الولايات المتحدة تهدد المحكمة الجنائية الدولية بعقوبات جديدة
تاريخ النشر: 10th, December 2025 GMT
توعدت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المحكمة الجنائية الدولية بفرض عقوبات جديدة، مطالبة إياها بتعديل نظامها الأساسي (روما) لضمان عدم إجراء تحقيقات بشأن الرئيس أو كبار مسؤولين.
ونقلت وكالة "رويترز" عن مسؤولين في الإدارة الأمريكية أن واشنطن "تريد من المحكمة الجنائية الدولية إدخال تعديلات على وثيقتها التأسيسية لضمان أن المحكمة لن تجري تحقيقات بشأن الرئيس الجمهوري ومسؤوليه رفيعي المستوى.
ووفقا للمصدر، فإن رفض المحكمة لهذه المطالب، والتي تشمل أيضا وقف التحقيقات المتعلقة بالقيادة الإسرائيلية وأفعال القوات الأمريكية في أفغانستان، قد يؤدي إلى فرض واشنطن "عقوبات جديدة على مسؤولي المحكمة الجنائية الدولية وعلى المحكمة نفسها". وأشار إلى أن الولايات المتحدة أبلغت مطالبها إلى المحكمة وإلى عدد من الدول الأعضاء فيها.
كما نقلت الوكالة عن المصدر قوله: "هناك قلق متزايد من أن المحكمة الجنائية الدولية في عام 2029 ستركز انتباهها على الرئيس ونائب الرئيس (جي دي فانس) ووزير الحرب (بيت هيغسيث) وآخرين وستبدأ تحقيقا بشأنهم.. هذا غير مقبول، ولن نسمح بذلك".
ولم يوضح المصدر الأساس المحتمل لهذا التحقيق، لكنه أشار إلى نقاشات في الأوساط القانونية الدولية حول احتمال بدء المحكمة تحقيقا ضد القيادة الأمريكية بعد انتهاء ولاية ترامب الحالية في 2029.
وأشارت "رويترز" إلى أن تعديل نظام روما يتطلب موافقة ثلثي الدول الأطراف فيه. وكان ترامب قد وقع في فبراير مرسوما تنفيذيا بفرض عقوبات على المحكمة، ردا على تحقيقاتها المتعلقة بالولايات المتحدة وحلفائها، شملت تجميد الأصول وحظر الدخول لأعضاء المحكمة. وقد أدانت المحكمة القرار الأمريكي وأكدت استمرار عملها.
تأتي هذه الخطوة في وقت، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية في نهاية نوفمبر 2024 مذكرات توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت.
كما تواصل الولايات المتحدة عملياتها العسكرية ضد مهربي المخدرات قبالة سواحل فنزويلا، مع تقارير عن دراسة خيارات لضربات داخل الأراضي الفنزويلية
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: مسؤول الإدارة الأمريكية رئيس الجمهوري القوات الأمريكية الرئيس الأمريكي المحکمة الجنائیة الدولیة
إقرأ أيضاً:
الولايات المتحدة الأمريكية والمجال الحيوي
تُعد نظرية المجال الحيوي (Lebensraum) من أكثر المفاهيم الجيوسياسية إثارة للجدل، لارتباطها بالممارسات التوسعية لألمانيا النازية. وتعود جذورها إلى فريدريك راتزل الذي رأى الدولة ككائن حي يحتاج لمساحة للنمو. لكن كارل إرنست هاوسهوفر حوّل هذا المفهوم الوصفي إلى أداة سياسية تبرر التوسع والهيمنة والاستحواذ على موارد الشعوب الأضعف لضمان الاكتفاء الذاتي من الموارد.
إن إعادة قراءة هذا المفهوم في سياق السياسة الأمريكية المعاصرة، خاصة مع طموحات إدارة دونالد ترامب، خطوة ضرورية لفهم الدوافع الجيوسياسية الخفية.
أولاً، كشفت مساعي ترامب لضم كندا وجرينلاند وبنما عن عقلية توسعية غير تقليدية. لم يكن الهدف غزواً عسكرياً، بل "شراء" أو استحواذ لتأمين الموارد الاستراتيجية (جرينلاند)، وتعزيز الأمن القومي (قناة بنما)، وتوسيع النفوذ الاقتصادي. هذه الرغبة في "تأمين" أصول جغرافية خارج الحدود التقليدية تحمل في طياتها روح التوسع لضمان المجال الحيوي.
ثانياً، تُعزز أزمة الاقتصاد الأمريكي، التي يبرزها بلوغ الدين العام مستويات غير مسبوقة تلامس 38 تريليون دولار بحلول نهاية عام 2025. في ظل هذه الضغوط المالية وتحديات الحفاظ على الرفاهية الداخلية، تتحول النظرة للخارج كحل محتمل. هذا يتجلى في البحث عن مصادر جديدة للموارد الرخيصة، أو فتح أسواق جديدة، أو تقليل التبعية الاقتصادية لمنافسين.
وهذا يعكس حاجة ضمنية لـ"مجال حيوي اقتصادي" يضمن استمرارية الازدهار ويقلل نقاط الضعف، حتى لو تطلب نفوذاً سياسياً واقتصادياً على حساب الآخرين.
ثالثاً، تتضمن خطط أمريكا الاستراتيجية، في الدفاع والتجارة والتكنولوجيا، عنصراً قوياً للهيمنة العالمية. السيطرة على سلاسل التوريد الحيوية، تأمين مصادر الطاقة، نشر القواعد العسكرية في مناطق استراتيجية، وفرض المعايير التعريفات الجمركية، كلها أشكال معاصرة لتأمين "المجال الحيوي" الذي يتجاوز الحدود الوطنية. الحفاظ على مركزية الدولار وهيمنة الشركات التكنولوجية الأمريكية جزء من هذا "المجال الحيوي" غير الإقليمي.
رابعاً، يؤثر هذا السعي على شكل المستقبل والنظام العالمي. في عالم يتجه نحو التعددية القطبية، قد تسعى القوى العظمى، ومنها الولايات المتحدة، لتعزيز "مجالها الحيوي" عبر كتل اقتصادية أو تحالفات عسكرية، مما يؤدي إلى تزايد التنافس الجيوسياسي وصراعات بالوكالة.
خامساً، تمثل هذه التحركات التمهيد للاستعمار الجديد. فبدلاً من الاحتلال المباشر، يتجسد في السيطرة الاقتصادية والسياسية غير المتكافئة، والتدخل في شؤون الدول السيادية عبر القوة الناعمة والخشنة. عندما تسعى دولة قوية لتأمين موارد أو ممرات استراتيجية عبر صفقات غير متكافئة، فإنها تعيد صياغة مفهوم "المجال الحيوي" في قالب معاصر يحقق أهداف الهيمنة الأساسية.
في الختام، توفر دراسة مفهوم المجال الحيوي في سياق هاوسهوفر عدسة نقدية لتحليل الدوافع التوسعية غير المباشرة. السعي الدائم لأي قوة عظمى لضمان أمنها وازدهارها عبر السيطرة على الموارد والأسواق والمناطق الاستراتيجية يعكس جوهر هذا المفهوم السياسي، حتى وإن اتخذ أشكالاً أكثر تطوراً وتخفياً في القرن الحادي والعشرين. الواجب النقدي يكمن في كشف هذه الدوافع، وفهم تأثيرها على الاستقرار العالمي ومستقبل العلاقات الدولية.