عواقب كارثية.. هل يستطيع ترامب أن يغزو كندا بالفعل؟
تاريخ النشر: 16th, January 2025 GMT
نشرت مجلة "ناشونال انترست" تقريرًا يسلط الضوء على فرضية غزو الولايات المتحدة لكندا، مع التركيز على التحديات التي قد تواجهها واشنطن في حال اتخاذ هذا القرار، مشيراً إلى أن غزو كندا سيكون سهلاً عسكرياً، لكنه سيؤدي إلى عواقب كارثية على المستويين الاقتصادي والدبلوماسي بالنسبة للولايات المتحدة.
وقالت المجلة، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن الرئيس المنتخب دونالد ترامب أعلن الحرب على كندا، وهي حرب لم تنطوي على هجوم شامل، بل حرب تجارية بفرض تعريفات جمركية بنسبة 25 بالمئة على جميع المنتجات الكندية، وليست هذه هي المرة الأولى، فخلال فترة إدارته السابقة، فرض ترامب رسومًا جمركية على الصلب والألومنيوم الكندي، وردت أوتاوا بفرض رسوم جمركية على المنتجات نفسها، ومن المرجح أن ترد بطريقة مماثلة إذا نفذ ترامب تهديد التعريفات الجمركية هذا.
ويبدو أن ترامب مهتم للغاية بكندا؛ حيث وصفها عدة مرات على وسائل التواصل الاجتماعي بأنها "الولاية الحادية والخمسين"، بينما وصف رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو بـ"المحافظ"، وقد أشار الرئيس القادم إلى أنه سيكون من مصلحة الجميع أن تنضم كندا إلى الولايات المتحدة، لكن الأمر لن يكون بهذه السهولة.
المقاومة ستبدأ من أمريكا
وأشارت المجلة إلى أن المقاومة الأكبر لهذا الحلم التوسعي قد تأتي من الولايات الأمريكية الحالية؛ فقد ذكر موقع "ذي إنربريتر" مؤخرًا أن "الولايات الخمسين الحالية ستعتبر كندا تهديدًا هائلًا بسبب حجمها داخل الجمهورية؛ حيث ستكون كندا أكبر ولاية من حيث عدد السكان، وثاني أكبر اقتصاد، وسيكون نفوذها هائلا لدرجة أنها قد تعيد تشكيل ميزان القوى داخل البلاد".
وسيكون البديل هو أن تنضم كل مقاطعة من مقاطعات كندا العشر إلى الاتحاد كولاية منفصلة، ولكن إقناعهم بالخضوع إلى ترسيم جديد للسلطات سيكون أمرًا صعبًا في ظل تحول كندا إلى مزيد من اللامركزية في السلطة.
غزو كندا
وأفادت المجلة بأن ترامب أشار إلى أن الكنديين سيصبحون أفضل حالاً إذا انضموا إلى الولايات المتحدة، ولكنه لم يقدم الكثير من الحجج على ذلك، ولكن إذا لم تنجح الجزرة، يمكن للولايات المتحدة أن تتبع نهج العصا وتغزو كندا ببساطة، ويبدو أن بعض مؤيدي ترامب يؤيدون ذلك.
وقد قام الأمريكيين بالفعل بغزو كندا مرتين في الماضي، كانت المرة الأولى في حزيران/يونيو سنة 1775، قبل حتى أن تنال الولايات المتحدة استقلالها عن بريطانيا العظمى، وكانت تهدف إلى انتزاع مقاطعة كيبيك من الحكم البريطاني وإقناع الكنديين بالانضمام إلى الثورة، واستمرت الحملة حتى تشرين الأول/أكتوبر 1776 وانتهت بانتصار البريطانيين.
وحاولت الولايات المتحدة مرة أخرى خلال حرب 1812؛ حيث سعى بعض الأمريكيين إلى توسيع حجم الأمة، لكن آخرين أرادوا ببساطة الاستيلاء على كندا كورقة مساومة لإنهاء الصراع مع البريطانيين.
