كان “ولد هشومة” شابا طموحا، يحمل شهادة عليا في العلوم الاجتماعية من إحدى الجامعات المرموقة. كبر في حي شعبي بالدار البيضاء، يؤمن بأن التعليم هو المفتاح لتحقيق أحلامه. لكن، كما يحدث مع كثيرين، اصطدمت أحلامه بجدار الواقع الصلب.
مرت السنوات، وكان “ولد هشومة” يتنقل بين مقابلات العمل، يحمل ملف سيرته الذاتية البئيس تحت ذراعه، يطرق الأبواب التي لم تفتح أبدا.
ذات يوم، وبعد أن فقد الأمل في إيجاد وظيفة تناسب شهادته، قرر أن يضع كبرياءه جانبا. اشترى عربة صغيرة وبدأ يبيع اللبن في الحي. كان يردد لنفسه: “العمل ليس عيبا… المهم أن أعيش بكرامة”.
لكن بيع اللبن لم يكن كافيا لتغطية احتياجاته، ولا لإشباع طموحه الذي بدأ يذبل. وبينما كان يدفع عربته يوما في شوارع الحي، لمح تجمعا أمام مبنى المقاطعة. هناك، رأى مسؤولة شابة كانت قد تولت منصبا مهما في المقاطعة. لفتت انتباهه بقوة شخصيتها وأناقتها، رغم علاقاتها مع بعض بارونات المخدرات .
اقترب “ولد هشومة” ليعرف القصة، فتذكر شغفه القديم بالتصوير. قرر أن يجرب حظه مرة أخرى، ولكن هذه المرة بطريقة مختلفة. اقترض كاميرا مستعملة من صديق، وبدأ يتعلم أسس التصوير، يلتقط صورا بسيطة لحفلات وأحداث في الحي، وأحيانا يقدم خدماته مجانا فقط ليعرف اسمه.
ذات يوم، جمعته الصدفة مرة أخرى بتلك المسؤولة. التقط لها صورة أثناء حدث صغير، ثم نشرها على وسائل التواصل الاجتماعي مع تعليق مليء بالثناء والمديح والتملق. كانت الصورة جميلة، لكنها محملة بكلمات أكثر جمالا وإطراء. لم تتأخر المسؤولة في الاتصال به لتشكره، ومن هنا بدأت قصة جديدة.
أصبح “ولد هشومة” مصورا خاصا لها، يوثق أنشطتها واجتماعاتها. ومع الوقت، تعلم “ولد هشومة” فن “العبارات المنتقاة”، كيف يكتب كلمات تمدح وتبرزها في أفضل صورة أمام الجميع. لم يكن الأمر مجرد تصوير، بل تحول إلى وظيفة تعتمد على التملق والصور المدروسة بعناية.
بدأ “ولد هشومة” يلاحظ نظرات الناس من حوله. كانوا يرون فيه رجلا مختلفا، ليس “ولد هشومة” الطموح الذي عرفوه في الجامعة، ولا بائع اللبن البسيط الذي أحبوه. لكنه لم يهتم. “الحياة صعبة، ولا مكان للمبادئ في جيب فارغ”، كان يردد لنفسه.
في النهاية، أصبح ” ولد هشومة” نموذجا لتحولات قاسية في المجتمع. من شاب مثقف يطمح لتغيير العالم، إلى بائع لبن يكافح من أجل لقمة العيش، وأخيرا إلى مصور متملق يجد في الأضواء بريقا يعوض به خسائر روحه.
المصدر: مملكة بريس
إقرأ أيضاً:
هيئة النقل: (44) ألف رحلة عبر الحافلات بين المدن
أعلنت الهيئة العامة للنقل، اليوم، أن مشاريع النقل بالحافلات بين مدن المملكة سجلت أكثر من (44) ألف رحلة خلال الربع الثاني من عام 2025، ما يعكس الإقبال المتزايد على هذا القطاع في المملكة.
وبحسب الإحصائية الصادرة عن الهيئة، بلغ عدد الركاب الذين تنقلوا باستخدام الحافلات بين المدن أكثر من (958) ألف راكب خلال هذا الربع.
ويعكس هذا النمو تزايد الاعتماد على النقل بالحافلات، بوصفه خيارًا يُسهم في تسهيل التنقل بين المدن، لما يتميز به من تجهيزات فنية تدعم أعلى المواصفات التشغيلية.
وتصدرت منطقة مكة المكرمة قائمة المناطق في عدد الركاب الذين تنقلوا عبر الحافلات، مسجلةً (226,893) راكبًا، تلتها منطقة الرياض بـ (222,960) راكبًا، ثم المنطقة الشرقية بـ (144,972) راكبًا، والمدينة المنورة بـ (69,562) راكبًا.
كما سجّلت منطقة عسير (60,450) راكبًا، تلتها تبوك بـ (50,351) راكبًا، ثم جازان بـ (32,463) راكبًا، وأخيرًا القصيم بـ (24,824) راكبًا.
يُذكر أن الهيئة تعمل بشكل مستمر على تطوير خدمات النقل بالحافلات والتوسع في هذا القطاع، بما يضمن وصول الخدمة إلى جميع المستفيدين في مختلف مناطق المملكة.