الأديب المصري أحمد الشهاوي: الوصول لجائزة الشيخ زايد يمنح كتبي فرصاً للتداول والانتشار
تاريخ النشر: 30th, December 2024 GMT
أعلنت جائزة الشيخ زايد للكتاب ترشيح كتاب "أتحدثُ باسمكِ ككمان" للأديب المصري القدير أحمد الشهاوي ضمن القائمة الطويلة لفرع "الآداب".
وتعد هذه المرة الخامسة التي تصل فيها أعمال الشهاوي إلى قوائم الجائزة، مما يؤكد تميزه وحضوره المتواصل في الساحة الأدبية.
وفي حوار مع 24، أعرب الشهاوي عن سعادته وفخره بهذا الترشيح، مضيفاً أن الجوائز تُحفِّز الكاتب وتسلط الضوء على أعماله، مما يمنحها فرصة لإعادة التقييم والانتشار.
وكان لـ24 مع الشهاوي الحوار التالي:
وصل كتابك الشعري "أتحدثُ باسمكِ ككمان" إلى القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد للكتاب 2024، وهي المرة الخامسة لوصول كتبك إلى الجائزة، ماذا يمثل لك ذلك، وكيف تنظر إلى الجوائز الأدبية؟جائزة زايد للكتاب مُهمَّة، ولها اسمٌ لافتٌ وكبيرٌ، وقد فاز بها، ودخل قوائمها شُعراء وكتَّاب ونقَّاد مهمُّون في الثقافة العربية خصوصاً، وتُقدَّم سنويّاً منذ عام2007، وينظمها مركز أبوظبي للغة العربية بدعم ورعاية من "دائرة الثقافة والسياحة في أبوظبي"، وكون أن خمسة كتبٍ لي قد وصلت إلى القائمة الطويلة خلال السنوات الماضية فهذا أمرٌ يفرحني، ويمنح كتبي فرصاً للقراءة والتداول والانتشار والاقتناء وإعادة قراءة كتبي السابقة، وليس الكتاب الذي ينافس على الجائزة فقط.
والجوائز محفِّز رئيسٌ للشاعر أو الكاتب، وتجعل أبناء جيله والأجيال السابقة والتالية وكذلك القُرَّاء ينظرون إليه نظرة أخرى، بمعنى أنهم يعيدون النظرَ في كتاباته، لأن وصول الكتابَ إلى القائمة الطويلة يعني أنه كان ضمن تسعمائة كاتبٍ وشاعرٍ وربما أكثر أو أقل قليلاً، ومن ثم اختير ليكون ضمن قائمة من 12 كاتباً وشاعراً عربيّاً من مختلف الأجيال والتيارات.
والجوائز تأسَّست للتكريم والتشجيع والاحتفاء والاحتفال بنموذجٍ من عطاء شاعرٍ أو كاتبٍ، في سياقٍ تنافسيٍّ راقٍ، كما أنها تقدم حراكا ثقافياً وإبداعياً.
الشِّعرُ أساساً يقومُ على التجربة الخاصة التي تخلقُ صوتاً لا يُكرِّر سابقيه أو مُجايليه، ومن ثم بصمةً واضحةً في الكتابة لا تتشابهُ مع سواها ممَّا هو مطروحٌ من كتابةٍ، وكل شاعرٍ له عالمه وصوته اللذان يميزانه عن سواه، وأنا لم أذهب إلى التصوف بوصفه رافداً جماليّاً، أو نبعاً أستقي منه مثلما فعل كثيرون غيري، ولكنَّني عشتُ التصوفَ الطرقي في قريتي "كفر المياسرة " التي تقعُ في شمال الدلتا، ومن بعده التصوف الفلسفي، وما بين هذين الاتجاهين مارستُ الطريقة الشاذلية – نسبةً إلى أبي الحسن الشاذلي -أي أنني لم أستعر حالَ المتصوفة، وهذا لا يمكن تحقيقه، فيمكنُ للمرء أن يستعيرَ لغةً ما، لكنه من المستحيل استعارة حال أحد غيره، ولأنني تربيتُ في بيئةٍ أزهريةٍ فكان من السهل لي أن أبقى وأتحقَّق في التصوف، وأطوِّرَ التجربةَ مُستفيداً من تراث المتصوفة المُتمثِّل في نتاج أقطاب التصوف من أمثال : ابن العربي، ابن سبعين، الحلاج، أبوبكر الشِّبْلي، عمربن الفارض، السُّهروردي، الجُنيد، النفَّري، نجم الدين كُبرى، جلال الدين الرومي.