وقد حقق الأمريكيون عدة انتصارات بل واستولوا على مدينة يورك، عاصمة كندا العليا، وبعد الانتصار في المعركة، أحرق الأمريكيون المنتصرون مبنى المجلس التشريعي ونهبوا العديد من المباني الحكومية، مما دفع البريطانيين للرد لاحقاً بحرق واشنطن العاصمة كرد فعل انتقامي.
وعندما بدا أن القوات البريطانية في مأزق، انقلبت الموازين وأصبحت لهم اليد العليا، تم دحر الأمريكيين بدعم من من السكان الأصليين، كما لم تنته الحملة في كندا السفلى بانتصار الأمريكيين، وانقلبت دفة الحرب ضد الأمريكيين، وكانت تلك الحملة آخر غزو لكندا.
خطط على الورق
وأوضحت المجلة أنه على الرغم من أن آخر حرب بين الولايات المتحدة وكندا كانت منذ أكثر من قرنين من الزمان، إلا أن المخططين العسكريين على جانبي الحدود استمروا في وضع خطط لغزو الدولة الأخرى منذ القرن التاسع عشر.
ففي حقبة ما بعد الحرب العالمية الأولى، كُلِّف الجنرال الكندي جيمس باستر براون بوضع خطة لغزو الولايات المتحدة، كما وضع براون خطة الدفاع الكندية رقم 1، والتي كانت خطة لمواجهة الغزو الأمريكي.
وفي سنة 1930، وضعت الولايات المتحدة أيضًا خطة الحرب الحمراء، وهي دراسة مفصلة لكيفية نجاح الجيش الأمريكي في غزو كندا، وليس من المستغرب أن تضع الولايات المتحدة مثل هذه الخطة قبل أقل من قرن من الزمن، فغالبًا ما كان المفكرون العسكريون يتلاعبون بما لا يمكن تصوره، وقد تم رفع السرية عن الخطة في سنة 1974، ولكن من المحتمل أن تكون هناك خطة أحدث تم وضعها.
غزو في 2025؟
طرحت المجلة تساؤلًا حول طبيعة خطة الغزو الحالية، مشيرة إلى أن الجيش الأمريكي ستكون له اليد العليا بشكل كبير إذا قامت الولايات المتحدة بهذا الغزو؛ حيث سيكون للولايات المتحدة أفضلية كبيرة من حيث عدد الطائرات والدبابات والأفراد.
قد يؤدي ذلك إلى انتصار سريع، ولكن الولايات المتحدة قد تؤجل التأكيد على أن "المهمة أنجزت".
فمعظم المراكز السكانية في كندا تقع على بعد 80 ميلاً من الحدود الأمريكية، كما أن كندا هي ثاني أكبر دولة في العالم من حيث الحجم المادي رغم قلة عدد سكانها نسبيًا، وهذا قد يسمح للولايات المتحدة باجتياح أكبر المدن الكندية بسرعة، ولكنه أيضًا يمكّن القوة القتالية الكندية من الهروب إلى الشمال.
قوة صغيرة ولكن قوية
ولفتت المجلة إلى أن هذا السيناريو يحول الحرب إلى ما يشبه حملات المتمردين التي واجهتها الولايات المتحدة في أفغانستان والعراق، ولكن مع شعب يشبه القوات الغازية ويتحدث بلسانها.
وما لم تُبذل جهود لتحصين الحدود، وهو ما سيؤدي حرفيًا إلى إبطال الغرض من الاستيلاء على كندا في المقام الأول، فمن المرجح أن يقوم المسلحون الكنديون بحملة حرب عصابات في جميع أنحاء أراضي الولايات المتحدة، مما قد يؤدي إلى حرب لا يمكن الانتصار فيها.
فأي جهد لقمع التمرد من شأنه أن يتعارض مع جهود "كسب القلوب والعقول"، وستضطر الولايات المتحدة إلى الاحتفاظ بقوة كبيرة لإبقاء كندا المحتلة حديثًا تحت السيطرة، وسيؤدي ذلك أيضًا إلى إضعاف أي رد فعل يمكن أن تقوم به الولايات المتحدة على أزمة أخرى على الحدود الجنوبية.
