(1) نحاول فى هذه العجالة ان نلقي الضوء على القيمة العسكرية لتحرير مدينة ود مدني حاضرة ولاية ..

• وأولها إلتقاء المحاور ، بإمكانك ان تقول المتحركات ، ومثلما كانت خطة المليشيا تستند على تقطيع الخطوط وتفكيك ترابط الفرق العسكرية ، فان خطة الجيش ، فيما يبدو استندت إلى إعادة ترابط الفرق العسكرية والمتحركات لتعزيز قوة الاندفاع وتوظيف القدرات العسكرية ، وهذا منهج الجيش فى وثبته الأولي والثانية ، إلتقاء قوات المهندسين بكررى ، والتقاء كرري ببحرى وحطاب والكدرو والحلفايا والمهندسين بالخرطوم ، والفرقة فى كوستي مع سنار فى جبل مويه ، وجيش سنار مع محور الفاو والنيل الأزرق ، وهكذا تم استعادة (بناء) الصف العسكري ، وكلما تعزز هذا الصف كلما تآكل إنتشار مليشيا الدعم السريع وارتبكت مخططاتها.

. ويمكن التوسع فى تبيان ذلك..

• وثانياً ، للهزيمة تأثير نفسي كبير على عناصر المليشيا ، وغالبهم من جاءوا بفرضية (النصر) ، وليس فى مخيلتهم تعقيدات مسرح العمليات أو شد الأطراف أو إستنزاف القدرات.. ولذلك الخسارة بالنسبة لهم تعني نهاية المطاف ، لا شيء فى ذهن المليشيا تحت لافتة (كر وفر) ، وإنما فزع وهرج ، فإن انقطع الفزع فلا خبرة لهم فى مواجهة تكتيكية تمتص موجات هيجانهم ثم تثخن فيهم ، وليس فى حساباتهم التخندق لمقابلة موجة هجوم ، ولذلك خسارة موقع تعني فقدان الأمل..

• ثالثا: تم فى هذه المعركة توظيف أمثل للمقاومة الشعبية والإستفادة من النفير الوطني فى تعزيز صف القوات المقاتلة وتوسيع دائرة إنتشارها للتقدم والالتفاف أو التأمين والتمشيط مع القدرة على الاستبدال.. وكانت قوات درع السودان ذات تآثير ملحوظ ، احدثت تحولاً فى مسرح العمليات وقاتلوا دون هوادة وفتتوا تماسك نخبة مليشيا آل دقلو الارهابية.. تلك واحدة من الادوار المهمة لقوات غالبها من المستنفرين..

• ورابعا: استعادة القيمة المعنوية للإنتصار ، لقد حاولت المليشيا وداعميها وخاضنتها بعد سقوط مدني فى ديسمبر 2023م أحداث (ضوضاء) عن فاعلية المليشيا عسكرياً ، وتقدمها السريع وكانت تهدف إلى إحداث شرخ ، وهو أمر للمدركين للوقائع لم يكن سهلاً ، ونترك تفاصيله إلى حينه ، واليوم تستعيد دورة الاعلام مسارها وقد تصاعد الحس الوطنى وارتفعت الروح المعنوية ، بينما انهارت فاعلية المليشيا وتراجعت قيمة خطابها وفقد حتى قائد المليشيا أعصابه ، بعد أن طاشت أحلامه وتساقطت (تهريجاته) ، وسيكون لذلك تأثير فى مظاهر التعاطي الاعلامي محلياً وإقليمياً ودولياً..

• وخامساً : ومن أهم تأثيرات تحرير مدني هو تعبئة قوات جديدة ، استوعبت بسرعة مقتضيات الحرب وظروفها ، وزادت من فاعلية (مشاة الجيش) ، اصبحت قوة مشاة الجيش فى تزايد وانفتاح والمليشيا فى تراجع وانكماش ، وكسب الجيش فى صفوفه كتائب من الدندر وقوات صالح من الدمازين ودرع السودان من البطانة وعموم شرق السودان وسوف تتحرك قوى أخرى ظلت مرابطة داخل قرى الجزيرة فى جنوبها وحول المناقل.. والمعادلة واضحة ازدياد قوة الجيش بمشاركة المستنفرين كما إنها اضافية نوعية تقاتل من اجل قضية ، بينما فقدت المليشيا نخبة قواتها والأكثر تأهيلاً ، وآخر كسبها من مجندين ومرتزقة بلا هدف ولا طاقة للقتال..

