تلازم السلطة والمسؤولية في عصر الإسلام
تاريخ النشر: 20th, August 2023 GMT
تلازم #السلطة و #المسؤولية في #عصر_الإسلام
#موسى_العدوان
استقر في الدساتير الحديثة مبدأ هاما، وهو أن كل من يمارس السلطة، يجب عليه أن يتحمل #المسؤولية ويتعرض للحساب في ممارساته. وهذا المبدأ لم يكن صناعة حديثة، فقد سبقنا في تطبيقه العديد من #الخلفاء والحكام في عصر الإسلام، قبل أربعة عشر قرنا. وتأكيدا لذلك، دعونا نتعرف مثلا على بعض خلفاء ذلك العصر، لنرى كيف طبقوا مبدأ “تلازم السلطة والمسؤولية” بدافع من ضمائرهم وبتقوى الله، دون أن ترد بقوانين وضعيّة مكتوبة، كما هو الحال هذا اليوم.
شاهد عمر بن الخطاب أبا بكر الصديق – رضي الله عنهما – يخرج بعد صلاة الفجر ويدخل كوخا في أطراف المدينة، فيمكث فيه بعض الوقت ثم يغادره، فأراد عمر أن يعرف قصة هذا الكوخ. وعندما دخل أليه وجد عجوزا عمياء لا تقوى على الحركة. فسألها عن ذلك الرجل الذي يدخل إلى سكنها، وماذا يعمل خلال وجوده لديها ؟ فقالت : لا أعرف ذلك الرجل، ولكنه يأتي إليّ كل صباح، وينظف سكني ويُعدّ لي طعامي ثم يغادر. فتعجب عمر من تحمّل الخليفة أبا بكر المسؤولية تجاه أحد أفراد الرعيّة ويخدمه بنفسه، فقال قولته المشهورة : ” لقد أتعبت الخلفاء من بعدك يا أبا بكر “.
مقالات ذات صلة بعد الترقب والذعر 2023/08/20وبعد أن تولى عمر بن الخطاب الخلافة بعد أبا بكر كثاني الخلفاء الراشدين، وأول من لقب بِ ( أمير المؤمنين )، فقد قال وهو في الحجاز : ” لو عثرت بغلة في العراق، لخشيت أن يسألني الله تعالى، لماذا لم تمهد لها الطريق يا عمر ؟ “.
أما الخليفة عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، وهو ثامن الخلفاء الأمويين، فقد تولى حكم الجاز لمدة عامين وخمسة أشهر. ورغم قصر مدة خلافته، إلا أنها كانت فترة مميزة، لما حلّ فيها من خير وبركة على المسلمين. إذ وزع الزكاة على الفقراء وقضى على الفقر ولم يبقَ هناك جائع، الأمر الذي جعله يقول : ” انثروا القمح على رؤوس الجبال، لكي لا يُقال أن الطير جاع في بلاد المسلمين “.
لقد كان عمر بن عبد العزيز نموذجا للخليفة العادل، إذ أنشأ مجلسا للشورى، وكان مهتما بنشر العدل ورد الظلم، وإشاعة الرحمة والتسامح بين الناس. كما أثبت بأن السوط لا يُصلح الناس، بل ما يصلحهم هو العدل والمساواة بينهم. وهذه الأعمال الإنسانية والإصلاحية، جعلت الناس يطلقون عليه ( مجازا ) لقّب خامس الخلفاء الراشدين، رغم انتهاء الخلافة الراشدية.
ففي أحد الأيام، كتب له والي الموصل، طالبا الإذن بقمع فرقة من الخوارج، كانوا ينتشرون في الأرض لنشر مبادئهم. فأجابه عمر : إذا رأوا أن يسيحوا في البلاد من غير أذى لأهل الذمة وفي غير أذى للأمة، فليذهبوا حيث شاءوا. وإن نالوا أحدا من المسلمين أو أهل الذمة بسوء، فحاكموهم إلى الله “.
وقد نجح عمر في إخماد ثورة الخوارج، من خلال إطلاق الحريات العامة، والحوار الصادق والشورى. وكان يحث الولاة والحكام الإداريين وأذرعهم الأمنية، على رحمة الناس والتسامح بعيدا عن البطش والتنكيل بهم قائلا : ” إنكم تعدّون الهارب من ظلم إمامه عاصيا، ألا إن أولاهم بالمعصية الإمام الظالم “. وكان إذا اشتكى إليه بعض الناس من أحد الولاة، أرسل إليه فورا رسالة حازمة مختصرة تقول : ” قد كثُر شاكوك وقلّ شاكروك . . فإما اعتدلت وإما اعتزلت “.
