سودانايل:
2025-12-14@16:24:58 GMT

القوى السياسية والتحنيط العقلي

تاريخ النشر: 14th, January 2025 GMT

أن واحدة من أهم نتائج الحروب في المجتمعات الإنسانية، أنها تكشف السلبيات التي يعيشها المجتمع و تقعده عن النهضة و تهدد استقراره، و تحاول النخب السياسية و علماء الاجتماع و النفس كشفها بهدف البحث عن أنجع الطرق لمعالجتها، حتى لا تصبح أسبابا مرة أخرى لنزاعات في المجتمع.. و حرب السودان قد كشفت عجز و تواضع قدرات النخب السياسية في البلاد الذين حقيقة قد فشلوا في معالجة السلبيات و آثارها، بل أصبحوا هم أنفسهم عقبة في طريق إيجاد الحلول الناجعة.

. فإذا أخذنا دخول الجيش عاصمة الجزيرة ود مدني و دحر الميليشيا و مطاردتها في القرى و المدن، كان للحدث وقعا كبيرا عند عامة الشعب الذي خرج في أغلبية ولايات السودان المختلفة يعبر عن فرحته، و حتى في عدد من الدول حيث أحتفلت الجاليات السودانية بهذا النصر.. في اتجاه أخر تجد أن قيادات سياسية و أحزاب يحاولون أن يشوهوا الانتصار، و يبحثون عن أفعال لكي يدينوا بها الجيش، أو الذين يقاتلون تحت قيادته، الأمر الذي يؤكد ما ذهبت إليه تكرارا أن انتصار الجيش و هزيمة الميليشيا سوف يخلق معادلة سياسية جديدة، و سوف تبرز من خلاله قيادات جديدة ذات وعي أكبر و انضج من السابق..
هناك فارق كبير بين عقليتين: عقلية تبحث عن السلطة فقط، و هي عقلية تحنطت لأنها لا تستطيع أن تقرأ الواقع قراءة صحيحة، فهي تقف عند كيفية الوصول للسلطة، و هؤلاء هم الأكثر إصابة بالأمراض الاجتماعية " الانتهازية و الوصولية و غيرها" لأنهم لا يرون المشهد إلا من خلال مسودة مصالحهم الشخصية، و أيضا هؤلاء لا يترددون أن يكونوا أدوات لدول خارجية توعدهم بأنها سوف تجد لهم طريقا للمشاركة في أية سلطة قادمة، في مقابل طاعة أوامرها و تنفيذ ما تمليه عليهم.. العقلية الأخرى هي العقلية التي تبحث عن كيفية الخروج من الأزمة.. و لا تشترط أن تكون هي جزءا من السلطة، مادام الحل يفتح أفاقا جديدة للوطن، و يعزز سبل الاستقرار السياسي و الاجتماعي فيه، و يدفع الكل من أجل العمل للنهضة، و تقديم فرضيات تساعد على التصالح الاجتماي بهدف الوصول لتوافق وطني.. فالعقلية الثانية كل ما انتصر الجيش تعتبرالانتصار تجاوزا لعتبة في صالح الخروج من الأزمة، و تفكر في استغلالها لبناء وعي جديد في المجتمع.. العقلية الأولى لا تنظر إلي انتصار الجيش و المقاتلين معه إلا من خلال مصالحها الشخصية، لآن انتصار الجيش سوف يقلل تحقيق مصالحها الذاتية، و هي تريد أن تكون جزءا من السلطة القادمة.. أن إصدار بيانات و فيديوهات و تصريحات بهدف النيل من الانتصار، و إدانة الجيش و المقاتلين معه يفضحها و يعريها أمام نفسها و أمام الشعب..
كل ما تقدم الجيش في طريق الانتصارات يشكل هاجسا سيئا لمجموعات المصالح الذاتية، و يباعد بينهم و بين طموحاتهم، لكنه يخلق واقعا جديدا هو الرباط العضوي بين الشعب و الجيش، و الخروج المستمر للجماهير احتفالا بالانتصارات له انعكاساته النفسية عند النشء، خاصة تواصلهم النفسي مع العسكرية و قيمتها في المجتمع.. الأمر الذي يسهل عملية التفاهم بينهما بذات ثقافة العسكرية التي جعلتهم يقاتلون معها في صف واحد و داخل خندق واحد، ربما ينظر إليها إنها علاقة جديدة بين مقاتلين لعدو واحد، و لكن قيمتها هي تأسيس ثقافة جديدة تتحول لسلوك تلقائي و هو المطلوب لبناء وطن جديد بمعايير مؤسساتية جديدة..
هناك أيضا بعض القوى السياسية التي تعتقد نفسها في حياد، و تريد أن تتوقف الحرب لكي تبدأ مرحلة جديدة من الثورية.. هذا الفهم يبين أن البعض يطلق مصطلحات حتى لا يفهم مضامينها السياسية.. أن " الثورة و الثورية و كل اشتقاقاتها" هي مصطلحات الغرض منها هو الهدم و تعطيل القوانين أو تجاوزها، و هي أفعال سالبة في المجتمع.. كما هي تعد درجة من درجات العنف، و الحرب هي أعلى درجة في العنف و الهدم و تتجاوز أية ثورة.. فكيف لمجتمع يخرج من حالة هدم و عنف و يعود إليه مرة طواعية، إلا إذا كان مجموعات من فاقدي العقل.. هؤلاء الذين يبحثون عن الثورة و الثورية بعد وقف الحرب لقد وصلت عقولهم حالة التكلس و فقدان البوصلة.. هؤلاء سوف يصبحون أكثر سلبية في المجتمع تشكل تحديا لعملية التوافق الوطني و الاستقرار الاجتماعي و السياسي و التنمية في البلاد..
أن العقوبات التي فرضتها الإدارة الأمريكية على قائد الدعم السريع و عدد من شركات الميليشيا التي تدار من داخل دولة الأمارات الداعمة للميليشيا، تؤكد أن الإدارة الإمريكية المغادرة و حتى القادمة قد وصلوا لقناعة أن دعمهم للميليشيا و اتباعها سوف يشكل عقبة في المستقبل لتحقيق المصالح الأمريكية في السودان.. و القرار نفسه سوف يقطع طريق التعامل مستقبلا مع الميليشيا .. و أيضا لن يراهنون على فئة قليلة لا تملك أية قاعدة اجتماعية، خاصة أن الحرب قد خلقت متغيرات داخل القواعد الاجتماعية للأحزاب، ألأمر الذي يجعل أن يحدث فيها متغيرات في المستقبل.. لذلك لابد من التفكير العقلاني الذي يجب أن يبحث عن مستقبل العمل السياسي و التنمية في البلاد بعد وقف الحرب، دون وضع المصالح الشخصية في الدرجات العليا في عملية ترتيب الأولويات.. نسأل الله حسن البصيرة..


