الحرس الثوري: إيران أعدت نفسها لمعارك كبرى منذ سنوات
تاريخ النشر: 11th, January 2025 GMT
بغداد اليوم - متابعة
قال قائد الحرس الثوري الإيراني اللواء حسين سلامي، مساء اليوم السبت (11 كانون الثاني 2025)، إن بلاده أعدت نفسها منذ سنوات لمعركة كبرى من الناحية العسكرية، مشيراً إلى أن إيران تراقب "تحركات العدو"، في إشارة إلى الولايات المتحدة وإسرائيل.
وذكر اللواء سلامي في كلمة له خلال لقاء مع ضباط القوة الصاروخية أثناء الكشف عن مدينة صاروخية تابعة للحرس الثوري لم يتم تحديد موقعها "على العدو أن يعلم إنه تحت المراقبة وعليه عدم القيام بأي خطوة خاطئة".
وأضاف "نستعد منذ سنوات لمعارك كبرى وحملات واسعة النطاق ومواجهات ثقيلة وحتى طويلة الأمد مع مجموعات مترابطة من القوى العظمى على ما يبدو على نطاق عالمي وملحقاتها الإقليمية"، مشيراً إلى أن "العدو سعى إلى تقويض قوة إيران في الأسابيع الأخيرة بعد الأحداث في سوريا".
فرمانده کل سپاه: وعدههای صادق جزء کوچکی از نمایش عظمت قدرت دفاعی و #بازدارندگی ایران بود
نرخ رشد قدرت موشکی ما بروز است
امروز میتوانیم صدها فروند #موشک را همزمان شلیک کنیم pic.twitter.com/UI9293rl1c
وقال: "على العدو أن يدرك أن الإرادة السياسية في نظامنا لمواجهة تجاوزات العدو وهيمنته وعدوانه حاسمة وكاملة، وبالإضافة إلى ذلك فإن إرادة القادة والمحاربين في القوة الردعية والدفاعية تكتمل أيضاً بإدراك الإرادة السياسية".
واعتبر قائد الحرس الثوري إن "معدل نمو قوتنا الصاروخية مواكب للعصر والتطورات"، واصفاً الهجمات التي شنها الحرس الثوري في العام الماضي على أهداف داخل إسرائيل كانت "جزءاً صغيراً من إظهار القوة الإيرانية".
وأضاف وهو يخاطب قادة القوة الصاروخية في الحرس الثوري "يمكننا إطلاق مئات الصواريخ على التوالي، واليوم نستطيع إطلاق أكثر من 200 صاروخ، مئات منها في وقت واحد في دفعات متتالية بدقة عالية وسرعة وتجاوز وتدمير كبير، ويديك باستمرار يجب أن تكون على الزناد في انتظار الأمر".
وأظهرت قناة التلفزيون الرسمي الإيراني يوم الجمعة قائد الحرس الثوري وهو يتجول في قاعدة صواريخ تحت الأرض استخدمت في هجوم ضد إسرائيل، بعد ساعات من مسيرة مقاتلين عبر طهران.
وتأتي لقطات القاعدة الصاروخية في مكان غير معلن "في الجبال" والاستعراض الذي قام به متطوعو الباسيج شبه العسكريين في طهران.
كما تأتي قبل أيام من تولي الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب منصبه. خلال فترة ولايته الأولى، أشرف على مقتل قائد الحرس الثوري قاسم سليماني في غارة بطائرة بدون طيار في العراق، وأعاد فرض العقوبات على طهران بعد الانسحاب من الاتفاق النووي التاريخي.
وأظهر التلفزيون الرسمي قائد الحرس الثوري حسين سلامي وهو يزور قاعدة الصواريخ، التي قال التقرير إنها تحتوي على "عشرات" الأنواع المختلفة من الصواريخ واستُخدمت خلال ثاني هجوم مباشر لإيران على الإطلاق على عدوها الإقليمي إسرائيل أواخر العام الماضي.
المصدر: وكالة بغداد اليوم
كلمات دلالية: قائد الحرس الثوری
إقرأ أيضاً:
محرقة غزة تعيد كتابة التاريخ
في زمنٍ تتكسر فيه المدن تحت الأقدام الثقيلة للحرب، وتتماوج الحقيقة بين دخان القصف وضجيج الإعلام، برزت غزة لا كمساحة صغيرة على خارطةٍ محاصَرة، بل كجبهة سردية كبرى تُعاد عبرها صياغة الوعي العالمي. فالمحرقة التي فُتحت أبوابها في أكتوبر 2023 لم تكن مجرد فصل دموي في الصراع، بل لحظة مفصلية انشقّ فيها المشهد السياسي والأخلاقي أمام عدسات العالم، وبدأت رواية جديدة تتشكل من قلب النار.
