الجزيرة:
2025-12-12@23:46:16 GMT

4 دول ترسم مستقبل سوريا

تاريخ النشر: 11th, January 2025 GMT

4 دول ترسم مستقبل سوريا

لم يكن سقوط نظام الأسد في سوريا في الثامن من ديسمبر/ كانون الأول أمرًا متوقعًا لدى أي من دول المنطقة أو العالم، بل حتى لدى إدارة العمليات العسكرية التي قادت العملية، رغم إصرار بعض المحللين على أنه أمر مخطط له.

فتصريحات القيادة العسكرية، وتصريحات دول المنطقة حتى بعد انطلاق الحملة العسكرية كانت تتحدث عن عمليات عسكرية ضيقة في حلب وريف إدلب؛ بهدف إسكات قصف النظام على المعارضة وقتها، و"ردع العدوان" الذي استمرّ به النظام السوري رغم الاتفاقيات المتتالية في جنيف وأستانا، وغيرها.

بيدَ أن انهيار الجيش السريع والمفاجئ أمام تقدم مقاتلي قيادة العمليات العسكرية أدى إلى ارتجال خطط جديدة والإسراع نحو دمشق من الشمال والجنوب بتقنيات "الحرب الخاطفة" والتي لم تستطع قوات النظام الصمود أمامها، وأصدرت الأوامر بتخلي الجنود عن مواقعهم، وانتهت بوصول قوات المعارضة إلى دمشق، وهروب بشار الأسد إلى روسيا في مشهد لم يكن مطروحًا على الساحة إطلاقًا قبل عشرة أيام فقط من بداية العمليات.

هذا الانتصار السريع أثار قلق دول المنطقة ومنها الأردن تجاه أمرين أساسيين:

أولًا: احتمالية الفوضى التي تقع بعد سقوط الأنظمة عادة، والانفلات الأمني الذي قد يؤدي إلى تشكيل خطر على المملكة من حدودها الشمالية. ثانيًا: هوية الفصائل التي قادت المعركة والتي تنتمي لتنظيمات كان لديها عداء تاريخي مع الأنظمة العربية، وخاصة الأردن. إعلان

هذه المخاوف المبررة التي تشاركتها المملكة الأردنية مع عدد من الدول، دفعتها في خطوة شديدة الأهمية إلى الدعوة إلى مؤتمر العقبة في الرابع عشر من ذات الشهر (ديسمبر/كانون الأول)، والذي شارك فيه أعضاء لجنة الاتصال الوزارية العربية التي تضم الأردن، والسعودية، والعراق، ولبنان، ومصر، وأمين عام جامعة الدول العربية، بحضور وزراء خارجية قطر، والإمارات، والبحرين، وتركيا. بالإضافة إلى ممثلين عن الاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، والأمم المتحدة.

قوبل هذا الاجتماع ببرود في البداية من قبل السوريين؛ لأنه أكد على الرعاية الأممية وتطبيق القرار 2254 الذي يدعو لتحول سلمي سياسي في سوريا، وهو قرار يعتبره السوريون مرتبطًا بحقبة قد انطوت صفحتها، فقد سقط النظام وسقطت الأطراف المتفاوضة، ولم يبقَ إلا الشعب السوري والدولة السورية الجديدة، والتي كانت القيادة الجديدة وقتها قد بدأت باستلامها، وتعيين وزراء للوزارات السيادية.

لكنني أعتقد أن قيمة هذا المؤتمر لم تكن تكمن في البيان الصادر عنه، والذي أكد إضافة إلى ما سبق، على ضرورة انسحاب قوات الاحتلال من المنطقة العازلة في الجولان والقنيطرة. فقيمته الحقيقية هي في شبكة التحالفات الجديدة التي استطاعت المملكة الأردنية أن تبنيها بشكل سريع وديناميكي مع الأطراف التي تملك مصلحة إستراتيجية في استقرار سوريا وأمنها على المديَين؛ المتوسط، والبعيد.

أتحدث هنا، بالإضافة إلى الجمهورية العربية السورية نفسها، عن المملكة العربية السعودية (الحليف التاريخي للأردن)، وتركيا، وقطر، وهي الدول التي يبدو أنها اتفقت بعد مؤتمر العقبة على المشاركة الفعالة في بناء وإعمار سوريا الجديدة والحرص على أمنها واستقرارها وانتقال السلطة فيها إلى الحكومة الجديدة بطريقة سلسة، أو على الأقل معقولة.

في أعقاب المؤتمر، كان وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي صاحب أول زيارة رسمية لدولة عربية للقاء أحمد الشرع ووزرائه، تلته الوفود العربية من قطر، والسعودية. تبع ذلك في خطوات – واضح أنها مخطط لها – الزيارة الرسمية الأولى للفريق (السياسي- الأمني- العسكري) السوري إلى المملكة العربية السعودية، حيث قابلوا أيضًا نظراءهم هناك.

