بوابة الوفد:
2025-12-14@06:21:22 GMT

الحكمة والموعظة الحسنة

تاريخ النشر: 9th, January 2025 GMT

سبيلنا فى الدعوة إلى الله عز وجل هو ما أرشدنا إليه الحق سبحانه، حيث يقول فى كتابه العزيز: «أدْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِى هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ»، ويقول سبحانه: «قُلْ هَذِهِ سَبِيلِى أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِى وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ»، ويقول سبحانه: «فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِى الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ»، ويقول سبحانه: «لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ»، ويقول نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الرِّفْقَ لا يَكونُ فى شَىءٍ إلَّا زانَهُ، ولا يُنْزَعُ مِن شَىءٍ إلَّا شانَهُ»، فالداعية للمدعو كالأب الحانى على أبنائه، ليس بفظ ولا غليظ، مدرك أن رسالته هى النصح والبيان وليس التأنيب ولا العقاب، وقد اشترطوا لإزالة المنكر ألا يكون بمنكر مثله أو أشد منه.


وقد ضرب لنا نبينا الكريم (صلى الله عليه وسلم) أعظم المثل فى الدعوة إلى الله عز وجل بالحكمة والموعظة الحسنة، ومن ذلك ما كان منه (صلى الله عليه وسلم) مع سيدنا معاوية بن الحكم السلمى (رضى الله عنه)، إذ يقول ذلكم الصحابى الجليل: «بَيْنَما أَنَا أُصَلِّى مَعَ رَسُولِ الله (صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ، فَقُلْتُ: يَرْحَمُكَ الله, فَرَمَانِى الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ، فَقُلْتُ: وَاثُكْلَ أُمِّيَاهْ؛ مَا شَأْنُكُمْ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ؟! فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِى، لَكِنِّى سَكَتُّ، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ الله (صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، فَبِأَبِى هُوَ وَأُمِّي؛ مَا رَأَيْتُ مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ؛ فوالله: مَا كَهَرَنِى، وَلَا ضَرَبَنِى، وَلَا شَتَمَنِى، قَالَ: إِنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، إِنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ» (صحيح مسلم).
وعَنْ أَنَسٍ بن مالك (رضى الله عنه) قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ (صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله أَصَبْتُ حَدًّا فَأَقِمْهُ عَلَيَّ، قَالَ: وَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فَصَلَّى مَعَ رَسُولِ الله (صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، فَلَمَّا قَضَى الصَّلَاةَ قَالَ: يَا رَسُولَ الله، إِنِّى أَصَبْتُ حَدًّا، فَأَقِمْ فِيَّ كِتَابَ الله، قَالَ: «هَلْ حَضَرْتَ الصَّلَاةَ مَعَنَا؟» قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: «قَدْ غُفِرَ لَكَ»، وفى رواية قال: «فَإِنَّ الله قَدْ غَفَرَ لَكَ حَدَّكَ، أَوْ قَالَ: «ذَنْبَكَ» (صحيح مسلم).
وفى مدرسته صلى الله عليه وسلم تعلم سبطاه الحسن والحسين رضى الله عنهما أدب الدعوة إلى الله، وعرفا طريقها الصحيح من الحكمة والموعظة الحسنة، إذ تذكر بعض المصادر أنهما رضى الله عنهما وجدا رجلا لا يحسن الوضوء فأرادا تعليمه، ولكنهما كانا حريصين على عدم إحراجه، فاتفقا على حيلة، فقال أحدهما: يا عماه، اختلفت أنا وأخى أينا يحسن الوضوء أفضل من أخيه ونريدك حكمًا بيننا، فتوضأ الحسن فأحسن الوضوء، وتوضأ الحسين فأحسن الوضوء، فقال الرجل كلاكما يحسن الوضوء وأنا الذى لا أحسنه.
رسالتنا أن نيسر على الناس ولا نشق عليهم بما ينفرهم منا أو من دين الله عز وجل، يقول نبينا الكريم (صلى الله عليه وسلم): «إِنَّما بُعِثْتُم مُيَسِّرينَ ولَمْ تُبْعَثوا مُعَسِّريْنَ» (مسند أحمد).
فمهمة العلماء هى البلاغ والبيان والتعليم، لا التأنيب ولا التعنيف، أو السخرية من السائل أو المدعو، والحرص الشديد على عدم إحراج السائل أو المستفتى، وحفظ سره وأمانته، وعدم فضحه بسؤاله أو طلبه التوبة، فما دفعه للسؤال إلا خوفه من الله عز وجل، ولنتعلم من سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عندما لمز أحد الناس المرأة الغامدية التى كان يقام عليها حد الزنا، فقال صلى الله عليه وسلم: «قَدْ تَابَتْ تَوْبةً لَوْ قُسِمَتْ بَيْن سبْعِينَ مِنْ أَهْلِ المدِينَةِ لوسعتهُمْ، وَهَلْ وَجَدْتَ أَفْضَلَ مِنْ أَنْ جَادَتْ بِنفْسهَا للَّهِ»؟ (صحيح مسلم).

