معاريف: هكذا تعمل روسيا على إعادة بسط نفوذها بعد انهيار نظام الأسد
تاريخ النشر: 7th, January 2025 GMT
كان انهيار نظام بشار الأسد بمثابة زلزال سياسي هزّ أروقة الكرملين، وأظهر فشل موسكو في حماية حليفها الرئيسي في الشرق الأوسط، ومثلت هذه الانتكاسة خسارة إستراتيجية هائلة، خصوصا وأن روسيا -بدعم من إيران- أنقذت نظام البعث بين عامي 2015 و2017.
وأوضحت الكاتبة عنات هوشبيرغ ماروم -في مقال نشرته صحيفة "معاريف" الإسرائيلية- أن هذا الفشل ألحق ضررا كبيرا بمكانة روسيا كقوة عالمية وأثر على هيبة رئيسها فلاديمير بوتين شخصيا، كما أضعفت خسارة القواعد العسكرية الروسية في سوريا -بما في ذلك قاعدة حميميم الجوية وميناء طرطوس- قدرة موسكو على التأثير في النزاعات الإقليمية الأخرى، مثل النزاعات في ليبيا والسودان ودول الساحل الإفريقي.
ولكن، أكدت الكاتبة أن انهيار النظام السوري يمثل فرصة لبوتين لإعادة صياغة إستراتيجياته وتحقيق مكاسب في مناطق أخرى. وبينما تبدو موسكو أمام تحديات كبيرة، فإن إستراتيجياتها الجديدة قد تعيدها إلى موقع قوة على الساحة الدولية.
خطوات دبلوماسية لحماية المصالحوبينت الكاتبة أن روسيا، رغم الخسائر الكبيرة، تحاول إعادة ترتيب أوراقها في سوريا من خلال خطوات دبلوماسية تهدف إلى التفاوض مع المعارضة السورية وبعض الفصائل المسلحة، وتشمل هذه الخطوات الاعتراف بحكومة تصريف الأعمال السورية المؤقتة في دمشق والسعي إلى إزالة بعض المنظمات، مثل "هيئة تحرير الشام" من قوائم الإرهاب، كما تسعى موسكو للحفاظ على وجودها العسكري في هذا البلد خاصة في قواعدها العسكرية.
إعلانوتهدف هذه الإستراتيجية -حسب اعتقاد الكاتبة- إلى تأمين ممرات تجارية جديدة تمر عبر سوريا وأفغانستان، على الرغم من المخاطر المرتبطة بتفاقم التوترات و"عودة نشاط الإرهاب الإقليمي".
تركيا وتعزيز النفوذوأشارت الكاتبة إلى أن صعود دور تركيا في سوريا شكل تحديا جديدا لموسكو، مما دفعها إلى تحسين العلاقات مع أنقرة وتعزيز التعاون العسكري، وتضمن ذلك صفقات الدفاع الجوي وصواريخ إس-400، بهدف تقليل اعتماد أنقرة على واشنطن.
وإضافة إلى ذلك، تحاول روسيا استغلال اعتمادها اللوجستي المتزايد على تركيا لتعزيز نفوذها الإقليمي والدولي، مما يشير إلى تحولات جيوسياسية جديدة.
ومن ناحية أخرى، تعمل موسكو على تحسين علاقاتها مع دول الخليج العربي -مثل السعودية والإمارات- والتي تخشى من طموحات الرئيس التركي رجب أردوغان بالمنطقة.
أوكرانيا الأولوية الإستراتيجية لبوتينوترى الكاتبة أن هذه التحولات قد يكون لها تأثير مباشر على أوكرانيا، ويمكن أن تدفع بوتين إلى تصعيد العمليات العسكرية هناك كجزء من محاولاته تعويض الخسائر الإقليمية.
وأضافت أن انسحاب روسيا من سوريا قد يمنح بوتين فرصة للتركيز على أوكرانيا التي تعتبر الهدف الإستراتيجي الرئيسي، فالنصر هنا لا يعني فقط تحقيق مكاسب عسكرية بل يمثل خطوة أساسية في مواجهة الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين.
توسيع النفوذ في أفريقياوقالت الكاتبة إن روسيا تسعى لتعويض خسائرها في الشرق الاوسط بتوسيع نفوذها في أفريقيا، وخاصة ليبيا.
وقد بدأت موسكو نقل أسلحة ومعدات عسكرية إلى مناطق مثل طبرق وبنغازي لتعزيز وجودها في منطقة شرق المتوسط، مستفيدة من الأزمات السياسية والأمنية في أفريقيا.
القطب الشمالي الفرصة البديلةولفتت الكاتبة إلى أن موسكو ترى في القطب الشمالي فرصة إستراتيجية لتعويض خسائرها في سوريا، وتمثل هذه المنطقة -التي تشهد زيادة كبيرة في الأنشطة التجارية بسبب ذوبان الجليد- ساحة جديدة لبسط نفوذ روسيا التي تدعي سيطرتها على 70% من الموارد هناك.
إعلانكما تضع روسيا خططا لتطوير موانئها على طول الطريق البحري الشمالي ضمن مشروع "طريق الحرير القطبي" الذي تسعى من خلاله إلى تحسين الروابط التجارية بين أوروبا وآسيا.