إعلان

وأعلن الأردن بعدها عن زيارة فريقه (السياسي- الأمني- العسكري) إلى تركيا، ثم إلى سوريا ممثلًا بوزير الخارجية ومدير المخابرات ورئيس هيئة الأركان، لتعقبها زيارة بنفس المستوى من الطرف السوري إلى الأردن.

المنطقة إذن، تتنفس ولأول مرة من رئتها التي كانت مغلقة من زمن طويل. فعلاقة الأردن بالأخت الكبرى لبلاد الشام لم تكن مثالية حتى قبل الثورة، بل منذ تولي حزب البعث مقاليد الحكم في سوريا؛ فقد هدد حدودها أكثر من مرة، واعتقل الأردنيين وخطفهم وعذبهم، وخرّب مشاريع إستراتيجية أردنية اقتصادية، وكان سببًا في تصدير متكرر لعناصر حاولت زعزعة أمن الأردن.

كما أنه حول سوريا بالكامل إلى مصنع مخدرات واستخدم عصابات منظمة عبر الأردن ليوصل إنتاجه إلى دول الخليج. وذلك كله فضلًا عن خريطة تحالفاته البائسة مع إيران والتي كانت وبشكل فعال تهدد أمن المنطقة بالكامل.

يشعر الأردن أنه أمام شريك "محتمل" يمكن العمل معه على الملفات الأساسية، فقد أبدت الحكومة السورية المؤقتة مرونة شديدة، كما أعطت ضمانات للمملكة الأردنية حول إيقاف تصدير الكبتاغون والمخدرات، وأمن الحدود الشمالية، وعودة اللاجئين. وأعطت ضمانات أخرى لتركيا والخليج والمجتمع الدولي، مما أثار شعورًا بالارتياح أمام معظم دول المنطقة واعتقادًا بأن اللاعب السوري الجديد عاقل وليس كسابقه.

أدى هذا -بنظري – إلى تشكل حلف مرن (أو تنسيق على الأقل) بين الدول صاحبة المصلحة الإستراتيجية في استقرار سوريا وأمنها، وهي الدول التي أحب أن أسميها تيمنًا بدول حلف العقبة؛ سوريا، والأردن، والسعودية وقطر، وتركيا، والتي يبدو أنها ستعمل معًا في المرحلة القادمة بشكل فعال، وفي ملفات لا تقتصر على الملف السوري.

وما نأمله هو أن تشكل دول حلف العقبة قوة احتواء للعدو الصهيوني على المدى البعيد، ورمانة الميزان في هذا ستكون دون منازع الأردن، فهو خط المواجهة الأول مع العدو الصهيوني الذي يهدد الضفة الغربية والأردن بشكل مستمر.

إعلان

ومع أن المملكة استطاعت حتى الآن -دبلوماسيًا – منع توسع الصراع باتجاه صراع إقليمي، إلا أنه من الواضح أننا لا نعمل مع طرف عاقل يريد إنهاء الصراع، بل يريد إشعال حرب إقليمية شاملة سيكون الأردن فيها في خط النار الأول. ولذلك فإن الجهود الدبلوماسية التي يقوم بها الأردن الآن وتشكيل خريطة التحالفات الجديدة والجمع بين السعودية، وتركيا، وقطر، وسوريا في مجال حيوي تنسيقي واحد، هي أفضل طريقة ممكنة لمواجهة التحديات القادمة.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات دول المنطقة

إقرأ أيضاً:

يديعوت أحرنوت: رصد تهديد إيراني على الحدود الشرقية لإسرائيل

كشفت صحيفة يديعوت أحرونوت عن "رصد تهديد إيراني على الحدود الشرقية لإسرائيل"، مشيرة إلى إن طهران لم تتخل عن خطة قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري حتى اغتياله في عام 2020، والتي تهدف إلى إحاطة إسرائيل بـ "حلقة مزدوجة من النار".

وجاء في تقرير الصحيفة الإسرائيلية أن الجيش الإسرائيلي يقوم حالياً، بإعادة نشر قواته في المنطقة، حيث تقوم بإعادة إشغال المواقع العسكرية التي تم التخلي عنها في السابق، ويتم إنشاء 5 ألوية من جنود الاحتياط.

وأشارت يديعوت أحرونوت إلى أن الجهة المكلفة حاليًا بالقطاع الشمالي من الحدود الشرقية هي "فرقة جلعاد"، التي تأسست مؤخراً وتعمل تحت قيادة المنطقة المركزية، ومهمتها هي حماية القطاع الشمالي من الحدود الشرقية.

