يمن مونيتور/هبة التبعي

يجلس علي سعيد على كرسي مهتري بجانب نافذة مكسورة سبقت أن اخترقته قذيفة الحرب قبل سنوات، لم يجد منزل للعيش سوا هذا المنزل المتهالك في منطقة الجحملية شرقي تعز القريبة جدًا من جبهات الصراع الشرقية، قائلًا:” السكن هنا لم يكن اختياريًا، بل أن مجبر لأن هذا المنزل الذي أستطيع تحمله ماليًا، ظروف الحياة وغلاء الايجارات في وسط المدينة أو المناطق الأمنة تجبرنا على السكن في مناطق نموت فيها ألف مرة”.

” عشتُ هنا أيام وسنوات مرعبة جدًا قبل الهدنة، اسمع الانفجارات يوميًا وتصل القذائف التي تهز الأرض من تحت قدمي. كل طلقة، كل قذيفة، تحمل احتمالا أن تكون الأخيرة التي نسمعها”، يضيف على لموقع ” يمن مونيتور”.

أما بعد الهدنة منذ عام 2022. هدأت الحرب وخف القنص والقذائف، إلا أن حياتهم مازالت محفوفة بالمخاطر. وأول تقدم لأي طرف من أطرف الصراع ستكون على رأس السكان في مناطق التماس. الذين لجوا إلى هذه المناطق إما عودة لمنازلهم الاصلية التي كانوا قد هجروها بسبب الحرب وذهبوا للسكن في مناطق أكثر أمان، أو لأن ايجارها يعد أقل نسبيًا من المناطق الأخرى.

ويضيف علي للموقع:” لا نستطيع الوصول للماء بسهولة، الطاقة الشمسية التي نملكها أصبحت متهالكة، ولا نستطيع فتح أغلب النوافذ لأنها مقابل لقناص الحوثي، الأطفال يلعبون في الأزقة ولا يمشون في ساحة مكشوفة، في الليل، لا أستطيع النوم. أفكر في أسرتي، في ابني الذي يسألني: لماذا لا ننتقل إلى مكان أفضل؟ ولا أجد إجابة سوى الصمت”.

وتصل ايجارات المنازل في مدينة تعز إلى 300 ألف يمني، ولكنها بالعمل الأجنبية، (السعودي، الدولار)، بينما تنخفض الإيجارات في مناطق التماس والقريبة من جبهات القتال أو قناصة الحوثي (50_100) ألف ريال يمني.

أسباب ارتفاع الايجارات

يرى عبد الرحمن البحر، خبير اقتصادي، أن ارتفاع الإيجارات في مدينة تعز يعود اولًا لعدم الإنشاء العمراني والتوسع الصناعي منذ بداية الحرب بسبب التدهور الاقتصادي الذي نعيشه نتيجة الحرب، مع زيادة الطلب على السكن نتيجة النزوح الداخلي من المناطق الخطيرة إلى المناطق أكثر أمانًا.

ويشير البحر إلى أن الحرب دمرت العديد من المباني والمنازل وعدم وجود مشاريع اسكانية تعوض هذا النقص بسبب ارتفاع تكاليف البناء التي تأثرت بسبب ارتفاع أسعار العملات الأجنبية، في ظل غياب السياسات المنظمة لسوق الإيجارات ادى إلى استغلال المُلاك للوضع ورفع الأسعار بشكل مفرط”، يواصل البحر.

حياة خطرة

تسكن سهيلة أم لثلاثة أبناء في عصيفرة شمال مدينة تعز، وهي أول نقطة تحت سيطرة الحكومة الشرعية حيث لا يبعد منزلها سوا بعض خطوات إلى مناطق الحوثي المهجورة، والتي يتمركز بها قناص متحوث قد ألتهم الكثير من أرواح أطفال هذا الحي منذ بداية الحرب.

تواصل حديثها سهيلة وهي أرملة: لا أستطيع أن أشعل النور الخافت بهذه الغرفة وتشير بيديها إلى الغرفة الاوسع في المنزل، بل لا نستطيع حتى النوم، القناص يرمي طلقته فورا إن رأى أي ضوء، لقد سبق وقنص جارنا إلى دخل المنزل فور إشعاله النور، وقد غادروا جميعهم إلى الريف ونزح الكثير من هنا، لكنهم بدأوا يعودون بسبب ارتفاع الايجارات في وسط المدينة”.

