نهضة سلطنة عمان المتجددة.. خمس سنوات مثمرة
تاريخ النشر: 7th, January 2025 GMT
تهل علينا يوم السبت الحادي عشر من يناير ٢٠٢٥ الذكرى الخامسة لتولي جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- مقاليد الحكم في البلاد وسط تفاؤل كبير بما تحقق من إنجازات محورية على صعيد العمل الوطني وهي سنوات قليلة في عمر زمن الأوطان. لقد كانت السنوات الخمس الماضية من عهد جلالته المتجدد صعبة ومفصلية خاصة على الصعيد الاقتصادي، حيث كانت بلادنا سلطنة عمان تعاني من الارتفاع الكبير للدَّين العام لسنوات بسبب الانخفاض الكبير لأسعار النفط علاوة على المتغيرات الجيوسياسية في المنطقة والعالم.
كان يوم الحادي عشر من يناير ٢٠٢٠ يوما مهما وحيويا على صعيد انطلاق نهضة سلطنة عمان المتجددة بقيادة جلالته وسط تحديات حقيقية، ومع ذلك كان الجهد كبيرا والعزم واضحا من خلال الخطاب السلطاني الأول لجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم وهو يتولى الحكم، حيث كان الخطاب بمثابة خريطة طريق للعمل الوطني في المرحلة القادمة من خلال التركيز على جملة من القضايا الوطنية خاصة الاقتصادية والاجتماعية. ورغم تلك التحديات الكبيرة بدأ العمل بشكل جاد من خلال جملة من الخطوات المهمة كان من أهمها هيكلة الجهاز الإداري للدولة والتركيز على الملف الاقتصادي على اعتبار أن إصلاح الاقتصاد الوطني يعني انطلاق بقية الملفات، ومن هنا انطلق العمل من خلال تشكيل الحكومة الجديدة وسط تفاؤل كبير بأن جلالته -حفظه الله ورعاه- عاقد العزم على تغيير المشهد الوطني إلى ما يحقق طموحات الشعب العماني ويحقق طموحات الوطن، ومن هنا تواصل العمل من خلال خطة التوازن المالي وساند الشعب العماني قيادته الحكيمة في عبور تلك التحديات، ومع مرور الوقت تحسنت المؤشرات الاقتصادية والتصنيف الدولي للاقتصاد الوطني. ورغم تحدي جائحة كورونا ونتائجها السلبية الاقتصادية والاجتماعية فإن مسار العمل الوطني تواصل بكل قوة لندخل الأيام القادمة ونحن نشهد تطورات مثمرة على صعيد نهضة سلطنة عمان المتجددة بعد مضي خمس سنوات منها، حيث تحسّن التصنيف الدولي إلى نظرة إيجابية وسجلت الميزانية العامة للدولة فائضا على مدى أربع سنوات وأصبح للمحافظات قانون ينظم تطورها وتنميتها ودعمها ماليًّا، كما تم تدشين صندوق الحماية الاجتماعية بهدف إيجاد منافع مالية لأعداد كبيرة من المواطنين من الأطفال وكبار السن والأيتام والأرامل والأسر ذات الدخل المحدود، كما تحسّن الدخل فيما يخص القطاعات غير النفطية، وهذا مؤشر مهم يُبنى عليه في المرحلة القادمة، حيث إن التجارب تقول إن الاعتماد على مصدر وحيد مسألة غير واقعية. تأتي الذكرى الوطنية الخامسة لتولي جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- ومسار العمل الوطني يسير بثبات من خلال تواصل التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتركيز على القطاعات الواعدة كالطاقة المتجددة والتكنولوجيا والاقتصاد الرقمي وتمكين الشباب العماني وغيرها من القطاعات بحيث يصبح الاقتصاد الوطني متنوعا ومستداما، ومن هنا فإن المؤشرات إيجابية وهناك جهود تتواصل على الصعيد الوطني لتحقيق الاستدامة المالية. لقد بذل جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- جهدا كبيرا في تغيير المشهد الوطني من خلال الاقتصاد ومن خلال الدور المحوري لجهاز الاستثمار وبقية القطاعات الاقتصادية الأخرى، كما أن من سمات السنوات الخمس من عمر نهضة سلطنة عمان المتجددة الشراكات الاقتصادية مع الدول الشقيقة والصديقة، ومن هنا تبرز