مؤمن الجندي يكتب: بين يديك لكنك أضعتها
تاريخ النشر: 30th, December 2024 GMT
ماذا يحدث عندما تتفاجئ أن الفرصة كانت بين يديك قبل أن تضيع؟ عادة ما يتقاطع الزمن مع الفرصة في لحظة حاسمة قد لا تتكرر، لذا التفاوض ليس فقط تبادل كلمات أو استعراض مهارات، بل هو قراءة دقيقة للإشارات التي ترسلها اللحظة.. فكما يحتاج الصياد إلى الرياح المناسبة لإطلاق سهمه، يحتاج المفاوض إلى إدراك متى تكون الكفة مائلة لصالحه، لأن التأخير في اتخاذ القرار قد يحول الفرصة إلى ذكرى عابرة! الوقت هو البطل الصامت في غرفة التفاوض، وتقدير قيمته يحسم النتيجة.
لكن انتهاز الفرصة يتطلب وعيًا حقيقيًا بقيمة ما تمتلك، البضاعة التي بين يديك ليست مجرد شيء يُباع، بل هي انعكاس لفهمك لقيمتها وما يمكن أن تمنحه للطرف الآخر، إذا ما جاء العرض المناسب لبيع شيء لا يُعوَّض، فإن التردد قد يُكلفك أكثر مما تتخيل.. فالتفاوض الناجح ليس لعبة خسارة أو ربح، بل هو فن الموازنة بين الثقة والتوقيت، لأن ما يُضيّعه اليوم انتظارك، قد لا يعود مهما طال الأمل.
في عالم كرة القدم، كما في التفاوض، تأتي لحظات يجب أن يُحسن فيها القرار، لأن تجاهل الفرصة في وقتها قد يُكلف النادي الكثير.. هذا ما حدث مع إدارة نادي الزمالك عندما رفضت عرضًا ضخمًا لا يُرفض لبيع أحمد سيد زيزو، أحد أبرز نجوم الفريق، كان العرض حينها -من وجهة نظري- فرصة ذهبية، ليس فقط لتعزيز خزينة النادي، ولكن أيضًا لإعادة ترتيب الأولويات، خاصة في ظل الأزمة المالية التي يعاني منها النادي.
منذ الأمس وأحمد سيد زيزو في قلب كل حديث، سواء في الصحف أو على ألسنة الجماهير بسبب مصيره! فمع مرور الوقت، بدأ زيزو يطالب بما يراه حقًا له، مطالبًا بملايين تكاد تكون فاقت كل التوقعات، وأصبح مستقبله الآن معلقًا بين إما التجديد بشروطه أو الرحيل المجاني، لكن السؤال الذي بقي يدور في الأذهان هل كانت لحظة التردد هي الخطأ الذي سيلاحق الجميع؟
متى تُمسك بالأشياء ومتى تتركها؟الآن، يجد الزمالك نفسه في مأزق مزدوج؛ مطالب بتلبية شروط زيزو المادية العالية لتجديد عقده، أو مواجهة خطر رحيله مجانًا في نهاية عقده، دون أن يجني النادي شيئًا.. هذا الوضع يعكس درسًا قاسيًا في فن التفاوض، أن تأجيل القرار الصحيح قد يحول مكسبًا كبيرًا إلى خسارة حتمية، وأن الفطنة الحقيقية تكمن في معرفة متى تُمسك بالأشياء ومتى تتركها.
أرى أن أزمة الزمالك مع أحمد سيد زيزو تقدم درسًا بالغ الأهمية في فن التفاوض وإدارة الأزمات.. الوقت لا ينتظر أحدًا، والفرص التي تأتي قد لا تتكرر بنفس الشروط والظروف! كان عرض بيع زيزو بمبلغ مغري بمثابة فرصة لتأمين مستقبل النادي المالي خاصة أنه يعاني، ولكن التردد والتأجيل كانا بداية الطريق إلى الأزمة الحالية.
في النهاية، التفاوض ليس مجرد التفاعل مع العروض، بل هو القدرة على التنبؤ بالمستقبل والقرار السليم في اللحظة المناسبة.. الفريق الذي يدير تاريخه بحكمة يعرف متى يبيع، ومتى يحتفظ، ومتى يساوم! في حالة الزمالك، يبقى السؤال: هل ستكون هذه الأزمة نقطة تحول نحو استراتيجيات أكثر نضجًا في المستقبل، أم ستكون تذكيرًا آخر بخطورة إضاعة الفرص في الوقت الخطأ؟
للتواصل مع الكاتب الصحفي مؤمن الجندي اضغط هنا
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: زيزو أحمد زيزو الزمالك رحيل زيزو تجديد زيزو مؤمن الجندی یکتب
إقرأ أيضاً:
ربنا يستر.. خالد الجندي: الذكاء الاصطناعي بيجاوب بفهلوة في المسائل الدينية
حذّر الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، من الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في المسائل الدينية أو طلب الفتوى، مؤكدًا أن هذه التقنية رغم تقدمها الكبير، لا تزال تفتقر للدقة والضبط في التعامل مع النصوص الشرعية.