• وسادسا: فإن هزيمة المليشيا فى ولاية الجزيرة وقبلها فى سنار وشمال دارفور وفى الخرطوم ، كلها تؤدي إلى تراجع فائدة المليشيا لدى الضامنين والمراهنين عليها مع زيادة كلفة الحرب عسكريا ومالياً وسياسياً.. لقد كانت هناك رهانات كثيرة على تآثير عمليات المليشيا العسكرية على فرض شروط تفاوض أو تحقيق مكاسب بالضغط على الحكومة ، وكلها تساقطت الآن..

• وسابعاً : وبقدر ، حركة وانفتاح الجيش ، زادت التعقيدات على المليشيا ، حركتها محدودة وقادتها تم اصطيادهم والحواضن الإجتماعية الكبري انتهت ، وتعاني فى حركة الإمداد وفى التجنيد أو التعبئة وفشلت كل المحاولات، وحتى التعزيزات العسكرية فى التسليح أو المسيرات لم تعد ذات قيمة مع توسع مسرح العمليات والضغط المستمر على مواقع المليشيا..

• وثامناً: سقوط وهم السيطرة والانتشار على مساحة 70% ، وهو أمر على بشاعة كذبه كان مدخلاً للحديث عن دور للمليشيا فى التفاوض والشأن السياسي ، وقد اسقطت العمليات العسكرية الخاطفة للجيش السودانى والقوات المشتركة والمستنفرين هذه الفرضية ، ليس لدى المليشيا الآن أى بقعة سيطرة أو الانتشار الآن إلا فى ثلاث ولايات بدارفور (غربها ووسطها وجنوبها)..
تلك اشارات خاطفة ، لها ما بعدها.. كما كان لها ما قبلها..

(2)
إن ظن البعض أن تحرير مدني هو نقطة فاصلة فى مسار الحرب ، فإن النقطة الفاصلة فى – رأى – هى تحرير الجيش جبل موية فى سنار وإلتقاء جيش سنار والنيل الأبيض ، لقد افقدت تلك المعركة المليشيا حاضنة اجتماعية كبيرة ومخزون سلاح وعتاد ، والأهم من ذلك تأكيد قوة الجيش الباطشة ، كانت خطة ذكية وحاسمة فى مسار الحرب ، فهى اللحظة المفصلية ، حيث
تم تجفيف مصادر الرجال والعتاد ، وازالة مدد الفزع للقوة فى الجزيرة ، وبعد ذلك استسلمت مدينة سنجة وقبلها الدندر والسوكي ، ومن هنا بدأ مسار الحرب يتغير.. وبدأت التجفيف ونزع مصادر القوة والفاعلية..

(3)
واول مظاهر التجفيف هو نزعة القيمة الأخلاقية لحرب المليشيا على أهل السودان ، ابتداءاً من الإدعاءات الكذوب والرهانات الزأئفة ، ونهاية بالتجاوزات والإنتهاكات الواسعة فى حق المواطن وفى حق الوطن وهو أمر وثقته مؤسسات ومنظمات دولية ذات ثقل وتقارير ذات موثوقية ، مع أن الشواهد بلا حصر..

وتم تجفيف ومحاصرة محاولات تأسيس حواضن اجتماعية وأستغلوا بعض المجتمعات ، وهى خطط تساقطت ، وفقدت المليشيا المناصرين وجفت القدرة على توفير المرتزقة..
وتم محاصرة الداعمين فى كل المنابر الدولية والاقليمية ، من خلال خطاب رسمي وشعبي وما زلنا بحاجة لدور أكبر للنقابات المهنية ومنظمات المجتمع المدني والشخصيات الوطنية..
وعلى ذلك قس..

