ميانمار.. عشرات القتلى والجرحى بقصف للجيش على قرية مسلمة
تاريخ النشر: 10th, January 2025 GMT
أراكان- قُتل ما لا يقل عن 41 شخصا وأصيب 52 آخرون بجروح معظمهم من قوميتي الروهينغا والكيمان المسلمتين، بقصف على قرية "تِشياوك ني ماو" الأربعاء، من قبل طيران الجيش الميانماري، وهو الوحيد الذي يحلق بالمنطقة الساحلية جنوب جزيرة رامري بالولاية، وعلى بُعد 14 كيلومترا من وسط بلدتها.
وبحسب شهود عيان من ناشطي الأقلية المسلمة داخل ولاية أراكان فقد تسبب القصف أيضا باحتراق ما بين 500 و600 منزل خشبي، وقال المواطنون الذين عملوا في أعمال الإنقاذ والتعامل مع الجثث والمصابين، إنهم يخشون التحرك في المنطقة لإنقاذ مزيد من المصابين خوفا من تعرضهم للقصف مجددا.
وقال متحدث باسم جيش أراكان -الفصيل المسلح المعارض للحكومة المركزية بالمنطقة- في تصريح نشر على وسائل التواصل الاجتماعي إن القصف وقع في وقت لم تكن بالمنطقة أي مواجهات بين عناصره والجيش الميانماري، معتبرا أن القصف يعد "انتهاكا وجريمة حرب"، حسب قوله.
من جهته، نفى المتحدث باسم الجيش الميانماري والمعني بولاية أراكان، هلا ثين، تورط الجيش بقصف تلك القرية، فيما ترددت أنباء سابقة عن حوادث قصف أخرى في ولاية أراكان.
تشهد ولاية أراكان -غربي ميانمار وقرب الحدود مع بنغلاديش– مواجهات متقطعة بين الجيش الميانماري الذي يتبع حكومة المجلس العسكري المركزية في يانغون، وجيش أراكان الذي يعد فصيلا متمردا ويمثل قومية الرِيكاين البوذية ويسعى للحكم الذاتي، منذ نوفمبر/تشرين الثاني عام 2023.
إعلانوبات جيش أراكان يسيطر على 14 بلدة من أصل 17 من بلدات ولاية أراكان وريفها، أي ما يمثل نحو 80% من مساحة الولاية، وهو ما يشمل المنطقة التي تعرضت للقصف الأربعاء، والتي يسيطر عليها جيش أراكان منذ مارس/آذار 2024، فيما لم يبق للجيش الميانماري في الولاية سوى عاصمتها أكياب (سيتوي) ومنطقتين أخريين.
ويقول شهود عيان إن جزيرة رامري استقبلت خلال العامين الماضيين أكثر من 12 ألف نازح من مناطق مختلفة من ولاية أراكان، جراء المواجهات بين الجيشين، ويؤكدون أن الجزيرة ظلت تحت مراقبة سفن عسكرية تابعة للجيش الميانماري قبل قصفها، في ظل توسع جيش أراكان واحتمال سيطرته الكاملة على المنطقة، حسب ما نقل تقرير لشبكة "ميانمار الآن".
ولا تقتصر المواجهات على أراكان وحدها، حيث يأتي هذا القصف ضمن مواجهات متكررة بين الجيش الميانماري وعشرات من الفصائل المعارضة المسلحة في مختلف ولايات شمال وشرق وغرب البلاد، اشتدت وتيرتها منذ الانقلاب الأخير للجيش في فبراير/شباط عام 2021 على البرلمان المنتخب.
الأقلية المسلمةوحسب تقرير سابق نشرته شبكة "ميانمار فرونتير" في مايو/أيار 2019، فإنه وبعد أحداث العنف الشهيرة التي وقعت عام 2012 بين المسلمين والبوذيين في ولاية أراكان، كان هناك 6 آلاف مسلم من سكان قرية "تِشياوك ني ماو" التي تعرضت للقصف يسعون للعودة إلى حياتهم الطبيعية، ويتطلعون للحصول على هويات وطنية وفرص تعليم وحرية حركة وعمل وتجارة، في ظل رقابة أمنية ونقاط تفتيش فرضت حولهم.
يذكر أنه في أغسطس/آب 2018 تم منح بطاقات جنسية ميانمارية وهويات وطنية لنحو 3 آلاف و33 مسلما، مع الإقرار بأنهم من قومية الكيمان وليس الروهينغا، وهي قومية مسلمة قليلة العدد موجودة في ولاية أراكان منذ أواسط القرن الثامن عشر.
ويشير تقرير "ميانمار فرونتير" إلى أن سجلات دائرة الهجرة في القرية عام 2017 تظهر أنه كان هناك أكثر من 6 آلاف و700 مسلم في قرية "تشياوك ني ماو"، يحمل 464 منهم فقط بطاقات جنسية وطنية تدل على أنهم من قومية الكيمان، فيما كان بحوزة 4 آلاف و359 شخص بطاقات أخرى مختلفة، بينما لم يكن لـ1969 شخصا منهم أي هويات أو بطاقات رسمية.
