حريق في قلب الوطن- جرائم الكنابي وتصدع اللحمة الاجتماعية في السودان
تاريخ النشر: 15th, January 2025 GMT
جرائم الكنابي وخطورتها على اللحمة الاجتماعية في السودان
فتح السودان صفحة جديدة من الألم والفجيعة، حيث كشفت الأحداث المروعة التي جرت في مدني، وتحديدًا في كمبو خمسة، عن بشاعة تتجاوز حدود التصور. جرائم القتل، الحرق، والتمثيل بالجثث التي ارتُكبت، ليست فقط دليلاً على انهيار منظومة القيم الإنسانية، لكنها أيضًا ناقوس خطر يُهدد اللحمة الاجتماعية في السودان.
جرائم الكنابي.. مأساة الفقراء والمهمشين
شهدت أحداث كمبو خمسة حرقًا للبيوت وقتلاً بدم بارد، وذبحًا للضحايا بطريقة وحشية تفتقد أدنى درجات الإنسانية. هذه الجرائم طالت سكان الكنابي، وهم فئة مهمشة عانت لعقود من التمييز والتهميش داخل السودان. على الرغم من الأدوار المهمة التي يلعبها سكان الكنابي في الزراعة والاقتصاد المحلي، إلا أنهم يعيشون في ظروف بائسة، محرومين من الخدمات الأساسية، ومحاطين بثقافة تنظر إليهم بازدراء.
الثقافة العنصرية وخطرها على النسيج الاجتماعي
ما حدث في مدني يعكس عمق الثقافة العنصرية في السودان، التي لا تقيم وزنًا لقيم التعايش والاحترام المتبادل. هذه الثقافة ليست وليدة اللحظة، بل هي إرث طويل من السياسات التهميشية والتمييز الاجتماعي والاقتصادي، الذي أسس له النظام القديم واستمر بطرق مختلفة حتى اليوم.
تُظهر هذه الجرائم أن السودان بحاجة ماسة إلى مراجعة جذوره الاجتماعية والسياسية لإعادة تأسيس دولة تحترم جميع مواطنيها، بغض النظر عن العرق أو الانتماء الاجتماعي.
الإهمال السياسي والتواطؤ
إن ما جرى في مدني يفضح أيضًا تقاعس القوى السياسية عن أداء دورها. صمت النخب السياسية حيال هذه الجرائم يعكس إما عجزًا أو تواطؤًا مع المنظومة العنصرية التي تستهدف المهمشين.
القوى التي كانت تدعي حمل لواء الثورة، لم تُدن الانتهاكات المروعة في كمبو خمسة بعد دخول الجيش والمليشيات المسلحة. بل أظهرت ازدواجية صادمة عندما وصفت ذلك بأنه "نصر"، متناسيةً أن النصر الحقيقي يكمن في حماية المدنيين وصون كرامتهم.
السودان الجديد هنالك ضرورة التأسيس من جديد
أحداث كمبو خمسة أكدت الحاجة إلى بناء سودان جديد، سودان يتجاوز العنصرية، الجهوية، والاستغلال الطبقي. يجب أن يكون هذا التغيير شاملًا وعميقًا، ويشمل- محاسبة مرتكبي الجرائم لابد وضع العدالة وهي حجر الأساس لإعادة اللحمة الاجتماعية. يجب تقديم مرتكبي جرائم كمبو خمسة إلى المحاكمات العادلة.
إعادة هيكلة الدولة من المهم جدا القضاء على الأنظمة التي تكرّس التمييز والتهميش.
تعزيز التعايش السلمي ومن خلال التعليم والتوعية المجتمعية بأهمية قبول الآخر والتنوع الثقافي.
دعم المناطق المهمشة توفير خدمات التعليم والصحة والبنية التحتية لسكان الكنابي وغيرهم من الفئات المهمشة.
إن السودان أمام مفترق طرق. جرائم الكنابي ليست مجرد حادثة عابرة، بل هي انعكاس لأزمة وطنية تهدد بتمزيق نسيجه الاجتماعي. على المجتمع السوداني أن ينهض لمواجهة هذه التحديات، وأن يعمل على بناء دولة المواطنة التي تُعلي من قيمة الإنسان بغض النظر عن خلفياته.