ولا شكَّ أنَّ التصوُّفَ الإشراقي "الفلسفي" قد أغنَى تجربتي، ودفعني إلى البحثِ والمُساءلة والاهتمام أو الانشغال بالباطن والابتعاد عن الخارج والظاهر، وشخصيّاً أرتاحُ كثيراً في الذهابِ دوماً نحو ذاتي لأراها وأتأمَّلها، وأبحث عما هو سريٍّ ومخبوءٍ وكامنٍ فيَّ.
أحبُّ أن أكتبَ في العشق، وهو موضوعٌ أثيرٌ لديَّ، وأتصوَّرُ أنه يهم كل إنسان، فلم يحدث أن رأينا كائناً من كان لا يعشق، ونحن أمة العشق، وقد ورثنا عن أسلافنا كتباً أساسيةً في علوم العشق، وكان ابن حزم الأندلسي (384 - 456هـجرية، 995 - 1063ميلادية) من أوائل من نظَّروا للعشق ووضعوا له قواعد، قبل أن يعرف علماء الغرب الجوانب النفسية والروحية في العشق، ولعلَّ ابن حزم يكونُ أول من غيَّر مفهوم وطرائق الحُب في العالم من خلال كتابه الشَّهير "طوقُ الحمامة في الألفةِ والأُلَّاف"، ومن بعده صدرت عشراتُ الكُتب الكُبرى باللغة العربية منذ العصُور الإسلامية الأولى، وقد كتبها فقهاءٌ وأئمةٌ وعلماء دين وعارفون وقُضاة شرعيون ومُفسِّرو القرآن مثل الإمام جلال الدين السيوطي صاحب أكبر عدد من الكتب في موضُوع العشق، وهؤلاء هم أسلافي وأنا امتدادٌ عصريٌّ لهم، وأحاول أن أحيي الكتابة في هذا "التخصُّص" أو هذا "العلم"، وهو نوعٌ أدبيٌّ له بدايته واستمراريّته؛ وأطلقتُ عليه "أدب العشق" وما زال عندي الكثير الذي يمكنُ لي كتابته.
سافرت كثيراً في رحلات أدبية وثقافية وشعرية إلى العديد من دول العالم، كيف أثر ذلك على تجربتك كشاعر وأديب؟أنا مدينٌ للسَّفر بالكثير في حياتي لأنه:
عرَّفني بنفسي التي كنتُ أجهلُ الكثيرَ من أقاليمها.
منحني وقتاً لقراءة الكُتب الكبرى التي لم أستطع قراءتها في بيتي بالقاهرة.
منحني وقتاً للكتابةِ في الفنادق والمطارات والطائرات والبيوت التي سكنتُ، إذْ إن هناك مئات القصائد لي قد كتبتُها وأنا على سفرٍ.
جعلني أهتم كثيراً بالجغرافيا السياسية، وأقرأ كثيراً في تاريخ البلدان.
جعلني أهتمُ بكُتب الجغرافيين العرب، وأقرأ في كتب أدب الرحلة.
جعلني أتعرَّف إلى شعرياتٍ مُختلفةٍ من العالم، وأقيمُ صداقاتٍ مع العديد من شُعراء وكتاب العالم .
صقل نصِّي، ومنحه أبعاداً جديدةً، وقد حدث لي ذلك منذ عام 1987 وهي السنة التي شهدت أول رحلة لي في حياتي إلى فرنسا.
جعلني السَّفر أكثر شجناً وحنيناً وشغفاً، ففي البصر بصيرةٌ تثبِّت وتبقِي ما تراهُ العينُ أو ما تطالعُهُ الرُّوح.
فالسَّفر مُغامرةٌ ومعرفةٌ وكشفٌ وبحثٌ دائمٌ وسؤالٌ من الشاعر تلو الآخر لذاته لا ينتظرُ له إجابةً.