لقد فقدت مليشيا آل دقلو الارهابية الدافعية للاستمرار من كل ناحية.. وفقدت الأرض.. وانهارت قوتها الصلبة.. ومع بعض المواقف الدولية والاقليمية ستنهار القوى الداعمة لها..
تلك قيمة الإنفتاح العسكري ، هو أكبر من مجرد دخول مدينة.. وإنما عودة حياة وترتيب أجندة..
حفظ الله البلاد والعباد..

إبراهيم الصديق

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

لكنها الحرب !!

إن كان للحرب نقطة واحدة إيجابية حتما ستكون أنها كشفت لنا حجم التحالفات المعلنة والمستترة وأطماع و (أحلام) الكثيرين في خيرات وثروات بلادنا، وأسقطت أقنعة الخونة والمأجورين ، ووثقت مواقف دول ومنظمات منها ما كان متوقع ومنها مالم يكن متوقعاً ،، لكنها الحرب !!

هناك مَن دعم القوات المسلحة والشعب السوداني ووقف إلى جانب خياراته دعما للشرعية وإحقاقاً للحق ، ومنها من دعم المليشيا بالسلاح والعتاد والمرتزقة والمال ، وعمل على استمرار الحرب مما يعد دعما واضحاً وتأييداً مباشراً لجرائم المليشيا الإرهابية .

على كل نتفق أن النزاع في السودان يصنف نزاعاً مسلحاً غير دولي ، و بغض النظر عن حدة العنف وحجم الجرائم التي ارتكبتها المليشيا الإرهابية ، إلا أن المؤسف حقاً فضح أمر دويلة الشر وأجندتها الصهيونية تجاة المنطقة كلها وليس السودان فقط ، دويلة الشر والتي يفترض أنها عضو في المنظومة الدولية وتحترم القانون الدولي وتعرف مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول ، و أن هناك مبدأ في القانون الدولي يعطي الحق للدولة المتضررة الدفاع عن سيادتها وأراضيها ومواطنيها وهذا المبدأ يمثل حقاً أساسياً وليس منحة من أحد ولا امتياز ، وبالتالي لها أن تسلح جيشها الوطني بكل أنواع الأسلحة لأنه هو الذي يدافع عن سيادة الدولة وهو مكلف بذلك دستوريا ، ضد أي عدوان خارجي أو تمرد داخلي ، أو عمليات إرهابية و الأخيرة اتفق العالم أجمع على محاربتها ومحاكمة مرتكبيها ومن يمولها أو يدعمها سواء كان دول أو منظمات أو أفراد .

وقد وضع العالم سمات معينة وواضحة لتصنيف المنظمات أو الجماعات أو المليشيات بأنها (ارهابية) ؛ أولها اتباع أيدولوجيا متطرفة بغيضة إقصائية عنيفة، عبر نشر إفكار عنصرية بغيضة بتفوق عنصر علي آخر وهو ما اتبعته المليشيا الإرهابية بالضبط بسعيها إلى إيجاد وطن لعرب الشتات في السودان..

ثانياُ امتداد عابر للحدود وهذا ما تمتلكة المليشيا الإرهابية بصلاتها القبلية الممتدة بقبائل في دول الجوار والعمل على هذة النقطة تحديداً لاستجلاب المرتزقة من تلك الدول للانضمام لصفوفها تحقيقا لحلمهم بـ”وطن” واتباع نمط تطهير عرقي ممنهج .

ثالثاً العشوائية والوحشية وارتكاب جرائم بشعة تجاه المواطنين المدنيين (أصحاب الأرض الأصليين) لإرهابهم ومن ثم هروبهم، والجرائم هنا لا حصر لها والفظائع لا حد لها.

لكن الشعب السوداني أثبت بالفعل أنه أقوى من كل ذلك وأن القوات المسلحة السودانية هي علامة بارزة وبصمة مشرفة في التاريخ العسكري في العالم كله ، وأن ما قدمته من بطولة وجسارة وإقدام يدرس للعالم بأسره.

بناءً عليه فإن عودة السلام للسودان تتطلب العديد من المطلوبات أولها القضاء على هذة المليشيا المجرمة وإدانة جرائمها ومعاقبة قادتها أو بالأدق (الأحياء) منهم ، ومعاقبة مموليها ومسانديها و الدول المتورطة معها.

