صحيفة التغيير السودانية:
2025-05-28@16:59:49 GMT

هل ثمة أمل يلوح في العام الجديد؟

تاريخ النشر: 5th, January 2025 GMT

هل ثمة أمل يلوح في العام الجديد؟

 

هل ثمة أمل يلوح في العام الجديد؟

فيصل محمد صالح

ينظر الناس في البلاد التي تمزقها الحروب والنزاعات للعام الجديد بأمل وترقب أن يحمل لهم أخباراً سعيدة، تبشر بقرب الفرج وانتهاء المشكلات وحلول السلام. لا تنطلق الآمال، بالضرورة، من الواقع، ولا تستند إلى مؤشرات، وليس من واجب الملايين من الناس المتعبين والمشردين أن يربطوا آمالهم وأحلامهم بأي مؤشرات أو توقعات، لهم أن يحلموا ويأملوا ويلقوا حمولهم على الله، ومن واجب مَن حملوا المسؤوليات في تلك البلاد أن ينظروا كيف يمكن تحقيق تلكم الآمال والتطلعات.

وربما ينظر الناس بعين الأمل لما حدث في سوريا، ويرون كيف عانى السوريون لعقود طويلة تحت وطأة نظام قمعي ودموي، ثم كيف جرت الأمور بسلاسة وانهار النظام في أيام قلائل. والحقيقة أن من يفعل ذلك ليس مخطئاً، فما حدث ويحدث في سوريا يحمل مؤشرات تغيير في أوضاع الإقليم والعالم، وطريقة تعاملهم مع الأحداث والوقائع.

فقد تضافرت عوامل داخلية وخارجية لتكتب نهاية نظام الأسد في سوريا، فقد تآكل النظام من الداخل بعد أن تحول من نظام حزب واحد لنظام تملكه عائلة وشلة واحدة، واستنفد أسباب بقائه كلها، ولم تعد هناك قوة أو مؤسسة في الدولة قادرة أو راغبة في الدفاع عنه. وتَوافَق ذلك مع مخطط دولي وإقليمي لإضعاف نفوذ الميليشيات في المنطقة.

من المؤكد أن هناك خطة لإعادة هندسة الأوضاع في المنطقة بصورة جديدة، قد تختلف تصوراتها من دولة لأخرى، لكنها ترتكز على إيجاد حلول للنزاعات، ومعالجة التوترات والانقسامات التي تزعج الدول الكبرى، لتتفرغ بعدها هذه القوى الكبرى لرسم صورة المرحلة الجديدة. لكن لا يعني هذا أن الأمور ستجري وفق ما تهوى وترغب الدول الكبرى بغض النظر عن رغبة شعوب الدول التي تعيش حالة الحروب والنزاعات، واستعداد قواها وفصائلها المتنازعة.

تجربة الدول الكبرى، بما فيها الولايات المتحدة، خصوصاً بعد تجربتَي الصومال وأفغانستان، أنها لا تلقي بثقلها وراء مجهودات وقف الحرب والنزاع إلا إذا أحست باستنفاد القوى المتصارعة لكل قوتها، وأنها صارت في مرحلة قبول الحلول المقترحة، فإنْ لم يتوفر الاستعداد المحلي وتنضج الظروف، فستتركها مثلما تركت الصومال لسنوات طويلة، ومثلما تركت أفغانستان قبل سنوات قليلة.

لذلك من المتوقع أن تتجه الأنظار الآن، ومع تولي ترمب لسدة الرئاسة، إلى ليبيا واليمن، وقد تبدأ العملية بجس النبض أولاً لمعرفة مدى استعداد الأطراف المحلية والإقليمية للانخراط في عملية مصالحة شاملة. ليبيا يكثر فيها الحديث عن البدء بالانتخابات العامة كمدخل لمسألة تنازع الاختصاصات والسلطات بين بنغازي وطرابلس. وما يشجع على البداية بليبيا أن حالة العنف قد توارت، كما أن الصراعات المناطقية والجهوية قد تناقصت، وصار الطابع السياسي للصراع هو الغالب، وبالتالي فإن الأجواء مناسبة للحل السياسي.

 

بالنسبة لليمن تنتظر القوى الدولية ظهور نتائج عملية إضعاف الحوثيين عبر الضربات المتتالية، على أمل أن يصل الحوثيون لمرحلة يتأكدون فيها أن مسألة انفرادهم بالحكم ليست فقط غير مقبولة محلياً وإقليمياً ودولياً، لكنها أيضاً غير عملية وغير قابلة للاستمرار. دون الوصول لهذه النقطة سيبدو الحل السياسي بعيداً، فالأطراف الأخرى توصلت لقناعة باستحالة الحل العسكري، وبقيت قناعة الحوثيين هي التي ستفتح الأبواب للحل السياسي.