[email protected]  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: فی المجتمع

إقرأ أيضاً:

الحاجة لـنظرية جديدة للمجتمع المدني العربي

لا تدعي هذه المقالة، إسهاما تأسيسيا لنظرية جديدة للمجتمع المدني العربي (الفلسطيني بخاصة)، ولا تحتمل دورا كهذا، بيد أنها إسهام في مراجعة جذرية يتعين على نشطاء هذا المجتمع ومنظريه، القيام بها، في ضوء حصاد تجربة الثلاثين عاما الفائتة، وبالأخص، ما شهده العامان الأخيران، من تطورات وانقلابات في المشهدين؛ الإقليمي والدولي، إثر طوفان الأقصى وحرب التطهير والإبادة.

بعض من دروس

شهد المجتمع المدني العربي طفرة واسعة في العقود الثلاثة الأخيرة، استحدثت انقلابا في مكوناته وطبيعة القادمين الجدد إلى ملعبه، وتبدلا في توازنات القوى بين أركانه، تزامنا مع انطلاق مسار برشلونة للشراكة المتوسطية، الذي تزامن وتوازى، مع الاختراق الحاصل في مسار مدريد، وصولا لأوسلو ووادي عربة.

غابت المنظمات ذات العضوية الجماهيرية الواسعة من نقابات واتحادات على اختلاف تصنيفاتها عن الواجهة، لتحل محلها، مؤسسات ناشئة، غالبيتها العظمى، تدور حول شخص واحد، أو حفنة قليلة من الأشخاص، الذين لا صفة تمثيلية لهم، بخلاف النقابات والاتحادات.

مؤسسات طغى على الكثير منها سمة "المؤسسة العائلية- Family Businesses"، أغدق عليها المانحون أموالهم، وحجبوها عن منظمات وازنة، إن لعوائق قانونية وإدارية، أو لمواقف مسبقة لهذه المنظمات من "التمويل الأجنبي"، وغالبا لمخاوف لدى مجتمعات المانحين، من ذهاب أموال دافعي الضرائب في بلدانهم، إلى غير الأهداف والبرامج التي يتطلعون لتنفيذها.