الزيارات السلطانية التي قام بها جلالته والوفود الرسمية إلى عدد من دول العالم لتعزيز تلك الشراكات وبما يعود بالمكتسبات على الوطن والمواطن، وكان من نتيجة تلك الزيارات السلطانية توقيع عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم مع تلك الدول في عدد من القطاعات الحيوية، وتعَد تلك الشراكات الاقتصادية من الأهمية بمكان في عالم يتّسم بالمتغيرات والمنافسة الاقتصادية والتجارية وفي مجال الاستثمار خاصة وأن الموقع الاستراتيجي لسلطنة عمان يجعلها قادرة على أن تكون مركزا للتجارة والخدمات والقضايا اللوجستية في ظل وجود الموانئ العمانية على البحار المفتوحة في شمال سلطنة عمان وجنوبها، كما أن مستقبل المناطق الاقتصادية الخاصة والحرة سوف يكون محوريا في تنشيط وتنويع الاقتصاد الوطني من خلال استقطاب الاستثمارات وصناعة الفضاء والأحواض الجافة وفي مجال التعدين والصناعات السمكية والزراعية. تأتي الذكرى الوطنية الخامسة لتولي جلالته -حفظه الله- الحكم في سلطنة عمان والمؤشرات تتحدث عن نفسها إقليميا ودوليا ووطنيا، كما أن جلالة السلطان المعظم ماضٍ في متابعة «رؤية عُمان ٢٠٤٠» التي تعَد المرجعية الأساسية لمستقبل الوطن والأجيال الحالية والقادمة، ومن خلال الخطابات السلطانية الثلاثة لجلالته -حفظه الله- كانت مسألة التقييم والشفافية والمحاسبة واضحة، حيث إن الوطن يسابق الزمن لتحقيق المزيد من الطموحات الوطنية، ومن هنا يؤدي جهاز الرقابة المالية والإدارية للدولة دورا محوريا في المحافظة على المكتسبات والمال العام، وهذا شيء مهم، كما أن محاربة البيروقراطية والفساد تأتي أولوية قصوى في فكر جلالته -حفظه الله ورعاه- وأنه من الضروري التركيز على الإنتاجية والتميز والإجادة وتقييم المراحل، كما أن المجالس التشريعية تؤدي دورا محوريا في دراسة القوانين وتلك المجالس تعَد شريكا أساسيا في منظومة الدولة وهي تؤدي دورها المهم من خلال قانون مجلس عُمان ومن خلال مرجعية النظام الأساسي للدولة، كما أن المجالس البلدية تؤدي دورا مهما على صعيد تطوير وتنشيط الجوانب التنموية في المحافظات بما يسهم في التطور المجتمعي المنشود، ولعل المستقبل القريب سوف يشهد المزيد من التطورات على صعيد المحافظات اقتصاديا وتنمويا واجتماعيا.
وعلى صعيد السياسة الخارجية يواصل جلالة السلطان المعظم -حفظه الله ورعاه- سياسة بلادنا التي تتسم بمرتكزات واضحة أساسها الحوار والتعاون وإقامة السلام من خلال حل القضايا بالطرق السلمية، كما أن وقوف سلطنة عمان مع القضايا العادلة كان ثابتا ولعل في مقدمتها القضية الفلسطينية التي تعَد من القضايا المركزية، وسجلت سلطنة عمان قيادةً وشعبًا مواقف مشرّفة خلال العدوان الإسرائيلي الغاشم على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة وعموم فلسطين، وأيضا على جنوب لبنان، مما أعطى الدبلوماسية العمانية التميز والمصداقية على صعيد المجتمع الدولي، وأصبحت السياسة الخارجية لسلطنة عمان تحظى بالاحترام والمصداقية وتؤدي دورا محوريا على صعيد المساعدة في حل عدد من الملفات المعقدة ولعل نموذج الحرب في اليمن أحد الملفات المعقدة التي نجحت من خلالها الدبلوماسية العمانية في وقف الحرب من خلال الهدنة وتواصل الحوار بين الفرقاء اليمنيين والتنسيق مع مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة والمبعوث الأمريكي ودول المنطقة خاصة المملكة العربية السعودية الشقيقة والحكومة اليمنية وهناك جهود عمانية تتواصل للوصول إلى حل سياسي ينهي معاناة الشعب اليمني وأن يحل السلام والاستقرار على اليمن الشقيق.