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: صحيح مسلم أ د محمد مختار جمعة نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم صلى الله علیه وسلم ى الله ع ل ی ه الله عز وجل رضى الله

إقرأ أيضاً:

هل حرم الإسلام التعصب بكل أشكاله وصوره

هل  حرم الإسلام التعصب بكل أشكاله وصوره سؤال يسأل فيه الكثير من الناس فأجاب الدكتور محمد القاسم وقال  إن النبي صلى الله عليه وسلم، لم يترك بابا من الخير إلا ودل أمته عليه ورغبها فيه، ولم يترك بابا من الشر إلا نهى عنه ونفر أتباعه منه. ومما حذر الإسلام منه ونهى عنه، (التعصب المذموم)، بكل صوره وأشكاله.

فكم حجب التعصب أنوار الهداية عن افئدة كثير من الناس، وكم صرف أقواما عن الحق واستيقنته أنفسهم

كم أبيدت دول وازهقت أرواح ومزقت ابدان عصبية وبغيا، كم هدمت علاقات بين الأصدقاء والمعارف بالتعصب، وكم قوض التعصب بنيان أسر.

إن التعصب حوى كثيرا من الرذائل المقيتة ففيه كبر واستعلاء على الغير، وفيه تزكية للنفس، وإعجاب بالرأي، وفيه عناد وصلف، وفيه مناصرة للباطل ودحض للحق، وفيه عدم انصاف وبعد عن العدل وكل رذيلة من هذه مهلكة، فما بالك إذا اجتمعت!!!!!!!!!!!!!!

والعجيب أن كثيرا من البشر، أعلوا راية التعصب البغيضة، فتارة يكون تعصبهم لعرق ولون وأخرى يكون لرأي وفكر، وثالثة لفرقة وحزب، ترتب عليه تأجج نيران العداوات بين الناس، لأهون الأسباب.

لقد حرم الإسلام التعصب بكل أشكاله وصوره، لما له من أثر سيئ، على صاحبه قبل ان يصل اثره لغيره.

ما أصر أبو جهل على الكفر رغم يقينه بصدق محمد صلى الله عليه وسلم إلا بالتعصب، تروي كتب السيرة « أَنَّ أَبَا جَهْلٍ، وَأَبَا سُفْيَانَ، وَالْأَخْنَسَ بْنَ شَرِيقٍ، خَرَجُوا لَيْلَةً لِيَسْتَمِعُوا مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى الله عليه وآلة وَسَلَّمَ وَهُوَ يُصَلِّي بِاللَّيْلِ فِي بَيْتِهِ وَأَخَذَ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ مَجْلِسًا لِيَسْتَمِعَ فِيهِ، وَكُلٌّ لَا يَعْلَمُ بِمَكَانِ صَاحِبِهِ، فَبَاتُوا يَسْتَمِعُونَ لَهُ، حَتَّى إِذَا أَصْبَحُوا وَطَلَعَ الْفَجْرُ تَفَرَّقُوا فَجَمَعَتْهُمُ الطَّرِيقُ فَتَلَاوَمُوا، وَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: لَا تَعُودُوا فَلَوْ رَآكُمْ بَعْضُ سُفَهَائِكُمْ لَأَوقَعْتُمْ فِي نَفْسِهِ شَيْئًا. ثُمَّ انْصَرَفُوا حَتَّى إِذَا كَانَتِ اللَّيْلَةُ الثَّانِيَةُ فعلوا مثل ما فعلوا ليلتهم الماضية واتفقوا على نفس اتفاق الليلة الماضية ولكن ما استطاعوا فاجتمعوا الثالثة أيضا، وقالوا مثل ما قالوا في سابقتيها، ثُمَّ تَفَرَّقُوا فَلَمَّا أَصْبَحَ الْأَخْنَسُ بْنُ شَرِيقٍ أَخَذَ عَصَاهُ وأَتَى أَبَا جَهْلٍ فَدَخَلَ عَلَيْهِ بَيْتَهُ فَقَالَ يَا أَبَا الْحَكَمِ مَا رَأْيُكَ فِيمَا سَمِعْتَ من مُحَمَّدٍ فَقَالَ مَاذَا سَمِعْتَ؟ تَنَازَعْنَا نَحْنُ وَبَنُو عَبْدِ مَنَافٍ الشَّرَفَ، أَطْعَمُوا فَأَطْعَمْنَا وَحَمَلُوا فَحَمَلْنَا وَأَعْطَوْا فَأَعْطَيْنَا حَتَّى إِذَا تَجَاثَيْنَا عَلَى الرُّكَبِ وَكُنَّا كَفَرَسَيْ رِهَانٍ قالوا: منّا نبيّ يَأْتِيهِ الْوَحْيُ مِنَ السَّمَاءِ فَمَتَى نُدْرِكُ هَذِهِ، وَاللهِ لَا نُؤْمِنُ بِهِ أَبَدًا وَلَا نُصَدِّقُهُ.