تكفي الإشارة إلى حالة تسيدت فيها جمعيات- لا تضم أكثر من حفنة من الأفراد- المشهد المحلي، وبما يفوق أدوار منظمات جماهيرية راسخة، عمر بعضها من عمر استقلالات بعض البلدان العربية.

ستتراجع فكرة "العمل التطوعي" في أوساط الشباب والأجيال الناشئة، تحت وابل كثيف من الأموال، وقدر نادر من المحاسبة والشفافية والمساءلة، وستصبح هذه المؤسسات هدفا لموجات من "الهجرة" من الأحزاب السياسية الجدية، المكلفة في الغالب- لا سيما في دول الفساد والاستبداد- إلى فضاءات العمل المدني المريح، مدفوع الأجر تحت مسميات مختلفة، ولتصبح قاعات الفنادق الفاخرة، بديلا عن الاحتشاد في الشوارع والميادين، والعمل بين صفوف الناس في مواقعهم.

إعلان

وستعمل حكومات وأنظمة عدة، على إغراق المجتمع المدني بمؤسسات من صنعها، وتحت إدارتها وإشرافها، إن بهدف مقاسمة المجتمع المدني الفاعل موارده، أو بالأحرى، لتجفيف موارد هذا النوع من مؤسسات المجتمع المدني، أو للعمل على احتوائه وتدجينه، وتوظيفه في غير "تفويضه" و"وظيفته" كفاعل مستقل بين المواطنين والسلطة التنفيذية. ستصبح ألوف وعشرات الألوف من هذه المؤسسات، أدوات للتشغيل ووسيلة لامتصاص فائض العمالة، ووظيفة لمن لا وظيفة له.

وسيجري استخدام المال المرصود لدولنا من المنح والمساعدات الأوروبية والأميركية بخاصة، لخدمة أجندات السياسة الخارجية والأمنية لدول المصدر، وفي مقدمتها "التطبيع" مع إسرائيل، إذ كان المال الوفير حاضرا دائما لدعم كل مشروع يستبطن مكونا إسرائيليا على طريقة المدن الصناعية المؤهلة "QIZ".

وتزامنا معها، وفي مطارح عديدة، تم "العزف على وتر" حاجة مجتمعاتنا العربية لمحاربة التطرف والإرهاب والهجرة، للوصول إلى ما يمكن تسميته، إعادة تشكيل الهوية والوعي الجمعي لشعوبنا ومجتمعاتنا، بما يتخطى موروثها الاجتماعي والثقافي والديني الراسخ.

وفي الوقت الذي كانت فيه دول الغرب، تضيق ذرعا باللاجئين والأجانب وتستهدفهم بالتمييز العنصري والكراهية، والإبعاد إلى دول أفريقية يعتصرها العوز والفاقة، كان المطلوب من مجتمعاتنا المدنية، تخفيف العبء عن دول المركز الغربي، والمنافحة لإدماج المهاجرين بين ظهرانيها، وهي التي بالكاد تجد ماء وطعاما لأبنائها وبناتها.

لقد جرت خلال السنوات الثلاثين، أعمق وأخطر عملية "تفتيت" للأجندات والأولويات الوطنية لمجتمعاتنا ودولنا وشعوبنا، وغرق المجتمع المدني العربي، في برامج تقررها سلفا "دول المنبع"، لتفرض عليها أولويات مصنعة، ولتغيب عن برامجها أولويات ضاغطة، ولتنشأ في ضوء ذلك كله، موجة من المنظمات والمؤسسات التي يمكن وصفها بـ "Doner Oriented Organizations"، تعمل بوحي من الحكمة المستلهمة من الأفلام والمسلسلات البوليسية الأميركية: "اتبع المال – "Follow the Money، وبصرف النظر عن نتائج وتأثير ما تقوم به من أنشطة وفعاليات.

كما أظهرت تجارب المجتمع المدني العربي، في دول الأزمات المفتوحة، أن كثرة من مؤسساته و"رموزه"، كانوا أول الملتحقين بـ"الطيور المهاجرة" إلى دول المنبع" وحواضن الاستقرار في الجوار القريب والبعيد (إلا من رحم ربي)، تاركين شعوبهم ومجتمعاتهم، تكتوي بنيران حروبها الداخلية وحروب الآخرين عليها.