الجميع يعرف أنه إن لم تجد المليشيا المتمردة المال والسلاح والعتاد والمرتزقة لما استمرت في الحرب يوماُ واحداً.

ولو طبق المجتمع الدولي الاتفاقية الدولية لقمع وتمويل الإرهاب لعام 1999م وقرار مجلس الأمن رقم 1373 لعام 2001م ، والقرار 2462 للعام 2019 والذي يدعو دول العالم إلى منع وقمع تمويل الإرهاب وتجريم توفير الأموال أو جمعها عمداً لأغراض الإرهاب ويحثها لإنشاء آليات لتجميد أموال الأشخاص المتورطين في دعم الإرهاب أو أصولهم المالية أو مواردهم الاقتصادية.

وهناك القرار 2178 للعام 2014 والذي دعا فيه مجلس الأمن الدول الأعضاء لإيقاف أنشطة تمويل الإرهاب المرتبطة بسفر المرتزقة وتجنيدهم وتمويلهم، لكن المؤسف أن آليات القانون الدولي أصبحت مسيسة وأن المصالح المشتركة هي التي تحكم وليس العدالة الدولية.

علي المجتمع الدولي أن يخرج عن صمته المخزي ويصنف مليشيا الدعم السريع بالإرهابية ويجرم أفعالها ويجبرها على وقف جرائمها ضد الشعب السوداني والتي ظهرت بشكل جديد في ولاية شمال دارفور حيث انهيار الوضع الانساني والصحي وقلة الغذاء ومياه الشرب للمواطنين وزيادة حركة النزوح من الولاية في ظل حصار قاس فرضته المليشيا المتمردة ، ثم رفضها للهدنة التي اقترحتها الأمم المتحدة وعدم اهتمامها بما يحدث للمواطنين المدنيين فهي لا تزال في ضلالها القديم ، فالفاشر اليوم هي تحدي أممي لا يقتصر فقط علي جسر جوي إنساني إغاثي قادم من أوروبا بل إلى سعي الأمم المتحدة إلى عودة السلام للسودان، خاصة بعد انتصارات القوات المسلحة وبعد تعيين رئيس وزراء وبعد الشروع في تشكيل حكومة مستقلة وبداية عودة الحياة لطبيعتها في الولايات المحررة ، الكثير من العوامل والأحداث تضع الأمم المتحدة في موقف الداعم والمؤيد لخطوات السودان نحو الانتقال السياسي للبلاد ونحو الاستقرار وبداية مرحلة الإعمار وهذا بالتالي تناهضه المليشيا الإرهابية ومن يساندها ويدعمها .

كان علي الأمم المتحدة قبل أن ترسل إغاثتها لدارفور ، أن تمنع من يرسل الأسلحة والعتاد والمرتزقة للمليشيا، هذا هو الأجدى لإنهاء الحرب ، إن كانت الأمم المتحدة جادة فعلاً في مساعيها.

د. إيناس محمد أحمد

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • الجيش: تحرير مخطوفين في مدينة الهرمل
  • بهدف دعم المؤسسة العسكرية.. قيادة الجيش تتسلم دفعة مالية مقدّمة من قطر
  • قوات الجيش تحبط هجوماً حوثياً مباغتاً شمال غرب الضالع وتكبّد المليشيا خسائر موجعة**
  • لكنها الحرب !!
  • إبراهيم شقلاوي يكتب: سد النهضة وخريف الآمن المائي
  • مرحبًا بكل من فارق درب المليشيا واصطف مع الجيش
  • اعترافات صادمة من جنود الاحتلال: العمليات في غزة بلا نتائج ومجرد دوافع سياسية
  • إبراهيم شقلاوي يكتب: الخرطوم تعود بهدوء الحسم وذكاء الخطاب
  • ⛔️ هل تخلى الجيش عن الفاشر ؟
  • هيئة البث الإسرائيلية: الجيش يبدأ مرحلة جديدة من عملياته العسكرية في قطاع غزة