الثورة نت:
2025-06-03@03:01:48 GMT

تتوقّف الحرب.. وتستمر الإبادة

تاريخ النشر: 16th, January 2025 GMT

 

تتوقف الحرب في غزة بشكل أو بآخر، ستكتب الصحف وتبث الشاشات خبر «انتهاء الحرب في غزة»، وبذلك، ستكون بقعة صغيرة في زاوية المنطقة، اسمها قطاع غزة، عاشت الحرب لنحو 15 شهراً، ورغم أن كلمة «عاشت» لا تتناسب وكلمة «حرب»، إلا أنها تتناسب مع الأمل، والرغبة في الحياة. تتوقف هذه الحرب المستمرة بإبادتها، بعد أن قتلت من الأرواح ما يزيد، وفقاً للأرقام الرسمية، عن 46 ألفاً، وبحسب جهات أخرى، معروفة بدقة أرقامها وحساباتها، أكثر من 200 ألف، هؤلاء، بالرقمين، أو برقم ثالث أو رابع سينتج لاحقاً، يضاف إليهم ضحايا لا يدخلون في إحصاء رسمي، منهم أمهات سيعشن بقية أعمارهن في كمد على أبنائهن، ومنهم أبناء أيتمتهم الحرب، ومنهم زوجات ترمّلن، وأزواج ترمّلوا، وإخوة فقدوا إخوة، ولاختصار المشهد، نكتفي بما قاله محمود درويش في «حالة حصار»:

«من مات… من؟

الشهيدة بنت الشهيدة بنت الشهيد

وأخت الشهيد وأخت الشهيدة كِنَّة

أم الشهيد حفيدة جد الشهيد

وجارة عم الشهيد إلخ … إلخ…»

ورغم ذلك، هذا المشهد المختصر بشعر درويش، هو زاوية صغيرة في وصف الحال، فلو عدّدنا الضحايا فعلياً، لكانوا بعدد أهل غزة، أكثر من مليوني ضحية، على الجميع أن يعترف بهم، بوصفهم نالوا ما نالوه من القتل والسفك والسفح والتدمير.

تتوقف الحرب، ولا تنتهي. فما زال بوسع إسرائيل أن تستمر في حربها بلا هوادة، وبوسعها أن تقول للعالم كذباً، فتصدّقها عواصم الغرب الأغرب، وتنتفض من أجلها سياسات الحكومات، وتكذب وتغطي الجريمة كرمى لعيون تل أبيب، وتدفع من جيوب ضرائبها مالاً ليستمر القتل طالما تريد إسرائيل ذلك، وطالما بكائيات قادتها تلقى لطّامين في أمريكا، فالحرب لن تنتهي في أي يوم من الأيام، وستستمر، وإن اتخذت شكلاً جديداً مؤقتاً، ريثما تذخّر الأسلحة، ويستريح الجنود في إسرائيل.

وما هذا سوى الحرب التي تخاض بالأسلحة، أما الحروب الأخرى المفتوحة على القدس، وعلى اللاجئين الفلسطينيين وقضيتهم، وعلى الأونروا، وعلى المياه، وعلى الأسرى، وفي الإعلام وعليه، وفي الأكاديميات وعليها، وفي السينما، وفي التراث، من طعام ولباس وغيرهما… هذه الحروب كلها وغيرها لا يتسع المكان لذكرها، فلا تواجه بفعل، ولا تقابل بأكثر من تعليق يحمل شكل واسم بيان لتسجيل «موقف»، والقول في مجلس «أصدرنا بياناً».

إن هذه الحروب المستمرة، والتي رافقتها حرب غزة، والحرب على الضفة، تُشن لإنهاء الفلسطينيين، وبالتالي إنهاء فكرة الأرض لهم، وتحويلهم إلى مجموعة كانت تحمل اسم «شعب فلسطين»، وهذا الواقع الذي لا يواجه منذ وقت، لن يواجه في القادم، ففصائل المقاومة، دخلت في نفق صعب، قد يطول الوقت حتى تخرج منه، بعد كل هذه الأشهر من القتال المستميت، وفصائل المنظمة، لا حول لها ولا قوة، تفتي بما تفتي به «فتح» رغم المعارضة الصورية بين حين وآخر، وفتح آه منها؛ تحاصر السلطة الفلسطينية مخيم جنين، وأبناء من «فتح» يمررون كذبة «الخارجين عن القانون» لتبرير انتهاك المخيم، الدور الذي للأسف يضطلع به الاحتلال عادة.. فماذا بعد هذا الكلام؟!

ما يحدث في مخيم جنين، أحد الدلائل الكبيرة على تضعضع حالنا، فالصمت شبه المطبق على ما تفعله السلطة الفلسطينية في مخيم جنين، والحصار الذي تفرضه عليه وعلى أهله، يذهل أكثر من الحصار، أما المصيبة، فهي أنها تقوم بما قامت به أنظمة عربية في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين من قبل، وربما غداً، فبعد وقت قصير، لن يُقبل بواقع المخيمات الراهن، وستوضع الذرائع ذاتها التي وضعتها السلطة (خارجون عن القانون)، وهل من يلوم؟ لا لوم، فالسبّاق بالفعل ربّ البيت.

