تتمتع الولايات المتحدة الأمريكية بسمعة قوية في الميدان التربوي تجعلها قبلة الابتعاث والمبتعثين للعديد من الدول في العالم، شرقه وغربه، على الرغم من أنها لا تحتل مراتب متقدمة في الاختبارات العالمية التي أنشبت مخالبها في تلابيب التربية والتربويين، وتركت هذه المراتب الأولى لدولٍ بلا هوية أو تاريخ مثل سنغافورة التي لا تكاد تراها على الخريطة.
عرف العالم الكثير من العلماء المؤثرين الذين ينتمون لأمريكا من أمثال جون ديوي وجيروم برونر وهاوارد جاردنر ونعوم تشومسكي وإليوت آيزنر والقائمة تطول.
لكن هذا التميّز في النظرية التربوية لم يشفع لهذه الدولة المتقدمة أن تستعين بهذه القدرات الفذة التي تمتلكها في الجامعات ومراكز البحث؛ إذ ظل هؤلاء العلماء بعيداً عن القرار التربوي الذي ظل طوال القرن الماضي وحتى كتابة هذه الكلمات تحت سيطرة السياسيين والاقتصاديين الذين يديرون كفة التربية والتعليم كيفما شاؤا بينما ظل العلماء الوحيدون المخوّلون بالإفتاء في قضايا التربية والتعليم في بروجهم العاجية مسلوبي الإرادة يراقبون من بعيد الفوضى التي يحدثها هؤلاء في الميدان التربوي دون أن يكون لديهم القدرة على التدخل والمساهمة في إصلاح التربية بحسب ما يخبرون طلابهم في مختلف الجامعات الأمريكية المرموقة مثل هارفارد وكولومبيا وبرينستون وميتشغان وشيكاغو والقائمة تطول.
من المفارقات الساخرة، في هذا الصدد، أن يقع اختيار ترامب على سيدة الأعمال المليونيرة ليندا ماكماهن لكي تكون مسؤولة عن التربية في حكومته الجديدة. الخبرات التربوية التي لدى هذه المرأة هي قيادتها لشركة المصارعة العالمية الترفيهية والمعروفة اختصارا بــ WWE ، كما أنها من المخلصين لترامب المهووس بالمصارعة واشتغلت معه في فترته الأولى وساهمت بأموالها في حملته الانتخابية التي سيرجع من خلالها إلى سدة الحكم من جديد لفترة ثانية في 20 يناير الجاري.
هذا النوع من المصارعة هو من أجل الترفيه entertainment فقط ولا علاقة له بالمنافسات الرياضية المعروفة التي تعتمد على المهارة والمنافسة العادلة، أي أن نتائج المسابقات محدّدة سلفاً حيث يدخل المصارعون الحلبة لإلقاء خطاب ناري أمام الجمهور ثم يتبع ذلك سيناريو دراماتيكي قصصي مثير متفق عليه. هذا يعني أن خبرة هذه السيدة تقتصر على التمثيل فقط. نحن أمام تمثيلية يقوم بها ممثّلون يؤدون أدوارهم التي تم تحديدها مسبقاً.
أليس المنصب مناسباً لها؟ أليس أحد أدوار المعلّم أن يكون ممثّلاً يقف على خشبة مسرح الصف يؤدي الدور المطلوب منه مسبقاً وسيناريو الأهداف التي تم تحديده مسبقاً؟
هذه المفارقة الساخرة صادمة للكثير من التربويين الأمريكيين الذين رأوا سيدة لا تملك أي خبرة في التعليم تعتلي هذا المنصب الذي كان من المفترض أن يذهب لتربوي خبير قضى معظم وقته وهو يبحث في قضايا التربية والتعليم. أدرك هؤلاء أن هذه السيدة ستنفّذ أجندة ترامب المعروفة والمتمثلة في إلغاء وزارة التربية وإعادة شؤونها إلى الولايات الأمر الذي يعني إيقاف الصرف على التعليم الحكومي أو العام الذي يعتبره هؤلاء التربويون كارثة تضر بالتربية والتعليم ومن ثم المجتمع برمّته.
khaledalawadh @
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: التربیة والتعلیم
إقرأ أيضاً:
ضياء رشوان: تظاهرات «الحركة الإسلامية» بتل أبيب ضد مصر كشفت نواياهم
أكد الكاتب الصحفي ضياء رشوان، أن مظاهرات ما يسمى بالجناح الشمالي للحركة الإسلامية داخل إسرائيل، بقيادة رائد صلاح وكمال الخطيب، ضد السفارة المصرية في تل أبيب، تمثل كشفًا صريحًا لنوايا جماعة الإخوان المسلمين وتيار الإسلام السياسي، مشيرًا إلى أنهم «وفروا علينا عناء التحليل والتأويل».
وقال «رشوان»، خلال حواره مع الإعلامية نانسي نور، في برنامج «ستوديو إكسترا» على فضائية «إكسترا نيوز»، إن ما جرى يثير علامات استفهام كبيرة، مؤكدًا أن المشهد بسيط وواضح فدولة الاحتلال قتلت وجرحت ما يزيد على 200 ألف فلسطيني خلال العدوان الأخير على غزة، والكثير من هؤلاء ينتمون لعائلات فلسطينيي الداخل، حيث يشكل اللاجئون 70% من سكان القطاع ومعظمهم من حيفا ويافا ومناطق أخرى هُجّروا منها عام 1948.
وأوضح «رشوان»: «هؤلاء الذين ظلوا في غزة رافضين الاستقرار في أي مكان آخر، أملًا في العودة، ينتمون في الأصل لنفس المناطق التي يعيش فيها الآن رائد صلاح وكمال الخطيب وأمثالهم من الحركة الإسلامية، ورغم ذلك لم نرى تحركًا واحدًا منهم ضد الاحتلال، حتى خرجوا يتظاهرون على بعد خطوات من وزارة الدفاع الإسرائيلية والكنيست، ولكن ليس ضد من يقتل أهلهم في غزة، بل ضد السفارة المصرية».
وأكد رشوان» أن هذا الموقف لا يمكن تفسيره إلا باعتباره جزءًا من مخطط سياسي يهدف إلى حرف البوصلة عن العدو الحقيقي وهو الاحتلال الإسرائيلي، وتحويل الغضب الشعبي العربي نحو مصر الدولة العربية التي تتحمل عبء دعم الفلسطينيين سياسيًا ودبلوماسيًا وإنسانيًا منذ بداية العدوان.