من كانت لديه معرفةٌ بالفنون والأجناس الأدبية جميعاً سيستطيع أن يبني نصّاً تتداخلُ فيه بعض الفنون وتتواشجُ من دون افتعالٍ أو تعسُّف، ومن دون أن يعمد إلى القصِّ واللصق وهو يُوظِّف ما يعرف (الفنون التشكيلية، الموسيقى، السينما ،...) من أجلِ إغناءِ النصِّ وإثرائه، وخلق مُتعة جمالية للمتلقي، لأنَّ الأجناسَ الأدبية صارت تستلهمُ بعضَها عبر التداخُل والاندماج والمزْج، حتى أنَّ كثيرين من الشُّعراء أو الكُتَّاب قد تخلُّوا عن فكرة "النقاء النوعي" للنصِّ الذي يكتبونه، فلم تعد هناك حدودٌ فاصلةٌ بين الأجناس الأدبية، وصارت الحُدودُ مفتوحةً وربَّما واهية، أو وهمية كـ"الباب الوهمي" الذي يفصلُ نظراً لا واقعاً، ولا يمكنُ للمرء أن ينسى أن هناك عقداً خفيّاً بين المبدع والمتلقِّي.
فأنا مع التعدُّد والاختلاف في الكتابةِ، ومع الحوار داخل النصِّ وانفتاح النصِّ على الكثير مما يحملُ صاحبه من معارف ورؤى وتجارب.
ومن شأن التداخُل أن ينتجَ أنواعاً جديدةً من أشكالِ الكتابةِ تستطيعُ أن توائمَ العصر ومُتطلباته، ولا ينبغي تقييد الكتابة بقوانين وقوالب مُحدَّدة وصارمة؛ فالكتابة ليست رهينة أشكالٍ مُسبقة، وتأبى التصنيف، لأنَّ التصنيفَ محدُودٌ وضيقٌ، ولا يتسمُ بالانفتاح.
ولعلِّي في روايتي "حجاب السَّاحر"2023، قد تداخلت فيها أجناسٌ أدبيةٌ كثيرةٌ مثل السَّرد، الشِّعْر، الرسالة، أدب الرحلة، الأحلام.. وقد جاء ذلك بشكلٍ عفويٍّ؛ لأنني رأيتُ أنَّ الرواية تنفتح على أجناسٍ وأنواع أخرى من الكتابة سواء أكانت واقعيةً أم مُتخيلة، وهي جنسٌ عصيٌّ على التصنيف، بمعنى أن الرواية تتغذَّى وتعيشُ على حساب أجناسٍ أدبيةٍ أخرى، إنها جنسٌ ليس مكتفياً بذاته.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: سقوط الأسد حصاد 2024 الحرب في سوريا عودة ترامب خليجي 26 إيران وإسرائيل إسرائيل وحزب الله غزة وإسرائيل الإمارات الحرب الأوكرانية جائزة الشيخ زايد للكتاب ثقافة وفنون القائمة الطویلة
إقرأ أيضاً:
علي جمعة يرد على الخلط بين التصوف وتصرفات أتباعه
قال الدكتور علي جمعة، عضو هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف، إنه في العصر الحاضر، خلط كثير من الناس بين تصرفات الصوفية وبين التصوف, كما خلط كثير من الخلق بين أفعال المسلمين وبين الإسلام، وأفعال المسلمين -في أي مكان وزمان- لم تكن أبدًا حجة على الإسلام.
وتابع علي جمعة في منشور له: بل إن النبي يحذر الناس من فساد الزمان والبعد عن السنة, وفي حديث حذيفة رضي الله عنه -الذي أخرجه البخاري ومسلم- يبين رسول الله أن الشريعة هي الأساس, وأننا سنرى فتنًا, ومخالفة, واختلافًا بين الناس. يقول حذيفة: كان الناس يسألون رسول الله عن الخير, وكنت أسأله عن الشر, مخافة أن يدركني, فقلت: يا رسول الله, إنا كنا في جاهلية وشر, فجاءنا الله بهذا الخير, فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم. قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: نعم، وفيه دخن. قلت: وما دخنه؟ قال: قوم يهدون بغير هديي, تعرف منهم وتنكر. قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: نعم, دعاة إلى أبواب جهنم, من أجابهم إليها قذفوه فيها. قلت: يا رسول الله, صفهم لنا. فقال: هم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا. قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم. قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: فاعتزل تلك الفرق كلها, ولو أن تعض بأصل شجرة, حتى يدركك الموت وأنت على ذلك.