هل غاليت؟ نعم ولا! ما سبق نظرة مبسّطة وواقعية كما أراها في القادم الفلسطيني والعربي، لكن من شدة تعقيد الواقع الفلسطيني والعربي الذي نحن فيه، والذي نؤول إليه، ليس سهلاً النظر وتوقّع سيناريوات أفضل، ومشكلة الكلام السابق أنه يجترّ نفسه من كثرة ما انكتب عنه وفيه، وهذا ضروري ومهم، لكن ما يهم أيضاً، هو الكتابة عن حالنا، ووصف شؤوننا بواقعية مفرطة، وجلد الذات لو تطلّب الأمر. المهم أن لا نبقى ضحايا أنفسنا، مثلما نحن ضحايا الغرب ومستعمراته المنتشرة في منطقتنا بأشكال مختلفة.

استدعيت ما يحدث في مخيم جنين، وذهبت إلى المستقبل، وربما لم أذهب بعيداً، لأضع ظني في ما سيحدث في المخيمات بعد حين، وبهذا لا أكون قد ابتعدت عن غزة، وما حدث ويحدث فيها. ستتوقف الحرب في غزة، وجراحها لن تندمل بسهولة وسرعة، والأعضاء التي بُترت من أجساد أهلها، بُترت من جسد فلسطين.. لذا، لن تقوم قائمة لفلسطين من دون حق غزة المكان، وحق غزة الأهل، وحق غزة الشعب الفلسطيني، حقهم من كل شخص يفكر في أمر ولا يقيم للشعب حق مقامه، والحق هذا في جانب منه، هو ترك مجال للنضال الوطني للفلسطينيين، من دون عظات، ومن دون مؤامرات واتهامات، ومن دون كذب على العامة والخاصة، كما أنه حق الشعب في أن يقرر مصيره، ومن يمثّله من كل القوى، بقبولها أو لفظها من حياته؛ وحقه في أن يحاسب المسؤولين في فلسطين والعالم العربي والعالم عمّا آلت إليه أموره في كل مكان، من موت وجرح وسجن، وتغييب لقضايا كقضايا اللاجئين، ومن استخدام للفلسطينيين وقضيتهم في غير مكان في الإقليم والعالم.

اتفاق وقف إطلاق النار، والذي قدّم تنازلات عن ثوابت كبرى، يجعل فكرة تحميل المسؤوليات، واقعاً لا بدّ منه… ليس للمقاومة، بل لمسؤولي المقاومة، فالمقاومة مقدّسة، وفعلها مقدّس على مدار الزمان وفي كل مكان، كانت قبل «فتح» و»حماس»، وستبقى بعدهما، المقاومة هي الشعب، هي إدراك الحرية، والنضال من أجلها، بكل الأساليب. أما من يتولون المقاومة، فليسوا مقدّسين، يخطئون ويصيبون، وربما يحاسبون.

