واصلت ولاية الخرطوم اليوم إحتفالاتها بالذكرى ال(٦٩) للاستقلال المجيد وضمن برنامج تواصل، زار والي الخرطوم الأستاذ أحمد عثمان حمزة الجمعة عددا من الرموز الوطنية في مجالات الإبداع والفنون المختلفة رافقه فيها المدير العام لوزارة الثقافة والإعلام والسياحة الأستاذ الطيب سعد الدين .وشملت الزيارة الشاعر والاعلامي الأستاذ عبد الوهاب هلاوي والممثل القدير الطيب شعراوي ومعلم الأجيال والصحفي الرياضي عيسى السراج بحضور كابتن فيصل الحنان رئيس مبادرة الرياضيين.

كما شملت الزيارة شيخ المخرجين بالتلفزيون القومي المخرج القدير سيد محمود، وأكد الوالي أن هذه الزيارة تأتي ضمن إهتمام حكومة الولاية وحرصها على التعرف على أحوال رموز المجتمع الذين أثرت فيهم الحرب وتوقف بسببها نشاطهم واعمالهم وفقد أغلبهم مصادر رزقهم ويعتبرون من الاعمدة التي قدمت أعمالاً اثرت وجدان الإنسان السوداني ولا تزال أعمالهم لها آثار باقية .ولفت والي الخرطوم الى أن الدولة وهي تخوض حرب الكرامة إتضح لها أن الجهات التي تقود الفتنة في البلاد عمدت الى إذكاء النعرات القبلية والعنصرية وسعت لاستنفار المتعاونين بإستخدام القبلية مؤكداً أن المبدعين هم أنسب من غيرهم لإستعادة اللحمة الوطنية وتوظيف منتوجهم الابداعي لمعالجة الشرخ الكبير وسط المجتمع واعادة اللحمة الوطنية ورتق النسيج الاجتماعي وتعزيز الوحدة الوطنية وحفظ التراث .وأضاف والي الخرطوم أن الولاية إنتبهت الى أهمية الحفاظ على تأريخ السودان وحفظ حقوق الأجيال التي شيدت الإرث السوداني لذلك فان حكومة الولاية وجهت وزارة الثقافة والإعلام بجمع وتوثيق تجارب هؤلاء المبدعين تقديراً لإسهاماتهم في كل المجالات.مدير عام وزارة وزارة الثقافة والاعلام والسياحة الطيب سعد الدين أكد أن وزارته ستعمل بالشراكة مع المبدعين والتفاكر معهم حول أولويات المرحلة الراهنة.وأضاف :الحصة وطن وتقع على عاتقنا مسئولية كبيرة في اعمار النفوس قبل إعمار المباني فاذا صلح شأن المجتمع فان مهمة اعمار المباني ستصبح سهلة لافتا الى أن المشتغلين في مجالات الفنون المختلفة هم من يقود اعمار المجتمعات وقال ان وسائل الإعلام القومية والولائية والمسرح لعبت دورا كبيرا في بناء روح موحدة حققت التفافا كبيرا حول الشعراء والادباء والمطربين والممثلين والرياضيين وكما تقول الرواية الشعبية (محمد وردي فنان جميع السودان) فهذه المجالات لا تعرف القبلية ولا الجهوية فهذا الدور مطلوب الآن وبايقاع ووتيرة أسرع.الأستاذ عيسى السراج أعرب عن سعادته بهذه اللفتة الكريمة من والى الخرطوم التي تعكس اهتمام الدولة برموزها وأسرهم مشيداً بهذه المبادرة الإنسانية والاجتماعية التى وصفها بانها تكريماً لاسرة السراج صاحبة التاريخ الطويل فى كافة مناحي الحياة وضم منزل عيسى الكائن بابي روف بين جدرانه معرضا مميزا لابرز لقاءاته الصحفية مع كبار الشخصيات القومية في مختلف المجالات وعدد من الرؤساء.وشملت زيارة والى الخرطوم المخرج التلفزيوني سيد محمود الذي أعرب عن تقديره للزيارة التي خففت عنه المرض الذي اقعده في الفترة الأخيرة.وبدا محمود فخورا باعماله التلفزيونية التي أخرجها ومن أبرزها، اسماء في حياتنا، الحقل والعلم،، صوت المحافظات، جنة الاطفال،، برنامج سينما سينما وغيرها.الشاعر والبرامجي عبدالوهاب هلاوى اكد أهمية أن يكون للثقافة والإبداع دورا مهما في هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها بلادنا باعتبارها من الممسكات المهمة في حياة المجتمعات .وقال أن زيارة والي الخرطوم ستكون لها ما بعدها مطالبا بضرورة تواصل قيادات الدولة مع المبدعين واستصحابهم في إعادة بناء الوطن.هلاوي كتب اعذب الكلمات منها (بلدنا نعلي شأنا) التي غناها الموصلي كما غنى له زيدان إبراهيم (5) أغنيات ابرزها فراش القاش، لو تعرف اللهفة، وعشان خاطر عيون حلوين،.كما غنى له مصطفى سيد احمد يا سلام عليك وغنى له كابلي (أغلى من نفسي) وعبد العظيم حركة غنى له (قلبي ما بيعرف يعادي) وعقد الجلاد غنت له (حاجة امنة أتصبري) علاوة على مئات من البرامج التلفزيونية والاذاعية.المسرحي والدرامي الطيب شعراوي هنأ الشعب السودانى بأعياد الاستقلال المجيدة وقال أن القوات المسلحة ستنتصر في معركة الكرامة لافتا الى أن زيارة والي الخرطوم تؤكد إهتمامه بالتعرف على أحوال المواطنين الذين اقعدتهم الحرب خاصة المبدعين، وأعرب عن أمله أن يعود نشاط الدراما قريبا.ومن ابرز أعمال الطيب شعراوي، عضو مؤسس في فرقة الأصدقاء المسرحية ومشارك في برنامج محطة التلفزيون الاهلية، بجانب عدد من المسلسلات التي وجدت رواجا كبيرا مسلسل دكين، الشاهد والضحية، اقمار الضواحي، في انتظار البترول واكثرها شهرة البيت المسكون.سونا إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: والی الخرطوم