واختتمت الكاتبة المقالَ بأن هذه التحركات تعكس انتقالا نحو عالم متعدد الأقطاب، إذ تركز روسيا الآن على تعزيز علاقاتها مع الصين ودول مجموعة "بريكس" مثل الهند والبرازيل وجنوب افريقيا، وقد يمنحها هذا التوجه فرصة لإعادة تشكيل مكانتها الدولية رغم الانتكاسة في سوريا.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ترجمات فی سوریا
إقرأ أيضاً:
فادي صقر: لم يعف عني أحد لكن هل يقبل ثوار سوريا بشركاء خدموا الأسد؟
أكدت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية أن اللجنة العليا للسلم الأهلي في سوريا تثير عاصفة من الجدل والغضب في أوساط أنصار الثورة السورية الذين يوجهون انتقادات كبيرة إلى السلطات الانتقالية بخصوص الملفات العالقة، ويتحدثون عن تواطؤ مع رموز النظام السابق على حساب العدالة المنتظرة.
وأضافت الصحيفة في تقرير لها أن حدة الغضب الشعبي ازدادت بعد تداول أنباء عما وصف بأنه تورط اللجنة في التنسيق مع فادي صقر القيادي السابق في مليشيا "قوات الدفاع الوطني" الموالية للأسد، والذي تتهمه منظمات حقوقية بالضلوع في مجازر مروعة، أبرزها مجزرة حي التضامن في دمشق عام 2013، وحصار المناطق التي ثارت ضد نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2الرئيس السوري: لن أسمح بالمساس بالسلم الأهليlist 2 of 2مقبرة جماعية في سوريا تحوي 100 ألف جثة على الأقلend of listووقعت مجزرة التضامن في شارع نسرين بحي التضامن في مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين بالعاصمة السورية دمشق في الأول من أبريل/نيسان 2013، ولم تكتشف إلا بعد نحو 9 سنوات من وقوعها حينما نشرت صحيفة غارديان البريطانية في 27 أبريل/نيسان 2022 مقطعا مصورا قالت إن مجندا في مليشيا موالية للنظام سرّبه، ويظهر إعدام مسلحين من النظام السوري 41 مدنيا، بينهم 7 نساء وعدد من الأطفال.
لكن صقر نفى مسؤوليته عن المجزرة، وقال في بيان لصحيفة نيويورك تايمز "عُينت بعد أحداث التضامن، ولم أحصل على عفو من أحد، إذا وُجد دليل ضدي فليُقدّم للقضاء، أنا مستعد للمثول أمام أي محكمة قانونية".
إعلان
توازن
وفي مؤتمر صحفي عقدته اللجنة أول أمس الثلاثاء حاولت تبرير سياساتها بتأكيد ضرورة "تحقيق التوازن بين العدالة والاستقرار"، مشددة على أن "مصالحة حقيقية لن تتحقق دون إشراك شرائح من النظام السابق".
من جانبه، قال عضو لجنة السلم الأهلي حسن صوفان إن "المشاركة مع بعض رموز النظام ضرورة أمنية لمنع الانفجار"، مضيفا "نفهم ألم الناس وغضبهم، لكن مسؤوليتنا هي حماية ما تبقى من سوريا"، وذلك حسب ما أبرزته نيويورك تايمز.
وتضيف الصحيفة الأميركية أن اللجنة -التي شُكّلت بهدف رأب الصدع المجتمعي بعد نحو 14 عاما من الحرب- تسوّق لنفسها كمبادرة للتعايش وإعادة ترميم اللُّحمة الوطنية، لكن منتقديها يرون فيها أداة لتبييض صفحة الجلادين، ولا سيما بعد الإفراج المفاجئ خلال عيد الأضحى الأخير عن عشرات من عناصر النظام السابق بدعوى "عدم ثبوت تورطهم في جرائم حرب".
ونقلت الصحيفة عن الناشط رامي عبد الحق -وهو أحد الداعمين البارزين للثورة ضد نظام الأسد- قوله "ما انتظره الشعب بعد سقوط الأسد هو محاسبة المجرمين، لا منحهم الغفران المجاني".
وأضاف عبد الحق "نشعر وكأننا خُدعنا مرتين، مرة حين سفك النظام دماءنا، ومرة حين نُسيت هذه الدماء باسم السلام".
الإفلات من العقاب
وتتابع "نيويورك تايمز" أن حقوقيين يرون أن التساهل مع من يوصفون بـ"المجرمين السابقين" يعزز ثقافة الإفلات من العقاب وينذر بتكرار الكارثة.
كما عبّر أهالي المفقودين والمعتقلين السابقين عن استيائهم، مطالبين بالكشف عن مصير أحبائهم لا "مكافأة الجلادين بالمناصب".
وبحسب الصحيفة، يقدّر عدد من خدموا في الأجهزة الأمنية والمليشيات التابعة للأسد بنحو 800 ألف شخص، مما يجعل محاكمتهم كلهم شبه مستحيلة.
وتضيف أن ذلك يطرح سؤالا جوهريا كما صاغه فادي صقر قائلا "هل يمكن لثوار الأمس أن يقبلوا بشركاء من معسكر العدو السابق؟".
إعلانوتشدد "نيويورك تايمز" على أن سوريا اليوم تقف عند مفترق حاسم، بين عدالة تعيد الكرامة للضحايا، وسلام هش قد ينفجر في أي لحظة إذا بُني على رمال النسيان بدلا من أسس المحاسبة.