وتظل سهيلة خائفة جدًا عند ذهاب ابنتيها إلى المدرسة إلى أن يعدن، لقد سبق ولم يعد العديد من الأطفال من مدارسهم أو من الأماكن التي يجلبوا منها الماء، إما بسبب القناص، أو القذائف العشوائية أو الألغام، أما ابنها الأكبر الذي كان يحلم أن يصبح طبيبًا أصبح يجمع علب البلاستيك ليساعد اباه الذي يعمل في قيادة دراجة نارية ليصرفا على العائلة.

خطر السكن

يفيد أيمن العريقي، وهو باحث في مجال السلام، أن السكن في مناطق التماس يعرض المواطنين لمخاطر الاستهداف المباشر بالقذائف أو النيران العشوائية من قبل مليشيا الحوثي الإرهابية، التي تستهدف بشكل متكرر هذه المناطق المأهولة بالسكان المدنيين. إضافة إلى ذلك، فإن تلك المناطق تعج بالمخلفات الحربية والألغام التي زرعتها المليشيا، مما يشكل خطرًا دائمًا على السكان، خاصة الأطفال.

” تفتقر تلك المناطق إلى الكهرباء، المياه النظيفة، والرعاية الصحية. كما أن الأطفال غالبًا ما يحرمون من التعليم نتيجة انعدام الأمن والبنية التحتية”، يردف العريقي.

العيش في مناطق التماس يسبب ضغطًا نفسيًا كبيرًا للسكان، خاصة للأطفال الذين يعانون من آثار نفسية عميقة مثل الخوف المزمن واضطرابات النوم. الكبار بدورهم يعانون من التوتر والقلق المستمرين، مما يؤثر على صحتهم الجسدية والعقلية، حسب العريقي.

جهود المحلية

يقول العريقي، وهو ناشط سياسي أيضًا:” على الرغم من الجهود التي تبذلها السلطات المحلية ضمن إطار الشرعية، إلا أن الإمكانيات المحدودة تشكل عائقًا أمام توفير حلول مستدامة. المنظمات الإنسانية تقدم مساعدات إغاثية مؤقتة للسكان، لكنها تظل غير كافية لتلبية الاحتياجات طويلة الأمد”.

ويضيف أيمن أن إحدى أهم المشكلات التي تواجه السكان هي استمرار مليشيا الحوثي في استهداف المناطق المدنية وتحويل بعضها إلى خطوط تماس. هذا الوضع يجبر العديد من الأسر على التنازل عن سلامتها والعودة إلى منازلها القريبة من الخطر، أو البحث عن بدائل سكنية أقل تكلفة لكنها محفوفة بالمخاطر.

“لذا، من الضروري تكثيف الجهود لتوفير بدائل سكنية آمنة للسكان الذين يضطرون لمغادرة منازلهم، إلى جانب تقديم الدعم النفسي والصحي لهم، وتعزيز استجابة السلطات المحلية والمنظمات الدولية لمعالجة هذه الأزمة”، وفقًا للعريقي.

وفي خضم الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها مدينة تعز، يبقى السكن في مناطق التماس خيارًا يفرضه الواقع الصعب رغم ما يحمله من مخاطر جسيمة.

تتطلب هذه الأوضاع تدخلاً عاجلاً من السلطات المحلية والمنظمات الدولية لتوفير بدائل سكنية آمنة، وضمان وصول الخدمات الأساسية إلى المتضررين. فبدون حلول مستدامة، ستستمر معاناة آلاف الأسر وسط دوامة الفقر والخطر.

المصدر: يمن مونيتور

كلمات دلالية: اليمن غلاء الايجارات مدینة تعز

إقرأ أيضاً:

احذروا.. سيول ورياح محملة بالرمال على تلك المناطق خلال الساعات المقبلة

قال الدكتور محمد على فهيم رئيس مركز معلومات تغير المناخ ، إن هناك حالة من التقلبات الطارئة والتي بدأت ما قبل ظهر أمس الجمعة في صورة أمطار خفيفة متقطعة على اقصى غرب الساحل الشمالي و السلوم وما حولها، ثم تطورت الحالة إلى أمطار غزيرة رعدية وكرات ثلج على مناطق متسعة من الساحل الشمالي ومطروح والاسكندرية وشمال البحيرة ( ادكو ورشيد ).

