لجريدة عمان:
2025-07-05@00:40:29 GMT

روح المسرح .. لا يمكن كبْتها

تاريخ النشر: 19th, January 2025 GMT

«لم أفهم ماذا أراد العرض أن يقول لنا؟»، تكرر هذا السؤال لأكثر من مرّة من قِبل الجمهور العُماني الذي حضر بكثافة ليالي مهرجان المسرح العربي الخامس عشر، وفي الغالب لم يكن مرد ذلك غموض الأعمال المُقدمة، بل لعلي أجزمُ أسبابا أخرى أهمها: انقطاع العُماني «الجمهور» عن سياق العروض المستمرة، الأمر الذي يُشوه الفهم لديه، يشوه قدرته على ربط الثيمات بسياقات أبعد مما تبدو عليه، وقد يرجع الأمر لتعوده أيضا على مستوى من الأعمال السطحية التي تكمن مهمتها في الإضحاك الباهت، غافلا -أي الجمهور- عن أشكال أخرى تُنمي هاجس السؤال لديه وتغرس شجرة النقد المتفرعة، وتجعله في مواجهة شرسة مع انفعالات نفسه التي تتمرأى انعكاساتها بجلاء على الخشبة.

علينا أيضا ألا نغفل كارثة المشتغلين بالمسرح الناتجة عن إغلاق فسحة التعليم الأكاديمي، فالمُشاهد للعروض العربية المقدمة، يجد أنّ أكثرها نضجا هي تلك التي خرجت من معاطف التعليم، وليس الارتجال العفوي التهريجي.

إنّ الأزمة الحقيقية هي أزمة فهم مُركبة.. من قبل الجهات المسؤولة التي يتضاءل اهتمامها بهذه المشاريع، جوار ضعف المعرفة بماهية المسرح وماذا نريد أن نقول من وراء عروضه أيضا، فالمشتغل بالمسرح ينبغي بدرجة أو بأخرى أن يرتبط بسياق معرفي، يوظفه في النصّ، في الحركة، في الإيماء، في الإضاءة والأزياء والديكور، في تثوير المعنى، فكل هذا بالضرورة سينعكس على الجمهور، عندما يتعود على مستوى من الخطاب، ضمن خطة عروض مستمرة، لا تبتسرُ في سياق المسابقات والمهرجانات وحسب!

لقد بدأ المسرح في عُمان مُبكرا نسبيا، بدأ في الأندية الأهلية منذ ستينيات القرن الماضي، ولكن للأسف، لم يتمكن من خلق أجيال متعاقبة مُتسلحة بالخبرات والمعرفة، كما لم يتحول إلى جزء من نسيج قصّتنا بصفتنا الجمهور المتلهف لاتصال من هذا النوع، ولذا لم يمضِ المسرح العُماني في سياق خطي متصل ومتنام.

يبدأ الأمر من تخاذل المسرح المدرسي، هنالك حيثُ يمكن أن تُسلط أول مجاهر الكشف عن المواهب الفريدة من نوعها في مجال التمثيل والكتابة المسرحية، تلك الطاقات التي غالبا ما تظل طريقها، إذ يُربط الطلبة -على اختلافهم- بطريق واحد للتميز: «الدرجات» وحسب، بينما يُغض الطرف عن الإمكانيات التي يمكن أن تتمظهر في أشكال لا محدودة، والأمر سيان في الكليات والجامعات، حيث يغدو مبدأ «تفريخ العمال» أكثر أولوية من تفتيح أفق العقل!

أذكر في أغلب الحوارات التي أجريتها مع العديد من مسرحيي عُمان، أنّ الأزمة المتكررة هي أزمة «مكان العرض»، فكانت الفرق تتدرب في الحدائق وتعرض في مسارح مدرسية، والآن توفرت خشبات مسرح حديثة، إلا أنّ العثرات ما زالت تتجلى في صور عديدة.

السؤال الأهم: من يتحمل تكلفة العرض؟ فهذا العمل الجماعي تتعدد احتياجاته من مكان إلى نصّ إلى سينوغرافيا، وينهضُ أيضا على فريق كبير من كاتب وممثل ومخرج، ينفقون أشهرا من أوقاتهم في سبيل إنجاز عمل واحد جيد، فهو اشتغال مُعقد ومتطلب، وعادة ما يرتبط نجاحه بتبني الدولة له بموازنات سنوية، ولا أدري إلى أي حد نجحت تجربة «شباك التذاكر» في تغطية تكاليفها!

ظننتُ أنّ «المسرح» هو خارج تطلع الجمهور العُماني، لكنه قلب المعادلة رأسا على عقب، فعلى مدى عشرة أيام متواصلة، كانت المسارح الثلاثة «البستان، العرفان، الكلية المصرفية» تضج بالحيوية وبإيقاع الناس الآتية من مشارب متباينة. جاء الجمهور المتعطش فأخذ حيزه، على الرغم من الملهيات الجذابة التي باتت تستحوذ عليه -في عالم استهلاكي- لتبعده عن كل ما هو عميق ومتجذر منذ منتصف القرن التاسع عشر.