إعلانوتشير بعض الوثائق التي كانت لدى المواطنين بين عامي 1951 و1956 إلى أن المسلمين كانوا يسمون في جزيرة رامري بـ"كيلا ريكاين" أو "المحمديون" أو "مسلمو ريكاين"، نسبة إلى تسمية ولاية أراكان باسم "رِيكاين"، ومنذ عام 1965 بدأ تسجيل أطفال المسلمين في تلك المنطقة في المدارس على أنهم "مسلمو ميانمار" أو "محمدان ميانمار" أي "محمديو ميانمار".
وتشير هذه التسميات إلى الرغبة بعدم تثبيت قومية هؤلاء على أنهم من قومية الروهينغا أو الكيمان المسلمتين، في بلد يتم فيه تثبيت أسماء وثقافات قوميات بوذية ومسيحية أخرى، رغم أن المسلمين يقطنون المنطقة منذ مئات السنين، وكانت لديهم بعض المباني الأثرية القديمة.
ملايين المحتاجين
حذر برنامج الأمم المتحدة للتنمية أواخر العام الماضي من أن ولاية أراكان تتجه نحو خطر المجاعة، بعد أن انهارت أعمالها التجارية وإنتاجها الزراعي، رغم أنها معروفة بإنتاج المحاصيل ووفرتها.
وقال بيان للأمم المتحدة، الأسبوع الماضي، إن أكثر من 3.5 ملايين شخص من مختلف القوميات قد نزحوا في عموم ولايات ومقاطعات ميانمار جراء المواجهات المستمرة.
وحذرت وكالة تابعة للأمم المتحدة من أن الوضع الإنساني في العام الجديد يبدو صعبا، مع توقع أن يرتفع عدد من يحتاجون للعون الغذائي والإنساني في عموم ميانمار هذا العام إلى 19.9 مليون شخص، أي أكثر من ثلث السكان، في ظل صراع مسلح وأزمة اقتصادية متفاقمة، وشبه عزلة تجارية وسياحية ودبلوماسية دولية منذ مطلع عام 2021.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ولایة أراکان جیش أراکان أکثر من
إقرأ أيضاً:
ورقة تحليلية: فجوة كبيرة بين الرواية الإسرائيلية وأعداد قتلى جيش الاحتلال في غزة
غزة - صفا
كشف مركز الدراسات السياسية والتنموية يوم الاثنين، في ورقة تحليلية حديثة عن وجود فجوة خطيرة بين الرواية الرسمية الإسرائيلية وأعداد القتلى الفعليين في صفوف جيش الاحتلال خلال الحرب على قطاع غزة، والتي اندلعت في 7 أكتوبر 2023.
وبحسب الورقة التي جاءت بعنوان: "مؤشرات ارتفاع قتلى جيش الاحتلال خلال 'طوفان الأقصى': تحليل وإعادة تقييم الرواية الإسرائيلية"، فإن "إسرائيل" تعتمد على سياسة إعلامية متعمدة للتعتيم على الخسائر البشرية، عبر استخدام أساليب مثل التصنيف الغامض لحالات الوفاة، وإخفاء الهويات العسكرية، وتنظيم جنازات سرية، في محاولة لاحتواء التداعيات النفسية على الجبهة الداخلية.
واستندت الورقة إلى تقارير ميدانية وشهادات جنود وتسريبات عبرية، لتقدير عدد القتلى بين 1000 و1300 جندي، مقارنة بالرقم الرسمي الذي لا يتجاوز 900 قتيل، مشيرةً إلى مؤشرات بارزة على هذا التعتيم، أبرزها:
تزايد التصنيف تحت بند "الموت غير القتالي"، ودفن الجنود دون إعلان أو تغطية إعلامية، وتسريبات عن وجود قتلى مصنّفين كمفقودين، وتغييب متعمّد للأسماء والرتب العسكرية في الإعلام الرسمي.
وأكدت الورقة أن هذه الفجوة لا تعكس فقط خللاً في المعلومات، بل تعكس أزمة هيكلية في منظومة الحرب والإعلام الإسرائيلي، مشيرة إلى أن استمرار الحرب وتزايد أعداد القتلى يهددان بتفكيك الجبهة الداخلية وتفاقم أزمة الثقة بين الجيش والمجتمع، ما ينذر بتصاعد الاحتجاجات داخل المؤسسة العسكرية.
وقدّم المركز توصيات للاستفادة من هذه المعطيات، من بينها، ضرورة إنشاء قاعدة بيانات موثوقة لرصد قتلى الاحتلال، وتوظيف الشهادات والتسريبات في بناء رواية إعلامية فلسطينية مضادة، وإنتاج محتوى إعلامي عربي ودولي يبرز كلفة الحرب البشرية، ودعم الخطاب السياسي الفلسطيني ببيانات تُبرز فشل الاحتلال رغم الخسائر.
وحذّرت الورقة من أن الأعداد الحقيقية للقتلى تمثل "قنبلة موقوتة" قد تُفجّر المشهد السياسي والأمني داخل الكيان الإسرائيلي، في ظل الانقسام الداخلي وتآكل صورة "الجيش الذي لا يُقهر".