حالة الطقس اليوم

وكشف “فهيم”، في تصريحات له، عن حالة الطقس خلال الساعات القادمة، حيثُ تستمر اليوم السبت تكاثر السحب المنخفضة والمتوسطة الرعدية على مناطق متفرقة من السواحل الشمالية الغربية يصاحبها سقوط أمطار متفاوتة الشدة، تصل لحد السيول فى مناطق هضبة السلوم.

الطقس غدا .. مائل للحرارة نهارا معتدل ليلا | والعظمى بالقاهرة 32الأرصاد تكشف الظواهر المتوقعة للطقس خلال الساعات المقبلةحالة الطقس ودرجات الحرارة المتوقعة اليوم.. فيديو

وأضاف رئيس مركز معلومات تغير المناخ، أن الأمطار تمتد على بعد ظهر السبت على مناطق متفرقة من شمال ووسط الدلتا ( اسكندرية مرة تانية - البحيرة - الغربية - كفر الشيخ - دمياط - الشرقية - الدقهلية - وقد تصل إلى جنوب الدلتا أيضاً)، مع نشاط للرياح القويه المتقطعه على معظم الجمهوريه خاصه في فتره ما بعد الظهر قد تكون محمله بالرمال والاتربه .

وكشف خبراء هيئة الأرصاد الجوية عن حالة الطقس المتوقعة،  اليوم السبت ، ودرجات الحرارة في محافظات الجمهوربة.

وأشارت آخر صور الأقمار الصناعية إلى تكاثر السحب المنخفضة والمتوسطة الرعدية على مناطق متفرقة من السواحل الشمالية الغربية يصاحبها سقوط أمطار متفاوتة الشدة.

ومن المتوقع أن يسود طقس حار نهارا على القاهرة الكبرى والوجه البحري وجنوب سيناء وشمال الصعيد مائل للحرارة على السواحل الشمالية، شديد الحرارة على جنوب الصعيد، فيما يسود ليلا طقس معتدل على أغلب الأنحاء.

هطول الأمطار

وتوقع خبراء هيئة الأرصاد أن تتمثل الظواهر الجوية في فرص هطول أمطار خفيفة إلى متوسطة قد تكون رعدية أحيانا على مناطق من السواحل الغربية وشمال الوجه البحري تمتد خفيفة إلى مناطق من جنوب الوجه البحري على فترات متقطعة، إلى جانب نشاط رياح على الوجه البحري والسواحل الشمالية الشرقية وجنوب الصعيد قد تكون مثيرة للرمال والأتربة على المناطق المكشوفة من القاهرة الكبرى وخليج السويس ومدن القناة وسيناء وشمال محافظة البحر الأحمر وشمال الصعيد والصحراء الغربية على فترات متقطعة .

طباعة شارك الطقس حالة الطقس المناخ تغير المناخ الأمطار حالة الطقس اليوم هطول الأمطار

مقالات مشابهة

  • الأرصاد: فرص سقوط أمطار رعدية على مناطق الجنوب الغربي
  • السكن العشوائي في أفغانستان.. بناء فوق سفوح الجبال وعزلة دولية تفاقم المعاناة
  • من مكة إلى الكرامة… الرصاصة التي أصبحت جيشًا
  • ضمن مبادرة “حماة تنبض من جديد”… إزالة الأنقاض وفتح الطرقات في قريتي جرجسية وتيزين
  • الأرصاد: أمطار غزيرة على الجنوب الغربي ونحذر من جريان الأودية
  • أمطار رعدية وسيول محتملة بالجنوب الغربي وتحذيرات من تقلبات جوية مفاجئة
  • طقس معتدل ولطيف الحرارة في اغلب المناطق حتى الاربعاء
  • فلكي يمني: هطول أمطار متفاوتة الشدة على عدة مناطق خلال الأسبوع الجاري
  • احذروا.. سيول ورياح محملة بالرمال على تلك المناطق خلال الساعات المقبلة
  • طقس دافىء في اغلب المناطق اليوم