وستنشأ ظاهرة "متعهدي المؤتمرات"، الخبراء بـ"حيل التذاكر والسفر"، وبعضهم بات مؤهلا للعمل مستشارا لأضخم شركات السياحة والفنادق والـ "Catering"، في العالم. وبعضهم تحول إلى "رؤوس جسور" لدول وعواصم، معروفة بكرهها للإسلام السياسي ومناوأتها الربيع العربي، وميلها الجارف للتطبيع مع الاحتلال الصهيوني، ورغبتها الجارفة في "شراء أصوات" النشطاء والمثقفين، فإن تعذر ذلك، "شراء صمتهم".

بالطبع، لا ينطبق كل ما ذُكر، على جميع المنظمات والمؤسسات المدنية، ولا يجوز إقامة تماثل بين أوضاع المجتمعات المدنية العربية في بلدانها المختلفة.

إعلان

كما أنه لا يقلل من أهمية الدور الذي يتعين أن يضطلع به المجتمع المدني في الدعوة للحرية واحترام الحقوق والعدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة، واستكمال التحرر الوطني، وتعزيز الاستقلال، إنها محاولة للفت النظر إلى أن كثيرا من المؤسسات والفاعلين، قد "ضلوا طريقهم"، وأن الأوان قد حان، لوقفة مراجعة وتصويب مسار.

إنهم يسدون بإحكام طرق الإصلاح والتحول الديمقراطي في بلداننا، إنهم يمنعون عن شعوبنا، حقها في الاستقرار والازدهار، إنهم يقترحون طريقا واحدا للمستقبل، يمر حصرا بإسرائيل، فما الذي يتعين على المجتمع المدني العربي فعله؟

خمسة معايير للمراجعة

سنكتفي بإيراد خمسة من المعايير والأسس التي يتعين أن تنطلق منها المراجعات الهادفة إلى تصويب المسار؛ لضمان إسهام المجتمع المدني في إنجاز "ما ينفع الناس ويمكث في الأرض"، وهي:

أولا؛ استقلالية هذه المؤسسات عن السلطات التنفيذية في بلدانها، شرط حاسم لإنجاز تفويضها الذي يبرر وجودها، كما أن اعتمادها أرقى معايير المساءلة والشفافية والحوكمة الرشيدة، هو المقدمة الضرورية للفكاك من "العلاقة الزبائنية" التي تربطها إن بالحكومات أو بمصادر التمويل.

وإن إعادة الاعتبار للعمل "الطوعي" بدلا عن "العمل المأجور"، هي السبيل لإعادة تعريف نشطاء هذا المجتمع، بوصفهم "مناضلين" في مشروع وطني، وليس بوصفهم "زبائن" لملء المقاعد الشاغرة على موائد المؤتمرات والندوات.

ثانيا؛ على المجتمع المدني العربي، أن يدرك تمام الإدراك، وأن يبني رؤيته وإستراتيجياته، على قاعدة أن الكفاح ضد إسرائيل ومقاومة التطبيع معها، هو كفاح من أجل مستقبل حر ومزدهر للشعوب والمجتمعات العربية، وليس تضامنا مع الفلسطينيين في مواجهة الفاشية الصاعدة ونظام الفصل والتطهير والإبادة في إسرائيل، مع أنه تضامن واجب.

هو دفاع عن الذات والراهن والمستقبل والذاكرة والسردية، ولتذهب إلى الجحيم، كل التمويلات المشروطة بالتوقف عن ممارسة هذا الدور، أو التساوق مع حسابات الحكومات التي ترتبط بعلاقة تطبيعية مع هذا الكيان، ومن لم يستفد من دروس عامين من الإجرام والتجويع والترويع والتدمير، لن يستفيد أبدا.

ثالثا؛ لقد كشف الغرب الاستعماري عن وجه بشع خلال العامين الفائتين بخاصة. سقطت منظومته القيمية والأخلاقية المدعاة، ونطق قادته بخلاف كل ما روجوا له طيلة عقود ثلاثة أو يزيد، دعما لإسرائيل وهي في ذروة مقارفتها جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، ولاذ بعض قادتهم بخطاب مثقل بالتعابير الموحية بصراع الحضارات والأديان، لتبرير استهداف أمة بأكملها، لا شعب بمفرده.

وإن لم يكن هذا الدرس حاضرا بقوة، عند صياغة "النظرية الجديدة" واشتقاق برامج العمل وتطوير الإستراتيجيات، فلا بارك الله في جهود من ينظرون إلى ما حدث، بوصفه "فاصلا قصيرا"، نعاود بعده استئناف يومياتنا كالمعتاد.