منذ 1948، نجحت إسرائيل في بناء هيمنة محكمة على الوعي الغربي، عبر شبكة مركّبة من الإعلام والسينما والجامعات واللوبيات. كانت الرواية الصهيونية تُروَّج كقدر تاريخي لا يُناقش: دولة صغيرة محاطة بالأعداء، تناضل للبقاء في مواجهة “تهديد فلسطيني” دائم. لكن حرب السابع من أكتوبر شقّت هذا الجدار القديم، ليس بسلاح المقاومة فقط، بل بقوة الصورة، وقسوة الحقيقة، وسقوط اللغة الرسمية في امتحان الأخلاق.
لم يعد الفلسطيني مجرّد موضوعٍ يُغطّيه مراسل أجنبي؛ صار هو المراسل والشاهد والضحية وصاحب الرواية. من هواتف محمولة ترتجف بين الأنقاض، خرجت صور لا يمكن لأي غرفة أخبار أن تُهذّبها، ولا لأي دعاية أن تطمسها. وفي تلك اللحظة، بدأت توازنات السرد في الانقلاب: شبكات عالمية اضطرت لمراجعة مسلّماتها، وصحف كبرى تخلّت عن كثير من احترازها اللغوي، ومنظمات أممية وجدت نفسها أمام وقائع لا تستطيع أن تُخفيها خلف مفردات “الاشتباكات” و”التوترات”.
في المقابل، واجهت إسرائيل تحديًا وجوديًا في المجال الأهم: المجال الرمزي. فالسردية التي بنتها على مدى عقود—بالقوة والدعاية—بدأت تتهاوى أمام عين طفل يبكي أمام كاميرا هاتفه، وأمام أم تبحث عن فلذات أكبادها تحت الركام. سقطت روايات “تحرير الرهائن” و”القضاء على حماس” أمام الأدلة الدامغة على المجازر؛ وتورّطت منظومة الاحتلال في تناقضات أحرجت حلفاءها قبل خصومها. حتى الإعلام العربي، الذي وقع كثير منه في فخ الحياد المزيّف، بدا عاجزًا عن ملاحقة حجم الحقيقة التي تفجّرت من غزة.
لكن التحول الأكبر تجلّى في الشارع العالمي. من نيويورك إلى باريس، من الجامعات الأميركية إلى النقابات البريطانية، خرجت الجماهير لا بوصفها مؤيدة لفصيل، بل بوصفها شهودًا على جرح إنساني أكبر من كل الحسابات السياسية. لم يعد الدعم لإسرائيل بديهيًا في الغرب، ولا النقد محرّمًا. تفككت القداسة القديمة وعاد السؤال الأخلاقي إلى الواجهة: من يقتل من؟ ومن يعيش فوق دم من؟ وفي هذا السياق، جاء قرار إدارة ترامب بربط المساعدات الفيدرالية للمدن الأميركية بعدم مقاطعة إسرائيل، لا كقانون إداري، بل كوثيقة خوفٍ سياسي من انهيار السردية الصهيونية داخل الحاضنة الغربية نفسها.
في هذه المعركة، لم تنتصر غزة لأنها الأقوى عسكريًا، بل لأنها الأصدق. لأن الرواية حين تخرج من قلب المجزرة لا تحتاج إلى زخرفة أو وسيط. ولأن الدم الذي يصبح صورة، يتحول إلى وثيقة، ثم إلى موقف، ثم إلى تاريخ يُدرَّس للأجيال. لقد أعادت غزة تعريف معنى القوة في زمنٍ تحكمه الصور، حيث لم تعد الغلبة لمن يمتلك الدبابة، بل لمن يمتلك الحقيقة.
اليوم، يقف الكيان الإسرائيلي أمام أخطر تهديدٍ في تاريخه الحديث: فقدان السيطرة على الرواية. فكم من جيش هُزم في الوعي قبل أن يُهزم في الميدان، وكم من دولة سقطت عندما سقطت شرعيتها الأخلاقية أمام العالم. ومع كل مقطع يُبث من غزة، تتراكم حجارة جديدة في جدار الحقيقة، وتنهار طبقات جديدة من الزيف الذي بُني على امتداد عقود.
أما غزة، فهي في هذه اللحظة ليست مدينة محاصرة، بل مركز جاذبية أخلاقية وسياسية. مدينة صغيرة تعيد ترتيب خرائط القوى الكبرى، وتفرض على العالم درسًا جديدًا: أن السردية ليست ملحقًا بالحرب، بل هي الحرب نفسها؛ وأن من يمتلك الحكاية يمتلك التاريخ؛ وأن من يكتب وجعه بيده لا يمكن لأحد أن يسرق صوته.
وهكذا، بينما ينهار الصمت العالمي وتتشكل تحالفات الوعي الجديدة، تكتب غزة—بدم الشهداء وصمود الأحياء—فصلًا جديدًا في ملحمة الإنسانية. فصلًا لا يمكن محوه، ولا يمكن تزويره، لأنه خرج من مكانٍ لا تستطيع الدعاية الوصول إليه: من قلب الحقيقة.
*كاتب ومحلل سياسي فلسطيني