وقالت إنه عند اكتمال إنشاء الفرقة، ستعمل تحت قيادتها ألوية إقليمية، مشيرة إلى أنه، في الماضي، كانت معظم هذه المنطقة تحت سيطرة لواء واحد، وهو لواء غور الأردن، بينما مسؤولية القطاع الجنوبي من الحدود مع الأردن فهي لفرقة "إدوم 80"، التي تعمل تحت قيادة المنطقة الجنوبية.

 الخطة التي لم تتخل عنها إيران

وفقا للصحيفة، في أساس مفهوم الدفاع المحدث عن الحدود الشرقية، والذي يُعرف باللغة العسكرية بـ "سيناريو المرجعية"، تكمن رؤيتان استراتيجيتان:

الرؤية الأولى: أن إيران لم تتخل عن خطة قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري حتى اغتياله في عام 2020، والتي تهدف إلى إحاطة إسرائيل بـ "حلقة مزدوجة من النار" (صواريخ وطائرات مسيرة) وقوات برية متسللة، والتي ستعمل معاً في التوقيت المناسب وتؤدي إلى تدمير دولة إسرائيل بحلول عام 2040. الرؤية الثانية: الهجوم المروع لحماس في أكتوبر 2023 أربك الخطة الإيرانية، وتسبب بشكل غير مباشر في أن يصبح الأردن مسار هجوم محتمل وتهديداً مركزياً لإسرائيل.

 الميليشيات العراقية والحوثيون يهددون بالهجوم عبر الأردن

بحسب الصحيفة فإن القادرين على دفع هجوم على إسرائيل من الأراضي الأردنية وجنوب سوريا هم الميليشيات الشيعية من العراق والحوثيون من اليمن.

أحد السيناريوهات التي يجب أخذها في الاعتبار هو أن المجموعات المسلحة التابعة لهذه الميليشيات يمكن أن تصل، بل وقد تصل، عبر قيادة سريعة في مركبات "بيك أب" في غضون ساعات قليلة من العراق إلى الحدود مع الأردن، أو إلى الجولان السوري، لتفاجئ قوات الأمن الأردنية، وبدون توقف تصل إلى جسور ومعابر الأردن وتحاول شن هجوم مفاجئ على الأراضي الإسرائيلية.

قد يتسلل هؤلاء المسلحون إلى المنطقة الواقعة جنوب بحيرة طبريا، أو إلى وسط غور الأردن، بما في ذلك "جسر اللنبي" و"جسر آدم" اللذان يمكن من خلالهما الانطلاق نحو القدس.

وفي هذا السياق، يجب الإشارة إلى أنه وفقاً لتقرير نشرته صحيفة "الأخبار" اللبنانية، والمقربة من حزب الله، فإن لهاتين القوتين الميليشياويتين غرفة عمليات مشتركة في بغداد والأردن، يتواجد فيها حوالي 8,000 عامل أجنبي يمني، وربما ينتمي عدة مئات منهم إلى الحوثيين.

 الحاجة إلى قوات احتياط جديدة

في ضوء هذا التهديد المرجعي، فإن المهمة الرئيسية والأولى لمنظومة الدفاع التي تتشكل تدريجياً على الحدود الشرقية هي وقف أي هجوم مفاجئ راكب وراجِل يأتي دون سابق إنذار، عبر الأراضي الأردنية.

تم بلورة هذا المفهوم بالفعل في أوائل عام 2024، لكن رئيس الأركان السابق هاليفي أمر بتأجيل تنفيذه على الأرض لسبب بسيط: كان قوام قوات الجيش الإسرائيلي أصغر من اللازم.

مقالات مشابهة

  • «أسبوع أبوظبي المالي».. مبادرات وشراكات عالمية ترسم مستقبل الابتكار المالي
  • خبير سياسي: مصر الوحيدة التي تواجه المشروع الدولي لتقسيم سوريا وتفكيك الدولة
  • باحث سياسي: المملكة لها الفضل الأكبر في رفع العقوبات عن سوريا
  • حقيقة الأهداف الأميركية في سوريا
  • يديعوت أحرنوت: رصد تهديد إيراني على الحدود الشرقية لإسرائيل
  • وزير إسرائيلي: الحرب على سوريا باتت حتمية
  • فيضانات مفاجئة وجفاف متواصل.. كيف تأثرت المنطقة العربية في 2024؟
  • وزير إسرائيلي يصف الحرب على سوريا بالحتمية وسط توتر على حدود القنيطرة
  • الأردن بيئة آمنة للاستثمار
  • وزير إسرائيلي: الحرب مع سوريا حتمية