وأشار الدكتور علي جمعة، إلى أن الحق أن المسلمين ليسوا حجة على الإسلام. ولما أمر أمير الجيوش قال له: وإن حاصرت أهل حصن، فأرادوك أن تُنزلهم على حكم الله, فلا تُنزلهم على حكم الله, ولكن أنزلهم على حكمك, فإنك لا تدري, أتصيب حكم الله فيهم أم لا؟ (أخرجه أحمد).
ولذلك, فإننا عندما نتفاوض, نتفاوض باجتهادنا؛ فليس هذا هو كلام الله ولا كلام رسوله, وإنما هو ما فهمناه من كلام الله ورسوله, ومن أجل ذلك, فإن العلماء من أهل التصوف تقيدوا بالكتاب والسنة, واجتهدوا كما اجتهد الفقهاء, وكما اجتهد أهل العقيدة والمتكلمون, لكنه اجتهاد مقيد بالكتاب والسنة.
وقد نشأت الآن ناشئة تنكر التصوف لما رأته من بعض الخلل أو البدع ممن ينتسبون إليه, ولو نظرنا إلى سيرة رسول الله لوجدنا أن هذا الذي فعلوه مخالف للمنهج النبوي؛ فلقد وجد رسول الله أصناما حول الكعبة، فلم يهدم الكعبة, وإنما أزال الأصنام وأبقى الكعبة, هذا هو المنهج النبوي, إنه منهج رباني.
وتابع: كذلك لو نظرنا إلى قوله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ البَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} نجد أن الصحابة كان عندهم حرج أن يفعلوا تلك الأفعال التي فعلها المشركون عندما قصدوا وحجوا إلى بيت الله, وأرادوا إلغاء السعي جملة, لكن السعي من دين إبراهيم, هذا من الحنيفية، وهو بأمر الله سبحانه وتعالى.
وأكد علي جمعة، على أنه قد خلط المشركون الوثنية بشريعة إبراهيم, فخلصها الله تعالى منها, وجعل شريعة إبراهيم صافية, نحج بها إلى يومنا هذا: من طواف, وسعي, ورمي, ومبيت, ووقوف بعرفة.. إلى آخر هذا, وخلصها من النواقص أو الزوائد التي أضافها الوثنيون المشركون, لم يلغ هذا الأمر, لأن هذا ليس من الإنصاف, وليس من العدل, ورسول الله يعلمنا الإنصاف والعدل, ولذلك خلص هذا من ذاك.
وأوضح أن المنهج واضح: إذا اختلط الأمر, لا نرمي الجميع, بل نُخلّص هذا من ذاك, ونأمر بالمعروف، وننهى عن المنكر، وننكر البدع والانحرافات، لكن التصوف في عصرنا الحاضر تاه بين أعدائه وأدعيائه؛ فهناك من يتمسك بمجموعة من البدع مدعيًا أنها هي التصوف, والتصوف براء من ذلك.
وأضاف أن التصوف هو حفظ مرتبة الإحسان, وهو مقيد بالكتاب والسنة. وله علماؤه عبر العصور, كتبوا فيه وعاشوا من أجله, وأوضحوه بألفاظ مختلفة في عصور مختلفة. تكلموا عن الزهد, وألف فيه أحمد بن حنبل وغيره من الأئمة, تكلموا عن الورع, والتقوى, وأعمال القلوب, وكتب كل هؤلاء في هذا الباب.
وأكد علي جمعة أننا ابتلينا في عصرنا هذا بمن يريد أن يخالف المنهج النبوي في حقيقة أمره, إلا أنه تزيا -في الظاهر- بالزي النبوي؛ تراه يطلق لحيته, ويقصر ثوبه, ويضع سواكه فوق أذنه وكأنه من الجيل الأول ومن السلف الصالح, ثم تراه -في بعض الأحيان عن جهل, وفي بعض الأحيان عن غرور وكبر- يخرج على المنهج النبوي, أحداث الأسنان، سفهاء الأحلام, يقولون من كلام خير البرية, لا يجاوز إيمانهم تراقيهم.