إقرأ أيضاً:

وداعا أيها الطيب

سلطان بن محمد القاسمي

يأتينا الفقد دائما بطريقة لا نتقن الرد عليها.. لا يقول: استعدوا، ولا يمنحنا مقدمات نهيئ بها أنفسنا للحزن، بل يدخل حياتنا بغتة ثم يغير معالمها.. يسقط أسماء من قوائم الوجود ويضعها في خانة الذكرى، وكأننا نستيقظ على أنفسنا نعيد ترتيب الذاكرة بالقوة.

ولأننا لا نتوقع الفقد من الأشخاص الطيبين، فإننا حين نفقدهم لا نحزن عليهم فقط بل نرتبك ونفقد توازننا معهم. لا نستوعب أنهم غادروا. لا نصدق أنهم لن يعودوا.

مات إدريس...

نعم، أكتبها الآن بعد أن مر وقت كاف على الخبر، لكنني ما زلت لا أقولها دون أن تسبقها في داخلي وقفة.

لم يكن مجرد صديق عابر، بل كان طيفا من الطمأنينة، أحد أولئك الذين يشعرونك أن في العالم أناسا خلقوا فقط ليجعلوه أكثر احتمالا.

ثلاثة فصول دراسية جمعتني به في كلية مزون، لكنها كانت كافية لأدرك أنه ليس عابرا، ولا مجرد اسم في قائمة الزملاء، كان يحمل في صوته دفئا، وفي حضوره سكينة، وفي تصرفاته قدرا عاليا من الذوق الذي لا يُدرّس.

الذين عرفوه عن قرب سيتفقون معي: إدريس لم يكن يتكلف في طيبته، لم يكن يتودد ليُحب، بل كان نقيا بطبعه، مريحا لمن حوله، ودودا دون تزلف، كريم الروح دون ضجيج، كان يملك القدرة النادرة على الحضور بخفة، والغياب بثقل.

كنت ألاحظ كيف يعامل الجميع بذات الروح، لا يفرق بين أحد، ولا يُظهر ميلا أو نفورا، كان يحسن الظن، حتى فيمن لا يحسن إليه، كان يسامح تلقائيا، ويتجاوز كأنه لا يعرف الحقد أصلا.

وذات يوم، وبينما كنا نراجع بعض دروسنا، التفتّ إليه وسألته ممازحا: (إدريس، بتخلص دراسة، وبعدين؟).

فرد ببساطة خالية من التعقيد: (أحلم أن أكون ضابطا، وأنتظر الشهادة بفارغ الصبر، كل شيء يبدأ منها).

كان الحلم يسكن صوته، والصدق يملأ عينيه، لم يكن يقولها من باب الأمنيات العائمة، بل من عمق إيمان حقيقي أنه خُلق لهذا الطريق. كان يرى في الزي العسكري وقارا، وفي خدمة الوطن غاية، وكان ينتظر اللحظة التي يُنادى فيها باسمه في طابور الشرف، مرفوع الرأس، مزدانا بالنجمة.

لكنه غادر قبل ذلك الطابور، رحل إدريس قبل أن تتحقق الأمنية، وقبل أن يرى في عيون والدته فرحة التخرج، وقبل أن يثبت لذاته أنه بلغ ما كان يحلم به.

حين وصلني خبر وفاته، لم أستوعب، ليس لأن الموت بعيد، بل لأن إدريس بالذات كان قريبا جدا من الحياة.