خمس سنوات من العمل الجاد والمثمر يعتز به كل مواطن على أرض سلطنة عمان الطيبة وكانت تلك السنوات الخمس صعبة وفارقة للخروج من عنق الزجاجة، وفيما تحتفل بلادنا سلطنة عمان بالذكرى الوطنية لتولي جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- مقاليد الحكم فإن المسيرة متواصلة نحو تحقيق المزيد من النجاح والتنمية الاجتماعية والاقتصادية وتحقيق المزيد من الإنجازات الوطنية وفي كل المجالات من خلال الدور الفعال لكل المواطنين كل في موقعه وقدرته كما أشار إلى ذلك جلالته -حفظه الله- في خطاباته الوطنية.
حفظ الله السلطان المعظم والشعب العماني الكريم، ونبارك لجلالته الذكرى الوطنية الخامسة لتولي جلالته مقاليد الحكم في البلاد، ونبارك للشعب العماني الكريم هذه الذكرى الوطنية المباركة.. وكل عام والجميع بخير وسلام.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: حفظه الله ورعاه الذکرى الوطنیة المزید من على صعید من خلال ومن هنا کما أن عدد من
إقرأ أيضاً:
سلطنة عمان تؤكد التزامها الراسخ بحقوق الإنسان وصون كرامته
تُشارك سلطنة عُمان، ممثلة في شرطة عُمان السلطانية والجهات المعنية، دول العالم إحياء اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر، الذي يُصادف 30 يوليو من كل عام، ويأتي هذا العام تحت شعار "جريمة منظمة – لننهِ الاستغلال"، في دعوة عالمية للتصدي لهذه الجريمة العابرة للحدود.
وبهذه المناسبة، قال العميد جمال بن حبيب القريشي، مدير عام التحريات والبحث الجنائي: يأتي احتفال هذا العام في ظل ما حققته سلطنة عمان من إنجازات وإجراءات فاعلة في مكافحة جرائم الاتجار بالبشر، من خلال تطوير التشريعات، وتعزيز التنسيق بين الجهات المعنية، والارتقاء بقدرات الكوادر الأمنية في كشف مثل هذه القضايا والتعامل معها باحترافية.
وتزامنًا مع اليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر لهذا العام، تُدشّن اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر الحملة الوطنية "أمان"، والتي تتضمن برامج توعوية وإعلامية متنوعة تستهدف رفع الوعي المجتمعي بخطورة هذه الجريمة، وأهمية التبليغ عنها، والتعريف بحقوق الضحايا وسبل حمايتهم.
وأضاف: تواصل شرطة عُمان السلطانية تأدية دورها الوطني في التصدي لهذا النوع من الجرائم، من خلال التدريب المستمر، وتحديث أدوات الكشف والتحقيق، والتنسيق مع المنظمات الدولية، لضمان بيئة آمنة تحترم كرامة الإنسان وتصون حقوقه، خاصة الفئات الأكثر عرضة للاستغلال.
وأفاد العميد جمال القريشي بأنه ضمن خطوات استراتيجية لمكافحة هذه الجرائم، بدأت شرطة عمان السلطانية هذا العام تفعيل نظام يُعنى بحماية ضحايا الاتجار بالبشر، ويهدف إلى تسهيل التنسيق بين الجهات المختصة، وكذلك تحديد الضحايا بدقة بواسطة مؤشرات تم تدريب العاملين عليها بشكل مستمر، وسيتم عبر هذا النظام استكمال الإجراءات القانونية والحصول على أوامر الإيداع من الادعاء العام تمهيدًا لإحالة الضحايا إلى دار الحماية بوزارة التنمية الاجتماعية.