رابعا: إن التمييز واجب، بين حكومات غربية كشرت عن أنيابها ومخالبها طيلة عامي الإبادة والتطهير من جهة، ورأي عام عالمي، غربي بالأساس، من جهة ثانية، يشهد انقلابات وتغيرات جوهرية، تحاصر السردية الإسرائيلية، ويبدي التضامن بأجمل صوره مع كفاح فلسطين من أجل التحرر والاستقلال.

ومرة أخرى، إذا كانت محاربة التطبيع عربيا، هي حلقة في مسار كفاحي شعبي عربي، من أجل مستقبل حر ومزدهر ومستقل لدولنا وشعوبنا العربية، فإن ارتباط حركة التضامن العالمية مع فلسطين، بكفاح شعوب الغرب ومجتمعاته، ضد يمين شعبوي، ذي نزعة فاشية، معادية للآخر، وملتزمة بإسرائيل حتى وهي تمارس الإبادة والتطهير، هو أمر يتعين العمل على تظهيره، وتعميق عراه.

هؤلاء هم حلفاء المجتمع المدني العربي الحقيقيون، وليست الحكومات والصناديق المانحة، إن مهمة تطوير حركة فلسطينية- عربية- أممية، مناهضة للصهيونية والتطبيع والفاشية واليمين الشعبوي والفساد والاستبداد، هي الخطوة الأولى على طريق الإطاحة بهذا الحلف غير المقدس.

خامسا؛ على المجتمع المدني العربي أن يدرك، أن "الديمقراطية" لم تعد بضاعة قابلة للتصدير في الغرب، فهي في مأزق هناك، في موطنها الأصلي، وقد انحدرت مكانتها على لائحة أولويات العلاقة بين ضفتي المتوسط إلى أدنى السلم، وإستراتيجية الأمن القومي الأميركية الجديدة، قالتها بصراحة: إن الإصلاح والديمقراطية ليسا على جداول أعمالنا في الشرق الأوسط، وسياسة تغيير الأنظمة، باتت من الماضي. إعلان

وما لم تقله "الإستراتيجية" بالوضوح الكامل، قاله توم براك بفجاجة: لا مطرح للديمقراطية في الشرق الأوسط (باستثناء إسرائيل بالطبع)، وإن "الملكيات المستنيرة"، هي خيار هذه المنطقة، المستند إلى إرثها وتقاليدها في الحكم والحوكمة، متناسيا حقيقة أن من بين 22 دولة عربية، ودول أخرى شرق أوسطية، هناك ثماني ممالك فقط.

وبفرض القبول بفرضيته، ماذا عن بقية الدول، وهل يقترح علينا "الموفد فوق العادة"، أن نعاود تجربة "الجملوكيات" التي اكتوينا بنارها في عشريات الركود والاستنقاع، وكانت سببا محركا لموجات الغضب والانتفاض في سنوات الربيع العربي؟

إنهم يسدون بإحكام طرق الإصلاح والتحول الديمقراطي في بلداننا، إنهم يمنعون عن شعوبنا، حقها في الاستقرار والازدهار، إنهم يقترحون طريقا واحدا للمستقبل، يمر حصرا بإسرائيل، فما الذي يتعين على المجتمع المدني العربي فعله؟

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحنمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطبيان إمكانية الوصولخريطة الموقعتواصل معناتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتناشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتناقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • الجيش الروسي يُسيطر على بلدة جديدة في زابوروجيه
  • إسرائيل اليوم: هؤلاء قادة حماس الذين ما زالوا في غزة
  • إسرائيل اليوم: هؤلاء قادة حماس الذي ما زالوا في غزة
  • ثورة ديسمبر بوصفها مشروعًا لبناء وطن جديد بين الجهاد المدني وإعادة تأسيس الدولة
  • زيدان: اختيار الرئاسات الثلاثة بيد القوى السياسية العراقية
  • وزير الحرب الأمريكي: نعيد هيكلة الجيش لضمان الاستعداد لأي صراع
  • أحمد علي عبدالله صالح يكسر الصمت ويطلق نداء هام لكل القوى السياسية في اليمن
  • الحاجة لـنظرية جديدة للمجتمع المدني العربي
  • "ظل الحرب يطرق باب أوروبا".. بريطانيا ترفع جاهزيتها للردع
  • “قداسة البابا “: من الأسرة يخرج القديسون وهي التي تحفظ المجتمع بترسيخ القيم الإنسانية لدى أعضائها