لقد أثبت التاريخ أن الشعوب القادرة على مواجهة أزماتها بصدق وعدالة هي الشعوب التي تبني مستقبلًا مشرقًا. فهل سيختار السودان طريق العدالة والمصالحة؟ أم سيبقى أسيرًا للعنصرية والانقسام؟
[email protected]
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: فی السودان
إقرأ أيضاً:
هل أموال الضمان الاجتماعي في أمان؟
#سواليف
هل #أموال_الضمان_الاجتماعي في أمان؟
كتب .. كابتن أسامة شقمان
أكتب اليوم بصفتي واحدًا من آلاف #الأردنيين الذين خدموا هذا الوطن بإخلاص طوال سنين طويلة، مؤمنين بأن الدولة لن تتخلى عن أبنائها بعد #التقاعد، وخاصة أولئك الذين يعتمدون بشكل كامل على #دخل_الضمان_الاجتماعي.
مقالات ذات صلةأبلغ من العمر نحو سبعين عامًا الآن، ولا يوجد لدي أي مصدر دخل سوى معاش الضمان. بل وأكثر من ذلك، أقوم شهريًا باقتطاع جزء من دخلي البسيط للمساهمة في إبقاء اثنين من أبنائي – الذين يعملون خارج الأردن – مشتركين في الضمان الاجتماعي. أفعل ذلك لأنني أؤمن أن هذا النظام هو أمان لمستقبلهم، رغم أنهم يشككون بذلك ويخشون من انهياره. أحاول أن أُطمئن نفسي… لكن بصراحة، لم أعد أشعر بالاطمئنان.
خلال هذا العام، شاهدت العديد من التقارير والبرامج على القنوات الأردنية، الرسمية والخاصة، التي تتحدث عن #أزمات_مالية يواجهها صندوق الضمان، وعن ديون ضخمة على الحكومة تتجاوز 10 مليارات دينار – من أموالنا نحن #المتقاعدين والمؤمن عليهم. ويحق لنا أن نتساءل، كما يتساءل كثيرون: لماذا لا تخرج #الحكومة لتشرح لنا الوضع بوضوح؟ هل أموالنا في أمان فعلاً؟
وإن كانت كذلك، فلماذا الصمت؟ ولماذا الغموض في تقارير الاستثمار؟ ولماذا نسمع عن تعيينات إدارية في الصندوق لا تمثلنا كمشتركين ومتقاعدين؟
لسنا خبراء في الاقتصاد، لكننا نفهم أن الخطر كبير عندما نرى أن الدولة تقترض من أموال الضمان لسد العجز في موازنتها، وأن أكثر من 60% من أموال الصندوق مستثمرة في سندات حكومية – أي أن #الحكومة تقرض نفسها من أموالنا! هذا لا يبدو كاستثمار آمن، بل مجازفة قد تُعرض ملايين الناس للخطر.
أخشى – كما يخشى الكثيرون – أن يأتي يوم يُقال لنا فيه: “لا يوجد ما يكفي لصرف الرواتب”، أو يتم إصدار قوانين تقلل من المعاشات أو تؤخر صرفها. #التضخم يلتهم القيمة الشرائية لما أتقاضاه، والأسعار في ازدياد مستمر، بينما معاش الضمان يبقى ثابتًا لا يتغير.
والسؤال الذي يقلقنا جميعًا: هل نحن كمشتركين ومتقاعدين في أمان فعلاً؟ أم أصبحت أموالنا تحت رحمة قرارات حكومية لا نشارك فيها، ولا نعلم كيف تُتخذ؟
أناشد المؤسسة العامة للضمان الاجتماعي، وهيئة الاستثمار، وكل الجهات الرقابية أن تخرج للناس لتقول بوضوح:
هل أموالنا آمنة؟
وما هي الخطة الفعلية لضمان استمرارية الصندوق؟
وهل ستظل الحكومات تستخدم هذه الأموال دون رقابة شعبية أو مساءلة؟
نحن لا نريد شعارات، بل إجابات صادقة. نريد شفافية لا وعودًا. وما أكتبه ليس بدافع المعارضة أو التشكيك، بل بدافع المحبة والحرص.
فإن ضاع الضمان… ضاع الأمان.