وكتب له والي خرسان الجراح بن عبد الله : ” أن أهل خرسان قوم ساءت رعيتهم، وأنه لا يصلحهم إلاّ السيف والسوط ، فإن رأى أمير المؤمنين أن يأذن لي في ذلك ؟ فأجابه عمر : ” أمّا بعد، فقد بلغني كتابك الذي تذكر به أن أهل خرسان قد ساءت رعيتهم، وإنه لا يصلحهم إلاّ السيف والسوط فقد كذبت، بل يصلحهم العدل والحق، فابسط ذلك فيهم والسلام “.
وعلاوة على ذلك، قد فتح عمر بن عبد العزيز، بابه مشرعا للشاكين والمتظلمين من الحكام، وأباح حرية الرأي والتفكير والتعبير والقناعات الشخصية. وهذا الأسلوب الحكيم الذي مضى عليه مئات السنين، إذا ما طبّق في أي دولة كانت، فإنه سيؤدي إلى إدامة التلاحم بين الحاكم والمحكوم، ويعزز العلاقة بين أركان الدولة، ويؤدي إلى نهضة المجتمع والارتقاء بالوطن.
التاريخ : 20 / 8 / 2023
المصدر: سواليف
كلمات دلالية: السلطة المسؤولية المسؤولية بن عبد عمر بن
إقرأ أيضاً:
الشيخ نعيم قاسم: الدفاع عن الوطن لايحتاج إلى إذن من أحد ومقاومتنا خيارٌ راسخ في مواجهة العدو الإسرائيلي
الثورة نت/..
أكد أمين عام حزب الله اللبناني، الشيخ نعيم قاسم، اليوم الجمعة، أن ”الدفاع عن الوطن لا يحتاج إلى إذن من أحد، وعندما يُطرح بديل جادّ وفعّال للدفاع، “نحن جاهزون ان نناقش كل التفاصيل، ولسنا بعيدين عن البحث والتفاهم مع من يدّعي القدرة على الحماية”.
ودعا الشيخ نعيم قاسم، من يطالبوا المقاومة بتسليم سلاحها أن يطالبوا أولا برحيل العدوان، “لا يُعقل أن لا تنتقدوا الاحتلال، وتطالبون فقط من يقاومه بالتخلي عن سلاحه”.
وأضاف تعليقًا على من يراهنون على الخارج أو يختبئون خلف القوى المعادية: “أخطأتم التقدير. شعب المقاومة لا يهاب الأعداء، ولا يسلّم بحقوقه. الإنجاز الحقيقي هو تحرير الأرض، واستعادة السيادة، ونحن لهذه الدعوة حاضرون، وجاهزون دائمًا”.
وأكد الشيخ قاسم ، خلال كلمته في الليلة التاسعة من المجلس العاشورائي المركزي في مجمع سيد الشهداء (ع)، وفق موقع المنار، على أن إحياء ذكرى الإمام الحسين (ع) هو إحياءٌ لتعاليم الإسلام بآفاقه الواسعة، ومنهجه الذي يواكب مستقبل الإنسان.
وكما أكد أن الإسلام ليس طقوسًا جامدة، بل مشروع متكامل للإنسان، يقوم على ثوابت ترتبط بالفطرة الإنسانية، ويترك مساحة متغيرة تتفاعل مع الزمن والظروف والتجربة الفردية.
واعتبر الشيخ قاسم أن” ظهور شخصيات رائدة في لبنان تتمسّك بالنهج الإسلامي، وتُجسّد الثوابت، هو ترجمة عملية لما نؤمن به ونلتزم به”.
وقال : “في معركتينا الأخيرتين، ‘أولي البأس’ و ’طوفان الأقصى’، خضنا المواجهة إلى جانب شعب غزة، وقدمنا عددًا كبيرًا من الشهداء، بينهم نساء وأطفال، شاركوا في ساحة المعركة، لأن المقاومة شاملة، لا تميّز في التضحية والعطاء”.
وشدد الشيخ قاسم على أن” الوطنية الحقيقية هي التمسك بالأرض، والدفاع عنها، وتربية الأجيال على حبها والانتماء إليها”.
وقال أمين عام حزب الله: “نحن نؤمن ببلدنا، وننتمي إلى أرضنا، ولا تعارض بين الإسلام والوطن، بل الإسلام يحثّ على حب الوطن والدفاع عنه، والتمسك بأرض الآباء والأجداد، والعيش بنموذج طاهر وصادق في رحابه”.
وأشار إلى أن خيار المقاومة في لبنان مستمد من الإسلام، ومن نهج الإمام الحسين (ع) والسيدة زينب (ع).
وختم الأمين العام لحزب الله، بالقول: “مقاومتنا ليست شعارًا، بل خيارٌ راسخ في مواجهة العدو الإسرائيلي الذي يعبث بأرضنا. لا بد أن يرحل، ولا خيار أمامنا سوى مقاومته ومواجهته حتى يخرج”.