وقال الشيخ خالد الجندي، خلال تصريحات تلفزيونية، اليوم الثلاثاء، "حضراتكم عشان تبقوا عارفين، إحنا عملنا اختبار للذكاء الاصطناعي.. أنا شخصيًا كنت بدي له أسئلة دينية دقيقة عشان أشوف مدى تمكنه، وللأسف لقيته بيرد بالفهلَوة!".
الشيخ خالد الجندي: قاعدة الضرر يزال مفتاح استقرار المجتمع
هل تفسير الأحلام علم شرعي؟.. الشيخ خالد الجندي يحسم الجدل
خالد الجندي: من يُحلّل الخمر أو الحشيش فقد غاب عنه المخ الصحيح .. فيديو
خالد الجندي: مشاهد يومك قد تقودك إلى الجنة أو النار.. وفرغ قلبك لله وقت العبادة
وسرد الشيخ خالد الجندي واقعة واقعية خلال اختباره للذكاء الاصطناعي، قال فيها: "سألته: هاتلي فعل أمر أوله ياء من القرآن الكريم، فقال لي: مفيش، فعل الأمر لا يمكن أن يبدأ بحرف الياء! فقلت له: ده كلام غلط. عندك في سورة طه: يسِّر لي أمري، و(يسِّر) فعل أمر أوله ياء، وبعدها اعترف إنه أخطأ وقال: فعلاً، دي أول مرة آخد بالي!".
وتابع الشيخ خالد الجندي "قلت له ربنا يستر على الباقي!"، مشددًا على أن مثل هذه الأخطاء تُظهر خطورة الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في الإفتاء أو الاستدلال بالنصوص الشرعية، لأن الأمر يتطلب فقيهًا مدرّبًا، ملمًا بالمقاصد الشرعية، ومراعيًا لأحوال الناس وظروفهم.
الشيخ خالد الجندي: الذكاء الاصطناعي مفيد في المعلومات العامة فقطوأكد الشيخ خالد الجندي على أهمية الوعي العام بهذه المسألة، قائلًا: "الذكاء الاصطناعي مفيد في المعلومات العامة، لكن في الدين؟ لأ.. لازم مفتي راشد، دارس، عنده أمانة علمية وإنسانية".
قال الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، إن الإفتاء ليس مجرد رأي يُقال، بل هو علم متراكم عبر الأجيال منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم، يدرسه المتخصصون بدقة وفهم واسع للقرآن والسنة والتفسير والحديث واللغة، إضافة إلى إدراك أحوال المستفتي والمفتي والفتوى ذاتها.
وأوضح الشيخ خالد الجندي، خلال تصريحات تلفزيونية، اليوم الثلاثاء، أن المفتي حين يتلقى السؤال، يعرضه أولًا على خمس قواعد أساسية تُعرف بـ"المقاصد الشرعية"، وهي: حفظ الدين، وحفظ العقل، وحفظ العرض، وحفظ المال، وحفظ النفس، مؤكدًا أن هذه المقاصد بمثابة دستور لا يجوز المساس بها أو الإضرار بها.
وتابع الشيخ خالد الجندي "بعد النظر في المقاصد، ينتقل المفتي إلى تقييم المسألة من خلال ما يُعرف بـ"المصالح"، وهي ثلاثة أنواع: مصالح ضرورية، وحاجية، وتحسينية، وتختلف حسب ظروف السائل".
وأشار الشيخ خالد الجندي إلى أن اختلاف الأشخاص يؤدي إلى اختلاف الحكم، ضاربًا مثالًا بثلاثة سائلين يطلبون قرضًا لأسباب مختلفة: أحدهم لعلاج ابنته المريضة (مصلحة ضرورية)، والثاني لتحديث سيارته (مصلحة تحسينية)، والثالث لشراء شقة أوسع (مصلحة حاجية)، لافتًا إلى أن "الحكم لا يمكن أن يكون واحدًا للجميع".
وأكد الشيخ خالد الجندي على أن المفتي يُجري خمسة عشر تصورًا ذهنيًا في كل فتوى (نتيجة المزج بين المقاصد الخمسة والمصالح الثلاثة)، يتم هذا التقدير في لحظة خاطفة، بفضل التدريب والعلم، تمامًا كما يتخذ الطبيب قراره في جزء من الثانية.