في ظل أجواء مشحونة ومعقدة، تتصاعد وتيرة التهديدات، وتتعالى حدة التحذيرات بين ميليشيا في وتل أبيب؛ ما يدفع نحو الترقب الحذر والتساؤل المُلحّ عن موعد اندلاع مواجهة شاملة تحسم الأمر.

 

هذه التطورات تأتي في وقت حسّاس يشهد فيه العالم تغييرات استراتيجية على مختلف الأصعدة، من حروب مصيرية وتحالفات متشابكة..

فإلى أين يتجه هذا التصعيد؟ وهل باتت المنطقة على شفا مواجهة حاسمة ترسم ملامح واقع مغاير وجديد؟

 

يُرجّح سياسيون وعسكريون يمنيون، بقاء الحال على وضعه دون أن يراوح مكانه، أو أن يشهد حسماً وفق أُطر التفاهمات السياسية أو الحسم العسكري، على الأقل خلال الفترة الزمنية الراهنة، كون كلا الطرفين مستفيداً من وضع كهذا، فضلاً عن أنه لم يتبق سوى أيام على تنصيب الرئيس الأمريكي دونالد مقاليد حكم الولايات المتحدة في الـ20 من الشهر المقبل.

   

الباحث والمحلل في الشؤون العسكرية والخبير الاستراتيجي الدكتور علي الذهب، يُشير إلى أن "المسألة لها محددات كثيرة، الحاصل عبارة عن هجمات متبادلة في مستوى منخفض، ليست كالهجمات التي جرت بين إسرائيل وبين إيران، ولكنها أقل حدة على الأقل من قبل الحوثيين، وأكثر حدة من قبل إسرائيل، قائمة على مبدأ الفعل ورد الفعل، أو بين قوسين الاستجابة للفعل".

 

وأضاف الذهب : "هل يهدف الاسرائيليون إلى القضاء على الحوثيين؟، بالطبع لا، وهل يهدف الأمريكيون إلى القضاء على الحوثيين؟ بالطبع أيضاً دون شك لا. كون الإعلان الواضح للولايات المتحدة ولإسرائيل، هو تقويض قدرات الحوثيين العسكرية، بل وأن الأمريكيين يقولون إنها تسعى بشكل دقيق، إلى تقويض قدرة الحوثيين للحدّ من تهديداتها الموجهة على خطوط الملاحة الدولية".

 

وبيّن الذهب: "لكن بالنسبة لإسرائيل الوضع اختلف، إذ لم يعد تهديد يطال الشحن البحري المتعلق بها من قريب أومن بعيد، ولكن يتعلق بأراضيها التي تعرضت لهجمات مختلفة".

 

ونوه الخبير العسكري، بأن "الجميع علم من يدعم الحوثيين ومن يمدهم بهذه الأسلحة؛ لأن الحرب لم تعد بين الحوثيين فحسب، ولكن بين محاور إقليمية ودولية، المحور الظاهر هو محور ما يُطلق عليه الممانعة والمقاومة، والتي هي إيران والكيانات الأخرى التابعة لها في المنطقة، بينما في الأصل هذا المحور، يتكون من إيران وروسيا والصين وكوريا الشمالية في مواجهة الغرب ومصالحهم، وعلى رأسهم الولايات المتحدة".

 

وأوضح، في ختام حديثه: "ستظل وتيرة هذه المواجهات هكذا حتى يصعد ترامب إلى السلطة، والذي بالتأكيد له وجهة نظر أخرى تجاه ما يجري، وكيف سيقوم بإيقافه، سواء أكان ذلك في ظل عملية سلام مفروضة، أو عبر اتخاذ خيار العنف في مواجهة الحوثيين".

 

وبدوره، قال المحلل السياسي أحمد عايض: "لا يمكن أن تتوقف الميليشيا الحوثية عن استهداف إسرائيل إلا في حال وجهت إيران وتحديداً قيادات الحرس الثوري الإيراني ميليشيا الحوثيين بوقف هذه العمليات العسكرية ضد إسرائيل".

 

وذكر عايض، لـ"إرم نيوز": "نحن نعلم أن إيران قامت بدفع أسلحة نوعية خلال الأشهر الماضية، وإيصالها إلى الميليشيا الحوثية مدعومة بخبراء متخصصين من قوات الحرس الإيراني لهذه الأسلحة، ولذلك فالحوثي مع ما يقوم به في هذه المرحلة هو عبارة عن وكيل لإيران في المنطقة، التي يبدو أنها ستعمل على نقل ثقلها العسكري والسياسي لإرهاب المنطقة وابتزاز الجيران عبر الميليشيا الحوثية في اليمن".