والمشكلة الأخيرة هو أن هناك بالفعل حركة استقلال في كيبيك، وهي حركة تكتسب زخمًا منذ عقود؛ فقد مر حوالي 30 سنة منذ آخر استفتاء على الاستقلال، ولكن كانت هناك دعوات لإجراء استفتاء ثالث في سنة 2030.
بعبارة أخرى، غزت الولايات المتحدة كندا مرتين على أمل أن يرغب سكان كيبيك في الاستقلال، ولا يوجد سبب للاعتقاد بأنهم يريدون أن يكونوا جزءًا من الولايات المتحدة في حين أن الحركة المتنامية مستاءة من كونها جزءًا من كندا اليوم.
وختمت المجلة التقرير بقولها إنه يمكن للولايات المتحدة أن تغزو كندا بسهولة، ولكنه سيكون نصرًا باهظ الثمن حتى مع الحد الأدنى من الخسائر؛ حيث ستواجه الولايات المتحدة شعبًا ساخطًا ستحتاج إلى حكمه لعدة أجيال على الأقل، ولن تكسب من ذلك الكثير، بل إنها ستكون في وضع أفضل بالإبقاء على الوضع الراهن كشريك تجاري وحليفًا مقرب من كندا.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية غزو كندا عواقب ترامب امريكا كندا عواقب غزو ترامب صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الولایات المتحدة للولایات المتحدة إلى أن
إقرأ أيضاً:
عبدالمنعم سعيد: تقرير الأمن القومي الأمريكي يعكس «روح ترامب» ويُعيد الولايات إلى القرن الـ19
قال الدكتور عبد المنعم سعيد، الكاتب والمفكر السياسي، إن وثيقة الأمن القومي الأمريكي تمثّل استمرارًا لنمط سنوي اعتادت الولايات المتحدة من خلاله إصدار تقرير يشرح إمكاناتها وقدرتها على التأثير الخارجي، وكيف ترى موقعها في النظام الدولي.
وأوضح سعيد خلال حواره مع الإعلامي نشأت الديهي، ببرنامج المشهد المذاع على فضائية Ten، مساء الأربعاء، أن التقرير الحالي يحمل بوضوح بصمة إدارة الرئيس دونالد ترامب، مشيرًا إلى أن المعتاد من هذا التقرير منذ 2017 حتى 2021، وهي المرحلة الأولى من عهد ترامب، أن الشخصيات نفسها ظلت تتولى قيادة مجلس الأمن القومي.
وأضاف أن المجلس الآن يبدو صامتًا، لكن التقرير يكشف الكثير؛ فافتتاحيته تؤكد أن "ترامب جاء لينقذ أمريكا"، في تناقض مع روح التقارير السابقة التي كانت أكثر تحفظًا ومؤسسية.
ووصف سعيد "لغة التقرير ونفَسه السياسي" بأنهما يحملان قدرًا كبيرًا من التحيّز لترامب، إلى جانب نبرة مدح واضحة، وهو ما يكشف عن تغيّر جوهري في ترتيب الأولويات الاستراتيجية الأمريكية.
رؤية ترامب
وأضاف أن أكثر ما يلفت الانتباه هو وضع "أمريكا الجنوبية" كأولوية أولى في الإستراتيجية، وهو توجّه "قد يدهش الكثيرين"، لكنه يعكس رؤية ترامب الذي اعتبر أن التهديد الأكبر للولايات المتحدة يأتي من "الهجرة غير الشرعية" عبر الحدود الجنوبية، وتدفّق المخدرات الذي تعاني منه عدة ولايات في الشمال الشرقي.
وأوضح أن هذا التوجّه يعيد الولايات المتحدة إلى منطق السياسة الأمريكية في القرن التاسع عشر، عندما وضع الرئيس الخامس عقيدة المجال الغربي التي تمنع أي قوة من الاقتراب من محيط النفوذ الأمريكي في نصف الكرة الغربي.
واختتم المفكر السياسي بأن التقرير يكشف عن تحول كبير في الرؤية الأمريكية للعالم، يعكس إرث ترامب ومحاولته إعادة صياغة دور الولايات المتحدة وفق منظور قومي ضيّق وأولويات تختلف جذريًا عن إدارات سابقة.