شبكات إجرامية
وكشف العميد جمال القريشي بأن الإدارة العامة للتحريات والبحث الجنائي رصدت خلال العام الحالي عددًا من الحالات التي كشفت عن وجود شبكات إجرامية منظمة تستخدم أساليب متعددة للإيقاع بالضحايا. ففي إحدى القضايا النوعية، ضبطت شرطة عمان السلطانية عددًا من الأشخاص من جنسيات عربية وآسيوية دخلوا البلاد لغرض السياحة، وبدورهم قاموا بالترويج لزراعة أعضاء بشرية خارج سلطنة عمان، مستغلين بعض المرضى لحاجتهم الماسة لزراعة الأعضاء، وخصوصًا مرضى الكلى.
وأشار إلى أن من الأساليب الجرمية التي يتبعها الجناة في جرائم الاتجار بالبشر، نشر وترويج إعلانات وظيفية مزيفة لاستدراج الفتيات في الخارج للعمل في سلطنة عمان، وذلك لاستغلالهن في ممارسة أعمال تنافي الأخلاق والآداب العامة، بعد مصادرة وثائقهن الشخصية وحجز حريتهن. ومن بين الأساليب الأخرى المتكررة التي تم رصدها، قيام أصحاب العمل بحجز جوازات السفر أو الوثائق الثبوتية للعمال دون موافقتهم كتابيًا على ذلك، أو استقدام تلك العمالة بتأشيرات زيارة عائلية أو سياحية وتشغيلها في بعض الوظائف، مما يخالف قانونيّ العمل وإقامة الأجانب. وقد يصل الأمر ببعض من تسوّل له نفسه إلى مطالبة تلك العمالة بدفع مستحقات قيمة التأشيرة وتذكرة السفر، من خلال إرغامهم على العمل المضاعف من أجل تسديد ذلك.
إشادة دولية
وأفاد العميد جمال القريشي أن الإدارة العامة للتحريات والبحث الجنائي تمكنت من رصد وضبط أحد المطلوبين لدى السلطات الإيطالية بعد دخوله إلى سلطنة عمان، كونه متهمًا بتشكيل تنظيم إجرامي يمارس الاتجار بالبشر وتهريب المهاجرين إلى عدد من الدول الأوروبية، وإتمام إجراءات تسليمه وفق البروتوكولات الدولية، وقد لاقت هذه العملية إشادة دولية واسعة.
وشدد العميد، مدير عام التحريات والبحث الجنائي، على أهمية وجود عقود عمل واضحة ورسمية تحمي حقوق كل من صاحب العمل والعامل؛ إذ أن بعض الحالات التي يُشتبه فيها بالاتجار بالبشر تعود لأخطاء في فهم شروط التعاقد.
وأوضح العميد جمال القريشي بأن شرطة عمان السلطانية مستمرة، بالتنسيق مع الجهات الحكومية المعنية، في تقديم الدعم اللازم للفئات الضعيفة التي لا تُصنَّف قانونيًا كضحايا للاتجار، لكنها معرّضة للاستغلال، من خلال مساعدتهم على تصحيح أوضاعهم القانونية، وكذلك مساعدتهم على الاستقرار أو العودة إلى بلدانهم، وضمان حصولهم على حقوقهم.
وأضاف: من منطلق الشراكة المجتمعية، فقد كثّفت شرطة عمان السلطانية جهودها في التوعية والتثقيف بمدى خطورة هذه الجرائم عبر القنوات الإعلامية بشتى أنواعها، إضافة إلى عقد المحاضرات في الجامعات والمؤسسات المختلفة لنشر الوعي بمؤشرات الاتجار بالبشر وخطورة هذه الجرائم على الفرد والمجتمع وكيفية التصدي لها.
وأشار العميد جمال القريشي إلى أهمية وعي المواطنين والمقيمين وإدراكهم لمسؤولياتهم في الحفاظ على الأمن والاستقرار، والإبلاغ عن أية أعمال ومخالفات مشبوهة قد تؤدي إلى الاستغلال أو الاتجار بالبشر، مؤكدًا بأن شرطة عمان السلطانية ماضية بكل عزم واقتدار في مكافحة الاتجار بالبشر وغيرها من الجرائم، لينعم جميع قاطني هذه الأرض الطيبة بحياة هانئة.