 

 وأضاف: "خصوصاً وأن إيران ترى أن الموقع الجغرافي المتواجد فيه اليمن، يُمكن أن يُحقق لإيران الكثير من الطموحات التي كانت تسعى إليها خلال الفترة الماضية".

 

 ولفت عايض، إلى أنه: "في المقابل نحن كيمنيين وكمراقبين، نرى أن الهجمات الإسرائيلية أو الهجمات الأمريكية، كلها استهلاك للوقت الضائع، ولا قيمة لها؛ لأنها كلها أهداف ضُربت طوال السنوات الماضية من قبل التحالف العربي وبعض منها ضُربت من قبل الأمريكان".

 

وخلُص المحلل السياسي، قائلاً: "كل ما استهدف خلال الأشهر أو الأسابيع الماضية من قبل إسرائيل، هو استهداف إما لمخازن فارغة أو أهداف عسكرية ضُربت من قبل لا تسمن ولا تغني من جوع، أو استهداف البُنية التحتية والمرافق المدنية الحيوية"، مضيفاً: "في حين أن كلاً من الجانب الأمريكي والإسرائيلي يتجنبان استهداف الميليشيا الحوثية أو استهداف قيادات الصف الأول؛ ما يجعلهم أمام موقف مُريب، لماذا لم يتم محاسبة الميليشيا الحوثية كما حصل في لبنان مع حزب الله اللبناني".

 

ومن جهته، لفت الباحث السياسي الدكتور ثابت الأحمدي، إلى أن "الجماعات الإرهابية تتخادم فيما بينها عادة، سواء قصدت ذلك عمداً أم لم تقصد. ويقال: إن أقصى اليمين في خدمة أقصى اليسار دائماً، والعكس أيضاً صحيح".

 

ويرى الأحمدي، في مداخلته لـ"إرم نيوز": "يستفيد الحوثيون من حرب إسرائيل عليهم بتمسكهم بالبقاء، وبمزيد من ابتزاز المواطنين وقمعهم، بحجة أنهم في مواجهة مع الكيان الصهيوني، ويقدمون أنفسهم على أنهم مدافعون عن القضية الفلسطينية"

 

وأضاف الأحمدي: "كما يستفيد الصهاينة من ترويج وهم مظلوميتهم لدى الغرب بأنهم مستهدفون من قبل محيطهم العربي، مع أن الصواريخ التي يطلقها الحوثيون على إسرائيل لا تتسبب بأي ضرر عليهم، فقط من يتضرر هم اليمنيون من عملية الرد بوحشية الفاجر".

 

واختتم حديثه، بقوله: "فيما يتعلق بالحسم نقول، حتما الحوثيون إلى زوال إن عاجلًا أو آجلا، والمسألة مسألة وقت فقط لا أكثر. لأنه يفتقد للشرعية والمشروعية معاً".

المصدر: مأرب برس

إقرأ أيضاً:

اليمن في مواجهة إسرائيل .. استراتيجية الردع والتحرير

 

 