كنا نظن أن أمامه الطريق، وأن بسمته ستمتد معنا لسنوات، وأن الحديث عن مستقبله ما زال طازجا، ما زال مفتوحا، ما زال ينتظر.

في لحظة واحدة، بات حلمه هو الذي يُكتب عنه، لا هو، وبات الدعاء له، هو الطريق الوحيد الذي يوصلنا إليه.

إن إدريس لم يكن شخصا عاديا، كان محبوبا بالفطرة، رقيقا دون ضعف، كريما دون استعراض.

لم يكن مجرد صاحب وجه بشوش أو أخلاق راقية، بل كان نموذجا حيّا لما تعنيه الكلمة حين تقول: رجل خدوم.

ورغم أننا لم نكن نعمل في الجهة نفسها، إلا أنني كنت -بين الحين والآخر- أحتاج إلى إنجاز بعض المعاملات في مكان عمله، وما إن أخبره، حتى يبادر من تلقاء نفسه، دون أن يشعرني بثقل الطلب، أو يطلب توضيحا، أو يعتذر بانشغال.

كان يتعامل مع طلبي كأنه التزام شخصي، ينهي كل شيء بدقة وسرعة، يتابع المعاملة بنفسه، ويعود إليَّ مبتسما كعادته قائلا: تمت، لا تشيل هم

لم يكن ذلك يدهشني وحدي، بل كنت أراه يعامل الجميع بالطريقة ذاتها: خدمة بلا تكلف، ومساعدة بلا مقابل، وبشاشة لا تتغير.

كان إذا حضر في مكانه، شعر الجميع بأن الأمور ستسير كما ينبغي،
وإذا غاب، افتقد الناس تلك الروح التي كانت تحب أن تنجز، لا من باب الواجب الوظيفي، بل من باب النبل الإنساني.

وحين رحل، لم يرحل وحده، بل رحلت معه طمأنينة كنا نراها تتجسد في شخص.

رحلت تلك الابتسامة التي كنّا نلتفت إليها لنطمئن، ورحلت عبارات المجاملة التي لم تكن منه مجاملة، بل خلقًا.

تأملت بعد وفاته، كما يفعل الإنسان كلما ودع أحدا لا يعوض.
عدت أفتش في معنى الفقد، ومعنى الزمن، ومعنى الأعوام التي نعدها وكأنها مُلكنا.

هكذا، فالأيام هي تكوينة الأعوام، والأعوام هي نسيج أعمارنا، وفي كل عام يمضي، نخسر شيئا: مالًا جمعناه، أو رفيقا رافقناه، أو حلما كنا ننسجه سويا ثم انقطع.

وقد نكسب أيضا: رفقة جديدة، معلومة، أو ذكرى تبقى، لكن خسارة النبلاء من أمثال إدريس، لا يُعوّضها شيء.

وحين تمضي الأعوام، لا تعيدهم الأيام، ولا يرجع الزمن إلا في الصور، أو الذكرى، أو على شكل دعاء.

اللهم اجعل قبره روضة من رياض الجنة، واجعل الشهادة التي لم تُسلَّم له في الدنيا وساما في الآخرة، واجعل حلمه الذي لم يتحقق أجرا، اللهم بلغه منازل الصالحين، وارض عنه، واغفر له، واربط على قلوب أهله وزملائه ومحبيه، اللهم اجعل من كل لحظة طيبة عاشها بيننا نورا في قبره، وذكرا في السماء، وشهادة في الملأ الأعلى.

كان إدريس يحلم أن ينادى باسمه في طابور التخرج فناداه القدر أولا، فناديناه نحن في دعائنا، وكلنا يقين أنه قد سمعنا.

 

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • والي الخرطوم: ترحيل الأجانب وإزالة السكن العشوائي من أكبر مهددات الأمن بالولاية
  • رئيس جامعة بنها يصدر عددا من القرارات والتكليفات الجديدة
  • والي البحر الأحمر يزور مركز ضربات الشمس بمستشفى التقدّم
  • صور | وسط أحوال جوية صعبة.. البرتغال وإسبانيا تكافحان حرائق الغابات
  • وداعا أيها الطيب
  • خبير اقتصادي:تهريب النفط بعلم الحكومة يلحق ضرراً كبيراً بسمعة العراق
  • وفد من جامعة البلقاء التطبيقية يزور مصنع “الدُرّة” للصناعات الغذائية
  • “المصورات” تعود.. وتضيء دروب الخرطوم بعد أن أنهكتها الحرب
  • الجبهة الوطنية: الدول التي تسقط لا تنهض مجددا وتجربة مصر العمرانية هي الأنجح
  • سفير الاتحاد الأوروبي يزور مكتبة الملك فهد الوطنية