في حالة السودان تبدو الأمور أكثر تعقيداً وصعوبة، فالحرب ما زالت تدور في جبهات وولايات متعددة. ورغم مرور عشرين شهراً على الحرب دون أن يتمكن أي طرف من حسمها، فإن قناعة طرفَي الحرب لم تتغير بعد، وما زالت أوهام النصر الشامل تراود الطرفين. وقد يسمع الناس حديثاً مختلفاً قليلاً من قائد «الدعم السريع»، الذي يبدي رغبته في السلام ووقف الحرب، لكن ممارسات قواته على الأرض تُناقض ذلك، وتدفع الطرف الآخر للرغبة في الانتقام بالاستمرار في الحرب.

تجربة المبعوث الأميركي للسودان توم بيريللو لم تكن موفقة، لذلك من المتوقع أن يكون هناك مدخل أميركي مختلف، يبدأ بتجفيف مصادر التسليح والإمداد، وتحييد بعض القوى الإقليمية، مع ازدياد ضغوط فرض العقوبات، على أمل أن يؤدي ذلك لاستنفاد قوة الطرفين ودفعهما للبحث عن حل سلمي عبر التفاوض. هكذا يبدو طريق السودان طويلاً ومعقداً، لكن لا يفقد السودانيون الأمل، ففي تاريخهم دروس وعبر كثيرة يستمدون منها هذا الأمل.

نقلا عن “الشرق الأوسط”

 

الوسومالسودان امريكا حرب السودان سوريا

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: السودان امريكا حرب السودان سوريا

إقرأ أيضاً:

إبراهيم عثمان: (أحلام الناس.. كوابيسهم)!

هذه أقوال أربعة من خصوم الجيش ذات الصلة المباشرة بحديث النصر والهزيمة، ويلي كل قول كشف للمنطق الذي يتأسس عليه، مأخوذ منه بطريقة مباشرة:
بابكر فيصل:
*(إعادة طرح خريطة الطريق السابقة في القمة العربية، تشبه إملاء شروط طرف منتصر على طرف مهزوم، وهو أمر لا يعكس ما يجري على أرض الواقع).

– يروّج لفكرة “التفاوض تحت التهديد”، بحيث لا يتم التفاوض إلا بعد الإقرار بقوة الميليشيا على الأرض.

– يرى أن أي حل لا يعبّر عن قوة الميليشيا في الميدان – كما يراها – هو حل غير عادل وغير واقعي، ويجب رفضه.
– ينطلق من رغبة في تحويل التفاوض من آلية حل إلى وسيلة لترسيخ وجود الميليشيا بقدر “قوتها” التي يراها، ولا يهتم بالمصدر الخارجي لما تبقى للميليشيا من قوة.

– يكرس هذا التصور الهيمنة الخارجية على مسار التفاوض، وليس فقط تمكين الميليشيا داخلياً.
فيصل محمد صالح:
*(قراءة إعلان جدة بأنه يعني إخلاء البيوت فوراً قراءة خاطئة ومتعسفة وغير منطقية وساذجة، كأن الدعم السريع هُزِم ويجب أن يلملم أطرافه ويخرج. هذا الإعلان يجب أن يعاد تفسيره بشكل عقلاني).

– يسلّم بأن الميليشيا تتعامل مع المنازل كأهداف عسكرية، ويطالب بالتكيّف مع هذا الواقع.
– يستنكر أن يكون من المنطق مطالبة الميليشيا بإخلاء البيوت استناداً إلى اعتبارات إنسانية. ويفرغ القانون الدولي الإنساني من معناه، ما دامت مصلحة الميليشيا تقتضي ذلك.
– يقنن تأجيل الإخلاء إلى حين حصول الميليشيا على مقابله التفاوضي.
– يعيد تعريف حقوق المدنيين كامتيازات تفاوضية للميليشيا وليست حقوقاً ثابتة.
– يشجع على استمرار انتهاكات حقوق الإنسان بدلًا من ردعها.

خالد عمر يوسف:
*(فرضية استمرار الحرب حتى فرض ميزان قوى عسكري جديد فرضية ستؤدي لفرض الطرف المنتصر شروطه، وهو طرف يستمد قوته من البندقية. عليه ومع استمرار الحرب سيضعف الدور المدني تلقائياً ويتحول لدور هامشي).
* يرفض وجود “ميزان قوى عسكري جديد” تكون الغلبة فيه للجيش.