كم أضاءت أنوار الوحي دروب مكة وأغلق كفارها أعينهم عنها عصبية وكبرا، كم قرء القرآن غضا طريا من فم النبوة وصموا آذانهم عنه عصبية وكرها، إن القوم كانوا يعلمون صدق محمد صلى الله عليه وسلم وما منعهم إلا التعصب المقيت.

ادعى مسيلمة الكذاب النبوة، فقال أحد أتباع مسيلمة له: من يأتيك قال: رحمن، قال: أفي نور أو في ظلمة؟ فقال: في ظلمة، فقال: أشهد أنك كذاب وأن محمدا صادق، ولكن كذاب ربيعة أحب إلينا من صادق مضر،". فتأمل كيف كان التعصب شؤما على صاحبه!!!

كفى بالتعصب ذما أنه شعار الجاهلية، فمن المواقف التي حدثت بين بعض الصحابة في إحدى الغزوات، ما رواه جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، قال: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزَاةٍ فَكَسَعَ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: يَا لَلْأَنْصَارِ، وَقَالَ الْمُهَاجِرِيُّ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ، قَالَ: فَسَمِعَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «مَا هَذَا؟» ، فَقَالُوا: رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ كَسَعَ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ، فَقَالَ الْأَنْصَارِيُّ: يَا لَلْأَنْصَارِ، وَقَالَ الْمُهَاجِرِيُّ: يَا لَلْمُهَاجِرِينَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا بَالُ دَعْوَى الْجَاهِلِيَّةٍ دَعُوهَا، فَإِنَّهَا مُنْتِنَةٌ».

فما أقبح التمسك بشيء نتن إضافة إلى ذلك فيه لوثة الجاهلية، فما بال البعض يتمسك به وقد أكرمه الله بالإيمان،

لقد ذم النبي صلى الله عليه وسلم من يتعصب لغير الحق، قائلًا: “ليس منا من دعا إلى عصبية أو قاتل عصبية”. ولقد سد النبي صلى الله عليه وسلم باب الذريعة للتعصب فنهى عن المفاضلة بين الأنبياء، فقال: (لا تُخَيِّروا بَينَ الأنبياءِ، حتى لا يتعصب أحد بجهل لنبي فيقدح في نبي آخر فيهلك.

لقد عرفت الدنيا أشكالا عديدة للتعصب، ومن صوره في عصرنا الحاضر، التعصب الرياضي، حيث تحولت المشاهدات للرياضة الى سلبيات كثيرة: من تعصب مذموم وعداء وحقد، وفحش في القول، وسب وشتم، وعنف لفظي وأحيانا جسدي، وتخريب للممتلكات، ووصلت لإزهاق الأنفس، ولقد تخطت اثاره احيانا حدود الدول فتخاصمت الدول الشقيقة بسببه.

ولكم سمعنا عن أناس أصيبوا بالضغط والسكتات القلبية وهم يشاهدون مباراة لفريقهم، ولكم سمعنا عن رجال تهدمت بيوتهم، ورجال طلَّقوا زوجاتهم لأجل مباراة. بل لكم سمعنا عن بيوت تهدمت حتى صار أهل البيت الواحد ينقسمون على أنفسهم، هذا يتبع فريقًا، وذاك يتبع آخرًا.

ولم يقف الأمر عند حد التشجيع والتعصب فقط، بل تعداه إلى سخرية أتباع كل فريق من الآخر.

قاتل الله التعصب حين يصل الأمر بالمسلم إلى البغضاء، فنبي الإسلام يقول: لاَ تقاطعوا ولاَ تدابروا ولاَ تباغضوا ولاَ تحاسدوا وَكونوا عبادَ اللَّهِ إخوانًا.

مقالات مشابهة

  • هل تركيب الأظافر الصناعية من الوصل المحرم وحكم الوضوء بها ؟.. إعرف الضوابط الشرعية
  • أحكام الطهارة والوضوء في أوقات البرد الشديد .. مركز الأزهر العالمي يكشف عنها
  • مش عارف تدعي بإية؟.. كلمات بسيطة علمها النبي للسيدة عائشة
  • هل حرم الإسلام التعصب بكل أشكاله وصوره
  • حكم الوضوء بماء المطر.. يجوز بشرط واحد
  • ما حكم الوضوء بماء المطر وفضله؟.. الإفتاء توضح
  • حـفظ المـال
  • فضل من توضأ على طهر.. سُنة مهجورة و3 أذكار تجلب الحسنات
  • الرسول وحب من طرف واحد بين صحابي وصحابية!!
  • علي جمعة يوضح الفرق بين القلب والفؤاد..فتعرف عليه