*كاتب فلسطيني

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

الشهيد اللواء الركن ايهاب محمد يوسف

من شهداء الوطن ( ١٩٠٠٧ ):
○ كتب: د. Mhmd Elzein
رجال حول القوات المسلحة (32)
الشهيد اللواء الركن ايهاب محمد يوسف إستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه
العميد م. د. محمد الزين محمد — 30/5/2025
بهذه الدعاء المبارك “أستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه”، ختم الشهيد اللواء الركن إيهاب رسالته الأخيرة لدفعته وقيادته وأسرته يوم الخميس أمس القريب… كلمات لم تكن مجرد وداع، بل كانت وصية رجل أدرك دنو الرواح، وعجلة الرحيل فقابله بصدق الموقنين، العابدين ولسان حاله قول الشيخ قريب الله رضي الله عنه
أهلا وسهلا باللقاء والاجتماع بذي البقاء
يوم أموت به سعيد والله ذاك اليوم عيد
فيه الهنا فيه المزيد فيه الحياة بلا شقاء
علم أيهاب ان ما عند الله خير وأبقى فعمل لذاك اليوم ، اتخذه الله شهيدا في أيام مباركات، من شهر ذي الحجة، في الثاني منه لعام 1446هـ، الموافق 29 مايو 2025.
لم يكن اللواء إيهاب رجلاً عادياً، بل كان فريدا ونادراً في كل شئ، وقد جمع بين الإيمان والعلم، والفكاهة والصرامة، كان عالماً في مهنته، كما كان عابدا متبتلا. وخاشعا لله ، ومقاتلاً جسورا لا يهاب الموت وله من اسمه له نصيب، عرف اللواء إيهاب بطهارة الظاهر وصفاء الباطن. كما عُرف بنظافة اليد واللسان، يقابلك بوجهٍ طلق، يسبق سلامه ويواددك بسماحة وملاطفة . كان من أولئك القلائل الذين يألفون ويؤلفون، ومن الذين تطيب المجالس بتٱنسهم وتسامرهم، ويشتاق الناس للحديث عنهم بعد الرحيل.
شهد له الجيران، وأهالي الحي، ورفاق الطفولة والميدان بكل ما هو جميل وخليق برجل كمثله تراه في الأفراح باسماً، وفي الأتراح مواسياً، لا يتأخر عن الناس، ولا يُشعِرهم بثقله، بل يملأ المكان خفّةً وأُنساً وذوقاً لطيفا.كان من معدن الفضل وحسن الخلق، وله في قلوب من عرفوه محبة وأثر لا يزول، ولا يمحوه الزمن. كثير الحياء وضيئا في أخلاقه، وودودا عند خلانه. كثير التواضع يخفض رأسه أدبا وتقديرا لمن حوله، وكنت أداعبه بأغنية الحاج سرور (الطرفو نايم وصاحي.. صاحي كانعسان) فيزداد ضحكاً وخجلاً.
ثبت عند حصار سلاح الإشارة، ذلك الحصار الطويل الذي استمر لعامين، كان ثابتا ثبوت الجبال الراسيات، بل هو من الذين ثبّتوا القوات بقوة شكيمته، وقوة جنانه وجسارة قتاله يقول تعالى (يثبت الله الذين ٱمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد) .
التقى بابنه عبد القادر في قلب معركة الصمود بسلاح الإشارة، بعد أن أعدّه كما أعدّ عبد الحليم ومحمد، فقد غرس فيهم حب الدين والوطن و معاني الرجولة و الجندية والعقيدة والصبر. أي رجال هؤلاء وأي أبناء هؤلاء الذين يلتقون في ميادين المعارك والشرف وغيرهم في موائد الخلاعة والخنوع!!!.
تنقّل بين جبهات العمل العسكري، من الاستوائية إلى سلاح الإشارة، ألى أكاديمية نميري العسكرية العليا، ثم قائداً ومديراً لـ معهد نظم المعلومات، فكان حيثما حلّ نافعا و مثالا للجندية المتقنة، والعقلية المنضبطة، والروح القيادية
تعود جذوره الى قبيلة الكواهله بمنطقة أمغد والتي عرفت بالأنفة والشموخ أحفاد عبد الله ود جاد الله، كسار قلم ماكميك بولاية الجزيرة المعطاءة. نشأ وشب وترعرع في أمدرمان الثوره الحاره الاولى.
من أبناء الدفعة أربعين، تلك الدفعة الاستتثنائة والتي لا نعرف سرّها، كأنها صُنعت للتضحية والإستبسال والشهادة فمن أولهم الشهيد الملازم يوسف سيد، إلى آخرهم اللواء إيهاب، تتساقط نجومهم في الميدان، لا بالمرض ولا بالهوان، بل شهداء في سبيل الله والوطن، كأنهم تواصوا على الموت وقوفاً. أي دفعة هذه؟ وأي تربية تلقّوها؟ وأي صبر جالدوه!، وها هي قافلتهم تمضي، بكل رتبهم، إلى مقامات العز والخلود.
كانت ترتيبات القيادة العامة ودفعته أن يكون من ضمن حجاج بيت الله الحرام هذا العام، ولكن رفعه الله مقاما رفيعا اذ اتخذه شهيدا عنده . قال تعالى (ويتخذ منكم شهداء).
الحق عندما بدأ الحجاج ينفرون للتحرك للحجاز كان هو يتحرك لتثبيت الموقف العملياتي مما جعله يستمر في الخوي قائداً وكأنه يقول كما قال عبد الله ابن المبارك
يا عابدَ الحَرَمينِ لوْ أبصرْتَنا لَعلمْتَ أنّك في العبادةِ تَلْعبُ
مَنْ كان يَخْضِبُ خدَّهُ بدموعِهِ فَنُحُورُنا بِدِمَائِنا تَتَخَضَّبُ
لم يمت اللواء إيهاب، بل انتقل من موقع القيادة في الدنيا إلى معسكر الشهداء عند الله، حيث لا حصار هناك، ولا ضغينة، ولا تعب… بل رضوانٌ من الله أكبر .لقد أديت الذي عليك، ومضيت كما يمضي العظماء.

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • طقس وقفة عرفات.. موجة حارة تضرب البلاد وتستمر أيام العيد
  • الحرب تُطيل عُمر نتنياهو
  • المسند: رياح البوارح تنشط ابتداءً من العشر الأولى من يونيو‬⁩ وتستمر لأواخر ⁧‫يوليو‬⁩
  • «أوقفوا الإبادة».. جماهير سان جيرمان تطالب بوقف الحرب في غزة بنهائي دوري أبطال أوروبا
  • تصاعد معارضة الحرب في صفوف الجيش الصهيوني لجريمة الإبادة في غزة
  • صحيفة تتحدث عن وهم انهيار حزب الله اللبناني.. تكتيكات مختلفة
  • حماس تسلّم ردها على المقترح الأمريكي بوقف الحرب في غزة
  • بحماية مشددة للتحالف الدولي.. أكثر من 200 عائلة تغادر مخيم الهول باتجاه العراق
  • أسد يفتك بسائح في مخيم سفاري بناميبيا
  • الشهيد اللواء الركن ايهاب محمد يوسف