* يختصر الدور المدني في “تقدم”، وينطلق من افتراض أن علاقتها القوية بالميليشيا ستجعل هزيمة الميليشيا هزيمةً لها.
– يصوّر الميليشيا كـ”ضامن” للدور المدني، بحيث تعني هزيمتها تهميش القوى المدنية.
– يعيد تعريف الشرعية السياسية لتصبح نتاجاً للقوة المسلحة، ويرهن شرعيته لشرعية الميليشيا.

– يصور الميليشيا “كضرورة سياسية” بدلاً من كونها تهديداً للدولة والمجتمع.
بكري الجاك:
*(البرهان والعطا هما قائدان عسكريان، ولكن لو درسا التاريخ قليلاً، في الحرب يمكن أن تستسلم لدرء المفاسد، اليابان استسلمت حينما عرفت أنها يمكن أن تقتل كل شعبها إذا واصلت الحرب).

* يستدعي نموذج تاريخي خارج سياقه، ويطبقه على واقع مختلف تماماً من كل النواحي.
– حتى في غياب الهزيمة، يطلب من الجيش أن يتصرف كمهزوم، ويخوض التفاوض بروح منكسرة تستلهم تجربة اليابان في الاستسلام. ولا يقدم ذات الطلب للميليشيا، بل يدعم تشددها.
– يحمل الجيش كامل المسؤولية لرفضه التفاوض بروح استسلامية.
– يحوّل الانكسار في التفاوض، والخضوع لشروط الميليشيا وراعيها الإقليمي، إلى “واجب أخلاقي” على الجيش.
جميع الأقوال:
– يردون نيابةً عن الميليشيا ويدافعون عنها كطرف لا يمكن هزيمته، ويشجعونها على التشدد.
– يجعلون العدوان الأجنبي – الذي هو مصدر ما تبقى من قوة للميليشيا – معياراً للحل، بدلاً من المصلحة الوطنية.

* يحولون العدوان المدار من الخارج من حالة شاذة يجب مواجهتها إلى وضع دائم يجب تطبيعه والتكيف معه، وتحويله من صراع الميدان إلى صراع السياسة.
– يحوِّلون الخطاب السياسي إلى أداة لتبرير العنف ونزع شرعية الدولة، ويزرعون اليأس من إمكانية هزيمة المشروع الاجنبي/ الميليشي.

– رغم تاريخهم في دعم حركات التمرد يبقى أن هذه الحركة ــ التي تتبع للخارج، وتستعين بالمرتزقة، وتحارب المدنيين، وتقوم بالتخريب المتعمد، وتبتز بالتقسيم ــ هي الأكثر حصولاً على دعمهم لموقفها التفاوضي، بل على تبنيهم لمواقف تفاوضية متشددة نيابة عنها.
– لا يقدمون حلولاً، فقط يصطفون خلف الميليشيا، ويعملون على تحويل العدوان ــ حتى الذي يستهدف منازل المدنيين ــ إلى واقع تفاوضي بدلًا من كونه جريمة يجب إنهاؤها.

*هذه الأقوال تكشف عن وحدة المنطلق: رفض هزيمة الميليشيا، وتحويل العدوان والتخريب والاستباحة إلى مكاسب. وهذا نهج لا تتبعه إلا مجموعة سياسية صغيرة مترممة تعتاش على فتات الميليشيا، ويائسة من المواطنين وسندهم، وواقفة، ببجاحة، في الجبهة المضادة لهم. وعندما يتألم المواطنون من استباحة مناطقهم تضيف هذه المجموعة ألمهم إلى كفة الربح السياسي التفاوضي، وعندما يسعد المواطنون بتحريرها، تشقى هذه المجموعة “بالخسارة”!
إبراهيم عثمان

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • السيد القائد عبدالملك: الله قدَّم لعباده الهداية الكاملة.. التي إن اتَّبعوها كانت النتيجة فلاحهم
  • أساطير انتشار الكنوز تقود إلى رواج البحث عن الذهب في سوريا بعد سقوط نظام الأسد
  • 600 يوم من الحرب.. نهش الجوع أجساد الناس في غزة
  • سوريا تؤكد إغلاق المقرات التي كان يشغلها انفصاليو البوليساريو
  • غسان سلامة: هنالك انعدام للثقة بين قادة الدول الكبرى
  • السودان وفروقات الوعي السياسي
  • النواب يناقش تقرير القوى العاملة بشأن العلاوات والحوافز الجديدة للعاملين بالدولة
  • إبراهيم عثمان: (أحلام الناس.. كوابيسهم)!
  • مقاربات تاريخية في تجارب فترات الانتقال السياسي في السودان
  • هل ينجح كامل إدريس في فتح الأفق السياسي بالسودان؟