعات كبري تدخله في جفاء مع من دعمه بالمال والسلاح والسطوة السياسية في العالم.
????وهكذا واصل جون قرنق في مسار أضان الحامل طرشا النفعي البراغماتي.
????وحين تمكن نظام البشير من إستخراج البترول في بداية الألفية أدرك الغرب أن ميزان القوي سيتغير لمصلحته بصورة حاسمة بسبب البترول والحماس العقائدي والقتالي للحركة الإسلامية. ولقطع الطريق علي إنتصار حاسم لنظام البشير، فرض الغرب طريق نيفاشا التي قبل بها نظام البشير مجبرا بعد أن تم إرعابه بان السودان سيكون المسرح الثاني للغزو الأمريكي بعد العراق الذي تم تدميره في غزوة عام ٢٠٠٣ وان مصيره لن يكون أحسن من مصير صدام حسين.
????وقد أيد الغزو الأمريكي للعراق كبار دعاء الاستنارة في السودان – الذين تقام بإسمهم مراكز التنوير الممولة من الخارج – كآخر دليل علي توبتهم إلي بيت الطاعة الغربي. وهو الغزو الثاني للعراق بعد أكثر من عقد من الزمان من تحرير الكويت. كما شارك في الغزو الذي أهلك ملايين الأنفس في العراق مستنيرون أخرون ساعدوا بترجمة لغة العراق وثقافته ودينه للغزاة وأحسنوا الترجمة وزيتوا ولوج سنابك الغزاة. وما أشبه الليلة بالبارحة ولا جديد – فهي استنارة متعودة، دايمن كما قال عادل إمام. فهي استنارة بالميلاد تقتات من موائد الغزاة وتناصر غزواتهم السياسية والإعلامية واحيانا العسكرية ولا تري دم الأبرياء في يدها وطعامها وشربها.
????ولم يكن كافيا لحلفاء الحركة الشعبية في الخارج أن إتفاقية نيفاشا أعطت الجنوب فوق كل سقوف مطالبه السابقة لان الهدف النهائي هو فصل الجنوب وليس إنصافه. فرق تسد. دائما.
????عودة إلي الطبيعة القلقة لتحالف قرنق مع الغرب وممثليه في الإقليم، لم يكن ليغيب علي هذا الغرب أن فصل الجنوب لن يكون نزهة في حديقة في وجود قرنق قوي الشكيمة الذي لا يأتمر بامر أحد. وإنه حتي لو تم فصل الجنوب في وجوده فان دولة جنوب السودان لن تكون ضعيفة، تابعة مخبولة بل سوف تولد تحت قيادة زعيم عظيم لا تقل قامته عن أعلي قامات حركات التحرر الوطني التي عمت الجنوب الكوني في منتصف القرن السابق من ماو، وناصر وكاسترو وسوكارنو ولومببا ونيكروما إلي كريس هاني. وهكذا قرر الغرب أن آن أوان رحيل قرنق فاغتالوه وتم بعد ذلك إتمام مخطط فصل الجنوب.
????تكمن تراجيديا الشهيد جون قرنق أن مقولاته كانت من الأكثر تقدما في تاريخ السودان السياسي، ولكنه قتل مستقبل مشروعه في افتراضه الضمني بأن عبقريته تسمح له بتحالفات تتيح له استغلال شيطان الاستعمار والكنائس لخدمة مشروع تقدمي نبيل. كما أعتقد بنفس العقلية بانه بإمكانه خلق فضاء سياسي معافي وكادر تقدمي، إشتراكي مستنير عبر خطاب هوية مغرق في الضحالة والرجعية وفات عليه ان الاستعمار يلعب معه نفس اللعبة بهدف استغلال تقدميته لتفكيك دولة افريقية بما يتيح اضعافها ونهب موارد أجزائها المتفككة.
????وبلغت مأساة قرنق نهايتها حين اغتاله حلفاؤه الدوليون بعد ان قام بدوره في تشكيل الخطاب ولكنه صار عقبة امام فصل الجنوب. ثم سكت اتباعه السودانيين عمن قتله وواصلوا تحالفهم مع من قتل زعيمهم وولي نعمتهم وما زالوا ياكلون من قصعة قاتل زعيمهم.
????وحين قرر قرنق بكل ذكائه الوقاد تجاهل “المنهج” فات عليه أن نسيانه الطوعي للمنهج لا يعني أن المنهج سيتجاهله ويتركه يصول ويجول كحليف مساو القوة لان هذا وهم شديد الكلفة.
????ومن يعرف التاريخ يعرف قصص شبيهة يتم فيها إستغلال إنسان نبيل ثم إغتياله عندما ينتهي دوره. ولم يكن قرنق أخر الزعماء السودانيين الكبار الذين إغتالهم الخارج في منعطف سياسي حاد فإن للأستعمار جنود لا تري بالعين المجردة.
????هذه قصة زعيم قوي الشكيمة أبعد ما يكون عن العمالة. أما في عالم اليوم المليء بالأقزام المنبطحين للخارج بدعوي إستعمال قوته لمصلحة السودان فان لهم في سيرة قرنق عبر. فبعد أن يقضي الخارج وطره ويحقق أهدافه فانه سيلفظهم كلبانة قديمة تم مضغها ليقضي بعضهم ما تبقي من العمر يطارده عار العمالة بعد أن تتوقف أعطياتها، وربما تم أغتيال بضعة أفراد منهم لمحو ذاكرة التاريخ السري للحرب السودانية.
???? في مديح الخواجة العالي يغني النوبي محمد منير:
“أصل الخواجه ابن ماريكا لما بيدخل حواريكا
يا اما ياخدك في بطاطه يا اما يا بني حيأزيكا
حاكم الخواجه ابن ماريكا هوه اللي بدع الشيكا بيكا
تدخل قفاه عايز تلعب حيرقصك سامبا و سيكا”.
معتصم أقرع
إنضم لقناة النيلين على واتساب