وعلى العموم لا يمكن التحدث عن مسرح عربي مزدهر وغير مضطرب، فالمسألة -ليست محلية وحسب- وإنّما رهن تقلبات سياسية واقتصادية، لكن علينا أن نتذكر دائما بأن المسرح قادر على منحنا إمكانيات مذهلة على استبصار الجوانب الخفية من هذا العالم، فتحت طبقات التخييل، تقبعُ القصّة التي تشبهنا جميعا، وكما يقال: «أينما كان هناك مُجتمعٌ إنساني، تتجلى روحُ المسرح التي لا يمكن كبتُها».

هدى حمد كاتبة عمانية ومديرة تحرير مجلة نزوى

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الع مانی

إقرأ أيضاً:

أكثر من ٣ ملايين ريال عُماني القيمة التسويقية للقمح المحلي خلال الموسم ٢٠٢٤ / ٢٠٢٥م

العُمانية: أكدت وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه على أن إنتاج القمح شهد نموًّا ملحوظًا على مستوى مختلف محافظات سلطنة عُمان بعد تنفيذ خطة دعم القمح المحلي بداية من عام 2023 في إطار الجهود الوطنية لتعزيز الأمن الغذائي وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الحبوب الأساسية.

ووضحت الوزارة أن إجمالي كميات الإنتاج لموسم 2024-2025، بلغت (10,128.341 طنا) بقيمة تسويقية وصلت 3ملايين و38 ألفًا و502 ريال عُماني وبمساحة مزروعة بلغت 8327 فدانًا، وشكلت محافظة ظفار نسبة 76 بالمائة من إجمالي إنتاج القمح في سلطنة عُمان خلال هذا العام، بكمية إنتاج بلغت 7723 طنًّا، تليها محافظة الظاهرة بـ 1118 طنًّا، ثم محافظة الداخلية 877.185 طنًّا، وتوزعت الكميات الأخرى على بقية المحافظات.

وقال الدكتور خير بن طوير البوسعيدي مدير دائرة النخيل والإنتاج النباتي بوزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه إن خطة دعم القمح المحلي تهدف إلى تعزيز منظومة الأمن الغذائي تحقيقًا لأهداف رؤية "عُمان 2040"من خلال تمكين المزارعين من زراعة أصناف القمح المحسنة عالية الإنتاجية والجودة، وتقديم المساعدة في عمليات الحصاد، وتوفير الدعم الفني والإرشادي.

وأضاف أن جهود الوزارة ماضية في التوسع في زراعة القمح بالتنسيق مع وزارة الإسكان والتخطيط العمراني عبر استحداث أراضٍ زراعية لزراعة القمح وطرحها للاستثمار باعتبارها أراضي حق الانتفاع للمزارعين والمستثمرين.

وأكد على أن الوزارة من خلال مراكزها البحثية مستمرة في تطوير زراعة القمح وتحسين الأصناف المحلية وإدخال أصناف جديدة متكيفة مع ظروف سلطنة عُمان وتمتاز بالإنتاجية والجودة العالية.

ووضح لوكالة الأنباء العُمانية أن التعاون والشراكة البناءة بين وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه وشركة المطاحن العُمانية، أسهمت بفعالية في استدامة زراعة القمح وشجعت المزارعين ومكنتهم من الاستمرار في زراعة القمح والاستفادة من الخطة، حيث تعمل الشركة على شراء محصول القمح العُماني سنويًّا من المزارعين في إطار خططها لتطوير القمح العُماني، وطرحه في الأسواق المحلية والإقليمية بوصفه منتجًا عُمانيًّا.

مقالات مشابهة

  • وفاء عامر: مروة ناجي صوت عظيم لم يُكتشف بعد.. فيديو
  • أحمد الغافري أول عُماني يتخرج من جامعة لندن للأعمال بدرجة الماجستير التنفيذي
  • بعد تدخل السيد عامل الحوز والي مراكش بالنيابة لتعزيز النظافة بمراكش هل يتدخل أيضا لإنهاء الوضع الكارثي للنظافة بجماعة تمصلوحت :
  • حريق بشنين: النفايات تشتعل… والسياسة أيضاً!
  • إبراز عراقة التاريخ البحري العُماني في الاحتفال باليوم العالمي للبحارة
  • الإنسان العُماني.. سلوكٌ مُتّزن يعكس حكمة التاريخ
  • الامتياز التجاري العُماني
  • أكثر من ٣ ملايين ريال عُماني القيمة التسويقية للقمح المحلي خلال الموسم ٢٠٢٤ / ٢٠٢٥م
  • تدشين أولى رحلات "الطيران العُماني" إلى أمستردام بمعدل 4 رحلات أسبوعيًا
  • الجنسية البرتغالية ستصبح واحدة من أصعب الجنسيات التي يمكن الحصول عليها في أوروبا