في سياق معركة الوعي والسيادة، تخوض اليمن اليوم واحدة من أعظم المعارك في تاريخ الأمة، مواجهةً الكيان الصهيوني في ميدان لم يتوقع يوماً أن يتعرض فيه للهزيمة (البحر، والجو، والاقتصاد) فمنذ انخراط صنعاء في هذه المعركة المقدسة، تبنت استراتيجية ضغط متصاعدة ضد العدو الإسرائيلي، لا تقتصر على العمل العسكري فقط، بل تمتد إلى مجالات التأثير الاقتصادي والسياسي، مُسجِّلة بذلك سابقة عربية غير معهودة.
البحر الأحمر، الذي لطالما اعتبرته إسرائيل ممراً آمناً لتجارتها وأمنها، تحوَّل بفعل العمليات اليمنية إلى فخٍ مفتوح يهدد سفن العدو وشركاته. فالهجمات الدقيقة على السفن المرتبطة بإسرائيل أجبرت كبريات شركات الشحن العالمية على تعليق عملياتها؛ هذا الانسحاب لم يكن وليد التهويل الإعلامي، بل نتيجة مباشرة لقوة الضربات اليمنية ودقتها، ما أدى إلى شلل في ميناء إيلات وانهيار في حركة السفن المرتبطة بالاقتصاد الإسرائيلي.
في أعقاب تصاعد العمليات اليمنية، خاصة بعد استهداف مطار اللد المسمى إسرائيليًا “بن غوريون” بصواريخ باليستية وفرط صوتية من اليمن، أعلنت العديد من شركات الطيران العالمية تعليق رحلاتها من وإلى الأراضي الفلسطينية المحتلة من قبل كيان إسرائيل. هذا القرار جاء نتيجة للمخاوف الأمنية المتزايدة وتأثير الهجمات على حركة الملاحة الجوية.
أبرز شركات الطيران التي علّقت رحلاتها:
مجموعة لوفتهانزا (تشمل الخطوط الجوية الألمانية، السويسرية، النمساوية، وخطوط بروكسل).
الخطوط الجوية الفرنسية (Air France).
الخطوط الجوية البريطانية (British Airways).
دلتا إيرلاينز (Delta Airlines).
يونايتد إيرلاينز (United Airlines).
إير إنديا (Air India).
إيتا إيروايز (ITA Airways).
رايان إير (Ryanair).
ويز إير (Wizz Air).
إير يوروبا (Air Europa).
إيجين إيرلاينز (Aegean Airlines).
إير بالتيك (Air Baltic).
إير فرانس-كيه إل إم (Air France-KLM).
فيرجن أتلانتيك (Virgin Atlantic).
الخطوط الجوية التركية (Turkish Airlines) وبيجاسوس (Pegasus).
هذا التعليق الجماعي يعكس تصاعد المخاوف الأمنية لدى شركات النقل الجوي العالمية، وسط تصاعد التوترات في المنطقة.
• تأثيرات كارثية على الداخل الصهيوني
العمليات اليمنية تدفع بملايين المستوطنين إلى الملاجئ بشكل شبه يومي، وتحدث خللاً كبيراً في منظومة الردع الإسرائيلية. فالخسائر الاقتصادية الناتجة عن تعطّل الموانئ والمطارات، إضافة إلى حالة الذعر الداخلي، أثبتت هشاشة الجبهة الداخلية للكيان. هذا الانكشاف جاء نتيجة عمل منظم وممنهج من صنعاء، يؤكد أن اليمن لم يعد رقماً هامشياً في معادلة الصراع، بل بات رأس حربة في مشروع التحرير.
هذه الاستراتيجية ليست مجرد رد فعل، بل مشروع وطني وإقليمي يعيد رسم معادلة المواجهة مع العدو الإسرائيلي. فالتحرك اليمني كسر حالة الصمت العربي، وأعاد تفعيل البوصلة نحو فلسطين، بعد عقود من التواطؤ أو الحياد.
ختاماً..ما تقوم به اليمن اليوم ليس فقط خدمة لفلسطين، بل إسهام في تحرير الوعي العربي من أوهام التفوق الصهيوني. فبإمكانيات متواضعة وإرادة صلبة، استطاعت صنعاء أن تُربك كياناً يمتلك أحدث منظومات التجسس والتسليح. هذه الحرب ليست تقليدية، بل معركة كرامة، واليمن يخوضها بثبات، نيابة عن أمة بأكملها.
ومن هنا، فإن كل صاروخ ينطلق من الأراضي اليمنية ليس مجرد سلاح، بل رسالة بأن الشعوب حين تقرر، فإن المستحيل ينهار.

مقالات مشابهة

  • إيران: عداؤنا مع إسرائيل لن ينتهي
  • لجنة أممية: هجمات إسرائيل على المدارس والمواقع الثقافية في غزة إبادة جماعية
  • إسرائيل تتوعد الحوثي بحصار جوي وبحري
  • إسرائيل تنفّذ هجمات بحرية وجوية على ميناء الحديدة في تصعيد خطير مع الحوثيين
  • مدرب أستراليا: مواجهة المنتخب السعودي صعب.. ونتطلع للتأهل المباشر
  • آخر أمل.. "منتخبنا" في مواجهة فلسطين غدًا لنيل "بطاقة الملحق"
  • مليشيا الحوثي تصادر أصول منظمة "رعاية الأطفال" بعد إغلاق مكاتبها في صنعاء
  • انتقادات داخل إسرائيل لتسليح مليشيا أبو شباب في غزة لمواجهة حماس
  • مقتل شخص بغارة في جنوب سوريا وإسرائيل تعلن استهداف أحد عناصر حماس
  • اليمن في مواجهة إسرائيل .. استراتيجية الردع والتحرير